مساء اليوم كان معهد تنين الأرض في حالة من الغليان، فقد تم عقد اجتماع طارئ مع العائلة الملكية و النبلاء
لاستبيان مسألة سينغ و مناقشة كيفية التعامل مع مستخدمي قانون الظلام، آخر مرة ظهر فيه هذا القانون كان منذ أكثر من ثلاثين سنة ، و تسبب في دمار كبير للملكة الجوهرة السماوية.
في ذلك العهد استغلت مملكة الأنهار اللامتناهية هذه المصيبة لتستولي على مدينة البوابة الشمسية التي تقع على الحدود البحرية، و لحد الساعة لم تتمكن المملكة من استعادتها.
الخوف من تكرار الحادثة و الخطر المحدق بهم من طرف المملكة المجاورة، يفسر سبب هذا الاضطراب، خصوصا أن اعتراف سينغ هو الخيط الوحيد الذي يمتلكونه.
بعيدا عن أمور السياسة و الملوك و في مقصف المعهد، تشوي و ليان اللتان ملتا الانتظار خارجا دخلتا باحثتين عن جين و دو باي
" ما مشكلتكما ؟ كم تحتاجان من الوقت لتناول الطعــ.................."
تشوي لم تكمل كلامها و بقيت تحدق مذهولة بجبل الأطباق أمامه، لكن الأغرب من ذلك هو لون شعر جين الأسود و طالب
آخر واقف يحدق في الأطباق و يحسب على أصابعه بعيون دامعة .
ليان أطلقت ضحكة مكتومة و قد استوعبت الأمر.
صيد المستجدين لا يزال مستمرا، و بالطبع لا أحد سيجرؤ على مضايقة الشيطان أبيض الشعر، و من شعر جين الأسود و وجه الطالب المتورم الذي يحسب الأطباق ، يمكن معرفة بسهولة ما حدث و أن الفريسة أصبحت الصياد
تنهدت تشوي و قد تعودت على احتياله فمنذ ساعة كان يساوم المشرف جياو على منصب تلميذ الساحر العظيم بالرغم من أنه لا يرغب فيه من الأساس.
" ألا يفترض بنا الذهاب إلى المكتبة، أم أنك تنوي المبيت هنا ؟"
بعد حادثة سينغ ،حصلوا على ترخيص للدخول إلى الطابق العلوي للمكتبة، و تشوي كانت أكثرهم حماسا خصوصا أن لديها كتاب سحر، ترغب في الحصول عليه منذ مدة.
جين الذي كان يجهز على كل ما أمامه من طعام ، و كأنه لم يأكل منذ سنوات أجاب بتكاسل
" هذا آخر طبق فالطعام هنا ليس بتلك الروعة "
الطالب القديم الذي سيدفع ثمن كل هذه الأطباق غصبا، انشرحت أساريره و قد جاءه الفرج أخيرا ، بالرغم من ذلك كان يتساءل في نفسه لو أن الطعام أعجبه فماذا كان سيحدث.
" أخي اسمح لي بدفع ثمن غدائك "
قال الطالب الأكبر ذلك و انسحب سريعا قبل أن يغير رأيه و يطلب المزيد من الطعام.
جين الذي كان قد استعاد مظهره الأصلي قدم ورقة لدو باي و الذي من فوره أخذ الورقة و قال
" قبل الولوج إلى الطابق العلوي، علينا الحصول على بعض الكتب من الطوابق السفلية أولا، لقد سبق و أن وضع جين قائمة لما نبحث عنه، إن كان لديكم كتب معينة تريدونها فسأضيفها للقائمة"
دو باي فتح الورقة و راح يقرأ بصوت مسموع
"أولا اللحم غير متبل بشكل جيد ،و ليس شهيا كفاية كما أن الأطباق الجانبية قليلة و .............. ما هذا ؟ "
"آسف إنها الورقة الخطأ ، لقد كنت أفكر بتقديم شكوى علهم يحسنون طبخهم "
ليان هزت رأسه بالموافقة ، و تحدثت بجدية مشيرة لقائمة الطعام
"الأطباق غير متناسقة و تعتبر أقل من عادية، ليس و كأننا نطلب منهم أن يكون في مستوى مطعم البوابة الشمسية ، لكن عليهم تحسين طبخهم "
*بام*
دو باي ضرب رأسه بكف يده، و تنهد و كله حسرة و قد أدرك أن مصيبة ستقع الآن ليتنهد قائلا
" اللعنة، سيبدأ الحديث عن البوابة الشمسية ثانية ؟"
في رحلة جين و دو باي البحرية للالتحاق بالمعهد سفينتهم رست بميناء مدينة البوابة الشمسية المحتلة ليوم واحد، وقتها دو باي كان يعاني من دوار البحر فبقي في الميناء.
بينما جين استغل الفرصة لرؤية معالم المدينة المحتلة من قبل مملكة الأنهار اللامتناهية و التي يستحيل الدخول إليها بلا تصريح، في نهاية اليوم عاد جين إلى السفينة لكنه لم يعد نفس الشخص الذي ذهب.
