منذ أكثر من مائتي عام
زوجة امبراطور دورننتال ميليسا كانت محبوبة من قبل كل من في الإمبراطورية،كانت ذات مظهر جميل و رقيق بشعر اسود مزرق بنهايات فيروزية وقرون بلون بنفسجي غامق وعيون بلون لبني كلون السماء و بشرة بيضاء كالثلج،على عكس مظهرها الهادئ ذاك فلقد كانت شخصية نشيطة و مرحة تجذب من حولها إليها بأسلوب كلامها الرقيق و الابتسامة التي لم تفارق وجهها عرفتها انا و مالفرد منذ الطفولة،عندما تزوجا و حصلا على اول طفل لهما قام احتفال في أنحاء الإمبراطورية بأكملها رغم أن طفلهم لم يخرج من البيضة بعد حتى.
___________________________
ميليسا:(مالفرد،انظر! بدأت بعض الشقوق في الظهور على البيضة~!)
مالفرد:(هذا جيد،يبدو انها ستفقس قريبا)
ليليا:(لكن أليس هذا مبكرا بعض الشيء؟ الا تأخذ بيضة التنين في الغالب ٥٠٠ عام لتفقس؟)
مالفرد:(اجل،لكن كلما كان التنين قويا كلما قلت فترة بقاءه في الداخل بما أن البيضة تفقس بإستخدام السحر الذي يمده بها والديها لذا إذا كانت الفترة قصيرة فيعني هذا أن الطفل يستوعب السحر بشكل أسرع)
ليليا:(إن كنت اتذكر جيدا قضيت ثلاثمائة عام لتفقس بيضتك،مالفرد)
مالفرد:(صحيح،لكن يبدو أنه سيكون اقوى مني حتى فهو يسحب كميات كبيرة من سحري انا و ميلي،لم يمضي سوى مائة عام فقط و قد بدأت الشقوق بالظهور فعلا)
ميليسا:(بالطبع سيكون قويا بشكل استثنائي فهو ابني في النهاية~....بما أن الشقوق ظهرت بالفعل،لن يحدث شيء إن قمت بكسرها و إخراجه من-)
جفل كلا منا و قلنا في نفس الوقت
مالفرد&ليليا:(إياك!!)
ميليسا:(إيه؟~ لكني اريد رؤيته حقا،انتظرت مائة عام بالفعل!)
تنهد مالفرد و امسك جبينه بيده
مالفرد:(تتحدثين كأنك انت فحسب من انتظر...على كل حال انا اريد رؤيته على قيد الحياة ميلي،لذا رجاءا اصبري قليلا)
ليليا:(تتحدثان هكذا لكن هل قررتم حتى ما سيكون اسمه؟)
ميليسا:(انا فكرت،لو كانت فتاة سأسميها ميراي و لو كان فتى سأسميه ميكايلا~)
مالفرد:(ميراي و ميكايلا؟...أليست اسماء لطيفة للغاية بعض الشيء؟)
ليليا:(ميراي تعني المستقبل و ميكايلا اسم ملاك،لهما نغمة لطيفة حقا~)
ضحكت ميليسا و قالت بصوت مبتهج
ميليسا:(أليس كذلك؟~ لم افكر بأفضل منهما)
مالفرد:(لا تعجبني تلك الأسماء...)
نظرت انا و ميليسا إلى مالفرد بتحير
ميليسا:(لما لا؟ايضا لقد أردت بعض التغيير)
مالفرد:(همم؟ تغيير؟)
ميليسا:(أعني أن أسماء كل من في عائلتك تبدأ بنفس المقطع 'مال' لذا أردت أن يكون اسم ابني أو ابنتي يحتوي على اول مقطع من اسمي 'مي')
مالفرد:(حسنا،لكن اريد اسما يدل على القوة أكثر...مثل مالوس)
ميليسا:(مالوس؟..)
ليليا:(هذا يعني 'ميزان' أليس كذلك؟)
مالفرد:(اجل،اريده أن يكون حاكما عادلا لذا أظن هذا الاسم افضل و هو ينفع للاولاد و البنات)
ميليسا:(اخترت اسما يبدأ بنفس المقطع كبقية عائلتك مجددا...)
عبست ميليسا قليلا
مالفرد:(هيا الان مالوس لديه نغمة لطيفة ايضا~)
ليليا:(لا تعبسي ميليسا،فهذا طبع هذه العائلة حقا يلتصقون بالعادات و التقاليد بشكل مبالغ فيه~ على عكس مصاصي الدماء فأنا واخوتي لا يوجد حرف واحد مشترك في اسمائنا)
ميليسا:(همم؟ أليس اسم شقيقك الأكبر فيريد؟ تتشاركان حرف الياء~)
ليليا:(هذا الشيء الوحيد بجانب الشعر الفضي الذي نتشارك به...)
مالفرد:(على كل حال،مالوس سيكون اسما افضل....أيضا لا اريد سماع كلمات الاعتراض من امي لو بدأ اسم الطفل بشيء غير نفس المقطع كالباقي...)
