----------------صلِ على محمد----------------
الفصل 5: وحش!
حزمت أمتعتي بسرعة وذهبت إلى الحمام لأحضر ممسحة.
وضعت الممسحة على الأرض وضربت الرأس بساقي اليمنى.
فرقعة!
ظننت أن الممسحة ستنكسر بسهولة، لكني كدت أن أكسر ساقي اليمنى بدلًا من ذلك. تسللت الآلام إلى الأعلى، وعضضت على شفتي كي لا أصرخ. لم يكن هناك أي فرصة لأن أكسر الممسحة بقدمي. وضعت الرأس تحت الأريكة وسحبت عمود الممسحة إلى الأعلى. كدت أن أقلب الأريكة.
كان علي أن أبقى هادئًا، خصوصًا في تلك اللحظة. وقفت على الأريكة وسحبت عمود الممسحة مجددًا، معتقدًا أن وزني سيكون كافيًا لتثبيت الأريكة.
"اللعنة. أرجوك...!"
درر!
تمكنت من سماع الجزء السفلي من الأريكة يتمزق. لكن، لحسن الحظ، كان رأس الممسحة أيضًا يتفكك. جذبت بقوة مرة أخرى وانتزعت الرأس.
لم يكن ذلك شيئًا كبيرًا، لكن لم يكن لدي خيارات كثيرة في هذا الوضع. كان علي أن أهاجم من مسافة. لم أكن لأتمكن من النجاة إذا قام 'هم' بعضي أو تمزيقي. كان علي أن أستفيد من مدى وصولي، مهما كان محدودًا. كما وضعت سكينًا تحت حزامي احتياطًا.
"لنذهب، يا عزيزتي."
"إلى أين؟ هل سنذهب إلى مكان ما؟" سألت ‹سو-يون›، وهي تنظر إلي بعينين مليئتين بالخوف.
لم يكن هناك وقت لنضيعه. كنت قد رأيت مصير المرأة التي حوصرت في وحدتها، لذا كان العثور على مخرج هو أولويتي القصوى. إذا قام 'هم' بسد الباب الأمامي من الخارج، فذلك سيكون نهاية أمرنا.
كان الكائنان اللذان يمكنهما الرؤية يحدقان بنا. فكرت في الذهاب إلى الوحدة المجاورة عبر الشرفة، لكنني أدركت بسرعة أنه لن يكون مجديًا.
'علينا أن نخرج من هنا حالًا...'
بانغ!
في تلك اللحظة، سمعت صوتًا عاليًا أرسل قشعريرة في عمودي الفقري. حبست أنفاسي وحدقت في الباب الأمامي. اختبأت ‹سو-يون› خلف ساقي مثل سنجاب.
غرر...
بانغ!
كنت متأكدًا أن الصوت كان يأتي من الباب الأمامي. كان شيء ما يضرب الباب بينما يُصدر صوتًا ممزقًا للحلق. كنت أعلم تمامًا ما هو ذلك الشيء. تسللت عرقات باردة إلى ظهري. لم أستطع التفكير بوضوح، وجسدي تصلب.
"أبي..."
كان صوت ‹سو-يون› يرتجف. كانت تمسك بسروالي بكل ما أوتيت من قوة. تماسكت وأخذتها إلى غرفة النوم الرئيسية. لم يعد هناك طريق للخروج. كان علي أن أجذب 'هم' إلى مكان آخر. وضعت ‹سو-يون› في الخزانة وهمست لها، "عزيزتي، مهما حدث، لا يمكنك الخروج حتى يعود إليكِ أبي، حسنًا؟"
"أبي، أبي...!"
"عزيزتي، تمسكي بهذه الحقيبة. اشربي الماء وكلي حبوب الإفطار الموجودة بداخلها إذا شعرتِ بالجوع. حسنًا يا عزيزتي؟"
"أبي، لا تذهب!"
"حبيبتي، أبيك سيعود بعد قليل. فقط تحملي قليلًا هناك."
"قلت لا تذهب!"
لفت ذراعيها حولي، وانهمرت دموعها التي كانت تحاول كتمها بلا سيطرة. ابتلعت ريقي، ثم ربت على ظهرها الصغير. "لا تقلقي، عزيزتي، أبيك هنا."
"لا تذهب، لا تذهب!"
