كان العنوان غريبًا لم أسمع به من قبل. هل هذه رواية؟
"ما الذي تتجسسين عليه؟"
انتفضتُ مذعورةً من نظرة العينين الزرقاوين الباردتين التي رأيتها من خلف زجاج النظارة.
كان الأستاذ، الذي أفسد مزاجه خبر قلة الكتب الجديدة، قد وجه انتباهه إليّ فجأة.
"لا، ليس هذا... كنتُ فقط أتساءل عن نوع الكتب التي تشتريها وتقرؤها من المكتبة يا أستاذ."
"هذا؟ روايات رومانسية."
"رومانسية؟"
"الحياة قاسية، فلابد من قراءة شيء كهذا على الأقل."
ارتجفت عيناي يمنةً ويسرةً وهو يجيب متنهدًا بضيق.
"... رجل، تنين، أستاذ، وتقرأ روايات رومانسية؟"
رجل، تنين، أستاذ.
وعمرُه يناهز المئتي عام.
أن تكون هوايته السرية (?) قراءة الروايات الرومانسية! شعرتُ كأنني اكتشفتُ ما لا ينبغي معرفته.
"هل يجوز أن تخبرني بمثل هذه... الهوايات؟"
"وما المشكلة؟"
"ألا تشعر بالحرج؟"
"ولمَ أشعر بالحرج؟ أنا فقط أراقب من بعيد، كمتفرج، كيف ينسج هؤلاء البشر المبدعون، المسمون بالكتاب، قصصًا عن رجل وامرأة يقعان في الحب بنفس الأطر على مدى مئتي عام."
قال ذلك بطريقة جعلتني أشعر وكأنه يقرأ الروايات الرومانسية من منظور تاريخي وعابر للأزمان...
"إن أردتِ الدخول إلى هذا العالم، يمكنني أن أرشدكِ إلى بعض الأعمال الجيدة."
"لا، شكرًا... أنا بخير."
"لمَ لا؟ إن كنتِ تبحثين عن شيء معين، أخبريني فقط. لديّ بيانات متراكمة على مدى مئتي عام، من الأعمال الكلاسيكية إلى الكتاب الجدد، يمكنني أن أوصي لكِ بكل شيء."
فهل هكذا يستخدم ذاكرته اللامعة؟
تدخّل صاحب المكتبة قائلًا:
"بالنسبة لفتاة مثلكِ، الروايات الرومانسية جيدة لتسلية العقل بين حين وآخر أثناء العمل. صحيح أن الأستاذ هو الوحيد الذي يشتري مثل هذه الكتب من مكتبتنا، لكن إن أثار ذلك اهتمامكِ، تعالي إلينا. سأحرص على توفير مجموعة متنوعة."
"هاها، حسنًا... سأفعل."
أومأتُ برأسي على مضض، ثم تسللتُ جانبًا بهدوء لأتفقد كتبًا مرجعية أخرى في المكتبة.
في تلك الأثناء، كان صاحب المكتبة والأستاذ منغمسين في نقاش حامٍ حول الروايات الرومانسية، وكان مضمونه تقريبًا كالتالي:
"أقول لك، الموضة الرومانسية الآن هي الرجل الأصغر سنًا القوي المهووس!"
"أنا لا أحب هؤلاء الصغار الذين يتكلمون بوقاحة. إنهم بلا أدب!"
"لكن هذا هو الجزء المثير! أنت حقًا لا تفهم شيئًا، أستاذ. ثم إن الجميع بالنسبة لك أصغر سنًا..."
***
كنتُ أتجول في الساحة بحثًا عن ذكرياتي المفقودة، لكن النتيجة كانت أنني اكتشفتُ هواية الأستاذ السرية التي كنتُ أفضل لو لم أعرفها.
هل يمكنني، ربما، محو هذا من ذهني؟ كمساعدة أكاديمية، لا أريد إهدار مساحة في دماغي على هوايات الأستاذ الشخصية.
بينما كنتُ جالسة على حافة نافورة الساحة، أحدق في الفراغ بشرود، ظهر الأستاذ فجأة ومدّ لي شيئًا بغتة.
"آه! طماطم! طماطم مرة أخرى!"
"ماذا؟"
رفعتُ يديّ تلقائيًا في وضعية دفاعية.
فنظر إليّ الأستاذ بنظرة ازدراء، كأنني مخلوق تافه.
"لا تصرخي كالتنين، خذيها. ليست طماطم، إنها فراولة."
"ماذا؟ فراولة؟"
كان ما قدمه لي آيس كريم فراولة وردي اللون.
آه، فراولة. هاها. هاهاها. إنها فراولة!
تناولتُ الآيس كريم بحذر وسألت:
"... هل كنتُ أحب الفراولة أيضًا؟"
"كنتِ كذلك."
"لأنها حمراء؟"
"بالضبط."
