في مدينة الليلة البيضاء عاصمة مملكة النجمة السماوية
غطى حاجز المانا الضخم الذي صنعه الساحر العظيم ني بو ساي بعد إعلان حالة الطوارئ كافة أراضي معهد تنين الأرض، و قد شكل إنعكاس ضوء الشمس على الحاجز تموجات جميلة من أطياف الضوء السبعة.
شاب قوي البنية مع عيون سوداء حادة و شعر احمر شائك وضع يده على الحاجز في فضول قبل الإلتفات إلى رفيقيه باسما
" تماما كما يشاع، المقاتلون في هذا العالم مثيرين للشفقة، لكن علي الإعتراف السحرة يمتلكون فعلا بعض القدرات الجنونية، ما رأيك جادو؟"
رفيقه صاحب الشعر الأشقر الطويل و الذي احتضن سيف كاتانا طويل رد ببرود يلائم ملامح وجهه الخالية من التعابير
" لو أننا عدنا مباشرة بعد إنتهائنا من توزيع البطاقات بدل التسلل للمعهد، لما علقنا هنا الآن"
" لم أسمعك تتذمر و أنت تشاهد المعركة بين أتباع الساحر المدعو جين و جنود الأمير"
شاح الشاب الأشقر جادو بوجهه في إنكار ،بينما صاحب الشعر الأحمر ديكل استمر في تعليقه و هو يرمقه بنظرات استفزازية
" لقد كنت متحمسا لدرجة أن الجليد زال عن وجهك عديم الملامح و ارتسمت ابتسامة عليه، كما أن عيناك لم تنزل عن الساحرة صاحبة العصا ............ ما كان اسمها يا ترى .............يـــو..........مي"
راح ديكل يكتم ضحكاته مستمتعا بالمزيج الغريب على وجه رفيقه بين حمرة الخجل و ملامحه الخالية من أي تعبير و في النهاية إنفجر الفتى المحرج ليرد الصاع صاعين
" و ماذا عنك؟، عيونك كانت تلتهم الساحرة رفيقة أبيض الشعر إلتهاما ، لو لا أنه هددك لما رفعت عيناك عنها"
بلع ديكل ريقه و هو قد عاد بذاكرته للحظة التي كان يحملق فيها بـ لي تشوي و قد وجد نفسه أسيرا لحسنها، لم يستطع إلا أن ينظر بعيون تملؤها الحسد إلى الشاب الذي تقف إلى جانبه، و سرعان مع أصبح حسده نية قتل، و في اللحظة التي تلتها جاؤه الرد على جرأته و زوج من الجمرات القرمزية تركته وسط العرق البارد.
بالكاد التقت عيونهما للحظة لكن ذلك كان كفيلا بأن يكبت نيته، أي بشري هذا الذي عيونه تشبه الهاوية تبصر مباشرة نحو روحك و تحاول إبتلاعها.
" لا يمكنني سوى التنهد حسرة على الجميلة الرقيقة اللطيفة الرائعة الحسناء، و التي يلقبونها بالملاك تشوي التي وقعت تحت براثن ذلك اللعين المتعجرف أبيض الشعر "
" أنتما الإثنان، ألا يشغل عقولكما غير الفتيات ، ألا تريان الحالة التي نحن فيها ؟"
الصوت النسائي اللطيف لم يكن متوافقا مع طول الفتاة الذي قارب المترو تسعين سنتيم، و قد ارتدت زيا قتالي كرفيقيها، لم تمتلك مظهر الفتيات المعهود و بدى أنها لم تتجمل أو تتزين من قبل،لكن ذلك لم يعني أنها لم تمتلك وجها لطيفا خاصة مع عيونها الزمردية ،و جسدا جميلا حتى و لو كان عضليا نسبيا.
"دعك منها تلك المسترجلة فقط تشعر بالغيرة "
" ليس ذنبي إذا كانت عشيرتنا لا تمتلك سوى مهارات و تقنيات اليد الخشنة "
تذمرت الفتاة في غضب لكن ديكل استمر فقط في مضايقتها
"أجل كل اللوم على تقنيات العشيرة ، شعرك القصير ،جسدك العضلي المفتول و أيضا طول قامتك الفارع"
"أيها القبيح اللعين "
*بوووم*
مع طولها و قوتها سقطت قبضتها كالصخرة عليه ليتمرغ وجهه بالتراب و بما أن اللكمة لم تشفي غليلها همت بركله أيضا إلا أن كاتانا الفتى الأشقر الذي لمع نصله عند رقبتها أوقفها
وقف ديكل يمسح الدم من فمه و بدلا عن الإنزعاج لسبب ما كان يبدوا عليه الحماس
"هذه هي كيف لم أفكر في هذا ،ألم يكن سبب قتال الأمير مع هؤلاء الشبان هو تقنيات النمو المتكاملة ، لا شك أن لديهم مهارات تناسب فتيات عشيرتنا "
"تقنيات كهذه ستجلب ثروة لعشيرتنا، بعد الحصول عليها سننشط بطاقاتنا و نعود لموطننا"
أشاد جادو موافقا على الإقتراح
"ليس هذا و حسب"
اتسعت عيونه من الحماس و كأنه يتخيل الخيرات التي ستجلبها هذه التقنيات و أضاف في نشوة
" الجيل القادم من فتيات العشيرة سيكن جميلات و ناعمات تماما كفتيات العالم الخارجي"
" ألن يغضب هذا فتياتكما الناعماتان ،أيها العاشقان؟"
علقت الفتاة ساخرة لكن ديكل كان حاضرا بالجواب
"بالطبع حسبت حسابهما، الجميلة يومي و الملاك تشوي خارج المعهد الآن "
تنهدت الفتاة و أومأت بالموافقة، تعرفهما جيدا و بما أنهما عزما أمرهما فلن يتراجعا
"حسنا أنا موافقة، لكن من تعتقدونه من هؤلاءالفتية يحتفظ بالتقنيات لنقوم باستدراجه "
"لا لا ، لا واحد منهم يمتلك تقنيات النمو ، هدفنا هو الفتى البدين الذي كان بين الحشود "
ارتفعت حواجب الرفيقان استغرابا، فلم يفهما عن أي بدين يتحدث ديكل.
