إذا فيه نقطة مو واضحة لك، اكتبها في التعليقات حتى أوضحها لك.
قراءة ممتعة 🤍
.
.
.
نادي الروايات - ترجمة وتدقيق: White.Snake.96
.
.
.
〈الموسم الثانى «قانون الصيد» : الحلقة 492، سلسلة موت الآلهة 4〉
.
.
.
في الواقع، كان كايل يتحدث بنبرةٍ هادئةٍ ومتزنةٍ قدر المستطاع مع إله الشياطين،آملاً ألّا يسمع أحدٌ حديثه — لا البشر، ولا الشياطين إن أمكن.
"……"
"……"
لكن الكاهنة، التي تدرك كل ما يجري في المعبد وفي الموقع الأثري بأكمله،
والمحاربون الأقوياء ذوو الأجساد الصلبة والقدرات المتميزة،
وكذلك كلوف سيكا، وملك الشياطين الحالي —
جميعهم سمعوا ذلك بوضوح.
'أعطني.'
'هيا، فقط قليلًا.'
ومن الجدير بالذكر أن أحدًا لا يستطيع سماع كلمات إله الشياطين نفسه.
'آه... يا للإزعاج.'
لكن كلمات كايل كانت مسموعة للجميع بوضوحٍ تام.
"أ- أنا..."
أحد المحاربين الذين كانوا ينتظرون بترقّب، عبس من غير وعيٍ،
ثم فتح فمه مترددًا، وقد ارتسم على وجهه مزيجٌ غريبٌ من الارتباك والحيرة والغضب.
إله الشياطين...
كيف يمكنه أن يُظهر تصرفًا بهذا القدر من الاستهتار أمام ذاك الكائن المقدس!؟
حتى وإن كان المخلّص بنفسه—
"هه."
فجأة، انطلق صوتُ ضحكةٍ مكتومةٍ في المكان.
كان مصدرها ملك الشياطين.
نظر المحاربُ نحوه، فرأى ابتسامةً على محيّاه توحي بوضوح بأنه كان مستمتعًا للغاية بالموقف.
وبجانبه، وقف إنسان ذو شعرٍ أبيضَ وعينين زمرديتين، يحتضن جهاز التسجيل بين ذراعيه، ويحدّق فيه بثبات.
"هذا ليس تصرّفًا تجديفيًا."
كانت عيناه المشتعلتان بنور الجنون تفيضان بالفرح والنشوة، كأنه مؤمنٌ متعصبٌ قد التقى أخيرًا بإلهه الذي طالما انتظره.
كانت نظراته أشد شغفًا وحماسةً، حتى من نظراتي أنا.
هذا ليس تجديفًا.
"فالآلهة وما دونها، يقفون جميعًا على قدم المساواة أمام كايل-نيم."
أمام ذلك الإيمان الراسخ، لم يَستَطِع المحارب إلاَّ أن يَبتلع رِيقه دون وعي.
أمَّا كلوف، فصرف نظره عنه دون أدنى تردد، ليثبّتَ بصره على كايل وحده.
الآثار التي تركها إله الشياطين...
"……."
ارتجفت يد كلوف التي كانت تمسك بجهاز التسجيل.
ذلك الستار الأسود من الماء، الذي ارتفع فجأة،
في اللحظة التي نهض فيها ذلك الكيان المائي محاولًا الانقضاض على كايل-نيم،
ارتعش جسده لا إراديًا أمام حضوره الطاغي، تمامًا كما حدث في المرة الأولى حين واجه بقايا قوة إله الفوضى.
'ذلك الكيان... يمتلك وجودًا يضاهي وجود الآلهة ذاتها.'
حتى ذلك المحارب، الذي حاول أن ينطق بشيءٍ نحو كايل،
دون أن يدرك، كان قد فُتن هو الآخر بقوة إله الشياطين،
وفقدت عيناه بريقهما الطبيعي،
بينما أخذ جسده كله يرتجف ارتجافًا خفيفًا.
