تم تطهير الشمال و اصطبغت الأرض بدم الشماليين و انعكس ذلك على السماء التي احمر لونها ثلاثة أيام ، ما ينبأ أن شيئا عظيما قادم ، إنه سخط السماء على مملكة روز .

بعد تطهير الشمال و نجاح الحرب المقدسة لاستعادته والعودة إلى العاصمة "روزاريو" أقيمت جنازة كبيرة لكل من آرين بلاك روز و ابنه ويلكوت ، و الجنود الذين سقطوا في ساحة القتال، حضرها قادة العائلات النبيلة و ضباط الجيش ، و تم دفنهم بشكل لائق بحضور كهنة الكاتالا و كاهنهم الأعظم ، الذي تلا الصلاة النهائية و أذن بتأبينهما ، بعد كل هذه الأحداث لابد من قسط من الراحة ، لكن هيهات !!

بعد انتهاء مراسم الدفن جمع الملك حاشيته و كبار مستشاريه ، و أعلمهم أنه لا راحة له حتى يتخلص من كل أعدائه ، و هو يعلم أن الأمر لم ينتهي بعد ، و لن يكرر خطأه ، المرة القادمة لن يمهل خصومه حتى يلتقطو أنفاسهم بل ستكون "ضربة واحدة قاضية " .

أدرك الحضور أن الملك يستهدف آل تريكستار و معهم "ساوث بارك" ، و سيبدأ بحشد قواته قريبا لينطلق إليهم و يتخلص من هراء ثورتهم المقدسة.

كان جيريس مطلعا على الأحداث و أعجب كثيرا بديريس ، و بشجاعته و ما فعله في الشمال و أحزنته كثيرا طريقة موته ، تمنى لو تعرف الإثنان و قاتلا جنبا إلى جنب ، إنه بالفعل يحتاج إلى رجل بقيمة ديريس لكن لقد أصبح نادرا أن تجد رجلا وفيا هذه الأيام . أرسل جيريس إلى بعض من حلفائه السابقين طالبا منهم العون في المعترك القادم لكنه قوبل بالتردد فالجميع أصبح خائفا من بطش روز ، قرر أن يتحلى بالشجاعة كما فعل ديريس ، و ما هي إلا أيام حتى انطلقت حملة جديدة بقيادة راينر ميتز لاستعادة ساوث بارك من يدي عائلة تريكستار ، تجهز جيريس جيدا رغم علمه بفرق القوة ، تواصل حلفاؤه السابقون مع راينر ميتز من أجل أن ينظموا إليهم في مواجهة حليفهم السابق جيريس مقابل عفو الملك عنهم ، لقد خانوا العهد الذي كان بينهم و بين والد جيريس الملك الراحل دانديريون تريكستار ، قبل راينر ميتز عرضهم لكن ذلك كان خدعة فما إن وصل إليهم حتى أمر جنده بالهجوم ، أغار الجيش الملكي على الحلفاء الذين خانوا الملك بتحالفهم مع دانديريون تريكستار و الآن ها هم يخونونه من أجل عفو الملك ، قتلهم راينر ميتز بدم بارد و هو يردد " من خان مرة يخون كل مرة" .

علم جيريس بذلك ، تنفس الصعداء و كان شاكرا لعدم تحالفه مع الخونة ، و بدأ يترقب وصول العدو ، تراءى الجمعان و أعطى كل قائد الأمر بالهجوم و تصادم الجيشان كان من الواضح غلبة كفة جيش روز بسبب العدد و العدة ، أمر جيريس بالهجوم بالآلات المناجق و السهام ، لكن ذلك لم يكن ليأثر بهذا الخصم العنيد و بينما كانت مجريات المعركة تشير إلى نصر ساحق لراينر و أتباعه ، أرسل جيريس إليه يطلب الهدنة و التحاور ، قبل راينر ذلك و أمر بنصب خيمة بمدخل واحد ، و كان سباقا إلى الدخول ، اجتمع الطرفان ، و ابتدأ جيريس قائلا : أيها اللورد راينر ميتز قائد قلعة "ريدهوك" ، شكرا على قبول طلبي " ، ارتسمت نظرة باردة على وجه اللورد راينر و لم يجب ، استأنف جيريس كلامه : " أعلم جيدا أن كلانا يريد مصلحته ، أنا أريد الحفاظ على ملك والدي و أنت لابد و أن لك طموحك الخاص ، أم أن سقف طموحك هو خدمة ملكك و حسب ؟ " ، أجاب اللورد راينر بنفس النظرة الباردة مصحوبة بنبرة استخفاف واضحة : " شعار عائلتنا هو 'لا حدود لطموحك' ، أفضل أن تدخل في صلب الموضوع "

- أنا أعرض عليك أن نتحالف أنا و أنت لإسقاط آل دي روز من الحكم و تصبح عائلة ميتز هي العائلة الحاكمة و تعيد رسم الحدود و تمنحها إسما يليق بعظمتها !

- لكن لا شيئ يستفاد منك و من جيشك فقد تخلى عنك حلفاؤك و جنودك منهكون ، إضافة إلى أن عيون الملك في كل مكان حتى إنه يكون قد علم بأننا لا نتقاتل الآن بل نتحدث كالنساء ، إنها فكرة غير قابلة للتنفيذ .

