" زيــــن "


" أسِـف. "


- مـُتـأكِـدٌ , أنَّ لا تجرُبَـةً أمـامي , ستكون أكثر صُعُوبَـة مِن هذِهِ الآن.


" ..... "

___________________ مُقدِّمَـة _______________



أرضٌ صُلبَـة , بالأحرى إسمنتيـه , أضع عليهـا رأسي الآن ... أشعُـر أنَّ جسِمي مُنهَـك و كأنَّ حافِلـة قد وقعـت عليه و كسرت جميع عِظـامي مِن كبيرِهـا إلـى صغيرِهـا ...


البرد يُـداعِـب جسدي بِقسـوة مِن رأسي حتى بطنـي ... بالأحرى لأنني عـاري , مـا عدا البِنطـال المُمزَّق الذي أرتديه .


طعــم ريقي مُقرِف جِدّاً ,, و كـأنني أبتلِع سائِــل حديدي مـا ... بالأحــرى كـان ذاك السائِـل هو الدَّم الذي يملئ فمِـي.


لا أستطيع أن أفتـح عيني , ﻷنَّ ذلِك يأخُــذ جُهداً كبيرا مِن جسدي المُنهَـك بالفِعـل .

الأكثر إيلامَـاً و تشويشاً مِن هذا كُــلَّه , هُـو ...

أنـا لا أتــذكر من أنــا و ما هذا المكـان الذي يتواجـد جِسمي فيه ..

حسنـاً ,سأُعطي لِنفسي فُـرصَـة ... سـأحَـاوِل أن أتــذكَّــر ..

هيـا , هيــا ,, إشتغِـل , إشتغِـل ...

آآآه ,, لا فائِـدة على الإطـلاق .. كُـل ما أتذكـره هُـو ذلِك الإسم و تِـلك الفِكـرة التي راودتـني في حُلمي السابِـق ..


*زين .. *



من يكون هذا ؟

سأفتـح عيني اليُمنـى ..


" آآآه "


يبدو أنَّ تِـلك الـ آآآه خرجت لا إراديّـاً .. لا شأن لي بِهـا .

الرؤيـة ضبابيَّـة , عيني اليُمنـى تستعيـد وعيَهـا تدريجيَّــاً .

مـا رأيتُـه هُـو أرض صُلبَـه قذِرة تُغطِّيهـا الأوسَـاخ .

يبدو أنَّ أنفي إستجاب لِشيئٍ مـا ...

أووه .. أففف إنَّهـا رائِحـة قذارة أيضاً ,, بولٌ لَـ رُبَّمـا ..

يبدو أنَّ أُذني إستجـابة لشيئٍ مـا ..

صوت صرير أو لا أدري مـا هُـو ... آه نعـم , صوت فأر .

جرى ذلِك الفـأر صوبي و تــقدَّم نحو وجهي و توقَّف ..


" مــ رحبـــ ا .. "


أوه , لقد غـادر على وجـه سُـرعَـة ..

حـان دور عيني اليُسرى كي تنفتِـح ..


...

...

...


لا فائِـدة ,, لا شيئ يتَّضِح مِنهـا .. سأتفقَّدهـا بيدي اليُسرى , ﻷنَّني كُنتُ طريحـاً على الأرض و على جـانِبي الأيمــن ..

جسدي جِسمي تقريباً مُعطَّــل ,, لا حول لي و لا قُوَّة .

حرَّكـت يدي اليُسرى و مصحوبة بيدي اليُمنـى لكي تتفقَّد عيني اليُمنـى ...

لمسـتُهـا فـ أريــتُ الإصبع الذي لامـس عيني اليُســى إلـى عيني اليُمنــى ..


نعـم , نعــم ... الإصبع تلطَّخ بالدِِمـاء ..


يبدو أنني فقدتُ نِعمـة البصر في عيني اليُسرى .

حسنـاً لا بأس ... عليَّ أن أحمُـد الله على حالة جسدي الحاليَّـة , ﻷنَّ و بِكُـل بساطـة , , جسدي مُنهــار ... مُتهَـالِك .

