بعد عودة فراي من الجزيرة المقدسة ، انصدم هذا الأخير برؤية نظيره الامير ، ايغون فاليريون حيا يرزق ."
"بعدما ظن أنه قتله و انتهى من امره ، فراي وجد أن ايغون سيبقى شوكة بحلقه لوقت أطول ، فالصراع بينهما كتب له أن يستمر ، و لا أحد قط يعلم بما سيؤول اليه ذلك الصراع "
بعدما حوصر و اصبح مجبرا على اتخاذ القرار ، فراي كان على وشك ارتكاب المحظور و قتل كل اولئك البشر في سبيل اسقاط الامير ، مظهرا استعداده التام للتضحية بهم اجمعين و تغدية مسار الدم بأرواحهم
كانت تلك لتكون نقطة اللاعودة ، لكن تدخل اوريل بالدقيقة الاخيرة حال دون ذلك
.
معانقة اياه متمسكة به بسلاسلها ، اوريل طارت بعيدا بينما رافقهم سنو مبتعدين عن المكان الذي تواجد به ايفون و الآخرون
الامير تمكن من كسب معظم القوة الرئيسية
للامبراطورية بصفه ، و قلبهم ضد فراي فهذا الاخير لم يكن سوى وحش متعطش للدم بعيون الكثير منهم
وحش أكثر منه كبطل ، و الطريقة التي قاتل بها زادت من صحة هذا الاعتقاد
في النهاية ، تم انقاد فراي
ليس من اعدائه ، ولا من ايغون
بل من نفسه
تم انقاده و اعفاءه من اتخاذ ذلك القرار المظلم ، و كل الفضل يعود لاصدقائه
مرتميا بصدر اوريل ، حدق فراي بوجهها لبعض الوقت قبل أن يغمض اعينه بينما ارتسمت ابتسامة ساخرة
على وجهه.
لا داعي للتمسك بي بهذه الشدة ، فأنا لن اهرب لأي مكان " تحدث فراي بهدوء محاولا جعل اوريل تفك
وثاقه ، لكنها لم ترضخ له قط .
مستحيل .. لن اتركك حتى نبتعد بما فيه الكفاية "
و كم تبلغ هذه المسافة بالضبط ؟ " قال فراي ضاحكا .
بقدر ما يتطلبه الامر !!"
ردت اوريل بعصبية
..
كانت تطير رفقة فراي بالمقدمة ، بينما طاردهم سنو من الخلف حرصا منه أن لا يباغتهم أحد
هذا الاخير اصبح شديد القوة الآن بعدما فتح مساره ، وصد امثال مایکار و السير آلون اصبح ممكنا له . لهذا
تمكن فراي و اوريل من الابتعاد بسلاسة
.
بعدما ابتعدا كثيرا ، اصبح الجو القاتم من حول فراي اخف بكثير بعد كل نية القتل التي صبها بوجه ايغون
رغم ذلك ، التوتر لم بفارق اوريل حتى النهاية
يمكننا استعمال قدرة النقل الآني الخاصة بي فحسب بدل كل هذا الطيران العشوائي كما تعلمين ." قال فراي بينما هزت اوريل رأسها
قد تستعملها للعودة إلى هناك وبدء قتال ، لذلك لا ."
منطقك عجيب ، فلو اردت القتال حقا لما استطعت ايقافي من الأساس ، و أنت تعلمين ذلك " رد فراي بضحكة خفيفة ، بينما عبست اوریل
"لا أعلم ما يجب علي فعله يا فراي .. أنا حقا لا اعلم "
بينما طار كلاهما بهدوء ، افصحت اوريل عن افكارها الحقيقية.
"أنت حقا كنت تنوي على قتل كل اولئك الناس ، أنا متأكدة من ذلك .. فوجهك آنذاك كان نفسه الذي رأيتك تبرزه قبل ذبحك لأعداد مرعبة من الالتراس"
تلك النسخة منك .. انها تخيفني .."