"يبدو أنني كنتُ إنسانة بسيطة جدًا..."
"لا يمكنني إنكار ذلك، لاشا."
لاشا. تذوقتُ الآيس كريم بحذر، فكان طعمه منعشًا بنكهة الفراولة.
"وجبة وآيس كريم... شكرًا لعنايتك يا معلمي."
"حسنًا."
أحنيتُ رأسي تحيةً، فضحك الأستاذ برفع زاوية فمه بشكل ملتوٍ.
بين شفتيه الرفيعتين، بدت أنيابه الحادة، وفي عينيه الزرقاوين لمع بريق غامض.
على الرغم من مظهره البشري الاعتيادي، كان هناك شيء ينم عن دم التنين الذي يجري في عروقه.
لم أكن متأكدة إن كان عليّ أن أرد على ابتسامته بابتسامة، فشعرت بالحيرة.
بينما كنتُ أحرك شفتيّ بحماقة، قال:
"كُلي كثيرًا من الآن فصاعدًا، لاشا. هكذا ستتمكنين من مواصلة التدريب الواعي. السحر يعتمد على الزخم، والزخم يأتي من الطعام."
إذن، اشترى لي الآيس كريم لأتدرب جيدًا؟
حقًا، إنه ليس إنسانًا شيطانيًا، بل تنين.
كنتُ أنوي العودة إلى السكن بعد أخذ الآيس كريم، لكن الأستاذ جلس على حافة النافورة بجانبي.
توقفتُ عن لعق الآيس كريم ونظرتُ إليه بوضعية محرجة.
"الطلاب لا يعرفون بعد أنكِ فقدتِ ذاكرتكِ. غدًا ستصدر مذكرة رسمية، فتحملي حتى ذلك الحين."
"حسنًا."
"هل هناك أي إزعاج آخر؟"
آه، ما هذا؟ هل يهتم بي حقًا؟
بالتأكيد، لم يكن العودة إلى العمل بعد فقدان الذاكرة أمرًا سهلاً.
الناس الذين يحيونني بحرارة، وأولئك الذين يتوجسون مني، كلهم بالنسبة لي غرباء.
صحيح أن الدين هو السبب، لكن ألم يكن هناك سبب آخر لإعادتي إلى الأكاديمية مباشرة؟
تذوقتُ الآيس كريم الذائب وقلتُ بصعوبة:
"في الحقيقة، لديّ قلق."
"تحدثي."
"أعتقد أنني لم أكن مساعدة ودودة مع الطلاب. يبدو أنهم يخافونني كثيرًا..."
"كيف يخافونكِ؟"
"كلما حاولتُ فعل شيء، يرتجفون. وإذا حاولتُ معاملتهم بلطف، يرتجفون أكثر. لا أحد يتحدث إليّ، وهذا مريح نوعًا ما، لكن إن استمر الوضع هكذا، ألن يكون ذلك مشكلة؟"
نظر إليّ الأستاذ بعينين جديتين.
كان مزعجًا عندما ألقى الطماطم، لكنه الآن يستمع إلى قلقي بصدق.
"لاشا، هل تريدين أن تصبحي صديقة للأطفال؟"
"نعم..."
أجبتُ مترددة بعد تفكير.
"أعتقد أنني لا أكره الأطفال."
"عدم كرههم، هل يعني أنكِ تحبينهم؟"
"... يبدو كذلك."
لا أعرف لماذا كنتُ قاسية مع الطلاب قبل أن أفقد ذاكرتي.
لكن كلما رأيتُ الطلاب يتجولون في المدرسة، أردتُ مساعدتهم والاقتراب منهم.
فقدتُ ذاكرتي، لكن شخصيتي لم تتغير.
هذا يعني أنني، حتى قبل فقدان ذاكرتي، كنتُ أحب الأطفال.
'ما القصة إذن؟'
لماذا كنتُ أتعمد إظهار القسوة وأتصرف كمساعدة باردة مع الطلاب؟
يبدو أنني كنتُ طبيعية مع حراس الأمن وزملائي المساعدين، لكنني كنتُ حادة فقط مع الأطفال.
بينما كنتُ غارقة في التفكير، شعرتُ بعيني الأستاذ الزرقاوين تنظران إليّ بهدوء.
ابتسمتُ له دون وعي.
ما هذا؟ أستاذ يلقي الطماطم على مساعدته بقوة، لكنه في الحقيقة شخص دافئ القلب؟
بدا وكأنه يفكر بعمق، ثم تحركت شفتاه.
"حسنًا، إذن، قلقكِ يا لاشا هو..."
"نعم."
"أنكِ تشعرين وكأنكِ تجسدتِ في شخصية شريرة، أليس كذلك؟"
"... ماذا؟ شريرة؟"
"كأنكِ استيقظتِ ذات يوم لتجدي نفسكِ في جسد امرأة تُعرف بالشريرة، وكل من يراكِ يرتجف خوفًا، أليس هذا شعوركِ؟"
"آه..."
