رواية لما أنا

في كل الكتب والحكايات التي قرأتها، دائمًا ما تكون العائلة هي الركيزة، القوة التي تدفعك للأمام حين يتخلى عنك كل شيء آخر. أحببت تلك العبارة التي تكررت كثيرًا: *"حتى لو كان العالم كله ضدك، ستجد عائلتك معك."* لكن قصتي كانت الوجه الآخر تمامًا لتلك الحكايات. ولدتُ كالثاني، الطفل الذي لم يكن مرغوبًا فيه. كان العالم بأسره معي، لكن عائلتي... كانت ضدي. كل الحب والاهتمام انصبّا على أخي الأكبر. كان هو الابن المثالي، النجم الذي لا يغيب عن سماء والديّ. أما أنا؟ كنت الظل الذي بالكاد يُلاحظ وجوده. ما حصدته منهم لم يكن سوى التجاهل، أو الأسوأ... الضرب والتعنيف. أتذكر اليوم الذي تغيرت فيه حياتي إلى الأبد. كان شجارًا آخر من سلسلة لا تنتهي من المشاجرات التي ملأت البيت بالكراهية. في تلك الليلة، قرروا أنني عبءٌ يجب التخلص منه. تركوني في الشارع، بلا تردد، وكأنني لم أكن سوى شيء يجب إلقاؤه بعيدًا. لكن سوء الحظ لم يتوقف عند هذا الحد. بينما كنت أجوب الشوارع بلا هدف، هاجمني لصّ وطعنني بسكين بارد. شعرت بالحياة تتسرب من جسدي ببطء، وأغمضت عينيّ معتقدًا أن النهاية قد حانت. ولكن عندما فتحت عيني مجددًا، لم أكن في شوارع مدينتي. وجدت نفسي في عالم مألوف بطريقة غريبة، كأنني انزلقت إلى إحدى الروايات التي قرأتها من قبل. كان الأمر أشبه بحلم غريب، حتى أدركت الحقيقة المريرة: لقد تجسدت في جسد الأمير المنبوذ. الأمير الذي عانى من نفس المصير الذي عرفته في حياتي الأولى. الفرق الوحيد؟ هذه المرة كان مصيره أكثر سوداوية. لقد خدعوه، كرهه الجميع، وفي النهاية قتلوه بطريقة بشعة ومهينة. أفكر الآن... ربما لا فرق كبير. حياتي الأولى لم تكن أفضل. على أي حال، لا أملك شيئًا لأخسره. سأنتظر بهدوء هنا، حتى يقتلوني، وأخيرًا أتحرر من هذه الحياة اللعينة.
نادي الروايات - 2025