26 - بين الملاك والشيطان

لنبدأ:

بدأ يونو بالتوغل داخل الغابة شيء فشيء وهو يقترب أكثر فأكثر من تلك الروح المرعبة التابعة لحارس هذا الطابق، أخيرا وصل يونو إليه، ليظهر أن هذه الروح القوية تابعة لمجرد فتى عفريت. انصدم يونو مما يراها فتى صغير يملك مثل هذه القوة ان هذا لشيء مثير للشفقة (أي يونو يبدو مثير للشفقة مقارنة بالفتى)، أحس يونو بالضعف والعجز.

- فور: أهلا، أنا فور لا داعي للقلق لن تنافسني فأنا سأعطيك تحدي واذا فزت بالتحدي ستنتقل إلى الطابق الثالث من البرج.

- يونو يخاطب نفسه: يا ترى اي نوع من التحديات سيكون وهل سأستطيع عبوره، بل يجب أن أفوز بهذا التحدي لكي أكون أقوى ولكي لن اعجز مرة اخرى عن انقاذ رفاقي، لكي لا اعتمد على فين مرة اخرى.

- فور: ادخل لهذه الألة ولتخرج حيا، هذا كل ما في الأمر، اذا استطعت النجاة فستصعد الى الاعلى واحرص على ان لا تصبح احمقا بدون عقل، وعلى أن لا تتحول الى وحش، فاذا فقدت هدوءك ستتحول الى وحش بدون عقل.

- يونو مرتبكا: حسنا..

دخل يونو الى تلك الالة التي على شكل غرفة ديقة، فور دخوله تم وضع على فمه وانفه جهاز التنفس تحت الماء وامتلأت تلك الغرفة بسائل أخضر غريب، في هذه الأثناء بدأت الحرب في عقل يونو بين الجانب الطيب والجانب الشرير حرب نفسية قد تؤدي الى تلف في العقل.

- الملاك: أنت لم تعد بشريا منذ يوم الحلم، بينما تظل بجوار اخيك وتعتني به، لقد قمت بالتخلي عنه وتقدمت للاستمتاع بهذا العالم وبشهواته مثل القوة.

- يونو تظهر بسمة خفيفة على شفتيه: انت مخطأ فأنا فعلت ذلك لاجله فانا اسعى لإيقاظه.

- الملاك: تريد انقاذه ما هذا الهراء انت لقد نسيت اخاك وبدأت تتبع شهوات الدنيا، لقد ارتبطت مع تلك الفتاة.

- يونو تظهر ابتسامة اخرى: وماذا إذن كل الشباب يرتبطون مالفرق بيني وبينهم.

- الملاك: الفرق كبير فهم لا يوجد اي شيء تحت مسؤوليتهم اما انت فأخاك تحت رعايتك الأن.

- يونو تظهر بسمة اخرى مجددا: لقد أمنت له غرفة خاصة وممرضة خاصة في المستشفى واتيت الى هنا سعيا في ايقاظه.

- الملاك: بل أتيت إلى هنا لإرتكاب الجرائم وتشويه صمعة بني جنسك، أنت لقد قتلت بشري بيديك الإثنتين.

- يونو ولا زال مبتسم: ما فعلته يسمى الدفاع عن النفس، فلقد حاول التهامي وأنا حي.

- الملاك: لم يحاول التهامك فهو لم يكن في رشده، وانت قمت بقتله على الرغم من انك في كامل وعيك.

- يونو اختفت بسمته: بل لم يكن يوجد أي حلا آخر سوى ذلك، لا يوجد مهرب ولا حبال لتكبيله وحتى لو كانت توجد الحبال فأنا ضعيف امام بلوغ لن استطيع فعل شيء له.

-الملاك بسخرية: لا تستطيع تكبيله، لا تستطيع فعل اي شيء له لكنك تستطيع قتله، أيها الوغد انت سعيت إلى طعن حنجرته، لما لم تطعن رجلاه لكي لا يلحق بك، لما لا تدمر فمه لكي لا يأكلك.

- يونو بدأ الضعف يظهر على وجهه: لا أعلم لما..(وقطرات الدموع تنهمر على خديه)لا أعلم لما..