نظرتُ إلى كومة الروايات الرومانسية المكدسة بجانبه وسألتُ بهدوء:
"هل استمعتَ إلى قلقي جيدًا؟"
"بالطبع، فهمتُ جيدًا، لاشا."
"لا... يبدو أنكَ لم تفهم. أنتَ بالتأكيد لم تفهم."
كنتُ حمقاء لأنني ظننتُ أنه يستمع إلى قلقي بجدية.
نظرتُ إليه بعينين باردتين وهو يتحدث عن "تجسد الشريرة"، ثم نهضتُ من مكاني.
في طريق العودة إلى الأكاديمية، تبعني الأستاذ وهو يثرثر بلا توقف.
"إذن، تشعرين وكأنكِ استيقظتِ في جسد شخص سيئ، أليس كذلك؟"
"شيء من هذا القبيل... لكن، ألا تعتقد أن عليكَ التوقف عن قراءة هذه الروايات؟ وعندما يطلب أحدهم استشارتكَ، استمع بجدية!"
"عندما تتجسدين في شخصية شريرة، قد تبدو السمعة السيئة عائقًا، لكنكِ ستدركين قريبًا أنها ليست كذلك. الشخصية التي تُعرف بالسوء، إذا أظهرتْ قليلاً من اللطف، سيذوب الجميع حولها."
"حقًا، كلامكَ لا يُفهم..."
صعدتُ الجبل مذهولة، بينما استمر هو في مضايقتي قائلاً إنني مثل شريرة متجسدة.
أردتُ الهروب إلى السكن لأتخلص من هذا التيار الرومانسي، لكن هذه الأكاديمية اللعينة بنيت على قمة جبل، فكان عليّ التسلق طويلاً.
بينما كنتُ ألهث، تبعني الأستاذ بوجه مبتهج.
"لاشا، استخدمي سحر تعزيز القدرة البدنية. أو جربي الانتقال الآني."
"لا أستطيع! كل ما أستطيعه هو تفجير الطماطم!"
"هاه، يا للعقل الغبي..."
هَمْتُ بازدراء ونظرتُ إلى مبنى الأكاديمية الذهبي البعيد على قمة الجبل.
يبدو أنهم يملكون المال، فلماذا بنوا المدرسة في مكان قاحل كهذا؟ هل لأنها حكومية؟
كانت هناك بقعة طينية زلقة بسبب المطر الصباحي. بينما كنتُ أخطو بحذر، قال الأستاذ من خلفي:
"كل هذا عن الشريرة وما إلى ذلك كان مزاحًا، لاشا."
"نعم."
"قد تشعرين بالارتباك لأن كل شيء حولكِ أصبح غريبًا فجأة، لكن لا تقلقي. غدًا ستصدر المذكرة، وسيحترمكِ الطلاب والأساتذة الآخرون."
هل هذه استشارة حقيقية الآن؟
شعرتُ بالحرج فجأة، فنظرتُ إلى الطين الزلق وخطوتُ.
"لكن، أستاذ... أقصد معلمي، لستُ أقول هذا لأنني لا أريد العمل. لقد فكرتُ مليًا، لكن ألا تعتقد أن من الأفضل لي أن أرتاح لفترة طويلة بدلاً من أن يعاملني طلاب الأكاديمية والأساتذة المساعدون بعناية؟"
طرحتُ السؤال الذي كان يشغلني.
"لو بقيتُ في السكن فقط، لما اضطررتُ لإخبار أحد بأنني فقدتُ ذاكرتي... طلب الرعاية باستمرار يجعلني أشعر بالذنب..."
"هذا غير ممكن."
"ماذا؟ لماذا؟"
في دهشة، التفتُ إلى الخلف على الفور.
لم أشعر بوجوده، لكنه كان أمام أنفي مباشرة.
دقّ قلبي بسرعة.
شممتُ رائحة عطره، وشعرتُ بقلبي ينبض أسرع.
مثلما حدث عندما أكلتُ الآيس كريم، كلما اقترب الأستاذ، كان جسدي يتفاعل هكذا.
ما هذا الشعور البيولوجي؟
سقط صوت ثقيل فوق رأسي.
"إخفاء أنكِ فقدتِ ذاكرتكِ قد يعرضكِ للخطر، لاشا."
"الخطر...؟"
ما الذي يعنيه بالخطر؟
هل أنا في خطر...؟
رفعتُ عينيّ قليلاً، فكان الأستاذ ينظر إليّ بوجه خالٍ من التعبير، وشفتاه مغلقتان بإحكام.
كانت تلك أكثر نظرة جدية رأيتها منذ أن فقدتُ ذاكرتي.
— ترجمة إسراء