فوق مرسى النهر العظيم، تربعت جزيرة في أعالي السماء لتنافس الغيوم على مكانها، هذه الجزيرة العائمة التي تم فصلها عن بقية الجزر الطائرة كانت الإستراحة الخاصة بالملك السماوي، القصر الأبيض كالعاج الذي صمم بحرفية و إتقان، الحدائق البديعة دائمة الإخضرارا التي زينت بزهورها و أشجارها المكان، جعلتها تبدوا كجنة من أرض الأحلام.

لكنها اليوم أصبحت ساحة قتال بين الأساطير ، هذه الجزيرة ستشهد معركة تقرير مصير البشرية، من سخرية الأقدار أن الأوضاع انعكست و من أنقذ البشرية في العصور الغابرة هو من عازم الآن على تدميرها، و كذلك هو العكس بالنسبة لسيد الكرة.

كان أشتيريا أول من وطأت قدميه أرض الجزيرة، فوقف منتظرا و يديه خلف ظهره، لحظات فقط وصل خصمه من بعيد محلقا في السماء و الرياح تلعب بشعره الأبيض

فجأة استشعر أشتيريا تزايدا غير منطقي للمانا، و عندما رفع رأسه لمح شيئا مخبئ بين الغيوم

" من أين جاءت هذه الدائرة؟....فخ!"

لا مجال للشك، هذه الدائرة السحرية تم إعدادها مسبقا، أي قبل تحديد موقع النزال، سيد الكرة لا يقاتل بنزاهة

* صاعقة تنين السماء*

و كأي فخ معد بإحكام و قبل أن يتصرف أشتيريا نزلت عليه صواعق برقية لا حصر لها ، من كثافتها رسمت تنينا برقيا أضاء السماء و تسبب في العمى لكل من نظر إليها.

" ها...... لماذا كثافة المانا ضعيفة، أكثر من نصف قوة الهجوم تم تشتيتها؟"

نقر تاي جين على لسانه متذمرا و لم يصل هجومه إلى النتيجة المطلوبة، بعد ثواني انقشع الضوء كاشفا عن الفشل الذي توقعه

كان الدخان الأسود يتصاعد من جسد أشتيريا المتفحم حتى أن ثيابه تفتت إلى رماد، و هذه الثياب لم تكن عادية بل كانت بمتانة درع مقدس.

لو أن هجوم البرق كان مكتملا لما خرج أشتيريا مع بضع حروق فقط و حتى هذه الحروق لم تدم طويلا قبل أن تتلاشى،و يتعافى جسده بسرعة كبيرة

" هجومك أخذ ما يقارب عشر سنوات من حياتي"

بسماع هذا الكلام ذكريات جين عادت للخلف، يوم رحلته إلى المستقبل و قتاله ضد أشتيريا لأول مرة، بذل المستحيل أنذاك حتى انه اتحد مع الملك السماوي لأجل توجيه ضربة قاتلة.

و النتيجة تماما كانت نفسها، الجروح شفيت تلقائيا مقابل أن يدفع بضع سنوات من حياته.

"يارجل،تحديتني ثم غدرت بي أين شرفك؟"

تحدث أشتيريا ساخرا

"تتحدث عن الشرف، و أنت تلاعبت بتركيز المانا على الجزيرة"

" إنه إجراء ضد السحر المقدس، كنت أخطط لإتخاذ الجزيرة كملجأ في حالة استخدامه ضدي"

أدرك جين أن الاحتياطات التي اتخذها أشتيريا ضد السحر المقدس تسببت في ضعف تركيز المانا على الجزيرة، و هجوك البرق السابق استهلك قد استهلكك معظمها، مما يعني أن الهجمات السحرية سينخفض مفعولها بشكل كبير، و رغم هذا لم تكن لديه نية للتراخي

" يين، أره ما لديك"

إنطلقت الكرة الشهيرة مع وهج فضي جميل، لتلمع بشدة و تكشف عن نمر أثيري أزرق مهيب، زئيره خلف موجة صوتية تدمي الأذان

" محاكاة الوحوش، سلفك كان يفضل الذئاب"

علق أشتيريا و قفز إلى الخلف متفاديا المخلب الذي مزق الفضاء، زأر النمر ثانية و وثب على فريسته فاتحا فمه، إلا أن هذه الفريسة كانت أكثر رشاقة من الأرنب البري و انسلت من بين أنيابه، و بينما النمر و أشتيريا في كر و فر كان جين ثابتا في مكانه و قد بدأ بريق عينيه يتلاشى

"اوو، سيد الكرة نسيت إخبارك أن الجزيرة تحت تأثير تعويذاتي، أتمنى أن لا ترمي نفسك من الجرف كما فعل حراس هذا المكان"

أشتيريا هو الآخر لا يعرف النزاهة، و فخاخه في كل مكان على الجزيرة العائمة.

و على عكس الدوائر السحرية ، زخارف تعاويذه لا تحتاج إلى المانا و تم تفعيلها بكامل قوتها.

عيون تاي جين أصبحت ضبابية، حتى صوت أشتيريا الذي يحادثه أصبح خافتا ، تلاشى كل شيء من أمامه و شعر بجسده يقع إلى هاوية لا قعر لها

فجأة قامت يد غامضة بإلتقاطه و إيقاف سقوطه، لكن هذه اليد لم تكن متصلة بأي جسد، حدق جين بغرابة في هذه الذراع العالقة بالهواء قبل أن يسمع صوتا صادرا عنها يؤنبه و يلومه

" لماذا قتلتني؟"

إنبثق عن الذراع المتكلم ذراع آخر تشبث هو الآخر بساعده ليسمع صوتا مختلفا يسأله نفس السؤال

"لماذا قتلتني؟..... لماذا أنهيت حياتي؟"

و مرة ثانية إنبثقت يد جديد و قبضت أصابعها بشدة على صدره، و رن في أذنه صوت جديد يلومه هو الآخر.