تنهدت ميليسا و ابتسمت برقة مجددا
ميليسا:(حسنا حسنا سأتنازل هذه المرة فقط~)
ابتسم مالفرد نحوها
مالفرد:(شكرا،ميلي)
ليليا:(تسك،ماتزال والدتك متشددة للغاية مالفرد،حسنا إذا سيكون اسم الطفل مالوس أليس كذلك؟)
ميليسا:(اجل،حقا لا اهتم للاسم كثيرا مادام بإمكاني رؤيته بصحة جيدة)
مرت بضعة أشهر و فقست البيضة كان فتى،لكنه ولد بطريقة مميزة حقا فمن المعروف أن اطفال الف التنانين يمرون بمرحلة النمو الاولى بعد الوصول لمستوى معين من القوة،عندها يحصلون على مواصفات التنانين مثل القرون والذيل و الأجنحة،هذا ويمكن أن يحدث تغير بسيط في لون الشعر أو العيون
لكن مالوس ولد بقرون سوداء جميلة و ذيل اسود بنهاية بنفسجية غامقة و أجنحة صغيرة باللونين الأسود و البنفسجي...و قوى سحرية اكبر من تحكمه،اذكر اول مرة حملته فيها بعد أن خرج من بيضته عطس في وجهي و نفث نيرانا بنفسجية أحرقت معظم شعري و كادت تحرقني لولا أنني انشأت حاجزا سحريا بسرعة،و كانت تلك هي البداية فقط فبعدها اكتشفنا أنه يستطيع التحكم بالطقس حسب مزاجه فعندما يبكي تهطل الأمطار و تهب رياح شديدة و اذا غضب يسمع صوت البرق و الرعد في أنحاء الإمبراطورية و عندما يشعر بالوحدة تهطل الثلوج حتى لو كنا في منتصف الصيف،هذا غير قدرته على النقل الاني فلقد كان يختفي ويظهر فجأة حتى وجدناه مرة على الحدود بين إمبراطورية دورننتال و مملكة لانروج بعدها قرر مالفرد وضع حاجز سحري حول القلعة بأكملها حتى يحد من من تحرك ابنه،و على الرغم من أن كل ذلك يبدو متعبا و مزعجا للتعامل معه فقد احبه مالفرد و ميليسا حبا جما،و لكي يضمن مالفرد سلامته نقل إلى مالوس حارسه الروحي و الذي يكون انا ليليا لي لانروج الأمير الثالث لمملكة لانروج،لكني منذ الصغر فضلت أرض المعركة على البقاء في القصر وهكذا عندما بلغ مالفرد مرحلة النمو الثاني حيث يتحدد فيها حارسه الروحي كان انا،و كان هذا متوقعا بعض الشيء فنحن منذ الصغر كنا كالإخوة و قاتلنا جنبا إلى جنب،و أن ينقلني إلى ابنه لأكون حارس مالوس الروحي دل حقا على مدى حب و حرص مالفرد عليه لذا توليت تربية مالوس منذ ولادته إلى جانب ميليسا عندما ينشغل مالفرد،يااه كانت أياما جميلة و مسالمة حين كنت أذهب مع مالوس و ميليسا إلى الحديقة.
___________________________
ميليسا:(اين يمكن أن تكون؟~ مالوس~عندما أعثر عليك سألتهمك!~)
سمعت بعدها صوت ضحك صغير من خلف إحدى الأشجار في الحديقة،فتسللت ميليسا ببطء و قامت بمفاجأة مالوس الذي ارتفع صوت ضحكه بإبتسامة مبتهجة على وجهه أثناء احتضان ميليسا له،كانت ميليسا تساعد بشكل كبير في السيطرة على قوته تلك فهو في النهاية ورث قوى تغيير الطقس منها،كانت دائما ما تساعدني في تدريبه على التحكم بقوته بعد الافطار بعدها يذهبان إلى الحديقة ليلعبا معا و كانت دائما ما تجلس معه تحت أحد الأشجار لتصنع له اطواقا من الزهور كانت ميليسا تدلله حقا و يبدو أن هذا التدليل أعطى نتيجة إيجابية فقد بدأ يتحكم نوعا ما بقوة الانتقال الاني الخاصة به،اما بالنسبة إلى تغيير الطقس فكانت على حسب مزاجه فيمكن أن يكون هادئا احيانا واحيانا قد يفزع القصر بأكمله بصوت الرعد و البرق مثل تلك المرة عندما لم يتمكن من قفل ازرار قميصه و تلك المرة عندما كاد أن يجمد القصر بأكمله بمن فيه عندما وعده والداه بأن يتناولا الغداء معا لكنهم انشغلوا ببعض الأعمال عنه فشعر بالوحدة وقام بتجميد القصر بالكامل و لولا وصولي حينها لتجمد من في القصر حتى الموت دخلت بسرعة وقمت بإذابه الجليد من على الخدم الذين كانوا في قاعة الطعام و اخذت بعضا من الجليد ووضعته بعض العصير عليه،كررت العملية حتى أصبح هناك مايكفي الخدم ويكفيني انا و مالوس بعدها نظرت إليه وابتسمت بلطف
ليليا:(هيا ألا تريد أن تجربه؟)
قام بهز رأسه للموافقة ببطء،فور أن تذوق طعم الجليد بالعصير ذاك عادت الابتسامة الى وجهه
ليليا:(هل اعجبك؟)
مالوس:(أجل!أنه لذيذ!)
ليليا:(مالوس،انظر حولك كل من يجلس حولك على هذه الطاولة كدت أن تقتلهم بقوتك)
اخفض رأسه بحزن بعدها
ليليا:(لكن انظر إليهم الان،انهم يستمتعون بأكل نفس الثلج الذي كاد أن يقتلهم منذ لحظة.اتعرف معنى هذا؟)
هز رأسه بتحير منتظرا اجابتي
ابتسمت و قلت له بنبرة لطيفة
ليليا:(أن تمتلك قوة ساحقة لا يجعل منك وحشا،بل طريقة استخدام تلك القوة هي من تحدد ذلك فيمكن أن تسبب الخوف و الذعر لمن حولك كما يمكن بنفس تلك القوة أن تسبب لهم السعادة و الفرح،الامر متوقف عليك)
نظر إلي بنظرة بريئة كأنني انقذته من الموت،انا اعرف فهو في النهاية طفل صغير بكم مهول من الطاقة لا يتحكم بها إطلاقا و هذا بالطبع جعل الكثير من الأشخاص في القصر يخافون منه و يعاملونه بحذر شديد،لذا فليس غريبا إن سمع أحدهم يتحدث عنه بسوء في مرة من المرات
ليليا:(مالوس،انت لست وحشا لا تستمع لما قد يقوله اي شخص عنك،كل ما تحتاجه هو التدريب و ستكون بعدها ساحرا و حاكما عظيما و قويا،انا واثق من ذلك)
ابتسم بسعادة غامرة اتجاهي ،بعدها أصبح هو من يطلب مني و من والدته تدريبه،انه حقا فتى طيب كان على أهبة الاستعداد لفعل اي شيء لكي لا يؤذي اي شخص مجددا.