- الملاك: هل تريد أن تعرف السبب؟.. السبب واضح جدا لأنك وحش، أنت لست بشري

بدأت صرخات يونو تخرج من فمه وهو يقول:" أنا لست وحشا.." العديد من المرات وعندما ينظر إلى أصابعه التي لم تعد أصابع بشري يزداد بكاؤه وصياحه أكثر فأكثر، لقد بدأ يفقد تركيزه.

- الملاك: أجل هذا هو السبب من قدومي الى هنا جئت لكي أحول الوحش إلى وحش حقيقي لكيلا يظل مختبأ متنكرا بين الكائنات الأخرى. أيها الوحش الذي لا يستطيع انقاذ أي شخص، تعرف فقط عمل المشكلات.

كلما تحدث أكثر إلا وازداد غضب يونو أكثر ويفقد تركيزه شيئا فشيء، والأن فهو يبكي ويقول:" أنا.. هنا لكي أنقذهم.. أريد القوة.. كيلا أفقد أي شخص مرة ثانية".

يظهر أخيرا الشيطان والذي يعتبر شريرا.

- الشيطان: لما عليك انقاذهم..! لما علينا ان نخاطر لاجلهم.. فهم لم يفعلوا اي شيء لأجلنا.. لما علينا أن نكون الضحية، أصحوا يا يونو من تفاهتك، ولتتركهم ينالون جزاؤهم.

- يونو لا زالت الدموع تنهمر من عينيه: أجل لما دائما أنا الضحية، لماذا يجب أن أعاني لماذا أتدرب لأجلهم.

- الملاك: أخيرا أظهرت نوياك الحقيقية ايها الوحش، أنت لا تريد مساعدة أي شخص، مغرور مثلك لا يوجد مكانه ضمن أي أصدقاء، فمكانك هو الويل حيث ستسبح مع الشياطين في نهر من الحمم البركانية في نهر من العذاب والألم.

في هذه الأثناء حتى عيون يونو بدأت تتغير إلى عيون وحش.

- الشيطان: للاسف بما أن مصيرك هو الويل مهما فعلت، لمذا لا تعذب الاخرين كما سيتم تعذيبك فلتنهض ولنقم بالقضاء على كل من يقف في طريقنا، لنقضي على كل كائن بأبشع الطرق الدموية كما فعلت سابقا لبلوغ يا وحشي الصغير ولتتخلى عن رفاقك كما فعلت سابقا في الميتم.

فور نطقه بأمر الميتم اصبح تحول يونو الى الوحش يتحرك بشكل أسرع فقد أصبحت رجليه مثل أرجل البقرة التي اعتادت المشي على الفضلات، وهو ينطق بالكلمات التالية:" كلا.. كنت اريد الهرب فقط.. كنت اريد الهرب من الميتم فقط"

- الملاك: ماذا الهرب عن طريق التخلي عن رفاقك اليتامى ليلاقوا حتفهم؟ أنت أبغض مما تصوت أنت وحش الوحوش.

- يونو بصوت عال: أنا لم أقصد التخلي عنهم.. كل ما اردته أن أهرب معهم، كنت أريد أن نهرب جميعا.

- الملاك: تريد خلق الأعذار لنفسك من العدم، لا داعي لذلك، أنت لم تترك جريمة لم تقترفها القتل والسرقة ايضا، تقوم بسرقة أموال الناس وثرواتهم.

- يونو: لأنني كنت جائع كان علي أن أعيش.

- الشيطان: أجل عليك أن تعيش ولا يجب أن تهتم بحياة الأخرين فهم مجرد ألعاب تستمتع بقتلهم أو ستمتع بوقتك معهم، إتبع شهواتك فهي الصديق الوحيد للإنسان فإن لم تسد شهواتك فلن ترى السعادة أبدا، لا يستطيع الانسان العيش بدون طعام مما يعني انه لا يستطيع العيش دون اتباع غرائزه الفطرية، غرائزه الحيوانية، كل الحيوانات تقتل بعضها البعض من أجل نفسها، لما لا نفعل نحن أيضا المثل لما لا نقضي على كل من نريد قتله، أول من يجب علينا القضاء عليه هو هذا الملاك اللعين الذي يعتبر نفسه طيبا.

مع كل كلمة كان يقولها الشيطان كان يحفز على تحول يونو، يونو في وضع لا يحسد عليه فالملاك يخاصمه ويؤنبه على أصغر الأمور، والشيطان يريد منه ارتكاب اثام أكبر يريد إغواؤه بشهوات الدنيا ليفقد سيطرته تماما.

