وقف نادر امام ايفا التي وقع نظرها على يديها المجروحتين في الرسغ ،جلس على ركبتيه ثم قبل رسغها الدامي ،وضعت ايفا يديها على راسه وبكل رفق قبلت جبهته ،وقف نادر وهو اطول منها ،قام بتحريك شعرها المنسدل وقبل جبهتها بكل لطف وحنان ،ثم بقيا صامتين ينظران لبعضهما استيقظ نادر من الحلم الذي اعتبره من اجمل الاحلام التى راها منذ مدة طويلة، خاصة وانه كان يحلم بالكثير من الكوابيس انها السادسة والنصف صباحا ،دخل الحمام وهو يضع شريطا على عينيه احتراما لعورة ايفا ثم توضا وصلى وبقي يحدق في المراة ثم قال في نفسه انا لا اعرف شيئا عنها ولن اقدر على فهمها قط ،لكنني اشعر وكان قلبينا بدا يتحدان ،راى بشكل مفاجئ يدا تقترب منه فتراجع مفزوعا ،انها ام ايفا التى اخبرته انها طرقت الباب ولم يسمعها والفطور جاهز ،نظراتها تثير الرهبة في داخل نادر وكانها ترى من خلاله ،وشعر بانها تعلم ان الشخص الذي يقف امامها ليس ابنتها، في يوم الاحد ذهبت العائلة الى الكنيسة ثم جلسو في مقاعد مخصصة ،بناية ضخمة مع نوافذ كبيرة مزخرفة وملونة وفي الامام تمثال لرجل شبه عار مصلوب ،وقف القسيس يتحدث ويلقي ثم طلب من الجميع الصلاة معه رفع نادر يده بالخطئ داعيا وهو يعتقد انه في المسجد ،فنظر جميع من من حوله اليه باستغراب ،تفطن للامر فقام بسرعة بالتثليث معهم ،فاخر شيء يحتاجه في الوقت الحالي هو جذب الانتباه،خرجت العائلة من الكنيسة واخبر الابوين نادر انه يستطيع الذهاب اينما يشاء ،ولكنه بالفعل قد وضع في حسبانه المكان الذي سيذهب اليه ،انها الحديقة العامة وبينما كان متجها اليها ،شهر بالم شديد في معدته حاول تحمله لكن الالم بقي مستمرا ثم شعر بسائل يهبط من فخذه انه دم ،فهم مايجري له لكن امراة استوقفته في الطريق متسائلة :(هل انت ايفا هوفر ؟) فاجابها :(نعم) واذا بلكمة مفاجاة تسقطه ارضا ثم جذبته من شعره واخذت تركله وتشتمه بكلمات مثل الساقطة ،تدخل المارة وفصلوها عنه ،وجه ايفا اصبح مزرقا مع اثار الدماء حتى بين ركبتيها ،كان موقفا محرجا له لدرجة ان الاشخاص الذين كانو ممسكين به نزعو ايديهم متقرفين ،اشترى نادر فوطة واستعملها في مرحاض عام ثم بكى بشكل مفاجئ وبشكل هستيري فهو لا يتذكر اخر مرة بكى فيها، وبعد دقائق انقلب البكاء الى ضحك ،بقي نادر يقهقه بدون سبب وضع يديه على وجهه واخذ يهز بقوة وهو يئن وبعد لحظات سمع ضحكة قوية في المرحاض المجاور شعر بانه سمعها من قبل ،ففتح الباب وخرج بهدوء ثم سمع من ذالك المرحاض( دودومدودمهمهمهمدودومدودوم) كان احدهم يهمهم مغنيا ،كان نادر بالفعل قد علم من يكون فعندما نظر تحت الباب راى ارجلا بيضاء كبيرة فتملكه الخوف ثم خرج من المرحاض جاريا ،جلس في احد الكراسي العامة ليرتاح وفجاة شعر بقشعريرة شديدة