مرة بعد مرة و يوما بعد يوم بدأت سمعة مالوس بالتحسن و بدأ الكثير من الناس في حبه و التعلق به ساعد على ذلك الطباع الرقيقة التي ورثها من والدته،كان مالفرد سعيدا حقا بتقدم ابنه ذاك فبدأ يحاول تخصيص بعض الوقت ليعلمه بعضا من التعاويذ السحرية،كان مالوس حقا سريع الاستيعاب و يتعلم بسرعة كان والداه فخوران به و انا ايضا كنت فخورا به للغاية حتى أصبح معروفا ك ولي العهد العبقري،كان الوضع مسالما و سعيدا لم يتوقع أي منا ما حدث بعدها اطلاقا.
بدأ الأمر بشعور ميليسا بألم خفيف في قدمها اليسرى و بما أن مالفرد كان يخاف عليها من الهواء فطلب أن يفحصها الطبيب الإمبراطوري ،لكن أكد الطبيب أن هذا الالم هو بسبب الإرهاق فقط و لا داعي للخوف بشأن اي شيء،لكن بدأ الالم يشتد في قدمها و ينتقل إلى جانبها حتى توقفت قدمها اليسرى عن التحرك،هذا جعل مالفرد يستدعي أعرق الأطباء ليفحصوها مجددا،تبين أنها أصيبت بمرض نادر لم يتعامل معه أي منهم من قبل لانه كان من المفترض أنه اختفى منذ زمن بعيد،كان تشخيص ميليسا أن الالم سينتقل من جانبها الأيسر إلى يدها اليسرى حتى تتوقف ثم قدمها اليمنى حتى تتوقف و جانبها و يدها الأخرى حتى تتوقف أيضا بعدها ستصاب الرئتين بالشلل بعدها يتوقف القلب عن النبض،كاد مالفرد أن يتوسل إليهم لكن دون جدوى مهما بحثوا لم يعثروا على العلاج،فكان كل ما استطاعوا فعله هو اعطائها مسكنات لكي تخفف الالم من عليها على الاقل أما موتها فكان أمرا محتوما لا مفر منه.من كان يراقب كل ذلك بصمت هو مالوس الذي كانت مسألة شهور قليلة ويتم عامة ال٢٠٠-اي عامه الثاني بحسابات البشر- بعد سماع أن موت ميليسا هو أمر محتوم أصيب ليس القصر فقط بل الإمبراطوية بأكملها بالحزن و الاكتئاب.
_______________________
في احد الايام،سمعت ميليسا صوت طرق صغير على باب غرفتها
ميليسا:(همم؟من هناك؟)
مالوس:(....امي..)
ابتسمت ابتسامة لطيفة وقالت بصوتها الرقيق المعتاد
ميليسا:(آه،عزيزي تفضل بالدخول)
فتح الباب ببطء و دخل مالوس يمشي بخطوات بطيئة و رأسه موجه للاسفل حتى توقف عند سرير والدته
مالوس:(امي....)
ثم رفع رأسه بإبتهاج وحاول أن يبتسم كالمعتاد واخبرها بصوت فرح
مالوس:(اليوم تعلمت تعويذة جديدة! و أبهرت ليليا و ابي بها! قال ليليا أنني حقا ساحر موهوب بالفطرة كما أخبرني أيضا انني بعد أن أتم الرابعة من عمري سيعلمني الطيران!)
ميليسا:(أحقا هذا؟)
ضحكت ضحكة خفيفة بعدها وربتت على رأس مالوس ونظرت إليه بنظرة حنونة
ميليسا:(كما هو متوقع من ابني~ بالتأكيد ستكون موهوبا!)
ابتسم مالوس بسعادة بعد أن رأى والدته تعطي ردة الفعل الحيوية تلك،مدت ميليسا يدها لتحاول رفع مالوس إلى السرير جانبها،لكنها لم تقدر شعر مالوس بيد والدته اليسرى ترتعش بجنون عندما حملته،صمتت ميليسا للحظة بنظرة إشفاق على وجهها
ميليسا:(....يبدو انني حقا لن استطيع تحريكها..)
قالتها بصوت منخفض حتى لا يسمعها مالوس بعدها ربتت على السرير بجانبها و نظرت إلى مالوس بإبتسامة رقيقة على وجهها
ميليسا:(تعال،اجلس بجانب والدتك)
صمت مالوس للحظة قبل أن يصعد إلى حضنها أخذته ميليسا و راحت تمشط شعره بيدها اليمنى فهذه هي الوحيدة التي تستطيع تحريكها بحرية للوقت الحالي، أخبرته بصوتها الرقيق المعتاد
ميليسا:(عزيزي مالوس،اقترب عيد ميلادك أليس كذلك؟)
هز مالوس رأسه للموافقة ببطء
ميليسا:(لقد كبرت بسرعة حقا!.....مالوس عزيزي،انت فتى طيب القلب حقا اريدك أن تعدني بأن تستمر في التدرب على التحكم بقوتك لكي لا تؤذي اي شخص،اتفقنا؟)
تمسك مالوس بيده الصغيرة بفستان والدته وقام بتقريب وجهه إليها وقال بصوت مرتعش
مالوس:(بالطبع!....انا اعدك...امي)
ميليسا:(آآه الست محظوظة بإبن مطيع للغاية مثلك؟~)
ضحكت ضحكة خفيفة و أكملت حديثها بعدها
ميليسا:(مالوس،اريدك من الآن و صاعدا أن تبقى قويا لا تحزن و لا تترك مشاعرك تسيطر عليك....اعلم انك ربما لن تفهم كل ما سأقوله الان لكن....لكن عدني انك لن تهمل دراستك و لن تتسبب في المتاعب و القلق لمن حولك....عليك أن تأكل جيدا و عامل الأشخاص من حولك بإحسان مادام لم يؤذك أحد منهم أو يؤذي عائلتك...عليك أن تعرف أنه أحيانا ستحدث اشياء لم تكن لتتوقعها و يمكن أن تكون اشياء لا تريد حدوثها لكن....في بعض الأحيان تلك الأشياء ستحدث و لا يمكننا فعل شيء لإيقافها...يسمى ذلك بالقدر،عليك تقبله و التعلم منه...لا عليك ربما سيأخذ الأمر وقتا لتتقبله لكن لا تيأس! و لا تحاصر نفسك بالحزن و الاكتئاب...مهما كان ما سيحدث كل شيء له نهاية لن يستمر الحزن للأبد لذا لا تستسلم،حسنا؟)
بدأت عيني مالوس ترتعش و زاد تمسكه بفستان والدته و قال بصوت لا يكاد يسمع من شده ارتعاشه
مالوس:(أ-أعدك....لن أستسلم...ابدا!..)
