تراجعت الفتاة بضع خطوات للخلف، و علامات الخوف بادية عليها لكن ما أخافها أكثر من كلامه، هو الهدوء الذي اتسم به و هو يعترف بجرائمه، في الأخير استجمعت شجاعتها لتحاول استشعار مدى قوته، قبل أن ينتابها الغضب

"كيف لضعيف في المستوى الرابع من عالم النشوء، يتجرأ على القول أنه قتل الآلاف، هل تسخر مني"

لكن الشاب لم يولي إنتباها لكلامها فكل تركيزه كان منصبا في محاولة استرجاع ذكرياته

"جين تاكاي، لا هناك خطأ ما، تاكاي هو اسم الهدف الذي يفترض بي قتله، فأنا لا أملك اسما من الأساس.........آه ،جين تاي هو اسم ذلك العجوز"

تجاهل الشاب للفتاة زاد من حنقها، لتنفجر به صارخة

" لماذا تتجاهلني و لا تجيبني، أم تراك تخطط لمجزرتك التالية سيدي السفاح ذو المستوى الرابع"

غير مبال بغضبها راح جين يغلق أذنه بأصبعه خوفا من أن تتضرر طبلة أذنه من صراخها

" و ما علاقة المستوى بالقتل، فقط الجرأة ما تحتاج إليه، هذا ليس موضوعنا على كل حال، هيا امنحيني خمسمائة فضية و دعيني أمضي"

" أمنحك خمسمائة ماذا..........؟، اسمع أيها المحتال أنا لن أمنحك شيئا"

" محتال، أنت من قمت باستدعائي فتحملي المسؤولية، أم أنك تخططين لتركي أعيش كالمتشردين بلا مأوى و لا مال "

' هل حقا أنا من استدعيته؟'

راحت الفتاة تراجع حساباتها ،فكرت أنه منذ البداية ما كان عليها محاولة استدعاء الحارس المقدس فالفكرة من الأساس ضرب من المستحيل، آنذاك لم تجد سوءا من المحاولة .

و بالفعل بطريقة ما بدل الحارس المقدس ظهر هذا الشاب الذي أمامها من العدم مما يعني أن السحر نجح بشكل أو بآخر، يبقى السؤال من هو جين الذي يدعي أنه سفاح لم تسلم من شروره حتى عائلته

" حسنا ، أنت محق أنت مسؤوليتي، أنا من أحضرتك و أنا من سأعيدك، فقط أخبرني من تكون بالضبط، و أين كنت قبل أن أستدعيك "

ابتسم جين، و أجاب من فوره

" ذاكرة مشوشة بعض الشيء لكني أستطيع إجابتك ، أنا جين ، تاي جين و كنت في قلعة الجدار الأسود بجزيرة الأسلاف ، بعد حوالي الأربعين سنة من الآن"

"حسنا، سيد جين ، سأدفع تكاليف رحلتك إلى جزيــــ........................."

تجمدت الفتاة في مكانها و صمتت لثواني قبل أن تصرخ

"جزيرة ماذا؟، أربعين ماذا؟ ، المستقبل، هذا مستحيل؟ في البداية قلت أنك قاتل ذو قلب بارد و الآن تقول أنك أتيت من المستقبل، أيها الكاذب من تحاول أن تخدع؟"

رفع الشاب شعره كاشفا عيونه القرمزية ، ليرمقها بنظراته الباردة ، بخطوات ثابتة تقدم منها و قد تغيرت الأجواء من حوله، فجأة الجو أصبح ثقيلا ، و أحست بالعرق البارد على جبينها

" هاي............ يا فتاة، أتلمحين أني مخادع ، من يكذبني لم يولد بعد؟.............. أتعرفين لماذا؟ "

بدن الفتاة تجمد بالكامل، على الرغم من ضعف مستواه لكن هالته غير اعتيادية مما جعلها تعيد حساباتها

' نية القتل هذه ليست لشخص عادي، أيمكن أنه فعلا قاتل مجنون '

وجه الشاب صار قريبا منها و قد حنى فمه قليلا راسما إبتسامة مخيفة

" لم يولد بعد من يكذبني .................... لأنني أنا الآخر لم أولد بعد "

"اه........."