مستمعا لها ، ضيق فراي اعنيه مستذكرا كل جبال الجثث التي شكلها بنفسه متبعا مسار الدم
..
"لطالما كنت شخصا يسير بالظلام ، منذ البداية كان السواد موجودا بك ، لكن بدرجات متفاوتة و حتى بوجود طبيعتك المظلمة كنت لا تزال فراي نفسه الذي اعرفه ، نفس الروح المكسروة التي تقاتل مرارا وتكرارا في سبيل النجاة متحملة كل انواع المعاناة "
مهما حدث و مهما اقترفت يداك ، أنت لم تتغير قط فلازلت الشخص نفسه ، و المناضل ذاته .. لكن هذه المرة ، لو فعلتها حقا هناك يا فراي فأنا شعرت بها لاول مرة .." بمراراة .. عكست اوريل ما رأته بتلك اللحظات القليل التي اوشك بها فراي على ارتكاب المحظور .
"شعرت أنني سأفقدك .. فلو فعلتها ، انت لم تكن لتظل الشخص ذاته بعد الآن ."
اختيارات الناس هي ما تحدد مصيرهم ، و الطريقة التي قد ينظر بها العالم اليهم
الفراي الذي كان مستعدا للتضحية بالكثير في سبيل اكتساب القوة ، لربما التضحية هذه المرة قد تجاوزت النطاق بكثير و كانت ستحوله لوحش من نوع آخر .
..
الوحش نفسه الذي حذرت قديسة الفجر ليورا منه مستمعا لكلمات اوريل ، فراي لم يبدو متفاجئا من طريقة تفكيرها هذه ، فهو توقع ردة فعل مماثلة منذ البداية.
لأكون صادقا ، لطالما وجدت فكرة الموت مريحة و مبهجة ."
..
بالتفكير بأن حياتي قد تنتهي بأي لحظة .. ذلك جلب معه شعورا بالحرية لطالما افتقدته ، حرية من كل ما عرضته هذه الحياة علي من اهوال و رعب .. لكن بما انني لم أمت أصبحت مجبرا على مجابهة هذه الاهوال و المرور من خلالها ."
لتحقيق شيء كهذا ، أنا بحاجة للتضحية بالكثير ... و من بين الاشياء الكثيرة التي ضحيت بها حتى الآن ، لم يتبقى لي سوى القليل و نفسي هي أحد تلك الاشياء القليلة "
بينما نزل الاثنان ببطء من السماء ، واضعين اقدامهم فوق سفح تل بعيد .. فراي ابتسم بوجه اوريل فاتحا قلبه لها .
كما ترين يا اوريل ، أنا لا أمانع .. لا أمانع التضحية
..
بنفسي أو خسارة بشريتي و الصورة التي تملكونها عني .. لا امانع مادمت احقق هدفي .. مادمت افوز بالنهاية ، فلا شيء آخر يهم ."
بسماع ذلك ، اوريل تذكرت جزءا من الرؤى التي راودتها بالماضي
رؤى المستقبل ظهر به فراي بشكل لم تتخيله قط ، صورة لوحش بارد سار فوق اعداد مرعبة من الجثث ،
صانعا طريقه النار و الدم
لعله فراي الماثل امامها الآن يعكس بذور ما سيقود لتلك
الصورة المظلمة التي خشيتها.
فلو واصل السير بهذا الطريق الذي اختاره لنفسه ، هو سيصل لذلك المستقبل عاجلا أم آجلا
و اي مستقبل هو ذاك ؟
.
فراي بدا قويا حقا بنسخته المستقبلية تلك ، لكن بأي ثمن ؟
هو أظهر استعدادا تاما لفعل كل ما يتطلبه الامر في سبيل اكتساب القوة ، إذا ماذا لو كان الثمن هو ارواح الذين من حوله ؟
حياتها هي ، أو سنو أو اي احد من المقربين منه
..