- الملاك: أنت وكل سلالتك عار على البشرية، فمنذ ولادتك تم لعنك، فلقد كنت إبنا غير شرعيا إبن ولد من إمرأة تعمل في الدعارة، ووالدك الذي كل يوم تجده مع فتاة جديدة، بل فتاة واحدة لم تعد تشبع رغباته فأنشأ حريما له.

ينهض يونو وبيده خنجر الظلام ويخطوا نحو الملاك.

- يونو: أنت تتحدث عن أمي بالسوء، ستنال جزاؤك يا هذا.

يتقدم نحوه ويقوم بطعنه لكن "أوبس" كأنه يطعن الهواء فهو لم يستطع فعل اي شيء للملاك.

- الملاك: تريد قتل ملاك بخنجر من صنع البشر، أيها المجرم، لم تكتفي بالتسبب بقتل رفاقك بالميتم بعدما اتفقت معهم على الهرب من الميتم وبسبب خطتك تلك مات بعضهم بسبب الجوع وهناك من تم القبض عليه ويوجد من تم استعباده من طرف أشخاص سيئين، وأخر رفاقك المتبقين حدثت له حادثة سير، فبدل الوقوف والسؤال عن صحته، قمت بالهرب متخليا عنه، ثم قتلت أمس رفيقك بالمجموعة بيديك الإثنتين والأن تريد قتل ملاك... إن مصيرك سيكون أبشع من الجحيم.

- الشيطان: يونو لا يحزنك كلامه، فقط ثق بي توجد طريقة تجعلك تتجنب الجحيم لأعوام طويلة بل ربما لعقود من الزمن أو لألفيات (ألفية= 1000 سنة)، وإذا كان الحظ حليفنا ربما تتجنب الجحيم وللأبد.. أنت تعرف الكتاب هو الحل كتاب نابان المقدس ففي هذا الكتاب طريقة الحصول على الأبدية والخلود، اترك حلم ايقاظ اخيك جانبا وهيا لنحقق سعادتنا معا. لتترك الرفاق فهم مجرد عبأ ثقيل يقيد حركتك، حرر نفسك من هذا العبأ أنت نهائي مما يعني بأنه لا حاجة لك لرفاق.

أصبح وجه يونو عبارة عن وجه لوحش بشع مجرد النظر له يجعلك تشعر بالغثيان والرغبة بالتقيأ، وساقيه كذلك وذرايه أيضا كل ما تبقى لينتهي أمره هو الجانب الاوسط من جسده أي البطن والظهر، وبينما هو لا زال في يأس وحزن فجأة بدأ يضحك بضحكات صاخبة هستيرية، بدا وكأنه بدأ يفقد عقله، قام برفع رأسه ونظر إلى الملاك.

- يونو: أيها المالك الذي تعتبر نفسك طيب القلب وتريد تنظيف قلبي اذهب والعب مع غيري أنا لست مناسبا لك، بالنسبة للماضي فعلا أمي كانت داهية وقد ارتكبت خطيئة في أنها انجبت طفل غير شرعي، لكنها ليست هي التي اختارت ذلك بل القدر كتب هذا لها، أنا لا اعلم اسبابها ولكن على الأغلب فإن السبب هو الفقر والمجاعة والظلم، أما بالنسبة لذلك اللقيط المنحرف الذي من المفترض ان ادعوه ابي، فليحمل ذنوبه فوق رأسه فما دخلي أنا به، فهو إستمتع بوقته مع أمي وتركها تتدبر أمري بنفسها، لذا حتى لو رأيته في الجحيم لن استمتع بذلك لانه يحتاج الى عذاب اكبر من الجحيم بكثير، اما بالنسبة للهرب مع اطفال الميتم، لحظة وهل تدعوا ذلك بالميتم انه مختبر كميائي واحيائي كل اسبوع كان نخوض عمليات وفحوصات والسبب هو لكي يتقدم العلم ونتطور لنكون ارقى، ولتجنب ذلك الالم جمعت رفاقي ونحن في عمر الخمس سنوات فقط، في هروبنا حدثت الكثير من الاحداث التي ادت الى موت البع منا بسبب مطاردة الشرطة لنا، او مطاردة البائعين عندما نقوم بسرقة الطعام لسد جوعنا، وفي النهاية ظللنا انا وصديقي الاعز وحدين وفي احدى مطردات الشرطة لنا تعرض رفيقي لحادث سير ولو كنت توقفت لاطمأن عليه كان سيتم اعادتي الى ذلك المختبر بكل تاكيد، ولهذا استمررت بالجري فقط، وبعد نصف عام سمعت بخبر انه تم اغتيال والدي من طرف احد ابنائه الغير الشرعيين وكان هذا الشخص هو الذي اعتبرته اخي الكبير وقد قام بالعمل والرعاية بي بعدما التيقينا بصدفة القدر، اما بالنسبة لطريقة اغتيال اخي لأبي هو عن طريق السم، فقد كان ابي معتاد على تناول الطعام في احدى المطاعم الفاخرة وفي ذلك المطعم حيث كان يشتغل اخي هناك، فور وضع السم بالطاعم تدبر اسباب للخروج من المطعم والهرب من المكان، لم يستطعوا الامساك به كونه طفل بدون بطاقة هوية بعد. لذا توقف ايها الوحش الحقيقي عن محاولة اغضابي بسخفاتك.