التفتت تشوي لدو باي المنزعج و من ثم لجين ليصدمها المظهر الذي أمامها.
" مستحيــــــــــــــــــل..............................جين يبكي؟؟؟؟؟؟؟ "
الشيطان أبيض الشعر الذي ذاع صيته في المعهد منذ يوم الإمتحان و عرفه الجميع بسبب حيله و قسوته و جبروته كان يجلس أمامها و الدموع تفيض من عينيه و قد طغى عليه الحزن
" البوابة الشمسية ، متى سنستعيدك ثانية؟ "
فقدان جزء من المملكة لصالح الأعداء سيترك بالضرورة حزنا و ألما في قلوب كل سكان المملكة ، لكنهم ما كانوا ليتوقعوا هذا الموقف العاطفي من شاب شديد البأس كتاي جين.
تساءلت ليان متعاطفة و قد أثرت بها دموع جين
" هل فقدت شيئا عزيزا هناك ؟ "
بحسرة أجاب جين
" أجل فقدنا أهم شيء .......................فقدنا مطعم البوابة الشمسية ، و طبقه الأسطوري لحم الثور الجبلي ، اللحم الذي يتبل باستخدام 23 نوع من الأعشاب و يطبخ على مدى يومين ، و الذي لا نستطيع العودة لتذوقه إلا بتصريح "
تشوي الغير المصدقة لما يفعله جين التفتت لدوباي و الذي راح هو الآخر يقلد جين و يحرك شفاهه و قد عرف كل كلمة ستخرج من فم صديقه فقد سمعها تكرارا و مرارا طيلة الرحلة
"رائحته العطرة وحدها تفتح الشهية و تحفز خلايا تذوق جديدة على اللسان ، دون أن ننسى إحساس الطراوة الجميل و أنت ترى اللحم يغرف و يتقطع بملعقتك بدل السكين و أخيرا عندما يصل إلى فمك و يذوب فيه تاركا عصارته تنساب على لسانك ، ذلك الإحساس ....... "
توقف جين عن وصف لحم الثور الأسطوري و تنهد بأسى يمسح دموعه غير قادر على قول المزيد.
بينما ليان التي كانت تومئ برأسها طيلة الوقت راحت تأكد كل كلمة قالها
" معك كل الحق، لا شيء يتفوق على لحم الثور الجبلي المطبوخ بوصفة الحارس الأسطوري أشتيريا "
في مدينة البوابة الشمسية كانت هناك أسطورة مفادها أن الحارس و المنقذ أشتيريا كان أول من أعد هذا الطبق ، و أن سكان المنطقة توارثوا وصفته أبا عن جد.
سماع جين لهذه القصة جعله يضحك معلقا
" ها.............. هل أصبح المقاتل الأسطوري و الحارس المبجل، محطم الأغلال طباخا أيضا ، بطلكم الخيالي هذا قادر على صنع العجائب فعلا "
ضربت ليان الأرض بقدمها و ردت بنبرة غاضبة
" خيالي........... اسحب كلامك، كيف تجرؤ على قول أن حامي البشر و معلم داو الهيئات الروحية العظيم هو من نسج الخيال "
" هاه، مقاتل و طباخ و معلم داو ، بقي أن تقولي أن بإمكانه التحول إلى تنين"
شدت ليان على قبضتها و ضربت الأرض بقدمها ثانية و قد أغضبها كلامه لأقصى الحدود، لكنها بعد ثواني أخذت نفسا عميقا و ارخت قبضتها و تحدثت بهدوء
" لحم ثور الجبل ليس الطبق الوحيد الذي تشتهر به البوابة الشمسية فهناك أيضا أطباق أخرى و صادف أنني بارعة في إعدادها ك.ل.ه.ا ( قامت بتهجئة كلمة كلها) "
عيون جين اتسعت على آخرها و قد عرف عن أي طباق تتحدث، لكن قبل أن يقول شيئا كان قادرا على الإحساس بأن تحت القلنسوة السحرية التي تغطي ملامحها، كانت هناك ابتسامة عريضة مع مسحة من الشماتة
" بالطبع من يظن أن أشتيريا من نسج الخيال، فلا يحق له أن يسأل عن وصفاته "
استدارت ليان مغادرة المكان ليتبعها جين محاولا إرضاءها و هو يصيح
" ليان إنتظري لحظة فلنناقش الأمر ، إنها حكاية قديمة لا يهم إن كانت حقيقة أم خيال...... ليان انتظري...."
حدق دو و تشوي ببعضهما ، و لم يكن أمامها سوى الضحك على كل ما حدث و الذهاب خلفهما.
=================================
تأليف: Magicien
الأسابيع القادمة سأكون مشغول بعض الشيء و لذلك سيكون هذا الفصل هو الأخير لهذا الشهر، لا تقلقوا فلن أسحب على الرواية
إلى ذلك الحين أرجوا أن تستمتعوا بهذا الفصل
**********عيد مبارك و كل عام و أنتم بخير********