- إذن ليس علينا القيام بها حالا ، يمكننا أن ننتظر حتى يجمع كل واحد منا أكبر عدد من الحلفاء .

- كيف ذلك! و ماذا عن هذه المعركة ؟

- لنقل أنني استسلمت ، و مقابل ذلك نتحالف و نوثق تحالفنا بزواج أو ما شابه ، ظاهريا هو تحالف مع مملكة روز لكن باطنيا هو تحالف بيني و بينك و بعد أن نصبح أقوى نتحد ضد روز ، أنت تصبح الملك هناك و أنا أستعيد عرش والدي .

- هراء ، هل تعتقد أن ذلك سينجح ! لنفترض أنني زوجتك ابنتي ، ماذا لو حدث خطأ عندها تتعرض حياتها للخطر ، لن أخاطر و الملك ليس عنده ابنة لكنت قبلت و لن أهتم لأمرها .

- معك حق في القلق لكن أعدك ألا يحصل لها مكروه، و كل ما سنخططه سيكون في سرية تامة بعيدا عن الملك ، فكر جيدا إنها فرصتك للإرتقاء بعائلتك و الحصول على العرش .

- ممم ... بعد كل شيئ عائلتنا هي التي غزت الشمال قديما و هي التي أعادته بعد ارتداده ، حسنا جهزا نفسك ستكون ضيف الملك اليوم .

فكر اللورد راينر في البداية أن يخدع جيريس أي أن موافقته بسرعة كانت خدعة ، لكنه طوال مسار العودة كان يفكر في احتمال نجاح الأمر سيكون ذلك حقا ما تستحقه عائلة ميتز منذ قرون ، فكر أنه أصبح كلب الملك ، ينفذ أوامره لو أنه كان الملك لكان الأمر سيختلف لابد من وجود شيئ لفعله .

وصل الحشد إلى العاصمة ، جنود جيريس مقيدون يساقون إلى السجن، إحتشد الناس على قارعتي الطريق أخذوا يرمون جيريس و جنوده بالفضلات و الحجارة و ما إلى ذلك ، نقل جيريس إلى ساحة مخصصة للمحاكمة ، أجثي على ركبتيه أمام الملك "جاكلين دي روز" وسط حشد من الناس و بحظور الكاهن الأعظم "بايريس" و اللورد راينر ميتز ، بدا الأمر كأنه سيتم قطع رأسه لكن قبل كل شيئ خطب الملك في الناس قائلا : ( إن الآلهة في صفنا طالما كنا في صفها ، لقد أنصفتنا ضد أعدائنا الذين خانونا ، و اليوم أمام مرأى الآلهة و خدامها من الكهنة و الناس أعلن بدأ محاكمة هذا الخائن الوضيع بداية من أفعال والده الخائن دانديريون تريكستار الذي خرج عن طاعتي و حرض على خيانتي )" ، انتفظ جيريس و اعتقد أن اللورد راينر قام بخداعه ، نظر إليه مباشرة ، كأنه يقول إفعل شيئا هنا أعلن الملك أن اللورد راينر هو ساعده من الآن فصاعدا و أمره بقطع رأس جيريس ، اتسعت عينا جيريس و ندم على الوثوق براينر ، و وسط ذلك الهدوء المريب استدار راينر إلى الملك و قال : " ما يديم الملك أكثر من القوة هو الحكمة جلالة الملك ، أرى من الحكمة الإبقاء على حياته " .

- " أترفض تنفيذ أمر مباشر ؟ " رد الملك بتهكم

- لا يا مولاي ، لكن لقد أريت الناس بطشك و قوتك لهذا دعم يتعرفون أي ملك رحيم قد منته الآلهة عليهم !!

- أتطلب مني أن أرحم خائنا !! لقد سبق و ان قررت لا وجود للتساهل مع أمثال هؤلاء ، أعطه سيفا و لن يتردد في قتلي .

- أجل معك حق يا مولاي ، لكن إن عفوت فالناس سيتذكرونك كملك محب و متسامح ، كما أنه سيكون ذا نفع مع الإبقاء على جنوده و قد تستخدمه ضد أعدائك أو لإقناع أهل ساوث بارك بالخضوع لك .

- ممممم لم اعتدك تجيد لغة التسامح اللعينة هذه ، حسنا لابد و أن الرحمة التي تتحدث عنها لا تزال داخلي في مكان ما ولابد أن لك وجهة نظر ، لكن ليتوسل !

أمسك راينر بجيريس بيد غليظة خاطفة و وجه عينيه إلى عينيه و قال : توسل توسل لأجل حياتك و لأجل نظرة شفقة من جلالة الملك توسل لأجل والدك الخائن واعترف بما اقترفتماه.

هنا اصطنع جيريس الإعتراف و التوسل حتى انه قبل قدمي الملك من أجل العفو ، قبل الملك توسله لكنه أصر على اعتبار والده خائنا إلى الأبد و رمي جيريس في الزنزانة ريثما يفكر الملك في توظيف مناسب له ...

2018/02/15 · 375 مشاهدة · 1291 كلمة
Leo
نادي الروايات - 2024