"لا تقلقي، عزيزتي. أبيك سيكون في غرفة المعيشة."
"إذن لماذا يجب على ‹سو-يون› البقاء هنا؟ أريد أن أبقى معك."
لم أكن أعلم ما يجب قوله. دغدغت معصمها وقلت، "من الأفضل أن تختبئي هنا، حبيبتي الصغيرة! سنلعب الغميضة، حسنًا؟"
"أعلم أن هذه ليست غميضة! لست غبية!"
"إنها غميضة، أيتها الحمقاء الصغيرة."
ابتسمت وأعطيتها دفعة خفيفة على رأسها. بدأت بالبكاء وهي تفرك جبينها. حتى في موقف كهذا، كانت براءتها تجعلني أبتسم.
"لا بأس، أبيك هنا. لا بأس."
"آه!"
أغلقت باب الخزانة و‹سو-يون› تبكي في الداخل. كنت أسمعها تضرب الباب بقبضتيها. بكاؤها جعلني أرغب في العودة وفتح الخزانة مجددًا.
كنت أعلم أن ما قد يحدث اليوم يمكن أن يترك أثرًا نفسيًا عميقًا لديها. لكن هذا كان أفضل ما يمكنني فعله.
عندما عدت إلى غرفة المعيشة، سحبت الأريكة لحجب باب غرفة النوم الرئيسية. لم أكن متأكدًا كم من الوقت ستصمد تلك القطعة البالية، لكنها منحتني شعورًا طفيفًا بالأمان. ثم سحبت طاولة الطعام من المطبخ واستخدمتها لحجب الباب الأمامي. ملأت الفراغات بالكراسي، والصناديق، والأحذية، وكل ما يمكنني إيجاده.
طنين! بانغ! صدام!
بدأ 'هم' بالاندفاع ضد الباب، محاولين اقتحامه.
'ألا يشعرون بأي ألم؟'
كانت عظامي ستتحطم لو اندفعت ضد الباب بهذا الشكل، لكنهم واصلوا الاصطدام بالباب بقوة متزايدة. كان علي أن أعدل قبضتي على الممسحة مرارًا وتكرارًا لأنني كنت أتعرق بشدة.
'متى سيقتحمون...؟ ماذا سيحدث بعد أن يخترقوا الباب؟ هل سأُمزق إربًا؟ ماذا سيحدث لـ‹سو-يون›؟ هل ستموت من الجوع؟ أم سيأكلونها أيضًا؟'
لم أستطع التوقف عن التفكير في أسوأ السيناريوهات. في تلك اللحظة، لمعت صورة ‹زوجتي› في ذهني، تلك التي رأيتها في حلم الليلة الماضية. بقي في ذهني وصفها لي بالجبان وهي تبتسم لي.
كنت أعلم أنني جبان. لم أكن أكترث لأمان الآخرين. كنت أهتم فقط بنفسي وبـ‹سو-يون›. إذا كان هذا عيبي، إذا كان هذا يجعلني مذنبًا... فسأعيش بذلك الذنب لبقية حياتي. لن أتردد في أن أصبح الشر ذاته، وأن أرتكب المزيد من الذنوب. هكذا كنت أرغب بشدة في النجاة.
كان علي أن أبقى على قيد الحياة حتى ألتقي بأشخاص يمكنني أن أثق بهم لرعاية ‹سو-يون›، أو أجد ملاذًا نكون فيه بأمان. حتى إن اتهمني من في الملجأ بكوني قاتلًا، فسأتقبل ذلك بكل سرور. لكن الآن... كان علي أن أبقى حيًا مهما كلّف الأمر. ليس من أجل حياتي التي لا معنى لها، بل من أجل ‹سو-يون›.
---
كانت الضربات المستمرة وتكتكة الساعة تحفز كل حواسي. كان قلبي ينبض بسرعة، لكنني كنت هادئًا بشكل مفاجئ. ربما لأنني كنت أعلم أن هذه قد تكون نهايتي. لكن لم تكن لدي نية لإعطاء 'هم' ما يريدونه.
'تعالوا وخذوني. أنا مستعد. حاولوا الوصول إلي إن استطعتم. سأفجر رؤوسكم قبل أن تقتربوا.'