وتنفسه ازداد ثقلا وكان احدهم كان يتلمس كل شبر من جسده ،ثم بدات سلسلة من المشاهد تنبعث في عقله ،اصوات وهمهمة وصراخ ،ادرك نادر انها ذكريات ايفا غربت الشمس بالفعل دون ان يشعر واذا بوالديه تبعاه بقلق الى الحديقة بفضل هاتفه الذي يحتوي على جهاز تحديد المواقع وبمجرد ما راى نادر الاب تقيا حتى كاد ان يخرج امعاءه حاول الاب مسكه فصرخ عليه قائلا :(لا تلمسني !!)ودفعه وهو يرتعش من الخوف جامعا نفسه بيديه ،جلس نادر على سريره كان جدالا حادا يسمع بين الابوين في الطابق الاول وبعد لحظات جاءت الام وجلست بالقرب منه ثم قالت :(اذا كان هناك شيء تريدينه فقط اخبريني )نظر نادر في عينيها ثم قال لها :(اريد ان اذهب الى تونس)فظهرت علامات التعجب على وجهها ،وقد توقع نادر ذالك ويعلم انها سترفض ،فقالت الام :(لك ذالك سوف نجهز جواز سفرك مع توقيع الاذن من الوالدين وساقدم لك بعض المال)السعادة التي غمرت نادر لاتوصف ثم عانقها وشكرها ،تجهز للرحلة وصعد الطائرة ثم جلس في كرسيه ووضع الحزام وغلبه النوم ،وقف نادر امام ايفا ووجهها منتفخ من الكدمات والدماء في رسغها يسيل بكثافة حاول لمسها فاشتعلت نارا واحترق جسدها حتى اصبح فحما ،فاستيقظ من حلمه على اهتزازات قوية للطائرة والركاب يصرخون ثم انحرفت لتسقط بشكل سريع وجنوني نحو البحر وضع نادر قناع الاكسجين وقرا الشهادتان ،فاصطدمت الطائرة بالمياه لتتخلل وسطها ،فتح نادر عينيه ليرى السماء زرقاء ومجموعة من الاطفال ينادونه:(روميرو! روميرو!) ابصر حواليه ثم نظر الى نفسه يداه اصبحتا اصغر وبشرته سمراء غامقة ثم شعر بالم مفاجا في ماخرة راسه ،لقد اصبح طفلا والصبيان من حوله يتحدثون بلغة مختلفة عن الالمانية والعربية ،وبعد بضعة دقائق بدا يفهم ما يقولونه يبد و انهم كانو يلعبون كرة القدم وانزلق بالخطا ليقع على راسه واعتقدو للحظة انه مات،القى نادر نظرة على الجرائد في احد المحلات وعلم انه نفس التاريخ الذي غادر من المطار باتجاه تونس عندما كان في جسد ايفا ،وعرف موقعه فهو في احد الاحياء القصديرية الفقيرة في ريو دي جانيرو بالبرازيل قام رفاقه الاطفال بتوجيهه الى بيته ،شقة صغيرة في الطابق الثاني متسخة جدا وصراصير في كل مكان رائحة السجائر منتشرة و في الركن ثلاجة صغيرة وتلفاز قديم كيف يعقل ان يعيش شخص ما في مكان كهاذا ،قال نادر في نفسه واذا بامراة تخرج فجاة شعرها مشعشب وغير مرتب اسنانها صفراء وتلبس بيجامة خضراء ،فصرخت عليه قائلة :(اين كنت ايها الصعلوك)فشدته من رقبته واخرت سكينا قد لامس النار ثم وضعته على ظهره وبدا بالصراخ من شدة الالم ،ثم قالت :(ليرحم الرب هذه الروح الضالة)وهي لا تزال تلامسه بالسكين الساخن .

2019/08/09 · 459 مشاهدة · 823 كلمة
Samiedres
نادي الروايات - 2024