حرَّكــتُ رأسي نحو الأعلى قليلاً , ﻷتفقَّـد ما حولـي ..

قُضبَـان معدِنيَّـة ؟

نعم , نعـم ,, أنا داخِـل زِنـزانَـة .

لـن أسأل نفسي مـاذا أفعـل بِداخِـل زِنـزانَـة , فأنـا أجهـل هويَّتــي على أي حـال .

صـــــوت وقعـات أقـدام .


" هــل إستعــدت عَـافيتَـــك ؟ ... عجباً عجبـاً ,, لكَ جســد مِن فُــولاذ كمـا يقولُـون ... "


نــظرتُ نحوَه .


نحو ذلِك الحَـارِس الذي يرتـدى لِزي عسكرية أخضر , شعـرُه كـان أشقـراً , كذلِك مُرتدي لِقُبَّـعَــة خضراء تُنـاسِـب زيَّــه .. العجيب و الغريب في الأمر ..

ذلِك الحَـارِس كَـان يضحـك بإبتِسَــامـة تـدُل على السُخريـة مِن حـالة جسـدي الحـالية .


حسنـاً , مـا خطب كهكذا بشر ؟ تســخر مِن إنسـان على مـا يبدو قـد تلقى ضربات كثيرة * كما أزعم * حتى خسِرت عيني اليُسرى .. يحتاج المرء إلـى جُـرأة كبيرة لكي يفعـل هذا .


" هيـــا إنهَـض .... الضُيُـــوف بإنتِــظار زعيم الحفل . "


ماذا , زعيم الحفل ؟ ماذا يقصِـد , لا أظُـن أنَّهُ يعني ذلِك حرفيًـا .. حتى و إن كـان مـا يقولَـهُ حقيقي , لا أظُـن أنَّ الضيُوف سيسعدُون برؤيتـي في حـالتي هذِه .

فتـح الحـَارِس الباب ... تقدم صوبي .

ركــل بِخفَّــة رأسي المُتهـالك في دوَّامَــاتـِه .

على أمر ذلِك الحارِس , حاولـت أن أنهض قليلاً .... لكِن لا فَـائِـدة ...


" هوووي , جين , مـاركوس ... ساعِداه . "


" حـاضِر سيِّدي ! "


تقدم رجُـلين صوبي , رفع أحدهُمـا جانبي الأيمــن و الأخر كذلِك ... إنتهى بي الأمر جَـالِساً على أرضي .


" سيِّدي ,, الترتيبات جَـاهِزة و نحنُ على أهُــبَّـة الإستِعـداد ... "


" حسنـاً , جيِّد حتى الآن . "


نظرت نحو الرجُـل الموجود على يميني و الذي وافق على كلام الشخص الذي ساعدني على النهُوض ..


* نبضَـة *


- زين -


- رجاءاً ... رجاءاًً -


* آآآآه !! *


" أأأه "


نعم صرِخـــت , ألآلَــم شقَّـــني مِن الخلف ... آلــم مِن الجحيم و المصحُـوب بتِـلك الذِكرى الضبابية لِذاك الإسم ... من ذاااك المدعُو بِـ زين ! و لِمـاذا كُــنتُ أتوسَـل إليه !؟


" أخفِـض صوتَــك يا هذا ! "


صرخ ذلِك الرجُـل نحوي , لم يهُمَّــه الآلَـم الذي صاحبني الآن ,,, فــ لا ضير يمُسَّـه إذا مـا تــألم شخص أخر ليس بِـ ذاتِـه .


حالـة جسدي الحالية , هي الجلوس على المؤخِّــرة ..

حــالة ذِهنــي الحَـاليـة .. مُشوَّشــة ..


" هيــا هيــا ... إنهــض يا .. "


ركـلني ذلِك الشخص مِن ظهري مِن جديد ... مَــا خطبُه ؟ ألا يعلـم أنَّ جسدي قد نـال كِفَـايتـه ؟


" مـــ.....ن أنـ..ا ؟ "


لـم أســأل إلَّا هــذا ... لا هـمَّ لي بِحالة جسدي الحالية , كذلِك لا يُهمني موضِع جسدي في هذِهِ الزِنــزانَـة ..