في هذا المكان، لم يبقَ سوى اثنين ما زالا بكامل وعيهما وقواهما.
'ملك الشياطين،'
وكايل-نيم.
بل إن كايل-نيم، بخلاف ملك الشياطين، بدا في غاية اللامبالاة.
'نعم، يبدو في قمة الضجر...!'
شخصٌ يمكنه قتل إله!
كما هو متوقع — إن الطريق الذي يسلكه كايل-نيم هو أسطورةٌ بحق.
كما أن كايل-نيم يزداد قوة يومًا بعد يوم…
هل من أحد أصلاً بجسدٍ بشريّ كامل سيكون أقوى منه؟"
في عيني كلوف سيكا انعكس مشهد كايل وهو يُغمر بالكامل بستار الماء الأسود.
لكنه لم يشعر بالقلق —
'لأن كايل-نيم نفسه لم يكن قلقًا.'
لذلك كل ما عليه هو أن يثق به وينتظر.
وهكذا وقف كلوف سيكا ساكنًا، مترقّبًا ما سيحدث قريبًا.
وفي اللحظة نفسها—
ششششوااا— (صوت تدفّق المياه بقوة)
كايل، الذي غمره ستارُ الماء الأسود—
- أتقول... إن هذا مزعج……!
كان يسمع صوت إله الشياطين وهو يصرخ بنبرةٍ مرتجفة، كأنه على وشك البكاء،
وقد بدا كما لو أن مشاعره قد جُرحت بشدة.
- افعلها رغم ذلك! عندما يأمرك رئيسك، فعليك الطاعة!
عند سماع ذلك، شخر كايل بسخرية، وتفوّه دون أن يدرك بما يدور في ذهنه.
"هاا أنت!؟"
أنت لست رئيسي!
… أوبس.
"آسف لأني خاطبتك بـ'أنت'."
بغضّ النظر عن كل شيء، فهو كائن قديم إلى حدٍّ يستحيل معه معرفة متى مات أصلاً.
ربما بالغتُ قليلًا في قسوة كلماتي نحوه.
- ……!
ارتجف إله الشياطين المنحرف للحظة، لكنه سرعان ما تكلّم بنبرةٍ حازمة، كمن اتخذ قراره.
- مع ذلك، لا يُعقل أن تُمنح القوة دون اختبار… فهذا لا يليق، ولا يبدو بطوليًا أبدًا.
كان جادًا جدًا هذه المرة—
تمامًا كالهالة المهيمنة عندما يتباهى ويستعرض عظمته.
- يا من تملك الموهبة، حتى لو اختلفت بعضُ الأمور، فجوهرك هو نفسُ جوهري.
ششششوااا— (صوت اندفاع الماء)
اندفع الماء بعنفٍ ليغمر كايل،
غير أنّ جسده لم يبتلّ بقطرةٍ واحدة.
- إن كنتَ تريد نيل قوتي، فأنشئ لحظةَ نقلٍ أعترف بها بنفسي!
... يا له من أمرٍ مزعج حقًا.
ومع ذلك، أدرك كايل أنّه لا يستطيع ببساطة تجاهل هذا الاختبار.
هذه القوة—
'إنها طريقة تشبه طريقة الحصول على القوى القديمة.'
قوة لا تُنال إلا بعد اتباع إجراءٍ أو اجتياز اختبارٍ ما.
هل هذا الكائن هو حقًا إله الشياطين الأصلي؟
لا، بل هو بقايا تركها إله الشياطين الأصلي وراءه.
ومهما بدا كايل متعجرفًا أو لا مباليًا، فإنّ استمرار الاختبار بحدّ ذاته كان كافيًا ليدلّ على أنّ هذه التجربة شرطٌ أساسي لا مفرّ منه.
'مع ذلك، فهي قوة ضرورية.'
