الفصل المئة والتاسع والخمسون: طريق الزواج والاقتران

____________________________________________

دُهِشَ فانغ يون هو الآخر، فلم يكن في خلده سوى صورة ذلك الشيخ المسؤول عن الزواج في أساطير عالمه السابق، وقد طرح سؤاله على سبيل العفوية ليس إلا. فما كان ليتخيل أبدًا أن تصيب إجابته كبد الحقيقة! 'يا للعجب، أبهذه السهولة...'.

وفي مواجهة نظرة الجنية لي يين المذهولة، سعل فانغ يون سعلة خفيفة وقال: "يبدو أنني قرأت في كتاب قديم ذات مرة عن خالدٍ يُدعى يوي لاو، كان يهوى ربط الخيوط الحمراء بين الناس ليجمع شملهم في زيجات مباركة... لهذا السبب طرحت هذا السؤال..."

أومأت الجنية لي يين برأسها وقد اطمأن قلبها قائلة: "أوه". لقد كان ذلك السلف شخصية أسطورية هزت عالم الخلود يومًا ما، ورغم اندثار معظم تاريخه، فمن الوارد أن تكون بعض السجلات قد بقيت شاهدة عليه.

وعندما ذكر فانغ يون اسم السلف، لم تستطع الجنية لي يين إلا أن تتذكر بعض الأساطير التي حيكت حوله... فعلا وجهها تعبير غريب مرة أخرى. فقد قيل إن ذلك السلف، في سبيل صقل طريق الزواج والاقتران الأعظم، قد أقدم على أفعالٍ كثيرة لا تخطر على بال. كالجمع بين الكهل واليافع، والزيجات التي تفصل بينها أجيال كاملة.

بل وتعدى الأمر ذلك ليشمل زيجات بين الخالدين والبشر، والبشر والشياطين، وحتى بين البشر والجمادات... لقد جرّب السلف كل أنواع الزيجات الغريبة التي لا يمكن تصورها. ومن بين تلك الحكايات، أنه ربط خيطًا أحمر بين ملكة خالدة ونبتة خيزران... وتحت تأثير قوة طريق الزواج والاقتران الأعظم، عشقت الملكة الخالدة تلك النبتة عشقًا جنونيًا.

وقد بلغ الأمر أن جدها الإمبراطور الخالد طارد يوي لاو لآلاف السنين ثأرًا لما حدث، ولولا تدخل السيد السماوي تاي يين، لكان مصير السلف الموت المحتم. وعندما ارتقى طريق الزواج والاقتران الأعظم الخاص بالسلف إلى مرتبة الإمبراطور الخالد، قيل إنه وجد ذلك الإمبراطور الذي طارده، وفي خضم القتال بينهما، دسّ له حجرًا بهدوء. وقد شاع فيما بعد أن ذلك الحجر قد أنجب كائنًا حيًا...

كانت كل تلك الشائعات غريبة وعجيبة لدرجة يصعب تصديقها، وهي قصص سمعتها الجنية لي يين من والدتها في طفولتها. عند تذكرها ذلك، غطت فمها فجأة وابتسمت قائلة: "أخي الصغير، إن سنحت لك الفرصة هذه المرة للذهاب إلى شجرة تاي يين من اليشم، يقال إن هناك خيط زواج أحمر تركه السلف على الشجرة".

ثم أضافت بابتسامة نادرة: "فإن تمكنت من الحصول على واحد، حتى لو ربطته بملكة خالدة، فستعشقك حتى الموت". لطالما كانت الجنية لي يين جادة، لكنها في هذه اللحظة ابتسمت كزهرة متفتحة، ابتسامة تجمع بين البرود والقداسة والإشراق.

كانت هذه هي المرة الأولى التي يرى فيها فانغ يون الجنية لي يين على هذه الحال، فتسمّر في مكانه مذهولًا للحظة. لاحظت هي أنها فقدت رباطة جأشها، فاستعادت ملامحها الجادة على الفور، وعاد وجهها إلى بروده المعتاد، بنظرة تُبعد الناس عنها.

سحب فانغ يون نظره وقال بابتسامة عريضة: "إن حصلت على خيط الزواج الأحمر، فسأربطه حتمًا بالأخت الكبرى! فالملكة الخالدة تلك بعيدة المنال، أما الأخت الكبرى فهي أقرب إلى الواقع، وفي عيني، لا تقل الأخت الكبرى شأنًا عن أي ملكة خالدة".

بعد هذه الكلمات، انهار صمود الجنية الباردة على الفور، واحمرّت أذناها في الحال! ولسبب غير مفهوم، خفق قلبها بعنف، وأخذ صدرها الممتلئ يعلو ويهبط بحدة. كان فؤادها يرتجف، وقد انتابها بعض الخوف والارتباك! ولم تدرِ ما إذا كان خوفها من كلمات فانغ يون، أم من تذكرها لذلك الخيط الأحمر الغريب وقوة الزواج التي يحملها...

هدأت الجنية لي يين من روعها ووبخته قائلة: "أخي الصغير، لا تتفوه بالهراء!" فرد فانغ يون ضاحكًا من قلبه دون أن يبالي: "هاها، كنت أمزح، أمزح فحسب...".

في داخله، انفجر وعي سحابة الدم إعجابًا بالجسد الأصلي مرة أخرى! "سيدي، أنت عظيم! عظيم حقًا!" وصرخ صوت آخر: "مذهل! مذهل جدًا! شياو يون زي معجب بك أشد الإعجاب!". فصاح به فانغ يون: "اغرب عن وجهي!" فأجاب الصوت على الفور: "حسنًا!".