إذا كان هذا هو الثمن ، هل سيدفعه فراي يا ترى ؟ هل سيتردد ؟
فراي الحالي لم يبدو كشخص يتخذ مثل هذا القرار ، لكن إذا ما واصل الذبح و ازدادت قوة اعدائه .. فهي
مسألة وقت لا غير قبل أن يخسر آخر ما يمنعه من
الاقدام على ذلك .
ليصبح وحشا وحيدا بقوة جبارة .. لكن وحيد لا يملك
أحدا .
مثل هذا المستقبل .. انا لا اريده لك ." قالت اوريل ، بينما هز فراي رأسه
"إذا لا يجب أن تبقي بالقرب مني ، فأنا لست البطل الذي يجدر بك دعمه ."
متراجعا خطوة عنها ، حاول فراي وضع مسافة .. لكن اوریل امسكت بوجهه على الفور مانعة اياه من الانزلاق
بعيدا
..
ماحية المسافة بينهما ، لم يتوقع فراي قط أن اوريل ستسرق منه قبلة عميقة بوضعهم ذاك رامية بثقلها عليه
..
لم تكن هذه هي المرة الاولى التي يقبل بها فراي فتاةً ،
لكن شفتي اوريل قد كان لهما طعم مميز ، و بفعلتها هذه هي اوضحت له موقفها بدون حاجة للكلمات
بتلك اللحظات القليلة ، تذكرت اوريل ما حذرتها منه ليورا ، بعدما طلبت منها ان تبتعد عن فراي
لكن اوريل لم تنوي قط أن تلتزم بمثل هذا الطلب و التحذير ، فهي اختارت بالفعل من تريد السير بجانبه حاسمةً قرارها بعدما كانت تتردد طوال حياتها
.
مبتعدة ببطء ، انزلت اوريل رأسها مخفية وجهها المحمر بينما حدق بها فراي و المفاجأة لا تزال بادية عليه
..
".. اوريل"
"آسفة ، لكن هذا كل ما أستطيع تقديمه لك بحالتي هذه " قالت اوريل متحدثةً بسرعة
"قد لا اتمكن من ايقافك كما فعلت اليوم مستقبلا ، لكن على الاقل .. سأكون حاضرة لعل وجودي سيجعلك تتمسك بذاتك هذه و لو قليلا ، لا ازال افتقر للقوة
ليكون لي تأثير حقيقي بسلحة المعركة .. لكني سأبذل اضعاف الجهد لمحو الفارق بيننا و لو قليلا .. لذلك .."
"أرجو أن تسمح لي بمرافقتك .. حتى النهاية . "
مستمعا لما ارادت قوله ، فراي ادرك أن اوريل قد اتخذت قرارها ، معولة على البقاء بجانبه لتكون هي القديسة الخاصة به .
لكنه لم يستطع سوى أن يتساءل ما إذا كان هذا هو القرار الاصح الذي اتخذه ..
لكن و قبل أن يقول أي شيء ، نزل شخص ثالث فوق التل بينما غطاه ضوء ذهبي شديد النقاء .
مقتربا ، حدق بهما سنو لوهلة مستشعرا الجو الغريب الناشئ بينهما. "هل أقاطع شيئًا ما ؟"
سأل مرتبكا بينما هز كل من فراي و اوريل رؤوسهما بالنفي .
"جيد إذا ، نحن بأمان هنا فالسير آلون و مايكار لم يطاردونا طويلا .. لكن قد نتعرض للهجوم بأي لحظة "
قال سنو ، بينما نفي فراي . "لن يحدث ذلك على الارجح ، فهذه ليست طريقة ايغون."
هذا الاخير لا يتحرك بشكل عشوائي ، و هذا ما جعله خطيرا."
محدقا مرة أخيرة باوريل ، قرر فراي تعليق محادثتهما الأخيرة حاليا موجها انتباهه نحو سنو ..