ولأكون دقيقًا، إنها قوة ستكون مفيدة جدًا إن حصلتُ عليها.
فالمياه آكلة السماء ستصبح حينها قوية بما يكفي لسحق الإمبراطور الثالث، ذاك الذي يقف أمام الآلهة نفسها.
"حسنًا. سأفعلها."
ما من خيارٍ آخر على أي حال.
كل ما عليّ هو إعداد طقسٍ بسيطٍ بمظهرٍ فخمٍ ومقدّس، وسأجتاز الاختبار.
رغم أنّ الأمر مزعج قليلًا.
'أثناء ترحالنا في عالم الشياطين، لا، بل خلال الجولة الرسمية الشاملة في عالم الشياطين، سأطلب من كلوف أن يُعدّ طقسًا بسيطًا صغيرًا، بعددٍ قليل من الأشخاص، لكن بشكلٍ لائقٍ ومقدّسٍ بما يكفي.'
نعم، بسيطٌ ومحدود الحضور،
لكنّه مهيبٌ ومقدّس بشكلٍ معقول.
'إن لم أُوضّح هذا، فقد ينتهي بنا الأمر بمراسمٍ جنونية كتلك الخاصة بولادة إيدين ميرو في الشر السابع.'
وهذا مرفوض تمامًا.
وبينما كان يحدّق في ستار الماء الذي كان يغمره دون أن يُبلّله، قال كايل ذلك.
- ……!
فاهتزّ ستار الماء بكامله، كما لو كان مسرورًا.
'أوه...'
كم هو شعور كريه.
ذلك الإحساس أزعجه حقًا.
ارتسمت ملامح الضيق والنفور على وجه كايل بوضوح.
- ها… قرارٌ صائب.
لكن سرعان ما تبدّلت ملامحه عند سماعه للكلمات التالية.
- إن حصلت على هذه القوة، فإن مواهبك ستنمو أكثر……! لذلك أعدّ طقسًا مهيبًا، مؤثرًا، ومقدّسًا. عندها سأستيقظ وأنقل إليك قوتي……!
... مهلاً، لحظة.
هل قال الآن مواهبك؟
"يا!"
تفوه بها بلا وعيٍ بسبب استعجاله.
"يا، انتظر لحظة—!"
لكن—
ششوااا— (صوت انحسار الماء)
تلاشى ستار الماء تمامًا مع انتهاء كلماته الأخيرة.
"……."
واستقرّت شارة صغيرة على شكل قمرٍ في راحة يد كايل.
هلالٌ رفيع جدًا.
رمى كايل الشارة بلا اكتراث في جيبه.
سيحتفظ بها، وعندما يكون مستعدًا لاحقًا، سيُري الشارة لحظة الطقس المنتظرة.
"……."
وبعد أن حدّق في البحيرة الخالية لبرهة،
تابع كايل سيره بخطواتٍ هادئة نحو أولئك الذين كانوا بانتظاره.
'مواهب؟'
لكن ذهنه كان مزدحمًا بالأفكار.
هل يعني هذا أن موهبة قتل الآلهة ليست واحدة؟
ألم يتفاعل إله الشياطين مع المياه آكلة السماء بسبب ذلك؟
'لحظة، ليس القتل بل الأكل—'
توتوك! (صوت توقف مفاجئ)
توقفت خطوات كايل فجأة.
'آه.'
وكتم شهقةَ دهشةٍ كادت تفلت منه دون وعي.
الأكل... ليست قوة الماء التي تستهدف الإله، بل قوة أخرى—
قوة تلتهم الوجود نفسه.
'الشرهة...'
- هل ناديتني؟
انبعث صوت متكاسل للغاية، كأن صاحبه قد شبع للتو وكان في مزاجٍ راضٍ.
لم يُجب كايل على ذلك الصوت،
لكنه، في تلك اللحظة بالذات، أدرك شيئًا بوضوح تام.
