عندما يلتقي الخيال بالواقع، يصبح العالم الذي نعرفه مجرد وهم. ربما ما نعيشه الآن ليس إلا فصلاً جديدًا في رواية كنا نقرأها يومًا ما.
***
في تمام العاشرة والنصف من مساء يوم هادئ في كوريا، كانت غرفة صغيرة تقع في أحد الأحياء الهادئة مشعة بضوء دافئ ينبعث من مصباح الطاولة.
أضاء الضوء الغرفة بما يكفي لخلق جو من الراحة، لكن لا يكاد يخفي آثار التعب على جدرانها. جلست هناك فتاة شابة في ربيعها الرابع، تتناثر خصلات شعرها الأسود الطويل برقةٍ على كتفيها، بينما أسرت عيونها شاشة هاتفها الذكي بشغفٍ.
كان الهاتف يضيء بوميض خافت، وقد امتلأت شاشته بحروف سوداء متراصة؛ من النظرة الأولى ستعرف أنها رواية، رواية كانت قد قرأتها مراراً وتكراراً دون أن تملّ منها. كانت تمثل لها الرفيق الذي يخفف عنها توتر يوم طويل، وبينما هي تستمر في القراءة، كانت ضحكات خفيفة أحياناً ودموع أحياناً أخرى تواكب مشاعرها المتنقلة في رحاب تلك السطور.
عندما أنهت آخر فصل من الرواية، اجتاحها شعور بالفراغ، كما لو أن جزءًا من روحها اختفى مع آخر كلمة. نظرت إلى الهاتف للحظة ثم تنهدت بعمق، كان تنهدها مزيجًا من الحزن والرضا.
همست لنفسها بصوت مسموع:
"انتهت أخيرًا... لكن اشعر بنوع من الحزن لأنهائها. ربما سأعيد قراءتها غدًا إذا استطعت العودة باكرًا."
ألقت نظرة سريعة على الساعة الموضوعة على الطاولة المجاورة، حيث أشارت عقاربها إلى الحادية عشرة. اتسعت عيناها بدهشة، وقالت بصوتٍ خافت:
"يا إلهي، لقد تأخر الوقت! يجب أن أنام الآن، وإلا سأتأخر عن العمل غدًا."
وضعت هاتفها برفق على الطاولة، وأطفأت المصباح بهدوء، تاركةً الغرفة تغوص في ظلال الليل. بدأت عيونها تثقل شيئًا فشيئًا، وتغلغل النعاس معها مع كل نفس. أغلقت عينيها مدفوعةً بانشغالها بفكرة العمل في صباح اليوم التالي، حيث لا مفر من الالتزام والواجب. كما لو أن حياة المرء في هذا العالم مجرد دورة لا تنتهي، وما الروايات إلا فترات استراحة قصيرة. وهكذا، استسلمت للنوم ، لكن الفتاة لم تعلم ما كان ينتظرها فعلاً عندما تستيقظ!
***
استفاقت فجأة على اهتزاز خفيف وهدير منتظم لعجلات القطار. بينما بدأت عيونها تفتح ببطء، شعر رأسها بالدوار. وكأنها كانت في حالة من النوم العميق. ثم سرعان ماشعرت بيديها تتراخى عن قبضة المقعد.
عندما فتحت عينيها أخيرًا، وجدت نفسها جالسةً على مقعد في إحدى عربات القطار. سرعان ما مسحت عيناها على المكان محاولةً استيعاب ما يجري.
ضوء باهت ينبعث من المصابيح المعلقة في السقف، يلقي ظلالاً مرتجفة على الركاب القليلين المتفرقين في العربة، بينما امتلأ الهواء برائحة المعدن والآليات، مختلطةً برائحة خفيفة للقهوة يحتسيها أحد الركاب.
بجوارها، كانت امرأة عجوز تمسك حقيبة صغيرة بين يديها، وعبر الممر شاب يضع سماعات أذن يهز رأسه بإيقاع موسيقى صامتة. بدا كل شيء عاديًا، لكنه حمل في طياته شعورًا غير مريح.