نظرا لموقفه الحالي ، لم يكن لديه الكثير ليقوله لها بعد كل شيء .
سنو كان لا يزال بهيأة ملك الحرب التي اصبح يتقمصها معظم الوقت من أجل الاعتياد على مسار الضوء الجديد الذي اتبعه .
بعدما اضطروا للانسحاب و الهرب خوفا من أن يتفاقم الوضع ، وجد الثلاثة أنفسهم لوحدهم مجددا ..
فلم يتوقع أي منهم انه و بمجرد عودتهم أخيرا ، سيواجهون موقفا كذاك . و بين الامير و فراي ، كان حلفاء الاخير قلة ..
"لم اتوقع قط أن الامير سيخدعنا بهذه الطريقة ..
"قال سنو ، بعدما لم يستطع تجاوز ما حدث .
"فينيكس ذكر بأن الامير قد عاد منذ عدة أيام ، هذا يعني أن الذي التقينا به بالجزيرة المقدسة لم يكن سوى نسخة .."
هذا كان التفسير الوحيد .. لكن حتى هذا التفسير لم يبدو منطقيا . "حواسي تستطيع رصد حتى اولئك من الفئة SSS .. لكنني لم اشك قط بأن ذاك الماثل امامي لم يكن سوى نسخة .
" قال فراي ، متذكرا اللحظة التي قطع بها رأس ايغون .
"وقتها .. اعتقدت بصدق أنه كان الحقيقي " لكنه لم يكن. كلما فكر فراي بالامر ، كلما زاد الصداع برأسه .
"الطريقة الوحيدة ليحقق شيئًا كهذا هي احد الاثنين .. اما بواسطة قدرة كاسرة لحدود العالم لا تخضع للمنطق .. أو بأن يكون أقوى مني بكثير . "
و بكلتا الحالتين .. هذه الشروط لا يفترض أن تتوفر بايغون . لكن قد كان ذكيا و خبيثا ، و مليئا بالمفاجآت .. لكنه لم يكن يوما محاربا قويا بل حصل على معظم قوته بطرق خارجية . مدركا لكل ذلك ، بدأ ادراك مخيف يصيب فراي ، و بالمثل .. شك سنو هو الآخر بالامر ذاته .
"فراي .. هل من الممكن ..؟" بالمقابل ، أومأ فراي برأسه .
"لا أعلم أي مؤامرة هي هذه التي وجدنا انفسنا بها .. لكن ذلك قذر ليس بشري .. و لربما ليس بايغون من الأساس . "
كان هذا الشك يراود فراي لبعض الوقت .. خصوصا منذ أن استطاع ايغون بلوغ اسم فراي الحقيقي .
في البداية ظن أن كيانا من نوع ما يقف خلفه . لكن بعد الذي حدث مؤخرا ، تضاءلت صحة هذا الاحتمال ، و بالمقابل .. ارتفعت نسبة فرضية أخرى .. ذاك ليس بالامير البشري .. بل شيء آخر تماما .
بأوجه اظلمت تدريجيا ، بدأ كل من سنو و فراي يدركان حجم تداعيات ما توصلا إليه .
"إذا ما صح ذلك .. إذا معظم البشرية تتبع حاليا كيانا خارجيا لا علاقة له بها لا من قريب و لا من بعيد . "
"إذا ما صح ذلك ، فلأي غاية .."
"من بحق الجحيم .. يكون ايغون فاليريون . "
الإجابة كانت قريبة ، و كلما فهم فراي المزيد عن الامير كلما ادرك حجم الهاوية المظلمة و القدرة التي عكسها هذا الأخير ..
بدا و كأن الحرب المصيرية التي خاضوها حتى الآن قد تحولت لمسرحية .. مسرحية سوداء تلاعبت بمصير ملايين الارواح .. و خيوطها كلها قد سحبت من الظلال دون دراية من أحد .
فراي وجد نفسه عالقا بمنتصف تلك المسرحية ، و حجم ما كان قادرا على تغييره كان يقل كل يوم ..
