مرت الشهور سريعا
في الحد الشمالي، عقد زعماء العشائر إجتماعا لمناقشة المستجدات، خصوصا بعد خروج هايان من الصورة مخلفين العديد من مناطق الصيد.
كانت التغيرات في هذه الفترة سريعة حتى أن الحراس خارج خيمة زعيم عشيرة مو، كانوا يناقشون الأمر
" أقل من مئة !،عشيرة قارب تعدادها الألف شخص كل ما بقي منهم هم مئة شخص"
" يقولون أنهم مهما حاولوا الإختباء، فهو دائما يعثر عليهم و يقضي عليهم، لا أحد يريد التورط معه، حتى إسم....."
توقف الرجل عن الحديث و راح يلتفت يمينا و شمالا ليتأكد أن لا أحد يسمعه
" حتى إسم هايان أصبح محرما ذكره ، لقد أصبحوا من الماضي"
" مخطأ، حامل الإسم و مؤسس العشيرة لا يزال حيا و لن ينتهي الأمر بينه و بين سيد الكرة إلا بموت أحدهما"
بلع الرجل ريقه، و هو يتخيل المعركة بين الأسطورة الذي تم إعادته إستنساخه و بين المقاتل السماوي الوحيد في هذا العالم.
يبدوا أن الحديث عن أشباح الأساطير تسبب في إستدعائها، ففي ثانية تغيرت الأجواء و كأن أبواب الجحيم فتحت و أصبح الهواء ثقيلا
و قبل أن يعرفوا سبب وقوف شعر أجسادهم و ارتجاف قلوبهم، كانت أجسادهم تحلق داخل الخيمة التي يفترض بهم حراستها.
خرج كل الزعماء في غضب ليواجهوا من امتلك الجرأة لفعل هذا، و قد رفعوا من هالاتهم حتى تشققت الأرض تحت وطئ هيئاتهم.
*طاخ*
بعد دقائق و دون حتى أن يستوعبوا ما حدث
سقط زعيم عشيرة مو جنبا إلى جنب مع زعماء العشائر الاخرى ، كلهم هزموا أمام هذه السيدة التي ارتدت حجابا لم يظهر إلا عيونا فاتنة، دلت على جمال لا يمكن وصفه
لم تكن هناك محاولة ثانية لمواجهتها، فقد عجزوا عن الوقوف ثانية تحت قمع هالتها
" أين هو سيد الكرة؟"
" نحن صدقا لا نعرف مكانه"
" أنشروا خبرا انني جئت بحثا عنه، و أنني لن أغادر قبل أن ألتقيه"
دون الحاجة لتفعيل أي قانون، تلاشت السيدة الغامضة في الهواء، ليسترجع الزعماء انفاسهم أخيرا
" هل تمكن أحدكم من معرفة مستواها أو ماهية هيئتها الروحية؟"
هز الجميع رؤوسهم بالنفي، الغموض يلف السيدة و لم يستطيعوا إستنباط منها أي شيء
"من تكون يا ترى ،و ماذا تريد من ذلك الفتى؟"
في رهبة الموقف طرح أحدهم السؤال الأهم ، لينوه آخر
" إذا نشرنا الخبر و اتضح أنها عدوة سيد الكرة، ألن يجلب هذا البلاء علينا، أعني لقد تلاعب بنا و قضى على عشيرة كاملة و هو لم يسترجع قوته بعد"
تنهد الزعيم مو، و لم يجد حلا للمعضلة
" نحن فعلا بين المطرقة و السندان"