كُــل ما أردتُ معرِفتَــه هُــوَ .


من أنــا .


ستكون إجــابة هذا السؤال , مِفتــاح لِكُــل شيئ أخر .


" ها ها ها ها ها "

لم يُجــاوِب إلا بالضحِك ..


هــل كــان إسمي يضُـم مقاطِع مِن الـ * ها ها ها * ؟

* تشوبيريهاهاها ... كوليمهاهاها ... ماركوهاهاها *

لم أستطِع إلا أن أُفكِّـر بهذِهِ الأسمـاء تحمِل تِلك الصِفَـة .


" يبدو أنَّ العامِلين هُنــا أظهروا لك مُعـاملة حسنـة , حتــى نسيت إسمك , هاه ؟ "


إذا كُــنتَ تقصِـد , أن حالتي الحالية هي مُعـمالة حسِنــة ... إذا لقد عاملونــي بشكـل خارِق الحُسن .


" أخــ .. "


رأسي يدور ,, جسدي مُنهَك ,, سأسقُط في أي لحظة .

أغلقـتُ عيني اليُمنى قليلـــــــــــ......


" هوووي ,, هوي !! إنهض يا لعيـن ... الجميع في إنتِظــارِك ! "


إستيقظـت .


إسمي هُـو * لعيـن * ؟ لَـرُبَّمـا ..

رفعني الإثنين على جَــانِبي الأيمن و الأيسر ...

* آآآآآآآآه !! *


" آآآآه !! "


لقد صرخــت مِن جديد ... الآلَــم النَــاتِــج عن النهُوض مِن تِـلك الوضعيـة مِن ثُـمَّ الوقوف دون تمارين إحماء لِهذا الجسد المُهنــك ... لَـــ هُو أمرٌ مُريــع !


" أُصمُــت !"


رأيــت مـا حولي ,,, على مـا يبدو أنَّ هذا المكـان هُـو سِجن كبير , ﻷنَّ المكـان يعُج بالزنزانــات ..

رأيــت نحو صوب أحد المسجونين ..

أوي , مرحبـا يا زميلــــ...


* بصـــق *


نعم , لقد بصق نحوي ... لا أدري لِمـاذا .. على البشر أن يكونوا أكثر أُلفَـة , صحيح ؟

نظرت نحو ذلِك الشخص ذا الشعر الأشقر الذي قابلتـُه أول شخص .. كـان على مُحيـاه علامـات مِن الحيرة أو مـا شابه .

و هكذا ,, قطعنـا طريقنـا حتى وصلنـا إلى ذاك الباب الخشبي الكبير .





فُتِـــــحَ الباب .

أووووه الشمس قويَّـة للغـاية ... غطَّيــت عيني اليُمنـى بواسِطـة يدي اليُسرى و التي عليـها سِلسِـلة ..

إنتــظرت حتى تُعيــد عيني ضبطهـا لِلسُطُوع ...

أن تخرُج مِن ذلٍك المكان الشِبه مُظلِم إلـى ذلِك المكــان قوي السُطوع , لَـ هُو أمرٌ مُرعِـب .

مِن ثُـــمَّ إتَّضحَــت الرؤيَـة أمامي .

العديد مِن المقاعِــد , العديد و العديد مِنها مُصطَّفَـة .

على تِـلك المقاعِـد المذكورة .. العديد مِن الأشخــاص بالملابِــس الفاخِرة كـانوا عليها جالِسيـن .

أوه مــلابِس فاخِرة ... النِســاء ذوات القُبَّعـات التي تُوضَـع على حانِب رؤسِهـا , ملابِسُهــا مِن الكتَّــان الراقي و ذا الألوان البهيجـة و بمختـلف الألوان ..

الرِجــال بالملابِس السوداء الرسمية و بقُبَّعــاتِـهِــم ..

كُــل هذا جعلني أتســائَـل ..

لِمــاذا أنا الوحيد الشِبه عاري ؟

لكِــن ,, هـل هذا الحدث الحـالي هُـو حفـل زِفـاف أو مـا شابه ؟

أووه .. نظرات الحضور أقصِـد الضيُوف , حادَّة جِداً نحوي ..