همست الفتاة داخليًا:
"كيف وصلت إلى هنا؟ هل استقلت القطار وأنا نصف نائمة؟"
كان ارتباكها واضحًا، إذ آخر ما تتذكره هو انغماسها في النوم بعد إنهاء روايتها المفضلة. ثم خطر لها:
"هناك شيء مفقود!"
أمسكت رأسها محاولةً لأسترجاع ذكرياتها، لكن سرعان ما اجتاحها إحساس غريب؛ لاحظت أن ملمس خصل شعرها بين أصابعها أصبح ناعمًا وسلسًا، خلافًا لتموجه المعتاد. وبعد أن استوعبت ذلك، أدركت اختلاف بنية جسدها؛ بدا لها وكأنها تجلس في جسد شخص آخر.
همست بصوتٍ خافت:
"ما الذي يحدث بحق الجحيم؟ هل أنا في حلم؟"
توجهت نحو زجاج النافذة الذي انعكس عليه وجه فتاة شابة في العشرين من عمرها، بشعرٍ أسود قصير مربوط للخلف، وعينين رماديتين حادتين، تزينهما شامة قرب العين اليمنى. عندها، انتصبت الفتاة واقفة ثم تراجعت بخطوة إلى الوراء، بينما أطلقت ضحكة ساخرة تعبر عن عدم تصديقها:
"هل هذا حلم؟ قراءة الروايات حتى وقت متأخر بدأ تؤثر عليّ حقًا."
لكن في تلك اللحظة، انطفأت أضواء القطار فجأة، فغرق المكان في الظلام.
"كييييييييييييك!"
اهتز القطار بصوتٍ عالٍ اخترق الصمت، تلاه صوت معدني حاد.
"ما هذا؟!"
"كيااااااه!"
صرخت امرأة في نهاية العربة، بصوتٍ مفعمٍ بالخوف، قطعت بهجة صمت المكان. تمسكت الفتاة بالدعامة المجاورة بشدة محاولةً الحفاظ على توازنها.
بعد دقائق قليلة، عمّ الصمت من جديد، ولم يكن يُسمع سوى صوت أنفاسها المتوترة وصدى هدير القطار الذي بدأ يتباطأ تدريجيًا حتى توقف تمامًا، فتلاشى صوت العجلات على القضبان تاركًا السكون يبتلع المكان.
همست:
"توقف القطار..."
وكان نبض قلبها يدق كالطبل في أذنيها، محاولةً التقاط أي إشارة تدلّ على ما يجري. كان الركاب يهمسون، وبعضهم بدأ يتحرك بحذر وسط الظلام.
لحظاتٍ بعد ذلك، اخترقت أضواء هواتف ذكية عتمة العربة لتضيء ما يمكن اضاءته.
"ماذا يحدث الآن؟"
تسائل البعض والبعض الآخر حاول معرفة مايجري بنفسه، ثم تجمع بعض الركاب لفتح الباب المعدني الموصول بالخارج، لكن مهما فعلوا لم يتمكنوا من فتحه. حتى الباب المعدني الآخر المتصل بالمقطورة الثانية لم يستطيعوا فتحه.
"ما اللعنة التي تجري الآن؟ لما لا يفتح؟"
ركل رجل ضخم البنية الباب بقدمه بغضب معبراً عن استيائه، بينما ظل الآخرون في مكانهم يائسين من محاولة فتح الباب.
في خضم هذه الفوضى، جلست الفتاة في مكانها محاولةً لتنظيم افكارها وتمتمت في نفسها:
"كل شيء يبدو غريبًا وجديدًا، لكن لسبب ما أشعر بأنه مألوف! هل أنا في حلم حقًا؟ وإن لم يكن كذلك، فأين أنا يا ترى؟ ومن صاحبة هذا الجسد؟"
أمسكت رأسها بكلتا يديها، فبعثرت شعرها بارتباك شديد، ثم ترددت قائلةً:
"لماذا ليس لدي حتى ذكرى واحدة لمن تكون صاحبة هذا الجسد؟ اللعنة! إذا كان هذا استحواذًا كما يحدث في الروايات عادةً، فلماذا لم أرث ذكرياتها؟ هذا ليس عادلاً... كيف سأعرف من أكون؟"
ثم رددت بصوتٍ مرتجف:
"اللعنة، اللعنة، اللعنة."