فرغم استهلاكه لكل نقاط الانجاز على قدرة الرؤى المستقبلية ..
هو لم يرى سوى الهزيمة و الموت بالانتظار . و من أجل تغيير ذلك المصير المشؤوم ، وجب عليه التحرك على الفور .
"لنغادر " قال فراي بنبرة عميقة ، بينما سأله سنو "الى أين ؟"
"الى رفاقنا . "
متجمعين مع بعضهم البعض ، قرر فراي الانتقال آنيا للجبهة الرئيسية حيث جرت الحرب ضد الالتراس .
الإمبراطورية الآن ستشهد انقساما فيما بينها ، و بالكاد يمكن تسميتهما انقساما .. فمعظمها سيقف بجانب ايغون ، بينما قلة قد يقاتلون بجانب فراي .
هذا الأخير وجد نفسه محاصرا بالاعداء من جديد .. لذلك قرر القيام بما كان ينوي عليه من البداية فحسب .
القتال .. رمي نفسه بساحة المعركة ، و اتباع مسار الدم و اكتساب أكبر قدر من القوة ، في سبيل التعامل مع ايا كان ما سيقف بوجهه من الآن فصاعدا . المستوى كان يتصاعد ، و مواجهات اشد فتكا بكثير بالانتظار ..
...
بعيدا عن مكان تواجد فراي ، و بالجانب الآخر من العالم .. بين غابات أرض الكابوس الشرقية ، تخبط شخص معين بين الاشجار متمسكا بجذوعها بينما واصل الصبر بعيدا. هو بدا متعبا ، و مصابا .. لكن تعبيره كان لا يزال نفسه كما كان دوما . متوقفا للحظة ، هو حدق بجسده المصاب قبل أن يضحك بصوت مكتوم .
"لقد نالوا مني حقا هذه المرة .." شيطان الرتبة العاشرة .. زيبار قد وجد نفسه يخرج بهزيمة مدوية بعدما خاض معركة صعبة لوحده ضد مقاتلي طائفة الظلال .
في النهاية ، لم تنجو سوى نسخة واحدة تحمل 50% من قوته. على الرغم من أن النسخة التي خاضت المعركة لم تكن الجسد الاساسي ، و لم تملك سوى 80% من قوة الاصلي . إلا أن هذا لا يغير من حقيقة أن أحد شياطين الرتب العليا قد خسر المعركة .. "هذا مثير للشفقة ."
قال زيبار بنفس الضحكة الجافة ، قبل أن يتجمد مكانه بعدما سمع صوتا آخر عن قرب . "
نعم .. أنت مثير للشفقة حقا ، يا زيبار . " لقد كان صوتا حلوا و قذرا ، كما كان دوما . من الظلال ، خرج شيطان آخر . هذه المرة ، هو ظهر بهيأته الحقيقية ، ما جعل زيبار يضيق اعينه به . شيطان ملعون يقال أنه يشبه اغاروت كثيرا بايامه الأولى ..
شيطان بثلاثة اعين حمراء مرعبة ، و ابتسامة شقت وجهه من الاذن للاذن ..
"ويسكر .."
نطق زيبار باسم نظيره بينما وقف الاثنان وجها لوجه .
"لم اتوقع أنك ستخرج بنفسك بأي وقت قريب ."
قال زيبار ، بينما شعر بالضغط من الوقوف أمام ويسكر .
