الفصل المئتان والثالث والثلاثون: مفتاح العناصر الخمسة
____________________________________________
في تلك اللحظة، وعلى حين غرّة، لمح فانغ يون أمرًا جللًا، فقد طرأ تغيرٌ غريب على أحد مستنسَخيه! علت رأسه قواعد الداو الخمس وهي تتوهج ببراعة، فطافت عناصر الذهب والخشب والماء والنار والأرض واتصلت ببعضها، كأنها خمسة تنانين ملونة يعض كل منها ذيل الآخر.
تشابكت تلك العناصر وتلاحمت رؤوسها بأذنابها بسرعة خاطفة، وما هي إلا برهة حتى اندمجت قواعد الداو الخمس المتميزة تمامًا، لتتحول في لمح البصر إلى حلقة إلهية خماسية الألوان! انبعثت منها هالة مقدسة عظيمة أخذت تتصاعد بقوة، وللحظة، تسمّرت أعين المستنسَخين المنتشرين في السهل على ذلك المستنسَخ بعينه.
باغتت المفاجأة فانغ يون، فانطلق من عينيه ضوء ذهبي باهر امتد لأكثر من بضعة أقدام. 'يا للعجب! هل سينجح الأمر هذه المرة؟!' تساءل في صدمة، ولكن فجأة، بدأت الحلقة الإلهية خماسية الألوان فوق رأس المستنسَخ تهتز على نحو غير مستقر، ثم تحطمت في صمت مطبق.
عبس فانغ يون، وبينما كان يظن أن التجربة قد باءت بالفشل مرة أخرى، نهض المستنسَخ من جلسته التأملية فجأة، وأطلق ضحكة مدوية نحو السماء ملؤها الفخر!
"هاهاها! لقد نجحت! لقد أدركت الطريق!" صاح المستنسَخ وهو يلتفت حوله، وقد تردد صدى ضحكته في أرجاء السهل المفتوح، وبدا وكأنه يزدري العالم بأسره وينظر باستعلاء إلى إخوته وأخواته من المستنسَخين.
عند رؤية هذا المشهد، أشرقت في قلب فانغ يون الذي خيم عليه الإحباط بارقة أمل قوية، وارتسمت على وجهه ابتسامة رضا تشبه تلك التي تعلو محيا أبٍ فخور. 'كما هو متوقع، مستنسَخي موهوبون حقًا! فيهم شيء من أسلوبي!' امتدح نفسه سرًا، وبمجرد فكرة، تجسد أمامه بتجلي إلهي.
شعر المستنسَخ، الشاب الوسيم، بقدوم سيده، فتوقفت ضحكته المتغطرسة في الحال، وتحول تعبيره في أقل من لحظة إلى وقار واحترام عميقين، وقال: "عبدك شوان تشن، يحيي سيده!".
ساعده فانغ يون على النهوض بنفسه وقال بابتسامة: "لا داعي لهذه الرسميات، أخبرني بسرعة، ما الذي توصلت إليه؟ دعني أرى إن كنا نفكر في الأمر ذاته..." كانت عيناه تفيضان بالثقة والحكمة، ولا يُسبر غورهما.
كان بوسعه أن يتصل مباشرة بوعي المستنسَخ ويستقبل جميع ذكرياته وأفكاره حول إدراك الداو، لكن المستنسَخ كائن مفكر أيضًا، وشعر فانغ يون أن هذا العبقري الذي كاد يضاهيه في استيعاب الداو يستحق فرصة لإظهار ما لديه.
في تلك اللحظة، غمرت السعادة ذلك المستنسَخ المذهل الذي أطلق على نفسه اسم فانغ شوان تشن ولقبًا طاويًا هو شوان تشن جون، فقد نال ثناء سيده، وكان فرحه بهذا يفوق فرحته باكتشاف مبدأ الداو العظيم نفسه.
بعد ثلاث أنفاس، هدأ فانغ شوان تشن من حماسه وأجاب باحترام: "يا سيدي، لقد استوعبت الداو والمبادئ الكامنة في العديد من التقنيات، وكذلك قانون العناصر الخمسة في الطبيعة، وتوصلت إلى فكرة، وهي أن كل شيء له ين ويانغ، ولا بد أن العناصر الخمسة تمتلكهما أيضًا!".
"لذا، افترضت بجرأة أن العلاقة بين العناصر الخمسة، من تكامل وتنافر، من المرجح جدًا أنها تخضع لتنظيم داو الين واليانغ!" استطرد قائلًا: "لهذا السبب، استخدمت للتو داو تاي يين وتاي يانغ لربط عناصر الذهب والخشب والماء والنار والأرض للتحقق من الأمر...".
كانت عينا فانغ شوان تشن تومضان ببريق الين واليانغ، وبدا أنه لا يزال غارقًا في حالة الإلهام التي انتابته للتو، فوصف بالتفصيل اكتشافه وتجربته، وما فيها من مبادئ للداو.
استمع فانغ يون بهدوء، دون أن يبدي أي تعابير على وجهه، مكتفيًا بالإيماء برأسه قليلًا من حين لآخر، لكن في أعماقه، كان منبهرًا بأفكار هذا المستنسَخ وطريقته في العمل. 'فرضية جريئة، وتحقق دقيق! لديه الروح العلمية التي يتمتع بها جسدي الأصلي!'.
بعد أن شرح فانغ شوان تشن أفكاره ومسار التجربة، غير مجرى حديثه قائلًا: "يا سيدي، ما حدث للتو كان مجرد تحقق أولي، يثبت جدوى فكرة ين ويانغ العناصر الخمسة، لكنه ليس الاندماج الحقيقي لها! بل هو مجرد نتاج خارجي تشكل بمساعدة الين واليانغ، ولهذا انهار في النهاية...".
