الفصل الخامس والتسعون: عبودية التعدين

____________________________________________

تملّكت فانغ يون حماسة عارمة حين بلغه الخبر، حتى إنه ظنّ للحظة أن أذنيه قد خدعتاه، فتمتم وقد ارتجفت شفتاه قليلًا: "ماذا قلت؟ أعد عليّ ما قلت..."

أجاب المستنسَخ بصوتٍ يفيضُ حيويةً: "يا سيدي، لقد قلتُ إنهم ألقوا القبض عليّ!" ثم أردف بنبرةٍ لا تخلو من دهشةٍ وغبطة: "بل إنهم سخّروني للعمل في التعدين! ألا ترى يا سيدي أن في فعلتهم هذه استفزازًا لنا؟"

دوى صوت ضحكات فانغ يون والمستنسَخ معًا في آنٍ واحد، وكأنهما صدى لبعضهما البعض. قال فانغ يون وهو يغالب ضحكته: "أجل، هو استفزازٌ حقًا، ولكن كيف وقعت في قبضتهم؟" فقد أثارت القصة فضوله، وهل يحتاج التعدين إلى خالدٍ من المستوى التاسع؟ أليس الخالد في هذا المستوى قادرًا على اقتلاع الجبال ونقلها من مكانها؟!

فوق ذلك، إن مستنسَخه الذي بلغ هذا المستوى من القوة، يمكنه أن يسير في عالم الخلود دون أن يجرؤ أحد على اعتراض طريقه، ما لم يصطدم بخالدٍ حقيقي يمتلك كنزًا سماويًا. فكيف أُلقي القبض عليه وأُرسل للتعدين؟ هل بلغ عالم الخلود هذه الدرجة من الجبروت؟!

كان المستنسَخ يحاول ترتيب كلماته ليقصّ ما حدث، لكن فانغ يون لم يطق صبرًا، فآثر أن يستولي على ذاكرته مباشرةً ليرى الحقيقة بعينيه. وما إن فعل حتى علت وجهه سحابة من الدهشة الخفيفة وهو يقول: "يا لك من فتى مشاكس، لقد ابتعدت كثيرًا حقًا..."

لقد قطع المستنسَخ مسافة عشرات الملايين من الأميال، ووجد نفسه في منطقة نفوذ طائفة تدعى "طائفة شين تشو الخالدة". وهي طائفة اشتهرت بصقل الأسلحة وتكريرها، وتفوق قوتها قوة طائفة يون فان الخالدة بمراحل، إذ يحكمها ملك خالد بنفسه.

أما سبب وقوع المستنسَخ في الأسر، فيعود إلى أنه سمع قبل أيام بأن أحد شيوخ طائفة شين تشو الخالدة يبحث عن تلاميذ، فانطلق بلهفة لاغتنام الفرصة. دار في خلده آنذاك: 'لو أصبحت تلميذًا لسيدٍ بارع في صقل الأسلحة، وتعلمت هذا الفن، ألن أمتاز على سائر إخوتي المستنسَخين؟ ألن أحظى برضا سيدي وعنايته؟!'

ولكن ما حدث كان عكس ما تمنى، فقد أُبلغ هو ومن معه من الساعين إلى التلمذة بأنهم قد اجتازوا الاختبار دون أن يلمحوا الشيخ حتى، ليصبحوا بذلك تلاميذ شرفيين له. ثم أُرسلوا جميعًا إلى منجمٍ تابعٍ للطائفة الخالدة بحجة صقل مهاراتهم، وهناك اكتشفوا الحقيقة المرة.

لقد وجدوا في المنجم عشرات الآلاف من عمال المناجم من الخالدين الافتراضيين في المستويين الثامن والتاسع، وكانوا جميعًا تلاميذ شرفيين لشيوخ الطائفة. عندئذٍ، أدرك المتدربون المنفردون الجدد حقيقة الفخ الذي وقعوا فيه، مهما بلغت بهم السذاجة.