فالنسخة الحاضرة لم تحمل سوى نصف قوته ، و هذا القدر لم يكن كافيا قط ليقف أمام ويسكر . هذا الاخير بدا بنفس هيأته التي ظهر بها قبل 19 سنة ، و كأن ذلك لم يحدث سوى البارحة . "
انت لست بمخطئ ، فأنا لا اخطط للظهور بالعلن .. ليس بعد . "
"ما الذي تخطط له بالضبط هذه المرة ؟" سأل زيبار بفضول حقيقي ، بينما هز ويسكر رأسه . "كنت سأخبرك ، لكنك الآن مجرد فاشل تعرض لهزيمة نكراء لذلك لا أرى فائدة من ابلاغك بأي شيء "
ضحك ويسكر بصوت عالي بينما مشى من حول زيبار . "لقد اخبرتك بوضوح ألم أفعل ؟ قلت لك بالحرف الواحد أن تأتي بجسدك الرئيسي ، لكنك خالفت اوامري و لم ترسل سوى نسخة مثيرة للشفقة . "
امام استفزاز ويسكر ، لم يبدو و كأن زيبار قد تأثر اطلاقا و هذا ما اثبت انه كان معتادا على اهواء و الاعيب ويسكر . و بحكم أن كلاهما كانا أحد الشياطين العشر العليا ، لم يبدي زيبار أي خضوع أمام ويسكر ، حتى بوجود فرق كبير للقوة بينهما .
"أجل .. أتذكر انك اخبرتني بذلك ، و اظن أن هذا جاء استنادا على ما رأته عين الملك الخاصة بك أليس كذلك ؟"
كرد ، ويسكر أومأ . "هذا صحيح . " عين الملك تستطيع رؤية المصير و المستقبل ، لذلك هو على الارجح كان يعلم بان زيبار سيواجه مقاتلي طائفة الظلال و كان على دراية تامة بمدى قوتهم .
لهذا امره باستعمال جسده الاساسي بالقتال ، لكن زيبار لم يمتثل لهذا الامر ما كلفه الهزيمة .
"اعذرني ، فعينك تلك لم تعد موثوقة كثيرا مؤخرا .. فعلى حد علمي هي تتصادم بقدرة كاسرة لحدود العالم من نفسه النوع أليس كذلك ؟" و مجددا ، أومأ ويسكر .
"هذا صحيح أيضا ، لكنني لا ازال قادرا على رؤية ما يتجاوز نطاق امثالك يا زيبار ، كان عليك الاستماع لي بدل العودة جارا اذيال الهزيمة من ورائك . "
ضغط ويسكر ساخرا ، بينما رد زيبار على الفور .
"أراك مستمتعا بالسخرية مني على الرغم من انك أنت الآخر خسرت بشكل مذل أمام بشري بالماضي .. ويسكر ، أتظن أنني لا أعلم حقيقة ما حدث ؟"
قال زيبار ، بينما ضحك ويسكر بصوت اعلى . "حسنا .. انت لست مخطئا بهذا " "نحن لم نعد نملك الكثير من الوقت لنضيعه ، فالعالم يمر بتقلبات كثيرة و الملك رفقة كريمزون يرفضان التحرك "
قال زيبار ، بينما مشى الى أن اصبح بجانب ويسكر كتفا لكتف . كان كلاهما شديدي الطول ، بهيأة مرعبة لا تظهر سوى بالكوابيس .. الظلام اكتنف كليهما ، و اعين زيبار البنفسجية تلاقت مع نظيرتها الحمراء لويسكر .
"بما أنني أملك روح التناسخ ، لقد جعلت آلاف النسخ من نفسي تجول العالم .. في سبيل جس أي موجة قد ترتفع من العدم ذات يوم . و يمكنني القول بثقة أن موجة عاتية هي تلك القادمة "
"ويسكر .. وجودك سيكون ضروريا ، لذلك أيا كانت المسرحية التي تحضر لها هذه المرة ، يستحسن أن تنهيها سريعا "
ردا على ذلك ، ويسكر هز رأسه . "مادام الملك لا يستدعيني ، فلا أرى من حاجة لعودتي .