في مشهد ترتجف له الأبدان انبثقت عشرات الأيادي، إن لم تكن بالمئات و كلها التفت حول جسد جين و تمسكت به بقوة و كلها تصرخ في بأصوات لا تتوقف مع مزيج من الغضب و اللوم و الحزن

" قاتل.....مجرم.....مذنب....."

خارج عقل جين الذي غرق في الأوهام، كان النمر النصف شفاف الناتج عن قانون المحاكاة ، يزأر في غضب و رغم أن خصمه على بعد نصف خطوة منه إلا أنه لم يهاجمه، أو بالأحرى كان عاجزا عن مهاجمته

ظاهريا سيبدوا أن النمر ثابت في مكانه بلا سبب، لكن لو امتلك أحدهم عينا كالعين الثالثة التي تمتلكها هيئة هان سول، لرأى رسمة لمخلوق يشبه التنين يلتف حول النمر و يثبط حركته.

" تراه من سيسقط أولا، الهيئة أم مالكها؟"

تساءل أشتيريا مع خيبة أمل للنهاية السريعة، قبل أن تنبؤه حواسه بالخطر القابع أسفل قدميه

* سواااش*

من ظل أشتيريا إرتفعت عموديا شفرة سوادء بوسعها قطع الفولاذ، إنه هجوم الظل و هو نفسه الهجوم الذي أخذ ذراع الملك السماوي و تجاوز دفاع أشتيريا سابقا.

" لنرى كم سنة ستفقد هذه المـ........ماذا!؟"

تحرر جين بطريقة ما من تعويذة الأوهام، و نفذ هجوما مضادا مثاليا لكن و للأسف لم ينجح ليتركه في عدم تصديق محدقا في الشق العمودي الناجم عن شفرة الظل، لكن و بدل الدماء تطايرت شرارات ضوئية، جسد أشتيريا كان حرفيا يضيء كالمصباح

" اللعنة، لديك نفس مهارة زوجتك؟"

شتم جين و قد تعرف جين على هذه التقنية الدفاعية، فأسينا عاشت معه فترة لا بأس بها مركز الأطلال.

ساحر، مقاتل و مغتال تلك هي مهارات جين الأساسية و بطريقة ما تم ختم إثنين منها.

---------

تمدد تاي جين و حرك أكتافه استعدادا للجولة الثانية

" من حركتي السابقة بمقدوري القول أن هجمات الظل لا تجدي نفعا معك"

الهجوم السابق الذي شنه جين ضد الملك السماوي كان إحدى تقنيات مخلوقات الظل، كما يقول المثل رب ضارة نافعة ، السحر المقدس حوله إلى شظايا منحه أيضا فرصة لتعلم مهارات جديدة و شظية الكيوبيد التي ارتبطت بفتاة الظل كشفت له أن كرة يين خاصته لها علاقة وثيقة بمخلوقات الظل ، مما سهل عليه تعلم استخدام مهاراتهم، رغم هذا فخصمه يستحيل أن يقع فريسة لها

"زوجتي هي سيدة الضوء، من الطبيعي أن أتعلم خدعة أو اثنتين، كما أستطيع قول نفس الشيء عليك ، أنت ساحر بلا ضمير و تعويذات السيطرة على العقل و التأثير النفسي لا تعمل عليك"

ابتسم جين متذكرا قتاله الذهني ضد فارس الظلاميين الأسود و الذي أسره في بعد مظلم ليلتقي هناك بمخلوق غامض يتغذى على الخوف و الهواجس.

" واجهت مخلوقا في بعد آخر، يستخدم نفس تقنياتك، لكنه أشد براعة منك"

تغيرت ملامح أشتيريا للإستغراب

" ذلك الشيء لا يزال موجودا؟، كم مرة علي ان أتخلص منه"

لم يسأل جين عن علاقة أشتيريا بالكائن الغامض الساكن في البعد المظلم للفارس الأسود، لأن عقله كان مشغولا بتدفق ذكريات قتال سيد الكرة الأول مع خصمه الحالي و التي تفجرت في عقله، السحر ضد التعاويذ، و الضوء ضد الظلام، و النتيجة تعادل دام لساعات و ساعات دون أن يكون لأحدهم اليد العليا

" القتال الجسدي إذا"

" أجل، ألن تسحب سلاحك، ماذا عن عصاتك الشهيرة؟"

عصا بطول ثلاثة أقدام، كل القصص تقول أن أشتيريا لا يستخدم سلاحا غيرها

" إنها ليست معي، سأقاتل فقط بيدي"

ابتسم جين بسماعه لخبر سار أخيرا، فمهارة الظل التي أصبحت جزءا منه منحته ميزة كبيرة في الإنتقال بين الظلال و في فنون الإغتيال، لكن و لكونه لا يوجد ما يسمى بالتقنية المثالية، فلديها في المقابل نقطة ضعف مزعجة.

كل سلاح يقع في يده سيكتسب رغم إرادته بطاقة الظلال، ضد أي خصم آخر يعتبر ذلك ميزة، لكن ضد عدوه الطبيعي أي مستخدموا عنصر الضوء فتلك المشكلة.

" لا داعي للأسلحة إذا، و ليكن قتالا متلاحما على الطريقة الكلاسيكية"

2020/07/14 · 656 مشاهدة · 1249 كلمة
magicien
نادي الروايات - 2024