حين يتعلق الأمر بـ الأكل، فإن الكاهنة الشرهة، صاحبة الدرع غير القابل للكسر،
هي الأفضل فيه بلا منازع.
فقط... لم تتخذ يومًا إلهًا كهدفٍ لها.
كل ما التهمته الشجرة حتى الآن — كـ المانا الميتة وتلوث الفوضى وما إلى ذلك —
كان من الكيانات التي تهدد ما وجب على كايل حمايته.
'بالمناسبة—'
ظهرت في ذهن كايل فجأة صورة الأبراج الخشبية التي تحرس الآثار...
ودون سببٍ واضح، انتابه إحساسٌ غامر بالديجا فو.
"هل منحك القوة؟"
لكن ما إن سمع صوت ملك الشياطين، حتى خرج كايل من شروده لحظيًا.
'دعني أؤجل هذا الآن... سأفكر فيه لاحقًا.'
ففي النهاية، سيكتشف كايل بنفسه — شيئًا فشيئًا — طبيعة تلك القوة التي تحمل موهبة قتل الإله.
'قانون الصيد، إذًا—'
وقف كايل، الذي كان قد انطلق ليصطاد عائلة الصيادين، أمام رفاقه،
وهو يبتلع الوقع الغريب لتلك كلمات داخل فمه.
"لا، يُقال إن القوة لا تُمنح إلا بعد اجتياز اختبار."
ثم وجّه نظره نحو كلوف والكاهنة، مضيفًا.
"نحتاج إلى مكانٍ صغيرٍ لإقامة الطقوس، بمشاركة عددٍ محدودٍ من الأشخاص. سنجريها بأقصى قدرٍ من السرية، ولكن—"
تابع كايل كلامه بنبرةٍ حازمة، كما لو كان يتحدث عن أمرٍ في غاية الأهمية.
"يجب أن يكون المكان فخمًا، مهيبًا، ومقدّسًا."
فتحت الكاهنة فمها بحذرٍ وقالت.
"هل هذا ما يرغبه إله الشياطين؟"
"نعم، يبدو أنه يرغب في أن تُورَّث القوة من خلال طقسٍ رسميٍّ وصحيح."
في تلك اللحظة، تمتم أحد المحاربين متذمّرًا.
"كما توقعت، كان علينا أن نكرّم إله الشياطين كما يليق به منذ البداية."
لكن ما إن التقت عيناه بنظرة كايل حتى أغلق فمه على الفور.
"يا له من أمر!"
ظهرت علامات الاستياء على وجه الكاهنة،
وحين همّت بالكلام بعجلة، سبقها كايل قائلًا.
"همم، أفهم شعوركِ بالتبجيل تجاه إله الشياطين. فقد أمضيتِ حياتك كلها تحرس أطلاله."
أما المحارب، فما إن ألقى كلماته على كايل، حتى ارتسمت على وجهه ملامح الذنب على الفور.
تقديس إله الشياطين.
وكايل، الذي حمى هذه الأطلال وعشيرتها...
يبدو أن هناك مشاعر كثيرة ومتضاربة تتقاطع في قلوبهم نحوه.
نظر كايل إلى أولئك الشياطين بلا اكتراث وقال بهدوءٍ.
"على أية حال، هذا الكائن يقول بنفسه إنه ليس إلهًا. لذا إن عبدتموه كإله، فسيكره ذلك."
"……."
"وفوق ذلك، يبدو أن هذا الذي يُدعى إله الشياطين، ليس كائنًا وُجد لأجل الشياطين أنفسهم."
"!"
ارتسمت على شفتي كايل ابتسامةٌ ملتوية قليلا.
صحيحٌ أنه تصرّف اليوم على هذا النحو لأنه يكره الإزعاج ويريد إنهاء الأمور بسرعة،
لكن ذلك في الحقيقة كان جُزءًا من السبب الأساسي...