توقف فانغ شوان تشن عند هذه النقطة، وبدا في تلك اللحظة أنه غارق تمامًا في عالمه الخاص، ناسيًا تجسيد سيده الواقف أمامه. وفي الثانية التالية، نفض هذا المستنسَخ الوسيم أكمامه، ورفع بصره نحو الفراغ بزاوية خمس وأربعين درجة، وقال بفخر وعزلة: "أعتقد أن الاندماج الحقيقي للعناصر الخمسة يجب أن يتم بفصل سمات الين واليانغ لكل قانون من قوانين الذهب والخشب والماء والنار والأرض!".
"ثم يتم دمج الين واليانغ ببعضهما البعض! وأخيرًا، يتشكل قانون جديد ومستقر!" أعلن بصوت جهوري: "ذلك هو داو العناصر الخمسة! ذلك هو داو العناصر الخمسة الحقيقي!".
بمجرد أن انطلقت هذه الكلمات، ساد صمت مطبق في السهل الخاوي، صمتٌ عميق حتى خُيّل للمرء أن الريح قد تجمدت، لكن تلك الكلمات أثارت موجة من الحكمة في أعماق عقول المستنسَخين، فقد غرق جميعهم في تفكير عميق، وأخذت أعينهم تومض ببصيرة إلهية، وبدأوا في استنتاج الاحتمالات.
صفق فانغ يون بيديه وهو يحدق في فانغ شوان تشن ويثني عليه قائلًا: "ليس سيئًا! ليس سيئًا على الإطلاق! لديك الكثير من الأفكار، وذكاء حاد، وهذا مطابق تمامًا لما أفكر فيه...".
لو قال شخص آخر هذا الكلام، لما صدقه فانغ شوان تشن على الأرجح، بل وربما سخر منه، لكن هذه الكلمات جاءت من سيده الأسمى، فانغ يون! ولهذا، لم يشكك في صحتها على الإطلاق، بل على العكس، غمرته نشوة عارمة وحماس شديد!
"سيدي مشهور وقوي، ومن حسن حظي أن تتوافق فكرتي مع فكرة سيدي! فأنا لا أساوي حتى جزءًا صغيرًا منكم". انحنى فانغ شوان تشن باحترام وصدق عظيمين.
ابتسم فانغ يون وربت على كتفه قائلًا: "مهمة فرز الين واليانغ لكل من طرق الداو الخمسة للذهب والخشب والماء والنار والأرض متروكة لك! وجميعهم سيساعدونك!".
بعد أن أنهى فانغ يون كلامه، حرك وعيه وسيطر على المستنسَخ فانغ شوان تشن، فأصبح كل إدراكه وإلهامه ملكًا لفانغ يون دون أي نقصان، ثم نسخ فانغ يون كل هذا الإدراك ووزعه على جميع مستنسَخيه. وفي لحظة، أصبح كل المستنسَخين العشرة آلاف في السهل يمتلكون فهمًا للعناصر الخمسة على 'مستوى فانغ شوان تشن'.
"أحسنوا صنعًا، أنتم جميعًا عباقرة! وأنا متفائل بكم!" شجعهم فانغ يون، وبعد أن ألهب حماسهم بجرعة أخرى من التشجيع، تلاشى تجسيده وعاد ليكون ذلك السيد الذي يراقب من بعيد، مسترخيًا في راحة.
لقد عُثر على طريقة ممكنة لدمج العناصر الخمسة، وما تبقى كان بسيطًا، فقد آمن فانغ يون أنه لن يمر وقت طويل قبل أن يحدث تقدم جديد، وحينها سيحين الوقت ليتقن العناصر الخمسة حقًا، ويفتح بوابة داو السماء، ويخترق إلى عالم الخالد الذهبي!
عندما فكر فانغ يون في بلوغ عالم الخالد الذهبي، غمره الحماس والترقب! وضع يديه خلف ظهره ووقف على حافة كهفه، ناظرًا إلى البحر الشاسع في الأفق، كان منظره أثيريًا ومتعاليًا، كأنه خالد من عالم آخر، لكن في قلبه، كان ينظر باحتقار إلى ملايين العباقرة في عالم الخلود!
'لا يمكن أن يكون هناك عبقري آخر مثلي في هذا العالم، أليس كذلك؟ هيهي! حتى ذلك الجسد الطاغية المجنون عليه أن يتنحى جانبًا!'.
[دينغ، أيها المضيف اللعين، ألا تخجل من نفسك؟]
"اغرب عن وجهي!" سخر النظام فجأة، فشتمه فانغ يون.
إن دمج العناصر الخمسة وتحقيق طريقها الأعظم يبدو بسيطًا في القول، لكنه في الحقيقة ينطوي على الكثير من التعقيدات والصعوبات! فهو لا يتطلب إتقان طرق الداو الخمسة في آن واحد فحسب، بل يتطلب أيضًا أن تكون القوانين الخمسة متوازنة ومتسقة مع بعضها، وأن يكون تقدمها متزامنًا! كما يتطلب فهم مبادئ الين واليانغ، وهذا يشمل طريقي تاي يين وتاي يانغ الأعظمين.
فقط شخص مثل فانغ يون، بوجود جيش من المستنسَخين الذين يعملون بجد، بينما هو لا يهتم إلا بجني ثمار النصر، 'عبقري لا يصدق' هو الوحيد القادر على تلبية كل هذه 'الشروط المستحيلة' في وقت واحد!
وفي غمضة عين، مر نصف شهر آخر. وذات يوم، بينما كان فانغ يون يمتطي حصانه، دوى في ذهنه فجأة صوت غاب عنه طويلًا.
المستنسَخ فانغ يون