ابتسمت نحوه بلطف و ربتت على رأسه
ميليسا:(إذا،هل تناولت الغداء؟)
مالوس:(كلا....)
ميليسا:(كيف تريد أن تكبر إن لم تأكل جيدا؟....أيضا لا نريد ترك والدك يتناول الطعام بمفرده)
مالوس:(م-ماذا عن امي...الن تتناولي الطعام معنا؟...)
نظرت ميليسا بحزن إلى قدمها اليسرى التى توقفت عن الحركة ثم عاودت الابتسام
ميليسا:(لقد تناولت الطعام هنا على السرير)
ابتسم مالوس اتجاهها
مالوس:(إذن المرة القادمة سأتناول الطعام انا وابي معك هنا!)
ضحكت بخفة وعانقته بيدها اليمنى
ميليسا:(انت حقا فتى طيب،مالوس)
نزل ببطىء من على السرير وودع والدته،ذهب بعدها إلى مكتب والده وطرق على الباب و انتظر حتى أذن له والده بالدخول مشى إليه ببطء حتى و قف جانب مكتبه و اقترب منه و امسك بيده
مالفرد:(همم؟ما خطبك مالوس؟هل حدث شيء؟)
مالوس:(....امي)
انتفض مالفرد من على كرسيه و امسك كتفي مالوس بسرعة
مالفرد:(ما الامر؟! هل حدث شيء لها؟)
تفاجأ مالوس من ردة فعل والدة تلك فكانت أول مرة يراه منفعلا هكذا
مالوس:(لا..لا،لم يحدث لها شيء)
فور سماع ذلك أخذ مالفرد أنفاسه و جلس على الكرسي مجددا و تابع بصوته المعتاد
مالفرد:(إذا...ما الامر؟)
مالوس:(هل....هل حقا لا يوجد..علاج لها؟..)
اتسعت عيني مالفرد و نظر إلى مالوس بتفاجئ
مالفرد:(انت....من اخبرك بهذا؟...)
اخفض مالوس رأسه و اسندها على ركبة والده و قال بصوت منخفض
مالوس:(لقد سمعتك....انت و الأطباء...)
صمت مالفرد و نظر إلى ابنه وهو يتابع الحديث
مالوس:(هل...هل حقا لن تعود قادرة...على المشي مجددا؟....يدها اليسرى كانت ترتعش بقوة عندما حاولت حملي...لن تعود قادرة على استخدام يديها مجددا....لن تقوم باللعب معي مجددا....لن تكون قادرة على احتضاني مجددا...)
أخذ جسده الصغير بالإرتعاش رفقة صوته المرتعشة
مالوس:(لن نصنع اطواق الزهور معا مجددا....لن نتدرب معا....لن تحملني بين ذراعيها...لا...لا اريد!..لقد وعدتني...لقد وعدتني بأن تعلمني كيف اصنع اطواق الزهور بنفسي....أردت أن أهديها لها كهدية...)
عض مالفرد على شفتيه وضم إليه ابنه،بدأت الدموع تنهمر من عيني مالوس وادخل وجهه في احضان والده واستمر بالكلام بصوت متقطع و مرتعش
مالوس:(إذا.... إذا أصبحت جيدا في السحر....هل سأتمكن من علاجها؟...سأفعل اي شيء!...اريد أن تبقى حية!)
امسك بقميص والده بقوه وبدأ صوته يرتفع حتى شابه الصراخ
مالوس:(انا...انا اريد اللعب مع امي! اريد التدرب مع امي! اريد رؤية وجهها كل يوم! اريدها أن تحتضنني....اريد سماع صوتها كل يوم! اريد تناول الطعام معها كل يوم!)
و انهمر في البكاء و الصراخ،احتضنه مالفرد بقوة أكبر و أخذ يربت على رأسه برفق فهو أيضا يحبس دموعه فلا يمكن أن يبكي امام إبنه،لذا أخبره بصوت مرتعش
مالفرد:(مالوس...انا سألعب معك...انا وليليا سنقوم بتدريبك...سأخصص لك كل يوم وقتا لنتنزه معا...سأعلمك انا كيف تصنع اطواق الزهور...انا و جدتك سنتناول معك الطعام كل يوم...اعدك!..اعدك أنني لن اتركك بمفردك....لا تبكي رجاءا...لا استطيع تحمل رؤيتك تبكي هكذا...لا تقلق مالوس،سأفعل اي شيء تريده مني..)