---------------------------------

بعد أسبوع

اهتزت الأرض و تشققت الجدران، زلزال مدوي ضرب المكان معلنا عن عودة البوابة القمرية الصغرى
" ها،هذا أبكر من المتوقع........... يكفي"
جين الذي كان يجلس على صخرة واضعا رجلا على رجل و قد أصبح شعره عند كتفيه، رفع كفه مشيرا للتوقف.
*هدير*
الوحش الأثيري الذي كان يغرز أنيابه في كتف ضحيته، لم يرق له أمر التوقف و راح يزمجر معبرا عن إستيائه، في النهاية و تحت نظرات سيده فتح أخيرا فكه تاركا ضحيته تقع أرضا و هي تتأوه
" زعيمك قد عاد، و لا يجوز أن لا يجد أحدا في إستقباله"
في وسط الغابة و تماما أين تم تدمير البوابة الصغرى، تموج الفضاء مع تشكل سحابة برقية، حتى الحجارة اجتمعت ثانية لتشكل
البوابة من جديد، ببطئ أخذت البوابة تتوسع ليعبر كهل قوي البنية أحمر الشعر و علامات الإستياء و الغضب بادية عليه.
بقي طويلا في مجال الوحوش حتى فقد الإحساس بالوقت، ما قاساه تلك الأيام سيبقى في ذاكرته للأبد، رغبته في الإنتقام من فتى الأوريس الذي خدعه هي وحدها الوقود الذي يدفعه للإستمرار
"سيدي،إنتقم لنا يا سيدي،إنتقم لإبنتك و للجميع"
بالكاد وطأت قدمه الأرض حتى جاءه الشاب الذي تركه جين يفلت من أنياب الوحش و هو لا يزال ممسكا بكتفه الذي ينزف بغزارة و قد شحب وجهه حتى عجز عن الوقوف
"ما الذي تهذي به،ما الذي أصاب إبنتي؟"
"الفتى من العالم الخارجي "

"تاي جين لا يزال حيا!"