ما خطبُهُــم ... هــل ﻷنني قد تأخرت ؟


" تقدَّم ! "


دُفِعــتُ مِن الخلف بأحد أولئِــك الحُرَّاس ...

نظرت يمين فَـ يسار ..

تِــلك النظرات التي تمقُتُـــني ..

تِــلك النظريات التي تبعُــث الكراهيـة نحوي ..

تِــلك النــظرات التي تتمنَّــى لي الموت ..

رافقتــها تِــلك التمتمــات المدوية بشكل خَـافِـت ..


" عليه مـا يستحِــق ... "

" يجب أن يُقتَــل .. "

" تباً لِهذا الوحش .. "

" مُت .. مُت .. مُـت .. "


إستنتجــت أنَّني و بِكُــل بساطـة ... مكروه مِن الجميع .

إستمر هذا الأمر .. حتى وصلـت إلى تِـلك المنصَّـة .

نحو ذاك الشخص الذي يُراقِبني و المُرتدي لِزيِّـــهِ الأحمر و بالحِزام الأخضر على كتِفِـه ..

نعــم نعــم ..

أنا في ..


محكــــــــمـــة .


*آآآآه ,, ذاك الصُداع و ذاك الآلــم الذي يكــاد يُعميني .. *

* أشعُــر بأنَّ رأسي سينفجر في أي لحظــة ! *


- زيــن - ...

* آآآآه تِـــلك الرؤيَــة الضبابيــة !! *

* آآآه تِـــلك الإبتِــسامة الرقيقـــة .. *

* مــن أنا ... من ذاك الشخص ؟ *

* مــاذا فعلت ؟ *

* آآآه لا عِــلم لي بأي شيئ *

* هذا الآلــم الذي لا مثيل له ! *

- زيــن ... -

* فقط من ذاك الشخص المدعُـو بِــ زين !؟ *

* آآه .. رأسي سيتفجَّــر . *


----- - - - - --- ---- --- -

- زيـن ... -

ضبـــابٌ هُـو سيِّد الساحة في ذِكراي .

- زيــن ... لا تقلق . -

لِماذا سأقلق ؟

- زيــن ... سأكون معــك دائِمـاً .. -

إلـى أين ستذهب أو إلى أين ستذهبين ؟

لِمــاذا أشعُـر بأنَّ حريقًا قد إشتعــل أسفــل جُفنتــاي !؟

- زيــن ... أنت أغلـى مـا لدي ... تأكَّد بأنني سأكون في قلبك متى مـا أحتجتني .. -

هل أنا شديد الثُمــن بالنسبة لَـك/كِ إلى هذِهِ الدرجـة ؟

- زيـن ... أسعـد أيَّـام حياتي , هُـو ذاك اليوم الذي لمِسـتُ وجهَك الناعِـم لأوَّل مرَة ... -

مــاذا تقصِـد/يـن ؟ أنا رجُــلٌ و بِلحيَـة حتَّـى !

- زيـن ... لو جـاءني ذاك اليوم الذي إضطررتُ فيه , أن أضع نفسي في الهاوية في سبيلِك .. فَـ سأفعـل ذلِك دون أدنى تفكير ... -

- زيـن ... إفعلــها ...... مهمــا فعلــت, أُمَّـــك تُحِبُّــــــك !! ...

* صوت 4 طلقــات مِن الرصاص .. *

آآآه ... " أنا أسِـف " .


-- ---- ---- - -- - - ---


" زيـــــــن نيكــاساوا "

" أنت مُتَّــهَــم بقتــلك لِـ أُمَّـــك . "


نعـم ... أنا زيــن .. أنا الشخص الذي قتـل أُمَّــه .

قتــل الشخص الذي أحبَّــه أكثر مِن أي شيئ ..

أنا الشخص الذي يمقُــت نفسه أكثر مِن أي شخص على هذِهِ البقيعـة .


---- - -- - - ذاكِــرتي تتوقَّـف هُنـا - - -- -- ----- ---

2017/12/24 · 451 مشاهدة · 1676 كلمة
es_bouz
نادي الروايات - 2024