---
الفصل الأول: في قلب الغروب
كان آدم دائمًا يرى العالم من خلال عدسة كاميراته. لا شيء كان يعجبه أكثر من لحظة مدهشة يمكن أن تلتقطها عدسته، حتى ولو كانت ثانية عابرة. نشأ وهو يحمل كاميراته أينما ذهب، يشحذ عينيه لالتقاط الجمال في كل زاوية، في كل تفصيل. شغفه بالتصوير كان أكثر من مجرد هواية؛ كان طقسًا يوميًا، وتلك اللقطات كانت بمثابة رسائل موجهة إلى نفسه، ورسائل مشفرة عن اللحظات التي مر بها في عالمه الهادئ.
في يوم من الأيام، بينما كان يتجول في أطراف المدينة، لاحظ شيئًا لفت انتباهه بعيدًا عن مشهد الشوارع المعتادة. كان قصرًا ضخمًا ومهيبًا، بقبابه العالية ونوافذه العتيقة التي كانت تلمع تحت أشعة الشمس. لم يكن القصر شيئًا يراه في حياته اليومية، بل كان كأنما جاء من زمن بعيد، من عصور قديمة كانت تروى في القصص.
توقف آدم في مكانه، وكأنما الزمن نفسه توقف ليتيح له فرصة استكشاف هذا الكائن التاريخي. رفع كاميراته وضغط على الزر، ملتقطًا صورًا للقصر من زوايا متعددة، محاولًا التسلل بين تفاصيله. وبينما كانت الشمس تغرب في الأفق، أضاف لمسة من السحر على المشهد، فكان الظل يرقص على جدران القصر كما لو أنه يروي قصة قديمة.
وأثناء التقاطه لآخر صورة عند غروب الشمس، شعر بشيء غريب. لم يكن هو نفسه. كانت يده ترتجف، وأحس بشيء ثقيل في صدره، كما لو أنه يعبر فجوة ما بين عالمين. فجأة، شعر بشيء أشبه بالدوار، ثم... كل شيء اختفى.
فتح عينيه ليجد نفسه في مكان غريب. لم يكن في المكان الذي وقف فيه قبل لحظات. القصر كان أمامه، لكن كل شيء حوله كان مختلفًا. الأرض مغطاة بالسجاد الفاخر، والموسيقى الخفيفة تتسرب من مكان بعيد. بدت الغرف حوله كأنها قُطعت من كتب التاريخ.
لكن ما جعله يقف في ذهول تام هو أنه لم يكن آدم كما كان. عندما نظر إلى يديه، وجد أنهما ليستا يداه. لم تكن يديه الشابَّتين المألوفتين، بل يدين ناعمتين تزينهما الخواتم. وعندما نظر إلى مرآة قربه، رأى في عينيه وجهًا أنثويًا لا يشبهه. كان وجهًا أنيقًا وهادئًا، شعر وكأنما هو في جسد شخص آخر.
ثم جاء الصوت... "أهلاً بكِ، يا أميرة فكتوريا
قفز قلب آدم في صدره. هذا الصوت كان يتحدث إليه وكأنه يعرفه. كان الصوت ناعمًا، وملئه الاحترام. ولكن... كيف؟ كيف يمكن أن يكون هذا؟ لم يكن يعرف كيف وقع في هذا الفخ الغريب، أو كيف انتقل إلى هذا الزمن البعيد.
"أميرة فكتوريا؟!"
-