لكن تلك الكلمات لم تخفف من حدة بكاء الطفل الصغير فظل في احضان والده واستمر البكاء....كنت اراقب هذا...لم اعرف ماذا افعل...انا حارس مالوس الروحي لكنني لا اعرف كيف اتعامل مع الاطفال جيدا خصوصا في حالة حرجة كتلك لم تمر علي من قبل فلقد توفيت والدتي بعد أن ولدت مباشرة لذا لم اختبر فقدانها...أيضا لم احب الاعتناء بالأطفال يوما اعترضت بشدة عندما قال مالفرد أنه سيمنحني لإبنه....لكن بدأت اتقرب منه شيئا فشيئا...لكن مازلت لا اعرف كيف علي التصرف في موقف كذالك فأنا في النهاية لا اجيد سوى القتال.... لذا التزمت الصمت،خفت قول اي شيء فأزيد الطين بلة....مرض ميليسا لم يقتصر وقعه على دورننتال فحسب فوصلت الاخبار لمملكة لانروج و هذا لأن زوج الملكة هو شقيق مالفرد الاكبر مالينارد و شقيقه مالفرد الصغرى ماليني هي زوجه الأمير الثاني لمملكة لانروج،كانت مملكة لانروج قد انتهت منذ فترة صغيرة بالاحتفال بمولد الأمير الثالث ارنولد ابن الملكة كرول التي تكون اختي الكبرى،لذا فور انتهاء الاحتفال ذهبت هي وأبنائها برفقة زوجها و شقيقة مالفرد ماليني لزيارة ميليسا.
___________________________
فتح باب غرفة ميليسا بقوة ودخلت كرول إلى الغرفة و عانقت ميليسا بقوة
كرول:(اوه~ميلي عزيزتي الرقيقة كنت أعرف أن زواجك بمتبلد المشاعر ذاك لم يكن فتحة خير عليك!~)
تفاجئت ميليسا و قالت:(ك-كرول؟!ماذا تفعلين هنا؟ اليس عليك الراحة أكثر؟ لقد انجبتي منذ أسبوع فحسب)
كرول:(اوه ميلي عزيزتي انت دائما هكذا،تقلقين على من حولك قبل نفسك.تسك،تسك عليك أن تكوني أنانية قليلا،الان~ اين زوجك متبلد المشاعر ذاك؟~)
ميليسا:(مازلت لا اعرف لماذا لا تطيقينه لتلك الدرجة...)
مالفرد:(من ذا الذي تنادينه بمتبلد المشاعر ايتها المرأة المسعورة؟)
دخل مالفرد إلى الغرفة رفقة إخوته نظر إلى شقيقه الأكبر مالينارد و قال
مالفرد:(اوي،عليك ربطها بلجام لقد انقضت على زوجتي وهي طريحة الفراش هكذا)
تنهد مالينارد و قال:(كرول،ميليسا مريضة هل يمكن ألا تزعجيها رجاءا؟)
كرول:(هاه؟ و من قال إنها منزعجة؟)
مالينارد:(انها حرفيا طريحة الفراش،لذا رجاءا ابتعدي عنها)
كرول:(تسك،ثقل الدم و البرود وراثة في هذه العائلة بأكملها كما يبدو~ آآآه لو تعلمين كم الليالي التي سهرتها و انا أتمنى ألا يرث اي من اطفالي حس فكاهته منهم)
ليليا:(يااه~ اتفق أن شقيقتي مسعورة،لقد اعتادت عضي عندما تغضب هذا أحد الأسباب عدم بقائي في ذاك القصر~)
ظهر ليليا فجأة و طاف حول كرول،كانت ميليسا مرتبكة بعض الشيء من المحادثة بأكملها لاحظ مالفرد ذلك لذا ذهب بجانبها و قال
مالفرد:(لا تقلقي،هذا النوع من الحوار طبيعي بيننا،اليس كذلك؟)
طاف ليليا اتجاه مالفرد و مالينارد و وضع يديه على كتفيهما و قال:(اجل~بالطبع هو كذلك فنحن يعتبر تربينا معا منذ الصغر~)
ميليسا:(اوه!اعرف هذا! العلاقة بين الف التنانين ومصاصي الدماء كانت علاقة حميمة منذ قديم الازل~)
ماليني:(أجل انت محقة،كنا كثيرا ما نلعب معا في صغرنا و احيانا كنا ندرس معا أيضا~)
ذهبت ماليني إلى جانب ميليسا على السرير ووضعت يدها برفق على كتف ميليسا الأيمن و قالت بإبتسامة لطيفة
ماليني:(لكن دعونا لا ننسى السبب الرئيسي في قدومنا إلى هنا،ميليسا عزيزتي جئنا لنتطمئن عليك)
ابتسمت ميليسا نحوها بلطف و قالت بصوت رقيق
ميليسا:(شكراً لكم جميعا حقا...انا في افضل حال ،مازلت على قيد الحياة على الاقل)
ارتمت كرول عليها مجددا بتعبير يشبه جرو صغير يتمسك بوالدته
كرول:(آآآه~ ميلي انتي حقا الطف شخص قابلته في حياتي كلها!~)
مالفرد:(اوي! ابتعدي عنها!)
نظرت إليه كرول نظرة ساخرة و قالت
كرول:(لما؟~هل تغار~)
برزت عروق على وجه مالفرد لذا تدخل شقيقه الأكبر مالينارد و قام بسحب كرول من فستانها إلى ركن الغرفة
مالينارد:(حسنا حسنا يا الهي،اطفالك لا يتصرفون هكذا)
كرول:(هذا لأنهم و مع الاسف ورثوا ثقل الدم منك..)
مالينارد:(اوي)
ضحكت ميليسا على ذاك المشهد وابتسم معها كل من في الغرفة،مر بعض الوقت
ليليا:(نيه،اختي اين فيريد؟)
كرول:(اه،قالت ماليني أنه توقف في منتصف طريقنا إلى هنا لان أمرا عاجلا حدث)
ليليا:(إذا هل كل شيء بخير؟ لم يعد حتى الآن...)