توقفت للحظة كما لو أن فكرة خطرت على بالها، ثم قالت:
"لماذا لم أفكر في هذا من قبل؟ لابد أن لديها شيئًا في حقيبتها يمكّنني من معرفة من هي على الأقل."
بدأت تبحث بعينيها عن حقيبة قريبة، حتى لاحظت حقيبة سوداء معلقة على الرف العلوي. سحبتها ببطء وجلست تتفحصها؛ كانت الحقيبة طويلة ومستطيلة، مصنوعة من قماش سميك بلون أسود قاتم، مع تفاصيل من الجلد الخشن على الأطراف تضفي عليها مظهرًا قويًا.
فتحتها بحذر لتكتشف بداخلها سيف كاتانا بمقبض معدني مزخرف. أغلقت الحقيبة بسرعة، وارتجف صوتها وهي تهمس:
"بحق الجحيم، صاحبة الجسد اللعينة هذه، من تكون؟"
تابعت الفتاة البحث داخل الحقيبة فوجدت بعض الثياب ومستحضرات أخرى مثل قارورة ماء، ومرطب، وبعض قطع الشوكولاتة الداكنة، وأخيرًا محفظة.
أخرجت المحفظة وتفحصتها؛ كان بداخلها بعض النقود، وهاتف، وبطاقة هوية، وهو ما كانت تحتاجه أكثر من غيره.
سحبت بطاقة الهوية ونظرت إليها، فوجدت اسم صاحبة الجسد مكتوبًا بوضوح:
[ بارك يون جي، البالغة من العمر 20 عامًا. فتاة عزباء. ]
همست بصوت مرتفع:
"أهذا كل شيء؟ وبناءً على ما في هذه الحقيبة، يبدو أنها تمارس الكيندو. ولكن لماذا تحمل معها سيف كاتانا بدلاً من سيف خيزُران؟"
وضعت البطاقة جانبًا، ثم أمسكّت الهاتف الموجود في المحفظة. شغّلته، فظهرت أمامها شاشة القفل التي تحمل صورة لنفس الوجه الذي رأتُه في انعكاس الزجاج؛ الوجه الذي لم تعتد عليه. كان الهاتف مؤمّنًا بكلمة مرور، لكنها استطاعت إلغاء القفل باستخدام البصمة، ومع ذلك لم تجد شيئًا مفيدًا بداخله.
كانت تتساءل بقلق عن وضعها الحالي وما الذي يجري في القطار... لكن لم تدم تساؤلاتها طويلًا، إذ ظهر ما لم تكن تتوقعه!
كان الظلام نفسه، مخلوقاً كأنه خلق من الظلال، عيناه الكبيرتان تتوهج وكأنها كرتيّ لهبٍ! حضوره لوحده كان كفيل أن يرسل قشعريرة باردة أسفل عمودها الفقري، أرتجفت شفتاها قبل أن تحاول نطق أسمه، وتجمد جسدها في مكانه. ثم سمعت صوتاً:
[ تم أنهاء الخدمة المجانية للنظام الكوكبي 8612 ]
[ بدأ الأختبار الرئيسي]
****
هلوز يحبايب ~
هذه روايتي، اعلم اني كسولة جدا لذا قد اتأخر برفع الفصول أو بالأحرى كتابتها، ولأنه وقت دراسه سأكتب على مهل الفصول بوقت فراغي يمكنكم قرائتها بالعطلة بعد تجميع الفصول.
بالنسبة لقارئي الرواية الويبتون الكورية
Omniscient Reader's Viewpoint
ستجدون بعض اوجه التشابه فيها بروايتي مثل نمط العالم واول اختبار هذا من حبي للرواية قررت اعمل رواية مشابهه لها بس ان شاء الله سترون اختلافات كثيرة فيها واتمنى تعجبكم.
استمتعوا ♡