في هذه اللحظة اندثر الملاك في الهواء واختفى.

- يونو: أما أنت يا أيها الشيطان اللعين، هل تعتقد بأن الخلود والابدية هو ما اتيت ساعيا له الى هنا، أنت مخطأ منذ أن عرفت أن أخي نائم وهدفي واضح أنا أريد إيقاظ أخي لا أقل ولا أكثر، تقول لي ان افترق على رفاقي فهم لا نفع لهم، حسنا اذن من أنقذني عندما كنت على وشك ان أعدم في مملك الوادي الأحمر طبعا إنهم أصدقائي، فهم من أشاركهم الافراح والأحزان، ولما انا اسعى لامتلاك القوة لحمايتهم أيها الأحمق.( بسخرية واستهزاء) للأسف انت لست ندا لإرادتي اذهب والعب مع اقرانك.

يتلاشى الشيطان في الهواء كما حدث للملاك تماما، ليفتح يونو عينيه ويجد انه في فوسط تلك الغرفة، يقوم ذلك الفتى العفريت بتحريره من الغرفة.

- فور: هنيئا لك لقد اجتزت الإختبار بنجاح وبالتوفيق في الطوابق الأخرى.

والأن تم نقل يونو الى الطابق الثالث الذي يبدو اقل كثافة للسكان من الطابقين الاولين، وما يميز هذا الطباق هو ان اغلب السكان العفاريت لديهم وحش مساعد يرافقهم، حاول يونو الاستشعار بأقوى عفريت عن طريق جلسة التأمل، لكن كانت الصدمة انه تقريبا كل العفاريت قوية، لكن كانت هناك روح اقوى منهم جميعا، مع أن تلك الروح قوية جدا لتجعل يونو يرتعش من شدة الخوف إلا أنا يونو كان على يقين بأن إختبار هذا الطابق لن يكون مواجهة مباشرة. اتجه يونو قاصدا الوصول الى مكان تلك الروح. بعد ساعتين من الطيران أخيرا وصل إلى صاحب تلك الروح، إنه عفريت شخم البنية وذو عضلات صلبة وكبيرة.

- العفريت: من أنت يا هذا؟ ولما دخلت لنطاق تدربي؟

- يونو: أنا جئت من اجل الاختبار للصعود إلى الطابق التالي.

- العفريت: لقد جئت للمكان الخطأ فأنا لست حارس هذا الطابق، وبمانسبة وصولك الى هنا فلنستمتع معا بقتال واحد ضد واحد، وإذا فزت سأخبرك من واين هو حارس هذا الطابق!

يونو متردد جدا في هذه اللحظة ما العمل روح هذا العفريت اقوى من روحه بدرجات، ولا ننسى قوته الجسدية البارزة فقط من جسمه المعضل.

- يونو: حسنا موافق لكن امهلني ساعتين؟

- العفريت: خذ وقتك لكن انا ساعطيك المعلومات التي تودها ان فزت انت وماذا إذ فزت أنا؟

- يونو: ماذا تطلب اذن؟

- العفريت: اذا فزت انا فستجعلني اذهب الى عالمك بدلك انت.

...يتبع

2019/11/24 · 343 مشاهدة · 1902 كلمة
Black_King
نادي الروايات - 2024