الفصل 1 : روماف

في يوم ممطر ، حيث لا مكان للهرب من هذا الرصاص المتساقط سوى البيوت الحصينة ، يمشي فتى صغير ، بملابس متمزقة في أروقة الشوارع ، بغطاء متردي ..

( أليس هناك ملجأ لي من هذا المطر الشديد .. )

( أين سأعيش من الآن فصاعدا .. )

فجأة وبدون سابق إنذار رجل يجري تحت المطر ويغطي رأسه بمعطفه ويأخذ بيد الفتى الصغير ..

" م .. من أنت ؟!! ماذا تريد !! "

يسأل الفتى بتوتر وخوف ..

" تعال يا بني يبدو أنك تائه احتمي عندي حتى ينتهي المطر "

يرد عليه الرجل ..

لكنه يرفض الانصياع ويحاول الهرب ولكن يحمله الرجل ويجري به ، ومازال الفتى يحاول الإفلات ..

( هاه؟ من هذا الرجل ؟ لماذا يمسك يدي ويأخذني ؟ هل يشفق علي ؟ أم يريد قتلي ؟ ما الذي يفكر به ؟!! )

" اتركني ابتعد عني لا أريد مساعدة أحد "

يصرخ الفتى محاولا أن يبتعد عنه ..

يصل الرجل والفتى إلى بيته ويدخلان

" أكيوشي أين كنت ؟ لقد تأخرت وتفاجأنا بهطول المطر فقلقنا عليك "

تتحدث زوجته وهي قلقة ، تنظر إليه بتمعن فتجده يحمل فتى صغير

" من هذا الفتى يا أكيوشي ؟! "

تسأله وهي مستغربة ..

" آه هذا الفتى وجدته بلا مأوى في المطر فلم أستطع تركه ، سيكون معنا حتى نعلم أين هي عائلته "

( ماذا ؟ هل هذا فقط ما تريده ؟ أن تأويني ؟!! أحقا مازال هناك أحد من هذا النوع ؟ ألا يخافون أن أسرقهم ؟!! )

" هيا يا بني اذهب مع زوجتي لكي تعطيك بعض الملابس لتجلس بها ، فملابسك هذه قد أصبحت غير صالحة لارتدائها "

" فلتعطيني يدك يا بني كي آخذك للغرفة كي تغير ملابسك .. "

بنظرات حنين ورقة على وجهها ، يذهب معها الفتى دون تردد أو خوف ..

( من هؤلاء الأشخاص اللطيفون ؟ لم أكن أتوقع أني سأجد يوما أشخاص سيعتنون بي بعد ما فقدت عائلتي )

بعد دقائق ينزل الفتى مع أكينا زوجة أكيوشي وقد ارتدى ملابس أخرى ..

" أمي .. أبي .. حان وقت العشاء "

تنادي ابنتهم عليهما بعد أن انتهيت من تحضير السفرة

يجلس أكيوشي وزوجته ويتحدث للفتى ..

" اجلس يا بني بجانب ابنتي لكي تأكل معنا "

بوجه بدون أية تعابير سوى الإرهاق يطيع أمر أكيوشي ويجلس بجانب ابنته ، فتستغرب من وجود الفتى ..

" أبي من هذا الفتى ؟ ومن أين أتى ؟ "

" لا نعلم بعد يا ابنتي ولكن يبدو أنه تائه منذ فترة طويلة ، سنأكل ثم سنسأله على كل شيء "

( هاه .. عائلتي .. نعم .. كانوا بهذا اللطف .. كان يسود نفس هذه الروح الجميلة .. ولكن .. )

يأكلون والفتاة تنظر إليه وتشعر بالفضول تجاهه ..

بعد انتهاء العشاء يجلس الجميع في غرفة المعيشة ويبدؤون بسؤال الفتى عما يفكرون فيه ..

" أخبرني يا بني ، من أين أتيت وأين عائلتك "

يسأله أكيوشي منتظرا إجابة من الفتى

" حسنا .. لا أعلم شيء سوى أني من هذه المملكة .. أما أين عائلتي .. فعائلتي قد ذهبت بعيدا جدا فلا أستطيع الوصول لها "

يتساءل الجميع عما يقصده الفتى من حديثه ..

" ماذا تقصد أنهم بعيدون جدا .. هل يمكن أنهم قد ... ماتوا ؟!! "

تتساءل أكينا وهي مذهولة ..