وقفت في وضعية دفاعية أمام الباب الأمامي المتحصن. مرّ الوقت دون أن ألحظه، وسرعان ما رأيت ظلي يظهر. كانت الشمس تغرب خلفي.
ازدادت ضربات 'هم' قوة مع غروب الشمس. كانوا يندفعون بأجسادهم نحو الباب مثل أمواج متلاطمة. كنت أستطيع أن أشعر أنهم يزدادون قوة. عندما تغيب الشمس تمامًا، سيقتحمون الباب في لحظة.
صرير—
كنت أسمعهم يخدشون الباب الحديدي. سرت رجفة من أسفل عمودي الفقري حتى رأسي، مطهرة ذهني من أي تشويش. كان فكي مشدودًا من القلق. بدأت البراغي التي تُمسك الباب تتراخى، والمفصلات لم تعد في مكانها. كنت أعلم أن بضع ضربات أخرى ستسقط الباب.
'ماذا لو جاءت فرقة إنقاذ في الوقت المناسب؟'
بدأت تدخل إلى ذهني أفكار غير منطقية بينما كان الباب ينهار ببطء.
بانغ!
كنت أعلم أن الأمل كان بلا جدوى. الآن وقد سقط الباب، استطعت أن أرى 'هم'. طعنت الكائن الذي كان في المقدمة بالممسحة. اخترقت الممسحة عينه وبلغت جمجمته. شعرت بردة فعل مقززة انتقلت عبر عمود الممسحة إلى أطراف أصابعي. شعرت على الفور بالغثيان. عبست وأنا أنفخ خدي مثل ضفدع.
رغم كل هذا، لم أتمكن من التوقف عن الطعن. ثبتّ الطاولة بساقي اليسرى بينما كنت أحفر بالممسحة رؤوسهم.
واحد، اثنان، ثلاثة... بدأت أشعر بالخدر من كثرة الطعن. كنت في حالة فوضى تامة. عقلي لم يكن قادرًا على استيعاب ما يحدث بينما كان قلبي ينبض بسرعة لدرجة أنني كنت أسمعه.
طعن، التالي. طعن، التالي. طعن، التالي.
استولت الذاكرة العضلية وغريزة البقاء على جسدي. تخلّيت عن التفكير وتركت لجسدي أن يتعامل مع ما يجري. سرعان ما اختفى كل شيء ما عدا الباب الأمامي من بصري. صوت تنفسي ودقات قلبي كانا يضربان طبلة أذني، يزدادان صخبًا مع كل طعنة جديدة أوجهها لـ'هم'. شعرت وكأن كل شيء يحدث ببطء، حتى حركاتي.
'يجب أن أتحرك أسرع، أسرع!!'
بدأ عقلي المشوش يتداخل مع جسدي. كنت أسمع صراخ 'هم'، وأرى جثثهم تتراكم. بدأت الطاولة تتمايل، على وشك الانهيار في أي لحظة. كنت أعلم أنني لن أتمكن من مقاومة الضغط أكثر من ذلك.
'لا أستطيع المتابعة.'
ظل عقلي يخبرني بالاستسلام، لكن جسدي قاوم، مشدودًا على الممسحة بقوة أكبر. في كل مرة أرغب بالاستسلام، كنت أطعُن كائنًا آخر، وأسحب الممسحة من رأس آخر كلما راودتني فكرة التوقف. لم أعد أشعر بأنني نفسي. اجتاحني شعور غريب. كان جسدي يتحرك مثل تروس ميكانيكية، يكرر نفس الفعل مرارًا وتكرارًا.
'طعن، سحب، طعن، سحب... أريد الاستسلام، أريد أن أستريح...' كانت هذه الأفكار تدور في رأسي كأنها سجل مكسور، لكن إرادة البقاء منعتني من الانهيار..
"آآآه!"
فقدت قبضتي على الممسحة. كانت قد علقت في رأس الكائن الأخير الذي طعنته. سقطت على مؤخرتي وأنا أحاول سحبها. وقفت فورًا وأمسكت بالممسحة من جديد. كانت يدي ترتجف كما لو أنني أعاني من نوبة. كان جسدي مبللًا بالخوف والإرهاق، لكن شعاع أمل جعلني أتحرك من جديد.
'‹سو-يون›...!'
أطبقت فكي وسحبت الممسحة بكل ما أملك من قوة. لم أعد أشعر بذراعيّ. كنت منهكًا، لكن 'هم' لا يزالون أقوياء.