كرول:(يا إلهي ليليا أنت قلق عليه أكثر من زوجته)
تنهدت كرول و أكملت حديثها
كرول:(انت تعرفه،كان دائما غريب الأطوار هكذا،ربما تغير مزاجه وسط الطريق فجأة كالعادة لذا قرر العودة إلى القصر)
ابتسمت اتجاها و قلت:(انتي محقة،تصرفاته كانت غير متوقعة هكذا دائما)
مشت كرول من جانب ليليا و ذهبت ناحية مالفرد و ميليسا
كرول:(نيه،اذا اين يمكن أن يكون ابنكم الصغير اللطيف؟~)
مالفرد:(على الأغلب عاد إلى غرفته ليلعب مع الباقي،مرت فترة منذ تجمعهم)
كرول:(لكن كنت اريد رؤيته،الا يمكنك أن تجعله يأتي إلى هنا ليسلم على عمته؟~)
ماليني:(لست عمته بل انا)
كرول:(جديا ما خطب غيرتكم تلك؟)
مالينارد:(على اي حال،لا نريد ازعاج ميليسا أكثر من ذلك.هيا سنعود إلى القصر)
كرول:(لا داعي للعجلة،فيريد عاد إلى القصر على الأغلب)
مالينارد:(هذا سبب اكبر لكي نسرع بالعودة)
كرول:(.....بعد التفكير،اجل انت محق علينا العودة بسرعة،فأنا لا أنوي العودة لأجد أن فيريد دهن القصر بالوردي لانه شعر بالملل)
ماليني:(اوه هيا الان~ فيريد لن يتصرف هكذا دون سبب وجيه)
ليليا:(لن انسى المرة التي جعل الخدم رجالا و نساءا يرتدون ملابس راقصي الباليه لأنه أراد الشعور بالتغيير~)
ماليني:(حسنا...قد تكون طريقه تفكير مميزة بعض الشيء،لكنه حقا رجل صالح)
كرول:(إلى الآن لا اعرف كيف تتعاملين معه،نحن إخوته و لم نتحمله و ها انت ذا تعيشين معه تحت سقف واحد،تسك،اخبرتك في فترة الخطوبة أنه هناك رجال افضل لكن لا حياة لمن تنادي~)
ماليني:(هذا لأنني حقا احبه وهو ايضا كذلك،كل شخص لديه شيء يميزه عن الآخرين،هذا ما أصدقه)
كرول:(حسنا،انتي محقة في ذلك على ما اظن)
مالفرد:(بالمناسبة ماليني،اين ابنك؟ لم أره عندما جئتم إلى هنا)
ماليني:(سيدويل؟ لقد أخذه فيريد معه،قال أنه يريد أن يجعله يرى كيف يعمل لكي يتعلم بعض الاشياء منه)
ليليا:(ألا يفعل هذا كثيرا في الآونة الأخيرة؟ مازال سيدويل صغيرا)
ماليني:(أخبرته بهذا لكنه أصر أنه سيكون أفضل هكذا)
كرول:(حسنا،عليكي أن تحرصي أن يأتي سيدويل المرة القادمة التي سيتجمع فيها الاطفال)
ماليني:(لا تقلقي،سأتأكد من ذلك)
بعدها قاموا بحديث لطيف مع ميليسا لأنها كانت تتكلم بصعوبة بالغة، ودعوا مالفرد وليليا و غادروا،ترك مالفرد ميليسا لترتاح قليلا بعد أن اطمأن عليها،ذهب الى غرفة مالوس بعدها
مالفرد:(مالوس،انت بالداخل؟)
مالوس:(أجل...)
كان صوت مالوس ضعيفا و حزينا بعض الشيء،فتح مالفرد باب غرفته فوجده جالسا على كرسي مكتبه المقابل للنافذة يحدق بالخارج بنظرة فارغة
مالفرد:(....انت بخير؟ لما لم تنزل لتسلم على عمك و عمتك؟)
مالوس:(آسف...انشغلت مع أبناء عمي...)
مالفرد:(انا ارى....إذا هل استمتعت باللعب معهم؟)
مالوس:(اه...بالطبع)
لكن نبرة صوته و تعابير وجهه لم تكن لشخص يستمتع بوقته إطلاقا،اقترب مالفرد من ابنه
مالفرد:(هل حدث شيء ما؟....يمكنك اخباري بأي شيء تريده كما تعلم)
مالوس:(كلا...لم يحدث شيء...الأمر فقط حسنا..بدى أبناء عمي فرحيين للغاية بشقيقهم الصغير...لا اعلم لما عندما نظرت إلى ثلاثتهم شعرت... بالوحدة؟...)
قام مالوس بعدها بوضع كلتا يديه على المكتب و هز رأسه يمينا ويسارا اثناء قوله:(لا!لا! بالطبع لا احسدهم أو شيء كهذا)
بعدها عاد التعبير الفارغ على وجهه و قال:(انا احب أبناء عمي....لما شعرت بهذا إذا..)
نظر إلى والده بنظرة مرتبكة و قلقة بعض الشيء
مالوس:(هل..هل هذا يجعلني شخصا سيئا؟..)
ضم مالفرد ابنه إليه و ربت على رأسه برفق
مالفرد:(بالطبع لا،هذا لا يجعلك شخصا سيئا....مالوس،هل تريد شخصا لتلعب معه؟...)
مالوس:(كلا...أبناء عمي و عمتي يلعبون معي...لكنهم يرحلون في النهاية)
مالفرد:(إذا مالوس عزيزي،هل تريد شخصا لتلعب معه لفترة اطول؟ يمكنني ان-)
قاطعه مالوس و قال:(كلا،اعرف أن أبي امبراطور ولديه الكثير من الأشياء لفعلها...امي)
بدأ جسده يرتعش قليلا
مالوس:(امي كانت..تلعب معي عندما يغادرون هم...اريد شخصا يبقى معي،لن اطلب منك لأنك مشغول...جدتي لن توافق على اللعب معي...)