عندما أعلن جين أنه حصل على موافقة مجلس الأبحاث على تقنيات النمو التي نشرها، استغرب الجميع كيف يعقل لفتى في الخامسة عشر أن ينجز مثل هذا العمل المستحيل و يؤلف بمفرده تقنيات نمو متكاملة، لكن و من وسط الحشود و قبل حتى أن ينطق جين بحرف ، جاء أحدهم بالتفسير المناسب.
(جين لم يؤلف التقنيات، بل عثر عليها في الأطلال المخفية)
ليس فقط البدين جاء بالتفسير المناسب، هو تبادل نظرات ذات مغزى مع تشوي و باقي التلاميذ و هذا الأمر تكرر أكثر من مرة ، و حتى عندما طلب جين من تلامذته البقاء بالمعهد لحماية الطلاب أبدى كال ردة فعل مختلفة عن البقية و كأنه هو المعني بالحماية.
كل هذا لم يكن ليمر على صاحب الشعر الأحمر دون أن يلاحظه.
---------------
بعد مرور ساعة
لطالما عانى كال مينغ من مشكلة التعرق نظرا لوزنه الزائد، إلا أن هذه المرة و نصل الكاتانا يلامس دهون رقبته، كان العرق يتصبب منه كالشلال بعد أن تم جره إلى أطراف الغابة و المصيبة أنه لا يتذكر حتى كيف وصل هنا
" عفوا ، يبدوا أن هناك خطأ ما فأنا لست حتى طالبا رسميا، أنا مجرد خادم من الفرع الخارجي و مهما كان الذي تريدونه فلن أستطيع إفادتكم "
تحدث كال مترجيا بوجه حائر و شاحب ،فقط من ملامحه و من خلال استشعار طاقته الفتاة الطويلة دياني عادت ترمق رفاقها بنظرات الشك، لكن ديكل لا يزال مقتنعا بأنه على الحق.
"ها ها ها ......تمثيلك مقنع أيها البدين، من يراك الآن لن يصدق أنك خادم الفتى أبيض الشعر و كاتم أسراره "
ملامح كال تغيرت، فلا أحد باستثناء المقربين منه يعلمون بعلاقته بجين، أدرك بسرعة أنه لا فائدة من الإنكار هؤلاء الغرباء لن يختاروه من بين مئات الطلاب دون سبب.
أطلق كال تنهيدة طويلة و تحدث بصوت واضح و رزين
" مخطئ أنا لست خادمه، أنا في الحقيقة.............. شريكه"
شريك تاي جين ،هذه الكلمات جعلت حواجب ديكل تقفز من المفاجأة، صحيح أنه و رفاقه مجرد غرباء عن المعهد بل غرباء عن المملكة بأسرها و لم يرى جين إلا لدقائق معدودة خلال معركته ضد أبناء العم من هان و صاحب السيف الأسود شين ليو .
لكن حدسه الذي لا يخطأ و موهبته في قراءة الآخرين حذرته بأن لا يستخف بشخص يمتلك عيون مقاتل سبح في بحر من الدماء ،فرجل مثله لن يكون شريكه شخصا عاديا.
"جادو قيده بسرعة "
صرخ ديكل منبها لكن الأوان كان قد فات، الموجة من تحرير كال مينغ لهالته قذفت صاحب الكاتانا عشر خطوات إلى الخلف و هو غير مصدق للقوة التي أظهرها الشاب الخنوع الذي يفترض أنه لم يخترق عالم الروح بعد.
" عالم القانون، مستحيل "
كثيرا ما يخفي بعض المحنكين قوتهم الحقيقية لكن أن يظهر مقاتل قانوني بمظهر متدرب مبتدئ هو أمر لم يسبق لجادو أن رآه .
تشكلت هيئة نصف شفافة ظاهرتا للعيان سلاح بني تجاوز طوله المتران مع نصل فضي عريض نزل بين يديه و ترك الخاطفين في ذهول.
"هل هذا رمح، أم مطرد ؟"
تساءلت دياني و هي تشير إلى الهيئة غريبة الشكل قبل أن تتبين الأمر أخيرا"لحظة واحدة، أليس هذا قلم حبر "
الهيئة الروحية يستحيل أن تبتعد كثيرا عن شخصية صاحبها ، يقال أنها تجسيد لأحلام أو طموح أو أماني و حتى مخاوف مالكها.
و هيئة الرجل الذي باركته السماء بقصر العقل ليمتلك في ذهنه أكبر مكتبة عرفها البشر هيئته عبارة عن قلم.