في هذه اللحظة، اقتربت قامتين رشيقتين فجأة من فانغ يون. وقبل أن تصلا، أتاهم صوت واضح: "لقد ظننت أنني أتوهم للوهلة الأولى، لكنها الأخت شينغ تشان حقًا". بعد هذه الكلمات، التفت كثير من الناس حولهم، ولاحظ فانغ يون بوضوح أن العديد من أفراد عشيرة تاي يين ينظرون إلى الجنية لي يين بنظرات مختلفة.

قطّب فانغ يون حاجبيه ونظر إلى المتحدثة، فإذا بها يويه يون لان التي كانت تستعرض نفسها قبل قليل. كانت طويلة القامة، ترتدي ثوب خلود حريريًا أرجوانيًا فاتحًا، وخطواتها ساحرة يرافقها ضوء القمر البارد. لم يكن وقارها يقل كثيرًا عن الجنية لي يين، بل يمكن القول إن كلتيهما كانتا فاتنتين.

أما قديس تاي شوان الذي بجانبها فكان طويلًا ووسيمًا، يرتدي رداء خلود أبيض وأسود، يجمع بين الهيبة القتالية والوقار الخالد. كانت هالته عميقة كالهاوية، وعيناه مليئتين بالنجوم. ألقى فانغ يون عليه نظرة واحدة وشعر بخطورة طفيفة.

في هذه الأثناء، أتى صوت آخر يحمل ازدراءً وقسوة: "ها، فتاة آثمة، ولدت في العالم السفلي، لا أدري لماذا منحتها العشيرة أهلية الحضور إلى هنا!". نظر فانغ يون فرأى يويه تشينغ يون وتاي هاو تيان نو قد وصلا. كان يويه تشينغ يون محاطًا بضوء القمر، كأنه قمر يسير على هيئة بشر، وهناك هالة قمرية خافتة خلف رأسه، مما منحه مظهرًا استثنائيًا.

بينما وقفت تاي هاو تيان نو بهدوء إلى جانبه بقوامها الأثيري، وكأنها معزولة عن العالم، لا شأن لها بتبعاته وأقداره. لاحظ فانغ يون في تلك اللحظة أن وجه الجنية لي يين قد شحب قليلًا، وقبضت على يديها الرقيقتين بهدوء، وارتجفت شفتاها الحمر قليلًا، لكنها لم تنبس ببنت شفة.

رفع فانغ يون حاجبيه. لقد نطقت يويه يون لان اسم "مياو لي يين" للتو، ثم "شينغ تشان"، أهو يويه شينغ تشان؟ هل هذا هو اسمها في عشيرة تاي يين الخالدة؟

قالت يويه يون لان بابتسامة: "أخي تشينغ يون، الأخت شينغ تشان هي ابنة عمك، فلا تكن مباشرًا جدًا، ليس من الجيد أن تؤذي العلاقات بينكم". لكن يويه تشينغ يون رد ببرود: "آثمةٌ مثلها، ليس لدي ابنة عم كهذه!".

صُعق فانغ يون وألقى نظرة على يويه يون لان. 'يا لها من خبيثة!'. لقد لفتت هذه المرأة، يويه يون لان، انتباه الجميع أولًا بكلمات "الأخت شينغ تشان"، ثم تظاهرت بالمصالحة، لكنها في الحقيقة كانت تزيد الطين بلة! 'اللعنة، هذه المرأة النتنة، ليست شخصًا طيبًا!'.

قالت الجنية لي يين بهدوء: "أخي الصغير، دعنا نذهب!". ثم سحبت أكمام فانغ يون لتتجنب هذا المكان. لكن يبدو أن يويه تشينغ يون لم يكن ينوي ترك الأمر، فتقدم خطوة وضغط بكفه على كتف فانغ يون، وقد أخفى في حركته قوة خالدة هائلة!

وقال بصوت ساخر: "هل أنت الشخص الذي تبحث عنه؟ إنها جائعة حقًا لتلتهم أي شيء. مجرد خالد حقيقي في المرحلة المبكرة، ومن عشيرة شياطين الدماء، هاها... هل أنت جدير بالمجيء إلى عالم تاي يين السماوي؟".

رد فانغ يون ببرود: "ارفع يديك القذرتين، واغرب عن وجهي". ثم هز جسده قليلًا، نافضًا كف يويه تشينغ يون عن كتفه.

تجمدت نظرات يويه تشينغ يون فجأة وقال بحدة: "ماذا قلت؟" حدّق فانغ يون مباشرة في عينيه دون أن يتراجع قائلًا: "قلت لك، اغرب!".

انفجر يويه تشينغ يون ضاحكًا: "هاها! هاهاها!". ثم توقف عن الضحك فجأة وقال بصوت دافئ وناعم: "آمل أن تتمكن من الدخول إلى هناك، وأن تعيش حتى النهاية! سأجعلك تدرك ثمن هذه الكلمة!".

رفع فانغ يون زاوية فمه قليلًا بابتسامة ساخرة وقال: "وأنا أقول لك الشيء نفسه". للحظة، أصبح الجو غريبًا ومشحونًا بالتوتر.

في هذه اللحظة، ظهرت عدة شخصيات في عربة القمر التي هبطت من السماء، كاشفة عن قوتها الإلهية دون تحفظ! "يويه لينغ شيان، ابن إله الشمس!" "يويه تشينغ تشنغ، ابن قديس شوان يو!" "يويه تشينغ يي، مو تسانغ يون!"

2025/11/05 · 182 مشاهدة · 1163 كلمة
ZEUS
نادي الروايات - 2025