صمت مالفرد و نظر إلى ابنه و قال:(لا تقلق مالوس,سأتأكد من انك لن تبقى وحيدا مجددا)
مرت الايام و ظل مرض ميليسا يتقدم كما قال الأطباء تماما،توقف مالوس عن زيارتها بعد اخر مرة عندما كان يحدثها مالوس و سعلت كثيرا من الدماء فجأة اخافه ذلك للغاية لذا بقي في غرفته من بعدها،لم يتوقف مالفرد عن محاولة البحث عن علاج لها،و كانت جدة مالوس تعتني بميليسا طوال تلك الفترة تعطيها الدواء و هكذا.
دخلت ميليسا حالتها الأخيرة حيث أصيبت الرئة اليسرى بالشلل،عندها ظهرت امرأة بشعر بني و عيون عسلية تتدعي انها قادرة على علاج اي شخص،لان مالفرد كان يائسا حقا لذا دعاها فورا إلى القصر الامبراطوري،قبل ان تدخل تلك المرأة إلى غرفة ميليسا أوقفها مالفرد
مالفرد:(لن أسمح لكي بلمسها حتى اعرف كيف تعمل قواك بالضبط)
انحنت المرأة بإحترام و قالت بصوت رقيق:(بالطبع،جلالتك.قواي تعمل بالدماء إذا حصلت على دماء الشخص المصاب أستطيع شفاءه على الفور)
أخذ مالفرد بسرعة خنجرا من أحد الحراس بجانبه وقام بجرح يده مما جعل كل من حوله يتفاجئ لكن مالفرد لم يهتم وقام بإعطاء يده المصابة لتلك المرأة وقال:(هيا،قومي بشفائه)
ابتسمت المرأة و اخذت دماء مالفرد،شفي جرح يده على الفور بعدها حقا،لذا سمح لها مالفرد بالدخول إلى غرفة زوجته،عندما خرجت تلك المرأة من غرفة ميليسا انتفض مالفرد ومالوس ونظروا إليها منتظرين أن تتحرك شفتيها لاخبارهم ما حدث،بدأت المرأة بالكلام:(لقد فعلت كل ما أستطيع،لكن نظرا لأن جلالة الامبراطورة في حالتها الأخيرة سيستغرق شفائها بالكامل يومين على الأرجح)
جرى مالفرد إلى تلك المرأة بنظرة عدم تصديق على وجهه وقال بصوت مرتعش:(إ-إذا تقولين انها ستتعافى!)
تفاجأ مالوس بنبرة صوت والده المرتعشة تلك لكنه لم يهتم كثيرا فوالدته ستشفى قريبا...كان هذا كفيلا بجعله يقفز في مكانه من الفرحه
مالفرد:(انتي للتو انقذتي- لا لقد انقذتنا جميعا اطلبي اي شيء و سأحققه لك)
انحنت المرأة و قالت بنبرة محترمة و راقية:(كلا،في الواقع انا من يريد شكر جلالتك على منحي فرصة إنقاذ جلاله الامبراطورة فأنا احبها للغاية حقا لقد وقفت بجانب فقراء الإمبراطورية و كانت تعامل الجميع بحب و رقة،و نفسي المتواضعة تلك تشعر بالفخر لأنها استطاعت إنقاذ شخص مثل جلالتها)
نظر إليها الجميع بتفاجئ
مالفرد:(لكن...كلا،اطلبي اي شيء انتي تستحقين مكافأة على ما فعلت)
تنهدت المرأة وقالت:(حسنا،لا يمكنني رفض كرم جلالتك...قوتي تستهلك كثيرا من السحر..لذا إن لم يكن هناك مانع،اريد حجرا سحريا لاعيد قوتي)
مالفرد:(هذا فقط؟ إذن سأعطيك حجرا سحريا و ليس اي واحد بل أحد الاحجار التي تحتوي على سحري الخاص)
أوقفته عندها بسرعة
ليليا:(مالفرد! لا يمكنك مهما يكن أن تعطي أحد الاحجار التي تحتوي على سحرك لاي شخص هكذا!)
مالفرد:(انها ليست اي شخص ليليا،بل هي منقذتنا)
ليليا:(ل-لكن!)
لم يستمع إلي حينها،ذهب الحراس و أحضروا الحجر السحري معهم و أعطوه إلى المرأة ابتسمت بعدها ارتسم تعبير من الحزن على وجهها و قالت:(شعرت بكل هذا التعب من استخدام قدرتي فحسب...آه لا اعرف كيف تحملت جلالتها كل ذاك الالم بإبتسامة مبتهجة على وجهها...لكن لا بأس! يومين فقط و ستعود إلى سابق عهدها)
شعر جميع من في الغرفة براحة و سعادة غريبة عند الاستماع لكلمات تلك المرأة،شكرت مالفرد و الحراس كثيرا و قبل أن تغادر سألها مالفرد عن اسمها فإنحنت بإحترام مجددا وقالت:(لونا،اسمي هو لونا)
دخل مالفرد و مالوس الى غرفة ميليسا فوجدوا أن لون بشرتها عاد إلى طبيعته،امسك مالفرد بيدها و قال:(يومين..يومين فقط و ستعودين)
مر يوم...و الثاني...و الثالث و الرابع...مر اسبوع كامل ومازالت ميليسا طريحة الفراش لم تفتح عينها.خلال ذلك الاسبوع أتى عدة أطباء فوجدوا أن حالتها تسوء و لم تتحسن إطلاقا فقد أصبح الآن توقف قلبها مسألة ايام معدودة،بعد عدة أيام فتحت ميليسا عينها لترى مالفرد بجانب السرير ومالوس واقفا خلفه ورأت الخدم في الغرفة لم تستطع رؤيتهم بوضوح،لم تستطع تحديد تعابيرهم لكنها شعرت بيد زوجها ترتجف أثناء امساك يدها لذا عرفت ما يجري
ميليسا:"اوه إذن حان وقتي...لا استطيع التنفس قلبي يؤلمني حقا...سيتوقف أليس كذلك؟...هذا جيد لقد كان ينبض طوال تلك السنين...سيرتاح اخيرا و انا ايضا...لقد كانت ثلاثة أشهر من العذاب و الالم...تبا،اريد امساك يدي مالفرد...اريد احتضان مالوس لمره أخيرة لاخبره أن كل شيء سيكون بخير..تبا حقا!"