تعالت صيحات بعضهم معلنين انسحابهم، ورفضهم لقب التلميذ الشرفي، ولكن هل الدخول في طائفة خالدة أمر يمكن التراجع عنه بمجرد الرغبة؟ يا للسخرية! فكل من يجرؤ على الانسحاب يُعامل معاملة الخائن. وكان المنجم يخضع لحراسة ثلاثة من الخالدين الحقيقيين الذين أخمدوا التمرد بضغطهم الساحق، فخضع الجميع على الفور.

رأى فانغ يون في صور الذاكرة خالدًا حقيقيًا تنبعث منه هالة من القوة المرعبة، وقد رمق مجموعة التلاميذ الجدد، ومن بينهم المستنسَخ، بنظرات حادة، ثم قال بابتسامة وديعة زائفة: "طائفتنا، طائفة شين تشو الخالدة، لا تجبر أحدًا على شيء قط! ولكننا في المقابل لن نسمح لأحد بتشويه سمعتها. لقد انضممتم جميعًا بمحض إرادتكم، والآن تريدون الرحيل؟ هه!"

وبينما كان يتحدث، انطلق من يده تنين ملتهب، ناشرًا موجات من الحرارة الحارقة وضغطًا مرعبًا اجتاح المكان. ثم صاح بصوتٍ عالٍ: "من الذي قال إنه يريد الانسحاب قبل قليل؟ ليتقدم وأرني وجهه! لا تخافوا، فطائفتنا منصفة، ولا تظلم الضعفاء أبدًا!"

جالت عيناه الحادتان بين "التلاميذ الشرفيين"، وبدا التنين الملتهب في يده وكأنه يمتلك روحًا، فطاف رأسه بينهم واحدًا تلو الآخر. أمام هذه القوة المرعبة، لم يملك أولئك المتدربون المنفردون المخدوعون إلا أن يحنوا رؤوسهم في صمتٍ وذل.

بعد أن استوعب فانغ يون ذاكرة المستنسَخ بأكملها، شعر وكأنه عاش التجربة بنفسه، ولكنه لم يستطع إلا أن يشعر بالذهول. تمتم وقد ارتسمت على وجهه نظرة غريبة: "يا لهؤلاء..." لقد ذكّرته أساليب طائفة شين تشو الخالدة ببعض الممارسات التجارية التي عرفها في حياته السابقة.

ولكنه سرعان ما استعاد هدوءه بعد تفكير وجيز، فما العجب في ذلك؟ إنها حيلة قد تخطر ببال أي إنسان فانٍ، وما دامت الكائنات الخالدة لا تبالي بسمعتها أو كبريائها، فإن تنفيذ مثل هذه المخططات يصبح أمرًا في غاية السهولة.

أما السبب الذي دفع طائفة شين تشو الخالدة إلى خداع هذا العدد الهائل من "التلاميذ الشرفيين"، فلم يكن تعدين بلورات الخلود، بل نوع من خامات الصقل النادرة يدعى "حديد شوان جين الإلهي".

يتميز هذا الحديد الإلهي بقدرته على تحسين جودة الأدوات الخالدة بشكل كبير عند إضافته أثناء عملية الصقل، كما أنه يُعد أحد المكونات الرئيسية التي لا غنى عنها في صناعة كنوز الخلود، مما يجعله مادة ثمينة شائعة الاستخدام في عالم الصناعة الروحية.

غير أن عروق الخام التي يوجد فيها حديد شوان جين الإلهي تتسم بصلابةٍ فائقة، فلا يمكن استخراجها إلا على أيدي متدربين في المراحل المتقدمة من عالم الخلود الافتراضي. لهذا السبب، تحتاج طائفة مثل طائفة شين تشو الخالدة، التي تستهلك كميات هائلة من هذا الخام، إلى أعداد كبيرة من هؤلاء المتدربين الأقوياء للحفاظ على إمداداتها وتلبية احتياجاتها.

همس فانغ يون لنفسه: "حديد شوان جين الإلهي..." ثم أخرج قطعة منه من فضاء المستنسَخ. كانت قطعة معدنية تشع ببريقٍ أرجواني ذهبي خافت، وثقيلة جدًا في اليد، إذ بلغ وزن القطعة التي لا يتجاوز حجمها قبضة اليد أكثر من ألف رطل.