"قبل أسبوعين، لم يظهر ذلك النور الرمادي لحماية الشياطين أو لإنقاذ المدينتين.
ولم يكن بسبب تأثره بي لأنني كنت أحاول حمايتهما.
لا، لم تكن قصةً جميلة كهذه."
إله الشياطين هذا—
منذ ظهوره الأول، لم تكن الشياطين في حسبانه أصلًا،
ولم يكن مهتمًا حتى بعالم الشياطين نفسه.
كل ما في الأمر…
"تلك القوة تحركت فقط استجابةً لوريثها. هذا هو المعنى الذي تركه إله الشياطين في هذه الآثار الوحيدة الباقية له."
ذلك الكيان الذي تسمّونه إله الشياطين ومجّدتموه طويلًا—
لم يكن سوى كائنٍ يبحث عن وريثٍ فحسب.
لكن هذه الأنباء لن تُسِرَّ أولئك الشياطين الذين ظلوا يؤمنون بيقينٍ ويترقبون بلهفةٍ كائنًا يُدعى 'إله الشياطين'، الذي من شأنه أن يجعل عالم الشياطين أعظم.
"على أي حال، من واقع تجربتي الشخصية معه، لا يبدو لي إلهاً."
ثم صرف نظره عن المحارب الصامت، وبدأ بالمشي.
لم يعد هناك سبب للبقاء هنا.
"سنُعِدّ كل شيءٍ سرًّا وبمنتهى الدقة."
جاء صوت الكاهنة من خلفه،
فاكتفى كايل بالإيماء برأسه ردًا عليها، وخرج من المعبد.
"...مثيرٌ للاهتمام."
قال ملك الشياطين، الذي كان يراقب المشهد بصمتٍ، ثم تبع كايل بخطواتٍ هادئة.
أما كايل، فلم يكن لديه أدنى وقتٍ للاهتمام بذلك،
لأن كلوف سيكا، الذي أشرق وجهه حماسًا والتصق به فور سماع التعليمات الجديدة، كان يسير إلى جانبه.
كريك… كريك… (صوت جرّ الكرسي المتحرّك)
قال كلوف وهو يدفع الكرسي المتحرّك الذي تركه كايل خلفه
"هل من الصواب حقًا أن تكون الطقوس بسيطةً، وأن تُقام بعددٍ قليلٍ من الأشخاص؟"
"……"
"لقد قلتَ إنه يجب أن تكون ذات مظهرٍ مهيب، ولكن لكي تبدو مهيبةً، لا بد أن يكون هناك من يشاهدها، أليس كذلك؟"
"……"
"فهل يمكن تحقيق ذلك بعددٍ قليل من الحضور؟"
يا له من شخصٍ مخيف…
تجاهل كايل كلمات كلوف سيكا كأنه لم يسمعها أصلًا، ثم أعاد التأكيد بإصرار شديد.
"جهّز الأمر كما أوصيت. الكاهنة على الأرجح ستعرف كيف تُدبِّر كل شيء. أما أنت، فكل ما عليك هو التأكد من أن كل شيء يتطابق مع الشروط التي ذكرتها."
نعم، الكاهنة أفضل بكثير من كلوف سيكا…
"ركّز أنت على جولة طقوس تطهير عالم الشياطين."
"آه، حسنًا."
ابتسم كلوف ابتسامةً مشرقة، ثم تابع.
"لا تقلقوا، كل شيء جاهز مسبقًا كايل-نيم."
ولهذا بالذات أشعر بعدم الارتياح!
تجاهل كايل ابتسامة كلوف، وغادر إلى مقرّ إقامته، عازماً على أن يحظى بقسط من النوم أولاً.
لأن شعوراً غامضاً كان يخبره بأن شيئاً ما سوف يحدث بدءاً من الغد...
ولهذا، بدأ يشعر بالتعب منذ الآن.