" لا أريد حتى التفكير بالأمر .. ههه يبدو أن الأمر صدمني لدرجة عدم البكاء عليهم حتى وقتنا هذا .. "

يقولها الفتى بيأس وحزن ..

" اسمع يا بني .. لا أريد الضغط عليك .. لكن أن تحكي ما هو مؤلم أمر جيد .. فقد يكون سردك لهذا الأمر ينهي محنتك الداخلية هذه وتخرج الدموع التي لم تخرج .. ثق بي وأخبرني يا عزيزي .. "

يقولها بوجه لطيف مبتسم ابتسامة هادئة تعطي شعور الأبوة ..

( إنه يذكرني بأبي .. عندما نت أحزن يأتي إلي ويخبرني هذه الكلمات وهو يبتسم مثل تلك الابتسامة الحنونة .. أعتقد أنني سأزيل كل الحواجز .. وأطلق العنان للساني للتعبير عما بداخلي .. )

يتحدث الفتى لنفسه معلنا وضع الثقة فيهم ..

" هممم .. حسنا نعم لقد ماتوا .. ماتوا من دون وجه حق .. فقط لأننا مررنا بجانب طريق الجيش وهو عائد .. فلم يجدوا سوى قائدهم يخبرهم أن يقتلونا ومن يعارض سيحاكم عسكريا ويعدم .. فلم يجدوا سوى أن يستجيبوا ولكن من كان سيقتلني خاطر وقرر أن يقوم بسحر بصري لخداع قائده ليظهر أمامه كأنه قتلني .. وبعدها هرّبني من ذلك المكان وجلس يعتذر لي ويقول أن لهم عائلة أيضا وكان يجب أن يطيعوا الأوامر .. لم أكن منصتا إليه فكان كل همي وذهني منصبا على تذكر مشهد عائلتي تترجاه ألا يقتلهم أو أن يعفوا عنا نحن الصغار لكن لم أجد سوى عائلتي تقتل أمامي دون أدنى رحمة .. كم هذا مؤسف .. حتى أني من الصدمة لم أستطع البكاء "

ينصدم الجميع بقصته .. يتأثرون كثيرا لدرجة أن الفتاة ووالدتها ادمعوا أن فتى صغيرا كهذا يمر بهذا الحدث المؤلم ..

" حسنا وكيف أتيت لهذه المدينة وحدك؟ "

يسأل أكيوشي الفتى ..

" سألني الجندي عن وجهتنا فأشرت له بالاتجاه فقال لي أن هناك بلدة في هذا الطريق .. وجعلني أمشي في الغابة كي لا يراني قائدهم .. حتى وصلت لهنا .. حسنا كان الأمر متعبا ومن الجيد أنه أعطاني طعام ومياه يكفي حتى وصولي لهنا .. "

بنظرات ليس فيها حياة .. يتحدث هذا الفتى ..

" حسنا ستعيش معنا من الآن يا بني وستكون فردا من العائلة "

يقرر أكيوشي هذا بعد سماعه لما حل بهذا الفتى ..

" حسنا أيها الفتى اسمي أسوكا تشرفت بمعرفتك "

تتحدث فجأة أسوكا ..

" ما اسمك يا بني وما الذي تطمح إليه بعد هذا "

يسأل أكيوشي الفتى ..

فجأة تلمع عينا الفتى وتسقط الدموع دون سابق إنذار .. ويبدأ بالبكاء ..

" ماذا هناك يا بني ماذا حل بك إن كان السؤال صعبا عليك فلا مشكلة ألا تجاوب عليه "

تتحدث أكينا قلقة ..

" لا لا ليست هناك مشكلة فقط هذه هي الدموع التي كان يجب أن تتساقط وقت مشاهدتي لعائلتي يتم قتلها أمامي "

يتحدث الفتى وهو يحاول الصمود وايقاف البكاء ..

" أنا اسمي روماف وكنت أهدف إلى التقديم لمدرسة السحر لأكون ضمن الجيش ولكن الآن أصبح هدفي أكبر بعدما حدث لأسرتي وبعد رؤيتكم .. أريد أن أعتلي في المناصب حتى أغير هذا العالم للأفضل مهما كانت الوسائل .. "

يقولها روماف بوجه غاضب جاهلا بما سيواجهه في المستقبل لتحقيق أحلامه ..

يتبع ...

2017/11/23 · 389 مشاهدة · 1027 كلمة
Sakata_Gintoki
نادي الروايات - 2024