لم يصدق الزعيم أن الفتى الذي قتله الأوريس ريد لا زال حيا، و قبل أن يسأل عن المزيد من التفاصيل كان تابعه يلقي بكل ما لديه بسرعة قبلأن يأخذ حاصد الأرواح حياته
"بسببه شنت القبائل هجوما على شجرة تيفا و أحرقوها، كما أنه قتل السيدة الصغيرة.......لقد قتل الجميع.... العشيرة .... لم تعد موجودة"
*كح كح*
أنهى الفتى كلامه مع سعال ممزوج بالدماء و هو يلفظ أنفاسه، كان ذلك آخر فرد من العشيرة التي بلغ تعدادهاثمانمائة شخص.
"أيها المأفون أقسم أني سأسلخك حيا ،و أسحق عظامك "
صراخ هايان وصل السماء، و غضبه فاق التخيل ،لقد شاهد الجحيم بعينيه عندما تم خداعه و عبر إلى مجال الوحوش الشيطانية، يوما بعد يوم سقط أتباعه الواحد بعد الآخر .
حتى مع قوته كسماوي وجد نفسه عاجزا أمام حشود الوحوش التي طاردتهم يوميا،كل تلك المصائب و الإحساس بالضعف و العجز في كفة و خبر وفاة ولديه الذان لأجلهما اعتزل العالم في كفة أخرى.
"الدم لا يغسله إلا الدم و ثمن موت ولداي سيكون كل عائلتك ، سأمحي سلالتك من الوجود"
غضبه وصل عنان السماء و قد أظلمت الدنيا في وجهه بعد أن فقد أهم شيء له في الحياة
"إن كنت لا تمانع أن يكون الأطفال سمادا لشجرة إبنك فلا حق لك لتغضب على فقدان أبنائك"
تحدث جين و هو يمشي بخطوات بطيئة ثم أضاف
"ليس عدلا بأن تلقي كل اللوم علي، فالحقيقة أن ولدك كان شبه ميت ، أما إبنتك فقد قتلها خطيبها"
صب جين الزيت على النار، و ترك هايان ينفجر كالبركان و ينقض عليه كالوحش الكاسر.
*بوووم*
لكمة اهتزت على إثرها العالم،و قد تسبب إصطدامها مع حاجز المانا دويا مهولا، بينما اتسعت عيون هايان غير مصدق ما يراه
"ساحر"
"أجل، و بالمناسبة ريد الذي خدعك و أرسلك بلا تذكرة إلى الجحيم كان أنا أيضا"
راهن جين نفسه إن كان بإمكان جعل هايان يغضب أكثر و راح يستمتع بنجاح مسعاه، و هو يرى ملامحه تتغير و قداحمرت عيونه و برزت عروق جبينه حتى ظن أنها ستنفجر لو لمسها
"ما به وجهك؟،هل ستتحول؟"
*شواااك*
صوت تمزيق حاجز المانا مع تناثر أشلاء المانا، رن في أذن جين
ما قاله على سبيل المزاح عن تحوله حدث فعلا ،فهيئة هايان اندمجت معه و تغير شكله كما تحولت أظافر يده إلى مخالب و التي مزق بها الحاجز.
قفز جين إلى الخلف محدقا بالشكل الجديد صانعا مسافة أمان
"المقاتل الوحش مع قانون الإندماج، نادر و مميز"
هيئة المقاتل الوحش تماما كإسمها إنه مقاتل مع ميزات الوحوش من ناحية القوة و الشراسة و هجوم المخلب أكبر دليل على ذلك،أما بالنسبة لقانون الإندماج فهو ما يفسر التحول الجسدي، يقال أن الهيئة من صنف المقاتل لا يمكن استخدام إلا سبعين بالمئة من كامل قوتها
مع قانون الإندماج ستبلغ النسبة مئة بالمئة.
لم يتردد جين و استدعى سريعا درع الصدر من مكعبه الفضائي،في هذا العالم هو الوحيد القادر على استخدام المكعبات ، و كلها ممتلئة بمختلف الأسلحة و الكنوز.
تعرف الزعيم على الدرع الذي هو أحد ممتلكاته، ويمكن تصور ردة فعله و قد اكتشف أنه تم الإستولاء على خزينة العشيرة.
*شوااك*
*شواك*
بلا هواد انطلق عدد لا يحصى من هجمات المخالب من كل حدب و صوب و كأنها عشرات السيوف و قد قطعت الهالة الصادرة عنها كل شيء في طريقها لتصنع أخاديد في الأرض و مزقت الأشجار إلى نصفين، حتى مع مهارات جين في المراوغة تلقى بعض الإصابات و الأثار على درعه أفضل دليل.
"أيها القرد،وفر علي مطاردتك و قد أكتفي بقطع أطرافك الأربعة"
*ها ها ها*
انفجر جين ضاحكا .
"هل ضمنت فوزك بهذه السرعة، على الأقل دعني أستدعي هيئتي أنا متأكد أنها ستروق لك"
*يين*
صرخ جين مناديا، تاركا الزعيم في حيرة.
السحرة لا يستدعون هيئاتهم الروحية لأجل القتال، سواءا كانت الهيئة كاهنا أو شامان فلا يحتاج الساحر لإظهارها، لكن ما زاد من حيرة الزعيم هو الهالة الساحقة الذي جاءت من خلفه دون أن يشعر بها
'ما هذه الهيئة و لماذا هي منفصلة عن مالكها؟'
"مستحيل، الكرة"
سأل نفسه و أجابها،حتى و إن لم تكن أصوله من مركز الأطلال فقد عاش مدة كافية ليسمع عن أساطير سيد الكرة الذي مر بإعادة التجسيد ليس مرة واحدة بل مرتين
هذه المرة صر على أسنانه و قد عبرت في ذهنه فكرة أنه قد لا يتمكن من الإنتقام لأبناءه
*زمجرة*
بدلا عن الموسيقى المعهودة صدر عن الكرة زمجرة و قد تموجت الهالة المرئية بجنون لتصنع تشكيلا لنمر أبيض سحري، التفاصيل كانت مذهلة لدرجة أنه أصبح نسخة أثيرية عن وحش الملك السماوي الذي التقاه في المستقبل.
لون التشكيل كان أبيضا و ليس بلون المانا الأزرق السماوي، و قد تموضعت الكرة في رأس الوحش تماما.
"هذا ليس تشكيلا عاديا، إنه وحش من الرتبة السادسة...... هل إبتسم؟"
تشكيل الوحوش السحرية يتم باستخدام العناصر، الماء ، النار، الأرض أو البرق، أي أن العنصر السحري أخذ شكلا حيوانيا من أجل سهولة التحكم فيه و رفع قوته، لكن هذا الوحش كان مختلفا كليا
إنه صورة ثلاثية الأبعاد لوحش حقيقي،مع الإحتفاظ بالقوة و الوعي أيضا.
"ذلك لأنه ليس سحرا إنه قانون المحاكاة، قانوني الجديد "

2019/06/10 · 1,099 مشاهدة · 1398 كلمة
magicien
نادي الروايات - 2024