حتى إنه قرّر تأجيل الحديث مع رون وبيكروس لبضعة أيام.
'بلا شك—'
إن سارت الأمور كما خطّط لها كلوف سيكا، فسينتهي بي الأمر مستنزفًا تمامًا ومنهكًا جسديًا ونفسيًا!
حاول كايل تجاهل الشعور بأن مستقبلًا كئيبًا ينتظره.
***
لكن المستقبل الذي انكشف أمام كايل في اليوم التالي لم يكن كئيبًا أبدًا…
بل كان—
مفعمًا بالألوان، جميلًا، ومذهلًا إلى حدٍّ يكاد لا يُصدَّق.
"وووواه!"
"يا مُخلِّصنا!"
"المطر الرمادي!"
"درب التبانة الرمادي—!"
كنتُ أعلم أن هذا سيحدث…
ما إن وصل إلى المدينة الرابعة التي سيطهّرها، حتى رأى سكانها يرحبون به من عند مدخل بوابة النقل الآني.
لقد استقبله سكان عالم الشياطين بحفاوةٍ غامرةٍ وفرحٍ صادق.
- أيها الإنسان، هذا لا يُقارن حتى بالسيد الشاب صاحب الدرع الفضي!
حاول كايل جاهدًا التظاهر بعدم سماع كلام راون.
"ووووواه!"
"أخيرًا! أخيرًا—!"
لكن بالفعل، الهتافات الآن كانت أكبر بكثير مما كان عليه عند ظهور سيد الدرع الفضي.
لكن كايل شعر أنه أدرك السبب جيدًا، فلم يستطع سوى الابتسام بمرارة.
'الخوف.'
ما كان مرسومًا على وجوه الشياطين هو اليأس.
لم يكن الأمر مثل استقبال كايل العائد منتصرًا من الحروب والمعارك.
فالأشخاص الواقفون أمامه الآن، كانوا يستقبلون المخلّص الذي طالما انتظروه، بعدما عاشوا رعبَ الموت المفاجئ بسبب المرض الرمادي، وفقدان أحبّتهم.
لذا، رغم فرحهم، إلا أن ذلك الفرح كان ممتزجًا باليأس.
المرض الرمادي...
بغض النظر عن مدى جودة الإدارة، فطالما تم الكشف عن المعلومات المتعلقة به، وطالما سمعوا عن طبيعته، وطالما بقي هناك مصابون...
فإن الشياطين لن يستطيعوا الراحة بسلامٍ أبدًا.
لكن اليوم — ذلك الأسبوعان الجهنميّان انتهيا أخيرًا.
"كايل-نيم."
عندما سمع الصوت الخافت لكلوف، لاحظ كايل أن الشياطين القريبين منه ينظرون إليه بحذر.
كانوا يراقبون تعابير وجهه، متوترين لأنّه لم يبتسم رغم الهتافات والترحيب.
ولم يكن ذلك يقتصر على السكان العاديين فقط،
بل حتى مدراء قلعة لورد المدينة، وإداريّو قلعة ملك الشياطين،
وحتى الأطفال الشياطين الذين كانوا يحملون أكاليل الزهور في ايديهم.
شعر بطعم مرٍّ في فمه.
ابتسامة لطيفة~
ارتسمت على شفتي كايل ابتسامة على الفور.
- أيها الإنسان! إنها تشبه ابتسامتك حين تخدع الناس! لكنها مختلفة قليلًا!
متجاهلًا كلمات راون، اقترب كايل من أحد الأطفال الشياطين.
"هل هذا شيءٌ ستعطيني إياه؟"
"……! ن-نعم! أيها المخلّص!"
وأخيرًا، تفتّحت على وجه الطفل ابتسامة مشرقة.
وضع كايل إكليل الزهور على رأسه – ذلك الشيء الذي لم يكن عادةً ليلتفت إليه أصلًا – ثم شكر الطفل.