فمارفاس أكثر من كاف هناك بهيلموند . "
"علمت أنك ستقول شيئا كهذا .. "
تنهد زيبار بينما واصل السير متجاوزا ويسكر . "ذلك المدعو فراي ستارلايت ، ما سره ؟
و ما حقيقة هوسك الشديد به ؟" "لماذا ؟ هل أثار اهتمامك يا زيبار ؟"
متوقفا للحظة ، حدق زيبار بالسماء . "لقد بدأ هذا العالم ينسى رعب الشياطين فشيئا فشيئا ، فالاجناس قد نالت حريتها منذ انعزال الملك ، و ظهر العديد من المحاربين الذين يقال بأنهم بمستوى القوى السبع العظمى . "
"العظماء هم الآخرون بدأوا يتحركون بغرابة بعدما لم يعودوا يتركون أي أثر بهذا العالم "
تزامنا مع كلمات زيبار ، سقطت اعين كل منه و هو و ويسكر على تلك الطيور العملاقة التي حلقت بالسماء ..
أكلوا الفوضى ، و الذين يعتبرون أحد العظماء .
"يقال أن تحركاتهم تمهد الطريق لقدوم كارثة قديمة .. كارثة كان القدماء يرتعبون منها ، و حتى الملك لم يقل الكثير عنها "
"انا ارى أن كارثة كهذه تستحق الاهتمام أكثر بكثير من مطاردة بقايا النايملس الذين اصبحوا مجرد اشباح لما كانوا عليه ذات يوم "
قال زيبار بابتسامة مستديرا ناحية ويسكر . "لهذا السبب ، أنا لن التزم بتعليماتك من الآن فصاعدا ، و سأشارك بحرب البشر بنفسي . "
بتلك اللحظة ، اعلن زيبار بصريح العبارة .. انه سيخرج من الظلال ، مهددا بتدمير خطة ويسكر .
"فراي ستارلايت ، أريد أن أرى معدنه الحقيقي بنفسي . "
مشاركة زيبار بنفسه ستجلب النهاية بسرعة بكل تأكيد ، و هذا ما عول عليه شيطان الرتبة العاشرة . فحتى لو كانت مجرد نسخة تحمل نصف قوته ، هو لا يزال يملك ما يكفي من القوة لسحق أي بشري ..
و باقدامه على فعلته هذه ، هو عصى ويسكر بشكل مباشر ما جعله يتوقع رد فعل من هذا الاخير . لكن شيطان الرتبة الرابعة الاعلى لم يقدم على أي حركة.
"برؤية أن جسدي هذا لا يزال على قيد الحياة .. يبدو انك تنوي المشاهدة حتى النهاية " كرد ، ويسكر هز رأسه .
"يمكنك فعل ما تشاء يا زيبار ، فأنت حر بالتدخل كما تريد " منذ البداية ، ابتسامة ويسكر لم تتزحزح و هذا ما جعل زيبار يضحك بصوت عالي .
"انت .. لقد توقعت هذا منذ البداية أليس كذلك ؟" في تلك اللحظة ، اضاءت عين الملك الخاصة بويسكر مازاد زيبار يقينا .
"ربما فعلت .. و ربما لم افعل ، لكن ما يهم الآن يا زيبار هو أنني احتاحك أن تقوم ببعض الاعمال من اجلي قبل أن تقدم على ما تنوي فعله .
" قال ويسكر ، بينما اقترب من نظيره . "و هذا هو سبب ظهوري امامك اليوم "
"أي نوع من الاعمال ؟
" سأل زيبار متشككا بينما توسعت ابتسامة ويسكر . "نوع الاعمال القذرة التي لن يقدم على ارتكابها سوى الشياطين . "
بعيدا عن انظار العالم ، قام ويسكر بنشر سمومه ، و رسوله لم يكن سوى شيطان الرتبة العاشرة .. زيبار .
هذا الأخير اظهر استعداده للمشاركة بحرب الظلمات ، منذرا بكارثة مدوية كانت تلوح بالافق .
كان من المقرر أن يكون النصف الثاني أكثر فوضوية من أي وقت مضى... وأكثر قتامة من أي عصر مضى.