بدأت الدموع تتساقط من عينها و ترتسم ابتسامة لطيفة ورقيقة كالمعتاد على وجهها،عندما رأى من في الغرفة ذاك المنظر لوجه شاحب وعينين تفقدان حيوتهما ومازالت تبتسم...حتى أثناء البكاء مازالت تبتسم....حتى و هي تموت مازالت تبتسم،شعر مالفرد ببرودة في يده،اجل إنها يد ميليسا تلك اليد الحنونة الرقيقة.... اليد التي تنتمي لمن وقفت بجانبه دائما...من كانت تهون عليه وتعاونه على كل شئ...إنها باردة.
اجل،لقد توفيت الامبراطورة ميليسا،لم يتمكن مالفرد من كبح نفسه وليس هو فقط بل كل من في الغرفة بدأ بالبكاء و النحيب،مالفرد كان يصرخ بإسم ميليسا أثناء بكاءه....توقعت ردة فعلهم تلك لكني كنت حقا خائفا على مالوس ذاك الطفل الذي أتم الثانية من عمره قبل أيام و استخدمت ميليسا كل ما تبقى من سحرها لتصنع له طوقا من الزهور كهديتها إليه في عيد ميلاده،ذاك الفتى توقعت أن ينهار اول واحد لكن ردة فعله صدمتني،فوقف وسط البكاء و النحيب ذاك صامتا حتى و والده يصرخ كان صامتا،عينيه فارغتين،وقف هادئا ولم تظهر أي تعابير على وجهه،وقف بهدوء ممسكا طوق الازهار الذي أعطه إياه امه،تعجبت من ردة الفعل تلك حقا،مالوس كان متعلقا للغاية بوالدته لم اعرف لما أعطى ردة الفعل الباردة تلك عندما ماتت أمام عينه.
رغم أن ميليسا توفيت في الربيع،إلا أنه منذ لحظة وفاتها و الامطار تهطل بغزارة بعدها هطل كثير من الجليد،فكان هذا هو اغرب فصل ربيع مر على الإمبراطوية،هذا كان بالنسبة للعامة فقط،اما من في داخل القصر فكانوا يعرفون تمام المعرفة سبب تقلبات الجو تلك.
تهطل الأمطار عندما يحزن أو يبكي و الثلوج عند شعوره بالوحدة و تتدرج شدتها على حسب مدى حزنه و انا أخبركم لم ارى أمطارا أو ثلوجا بتلك الغزارة من قبل،اقفل مالوس على نفسه باب غرفته بعدها و لم يتحدث مع أي شخص،حاولت أن أتحدث معه لكنه كان يتجاهلني دائما حاولت كثيرا أن اجعله يخرج من الغرفة لكي يفعل أي شيء كقراءة كتاب أو اللعب أو اي شيء اخر عدا الجلوس في غرفته هكذا،والده انشغل بعدها بالبحث عن لونا تلك لدرجة أنه نسي تقريبا أن ابنه في أمس الحاجة إلى شخص ليواسيه،بعد فترة رأيت مالوس يبحث عني في كل مكان بإبتسامة على وجهه فاجأني ذلك فمضت فترة طويلة منذ رأيت ابتسامته تلك
ليليا:(ارا~ ما خطبك مالوس؟هل حدث شيء مميز اليوم؟)
قلتها له بابتسامة لطيفة فرد علي بنبرة حيوية اشتقت لسماعها منه
مالوس:(أبي قال أنه لدي إخوه!~)
صعقت مما قاله لي فقد توقعت قول اي شيء عدا هذا لذا سألته بصوت متقطع
ليليا:(إ-إخوة؟! ماذا تقصد..مالوس متأكد انك ام تخطئ فهم ما قاله والدك؟)
مالوس:(كلا،سألته فقال إن تلك المرأة التي خدعتنا أنجبت توأم و أنهم سيكونون اخوتي!~)
كان يتكلم بسعادة غامرة لم اعرف حتى كيف اجيب على ما قال شعرت بإرتباك شديد
ليليا:(لحظة لحظة،مالوس هل يمكن أن تشرح ما يجري؟)
مالوس:(همم؟لكني أخبرتك بالفعل كل ما اعرف؟)
ليليا:(هاه؟هل حقيقة أن لديك اخوه توأم هو الشيء الوحيد الذي تعرفه؟..)
مالوس:(هل يجب ان اعرف شيئا اخر؟...)
ليليا:(هاااه.....حسنا،مادمت سعيدا فأنا سعيد ايضا،أ لهذا كنت تبحث عني؟)
مالوس:(اجل،كنت اريد أن أسألك كيف اتعامل معهم؟ايضا إنهما توأم صحيح؟هل هذا يعني أنهما يشبهون بعضهما بالضبط؟هل سأستطيع التفريق بينهما؟)
أخذ بعدها يسألني بلا توقف حتى تمكنت من إيقافه لأنني لم أكن أعرف الإجابة على نصف الاسئلة التي طرحها علي،لكنه بدى سعيدا للغاية لذا لم اهتم حقا بما حدث،لكن كنت قلقا بعض الشيء من كيف سيعاملهم مالفرد،فلقد كان كل ما في ذهنه هو قتل تلك المرأة لذا أردت أن اعرف كيف سيتعامل مع ابنائها،لحسن حظي بدى أن مالفرد حقا لديه جانب لطيف عندما يتعلق الأمر بالأطفال،تركهم على قيد الحياة و كنت أنا و مالوس نذهب للتأكد من أنهما على قيد حياة حتى عادا إلى القصر،بما أنهما عزيزين على مالوس و مالفرد فقررت أنني سأعتني بهما أيضا و اساعد مالوس و مالفرد على التقرب منهما.