ثم ألقى كلماته إلى المسؤول الأعلى الذي يقف أمامه، وكأنه يُصدر إعلانًا.
"استعدوا للمهرجان."
فهم المسؤول معنى تلك الكلمات.
لقد كان قد سمع من قبل عن طقوس التطهير.
"اليوم ستزول كل آثار الفوضى. ولن يبقى إلا السلام."
كان صوته هادئًا، لكنه حازمٌ إلى أبعد حد.
وفي الحال، هتف كلُّ من سمعه فرحا.
'ها، حقًا.'
رغم أن كايل اضطرّ لأن يتصرّف بطريقة لا تشبه طبيعته إطلاقًا،
إلا أنه أدّى دور المخلّص بإخلاصٍ كبير إلى حد ما.
لأنه استطاع أن يشعر، وسط هتافات الفرح، باليأس والخوف يتبددان شيئًا فشيئًا.
'يبدو أنني سأضطر لتكرار هذا الفعل مرارًا في المستقبل.'
كان سيكون أفضل بكثير لو أُنجِزَ التطهير بهدوء، وبأقلِّ قدرٍ من الضجيج!
هَمَّ كايل أن يرمق كلوف بنظرةٍ تحمل ألفَ معنى... لكنه توقف فجأة.
"كايل-نيم، هل من خطب؟"
كان كلوف ينظر إليه ببراءةٍ مصطنعةٍ إلى درجةٍ تثير الاستفزاز، كأنه لا يعرف شيئًا حقًا،
مما جعل كايل لا يريد الاستمرار بالنظر إليه،
فأدخل يده في جيبه وأخرج منه شيئًا ما.
"هممم؟"
قوة إله الشياطين…
من أجل تلك القوة، طُلِب منه أن يستعد للحظة الطقس كأختبارًا.
وفي خضمّ ذلك، وُضِعت في يده شارة القمر — هلالٌ رفيع كالخيط.
"ها…؟"
لكن ذلك الهلال بدا الآن أكثر سُمكًا قليلًا مما كان عليه،
كقمرٍ يبدأ بالاكتمال.
'لا يمكن…؟'
رفع كايل رأسه.
الجميع كان يهتف له...
وقوة إله الشياطين تنتظر لحظتها المقدّسة، لحظة فاخرة، مهيبة، ساحرة.
'…لا، ليس كذلك، صحيح؟'
شعر كايل بقشعريرة تسري على طول عنقه،
فقد بدأ يفهم السبب خلف تغيّر الشارة.
لكن عندها، جاءه صوت أكثر رعبًا.
"أوهو~"
كان كلوف سيكا يحدّق في الشارة بين يدي كايل بعينين لامعتين، مفعمتين بالفضول والمتعة.
ثم تمتم.
"...كما توقّعت."
"……!"
تجمّد كايل في مكانه، بينما انحدر العرق البارد على جبينه.
لسبب ما أصبح لديه شعور غامض بأن شيئًا مزعجًا للغاية، شيئًا لا يريده أبدًا، شيئًا يثير الأعصاب ... سيحدث.
على سبيل المثال—
مشهدٌ تُمنَح فيه قوة إله الشياطين له أمام الجميع، وكأنها تباركه أثناء قيامه بطقوس التطهير.
"سأجنّ حقًا."
- أيها الإنسان، هل تشتاق لوليّ العهد؟ لقد أصبحت تقلده كثيرًا مؤخرًا!
أغمض كايل عينيه بشدّة، وهو يشعر بدوارٍ يجتاح رأسه.
والآن، ها هو اليوم الأول من جولة التطهير الوطنية في عالم الشياطين قد بدأ.
.
.
.
مواعيد نشر الكاتبة:
الاثنين – الأربعاء – الجمعة
مواعيد نشري:
الثلاثاء – الخميس – السبت
.
.
.
نادي الروايات - ترجمة وتدقيق: White.Snake.96