قطّب فانغ يون حاجبيه وهو يتأملها، ثم قال: "أذكر أني رأيتها في أطلس الكنوز الخاص بعالم الخلود، ولكنه لم يحدد قيمتها بدقة..." لم يكن يهمه نوع المنجم، فكل ما يغنمه يعد مكسبًا، ولكن ما كان يشغل باله حقًا هو قيمة هذا الخام، وكم تساوي قطعة منه ببلورات الخلود.

في اللحظة التالية، تحركت أفكار فانغ يون، فأخرج فانغ يو رقم واحد تعويذة اتصال. وما هي إلا لحظات حتى هرع شو تشيان إلى قصر فانغ يو رقم واحد، محملًا بهدية ثمينة.

قال شو تشيان بنبرةٍ امتزج فيها الحماس بالأسى: "يا سيدي، لقد تذكرت شياو شو أخيرًا!" لقد كان يشعر بالظلم، فكم كان السيد يو كريمًا معه في الماضي، يغدق عليه مئات الملايين من بلورات الخلود شهريًا، مما جعل حياته المهنية تزدهر، غير أن السيد يو لم يطلب منه شيئًا طوال الشهر الماضي، مما أصابه بقلق شديد.

لقد توقف عميله الأكبر والأوحد عن التعامل معه، حتى إنه لم يعد يجرؤ على التصرف بتلك الغطرسة التي اعتادها في غرفة تجارة وان باو. بل سرت شائعات بأن أداءه قد تراجع، وأن قوة تدريبه المتواضعة لن تسمح له بالبقاء في منصبه طويلًا. لهذا السبب، لاحظ أن بعض موظفيه قد بدأوا يقللون من احترامه.

زاد الطين بلة أنه كان قد أقرض ابن عمه الأحمق من طائفة يون فان الخالدة عشرات الملايين من بلورات الخلود منخفضة الجودة، وذهبت كلها أدراج الرياح! ما إن تذكر ذلك حتى صرخ بحرقة وارتمى على فخذ فانغ يو رقم واحد.

"اغرب عن وجهي." قال فانغ يو رقم واحد وهو يرفسه بقدمه، فطرح شو تشيان، الذي كان في المستوى الرابع من عالم الفراغ الخالد، على بعد ثلاثة أمتار. لم يغضب شو تشيان، بل شعر بسعادة غامرة، فهذا السيد لا يزال باردًا كعادته، وهذا يعني أنه لا يزال سخيًا كما كان!

تدحرج شو تشيان على الأرض ليعود إلى جانب فانغ يو رقم واحد، ثم سأله بوجهٍ متملق وعينين تلمعان ترقبًا وحماسًا: "سيدي، ما الأمر الذي استدعيتني من أجله هذه المرة؟"

"كم تبلغ قيمة هذا الشيء؟" لم يضيع فانغ يو رقم واحد وقته في الكلام، وألقى أمامه قطعة حديد شوان جين الإلهي. التقطها شو تشيان وتعرف عليها في الحال.

"حديد شوان جين الإلهي!" فمن يعمل في هذا المجال، قد لا يحتاج إلى قوة تدريب عالية، ولكنه لا بد أن يمتلك بصيرة نافذة ومعرفة واسعة.

أجاب شو تشيان على الفور: "يا سيدي، هذا الخام عملة صعبة في عالم صقل الأسلحة! إذا بيعت هذه القطعة لغرفة التجارة، فإنها تساوي ألف بلورة خلود منخفضة الجودة."

ثم أضاف بثقة وهو يستعرض قوة غرفة تجارة وان باو: "ولكن إذا بيع بكميات كبيرة، فإن السعر ينخفض عادةً، لكن اطمئن يا سيدي، فغرفة تجارتنا منتشرة في مختلف بقاع عالم الخلود، فلا داعي للقلق بشأن ذلك. أنت ضيفنا المميز، وأنا أضمن لك أننا سنشتري أي كمية تبيعها بهذا السعر!"

لم يستطع فانغ يون إلا أن يحدق في شو تشيان بعمق. في هذه الأثناء، سأل شو تشيان وعيناه تبرقان بلهفة: "سيدي، ما هي الكمية التي بحوزتك؟!"

2025/11/01 · 258 مشاهدة · 1279 كلمة
ZEUS
نادي الروايات - 2025