'سأموت إن لم أفعل شيئًا.'
انهمرت الدموع على وجهي بينما كنت أواجه ضعفي وإنهاكي.
'هل هذه نهايتي؟ هل هذا أبعد ما يمكنني الوصول إليه؟'
كان جسدي منهارًا، وحياتي تبدو بلا معنى.
'هل ستنتهي حياتي هكذا؟ فقط التهموني ودعوا ‹سو-يون› تنجو. أنا الناجي الوحيد هنا! تابعوا طريقكم بعد الانتهاء مني.'
حدقت في أفواههم بعينين زجاجيتين.
غررر!!!
صدر صوت لم أسمعه من قبل من خلفي. كان عاليًا على نحو غير طبيعي ومقلقًا. بدا كصرخة شيطانية قادرة على انتزاع روحي. ترددت في طبلة أذني، وأعادت ذهني إلى الحاضر.
'ما التالي؟ إلى متى سيستمر 'هم' في تعذيبي؟'
ركزت انتباهي على الكائنات عند الباب الأمامي. لم أعد أشعر بوزن 'هم' على قدمي اليسرى. لم يعودوا يضغطون على الطاولة. جاء صوت غير معروف من بعيد، وتوقف 'هم' عن الحركة. خلال لحظات، بدأت الكائنات المتجمعة عند الباب بالتراجع.
لم أتمالك نفسي من الضحك، لكنني كنت أعلم أنه ليس بسبب الارتياح. لقد بدأ 'هم' بالفرار. تلك الكائنات التي استمتعت بالقتل قد فرت. كانوا كضباع تهرب عند رؤية أسود. كانت أعين 'هم' مليئة بالخوف. تلك الوحوش التي تصطاد البشر قد ارتعبت بسبب تلك الصرخة.
تمكنت من الالتفات والنظر إلى الشرفة. رأيت شيئًا من خلال الستائر، وشعرت برجفة من القلق. شعرت بشيء يراقبني. خلال لحظات، سمعت خطوات ورأيت قدميه على الشرفة.
كان ظله يبدو تمامًا مثل شكل إنسان. ومن المفارقات، أنه حتى في تلك اللحظة، دخلت فكرة عابرة إلى ذهني.
'هل 'هو' قفز كل هذه المسافة؟'
كنت في الطابق الخامس. تساءلت إن كان 'هو' قد بلغ الطابق الخامس بقفزة واحدة. لقد هبط بسلاسة مفرطة، ولم يبدو أن 'هو' قد تسلق من الشرفات السفلية.
'تلك مهارة مبهرة...'
لقد تجاوز قدرات البشر بكثير. حتى مع غروب الشمس، لم يكن من الممكن أن تكون قدرات 'هم' الجسدية كافية لفعل شيء كهذا. أمسكت بالممسحة بيدي المرتجفتين، لكنني لم أستطع منع أسناني من الاصطكاك. كانت ساقاي ترتعشان دون توقف أيضًا. كنت بالفعل مرهقًا، على الأرجح لأن أعصابي قد انهارت تمامًا.
كنت قد شعرت بلحظة من الارتياح عندما فرّ 'هم'، لكن الآن، كانت طاقتي تنفد. لم يكن الجو باردًا إطلاقًا، لكنني لم أستطع إيقاف ارتجاف أسناني. كنت مرعوبًا حتى الموت. أطلق الكائن الموجود على الشرفة صرخة أخرى.
غرررر!!!
عن قرب، كان الصوت عاليًا بما يكفي لتمزيق طبلة أذني. جعل رأسي يدور وأذنيّ تطنّان.
"يا إلهي...!"
رمشت بعيني وزفرت ببطء.
'أراهن أنه يستطيع حتى تحطيم تلك النوافذ مزدوجة الزجاج.'
كانت صرخته تشبه صرخة خنزير يُذبح، لكنها كانت أكثر حدّة وعلوًا. كانت صرخة بشعة، تستحضر صورة ‹مُنتزع الأرواح› وهو يمتص روح إنسان.
سقطت الممسحة من يدي. خارت قواي فجأة وسقطت على الأرض.
هبوط—
بدأ 'هو' بالتحرك.
---------------------يتبع---------------------
------------------DRAGONIAN----------------