*ها ها ها * أطلق الفتى ضحكة عالية

" أفهمت أنا لم أولد بعد لأني من المستقبل ، لما لا تضحكين ألم تعجبك النكتة "

ملامح الغضب عادت تغطي وجهها الجميل، و راحت تشد على قبضتها مانعتا نفسها من ضرب الفتى الذي يستمتع بالسخرية منها، بالرغم أنها بالفعل ترغب بضربه لكنها لكن نية القتل التي رأتها منه جعلتها تعيد التفكير محاولة حل المسألة بالنقاش

"السفر عبر الزمن هو أمر مستحيل"

"تقول هذا من حاولت استدعاء شخصية خيالية من عالم الخلود" علق ساخرا ثم أضاف

" كل ما أخبرتك به هو الحقيقة، إن لم تصدقيني فإلقي نظرة ثانية على دائرتك السحرية، هذه الدائرة من فئة سحر الزمن و الأبعاد"

قفزت الفتاة على الكتاب تقلب صفحاته، و راحت تبحث عن صحة ما قاله، بعد أن قرأت بضع صفحات، تجمدت الفتاة في مكانها، عقلها كان لا زال يحاول استيعاب كل ما حدث و ما يحاول هذا الفتى أن يقوله، لكن بلا فائدة صعد الدخان من رأسها الذي على وشك أن ينفجر، دون أن تصل لشيء

في النهاية انفجرت مرعوبة و الدموع بعينيها

" لقد كنت أريد إيقاف الحرب و بدلا عن ذلك أحضرت سفاحا من المستقبل، لقد جلبت كارثة على المملكة"

منظر الفتاة الخائفة و الدموع بعينيها، جعل جين يتأثر، فلم يكن منه إلا أن تنهد و أمسك الفتاة من كتفيها محاولا تهدئتها

" اهدئي قليلا لا داعي لتكوني متشنجة هكذا، بسبب عملية الاستدعاء ذاكرتي تشوشت بعض الشيء، لكن أستطيع أن أأكد لك أنني لست السفاح المجنون، في الواقع أنا كنت أقاتل ضد السفاح قبل أن تحضريني إلى زمنك،كما أني تذكرت خبرا سيبهجك الحرب ستتوقف و ستكون هناك هدنة."

شعرت الفتاة بالراحة، أقله الآن سمعت شيئا مفرحا، لكنها بالطبع لا زالت متشككة بشأنه خصوصا بعد الهالة المشؤومة التي أطلقها من قبل

" و ماذا عن هالة الموت التي تحيط بك؟"

" العادات القديمة يصعب التخلص منها بسرعة، خصوصا بعد كل من قتلتهم "

وجه الفتة عاد يكتسحه السواد لتبدأ في التلعثم

"قا...قاتل ، أنت قاتل و أنا من ظننتك شخصا جيدا و صدقت كلامك عن قتالك ضد السفاح"

" و ماذا كنت تتوقعين أن أكون صائد سمك، تحتاج لقاتل للقضاء على آخر، و لما لا نزال نتحدث عن هذا

لا شيء من هذا حدث بعد، كله في المستقبل البعيد، لذلك كفي عن التهرب و تحملي مسؤولية استدعائي"

مد جين يده طالبا بالمال، على مضض أخرجت الفتاة ما لديها من مال، بعد أن لم تجد حلا آخر

"كل ما أملكه هو ثلاثمائة فضية"

"لا بأس سأخذها ، أنت مدينة لي بمائتين"

خرج الشاب من الكوخ و هو يلوح مودعا و دون حتى أن يلتفت قال

" تذكرت أي زمن كنت سأعود إليه ياستثناء هذا الزمن كان على الأغلب سينتهي بموتي ،أنت أنقذت حياتي فشكرا لك"

في حين كانت الفتاة المفلسة تفكر من أين ستصرف بعد أن طارت كل أموالها لتنتبه لأمر إختفاء التميمة التي كانت وسط دائرة السحرية

" الوغد، أنا أنقذت حياته، لكنه المقابل خدعني و سرقة أموالي، حتى أنه أخذ التميمة معه"

وجه الفتاة صار أحمرا من الغضب، اكتشفت أنه هو من عليه دفع المال مقابل إنقاذها له، لكن في النهاية تمالكت نفسها لتفكر

'أين عساه سيهرب مني، فبعد شهور سيكون امتحان الالتحاق بالمعهد و بالتأكيد سيعود هنا لأجل المشاركة'


-----------------------------------

أعرف تماما ما تفكرون فيه ( ألم تكن الرواية السابقة مليئة بالقفز في الزمنن حتى أن ربط الأحداث شوشنا)

لا تقلقوا ، لا قفزات زمنية في هذه الرواية........... '' ربما واحدة أو اثنتين.."

2018/02/14 · 4,168 مشاهدة · 1018 كلمة
magicien
نادي الروايات - 2024