«...لقد أتيتَ مُستعدًا، ولكن حتى مع كل هذا الجهد، لا يزال ذلك بعيدًا كل البعد عن الكفاية. كان يجب عليكَ بذل المزيد. ولكن مجددًا، لم يكن ذلك ليُهم. لا شيء من ذلك يُهم.»
تردد صدى صوت نويل داخل حدود غرف الإمبراطور الهادئة.
لقد مات الإمبراطور.
وكذلك الأمير جايل.
لقد تطور الوضع برمته بالطريقة نفسها التي توقعها.
التفت نويل نحو اطلس، وهز رأسه.
لم يكن من الصعب أبدًا فهم نوايانا. سأمدح تورين على قدرته في التنبؤ بما كنا نخطط للقيام به، لكن هذا لا يزال بعيدًا عن أن يكون كافيًا. كما قلت، لا شيء من هذا يهم تحت عين تراقب كل شيء وقد رأت كل شيء من قبل.
أثار صوت نويل شيئًا ما في اطلس .
بينما كان يُحدق في اتجاه نويل، انبعثت تقلبات خفيفة من جسده، وبدا العالم من حولهما وكأنه متجمد.
هذا الوضع...
لقد كان فشلاً. على الرغم من كل ما فعله لضمان سير كل شيء على ما يرام، من كان ليظن أن لديهم خائنًا بينهم؟
لا، كان يجب أن أتوقع هذا.
لطالما كان جايل غريبًا.
منذ الحادثة التي ختم فيها مانا، تصرف بشكل مختلف. ومع ذلك، كان الألم كله من أجل القضية العظيمة.
كان الأمر مؤقتًا فقط.
كان سيصبح حراً في المستقبل القريب.
ومع ذلك...
لقد تأثر بنويل.
أدى هذا الفشل في التبصر إلى الوضع برمته.
لكن لم يفت الأوان. ليس بعد. لا يزال بإمكانه تصحيح الأمور. طالما أنه أمسك بنويل، سيعود كل شيء إلى مكانه. لقد مات الإمبراطور، نعم، ولكن إذا تمكن من استعادة دمه، فعندئذٍ...
"أنت تفكر في استخدام دمي لإحيائه، أليس كذلك؟"
دوّت كلمات نويل في عقل اطلس بينما كان رأسه يتجه نحوه.
قبل أن يتمكن حتى من فتح فمه للتحدث، ابتسم نويل قبل أن يهز رأسه.
«لن تُحييه حتى بعد استخدام دمي. هل تعتقد أنني سأحاول قتله دون تفكير؟»
وضع نويل سمًا قويًا على السيف الذي استخدمه جايل لقتل الإمبراطور، مما أدى إلى تدهور روح أي شخص يستهلكه تمامًا. يمكن لدمه أن يُعيد الموتى إلى الحياة، ولكن هناك حد.
...في حين أن الإمبراطور قد يكون قادرًا على الإنعاش، إلا أنه سيكون مجرد قشرة فارغة.
أفضل ما يمكنهم فعله هو استخدام نوع من تقنيات تبديل الجسد ووضع روح جديدة في جسد الإمبراطور، لكن ذلك سيكون إشكاليًا إلى حد ما.
لمحاولة شيء كهذا، سيحتاجون إلى إيجاد روح متوافقة، على الأقل، لشخص قوي مثل الإمبراطور. وحتى مع ذلك، ستستغرق العملية بأكملها سنوات حتى تكتمل. هل يمكن للإمبراطورية أن تنجو كل هذه المدة بدون إمبراطورها؟
كان الجواب بسيطًا.
لم يتمكنوا من ذلك
ساد الصمت في تلك اللحظة عندما تشققت تعابير وجه اطلس تمامًا، وعقد حاجبيه بإحكام بينما كان العالم من حولهما يتقلب بشدة.
لكن وعلى الرغم من غضبه، تمكن اطلس من الحفاظ على هدوئه.
كان يدرك أن الوضع يزداد سوءًا، ومع ذلك… لم تنتهِ الأمور بعد.
نويل كان هنا.
وطالما أنه يستطيع الإمساك به، إذن…
طعطة!
لم يضيع اطلس ثانية واحدة.
بمجرد أن قرع بأصابعه، انبثق الضوء من نقطة التلامس، نابضًا إلى الخارج في موجات، ممتدًا كستار متلألئ يغلف المكان.
ارتفعت درجة الحرارة من حوله، وتحول لون عيني
اطلس إلى الذهبي.
بدأ جسده يتلألأ بالأحرف السحرية، بينما ظهرت في يده رمحٌ من النور.
ومن دون أي تردد، رفع الرمح ولوّح به نحو نويل، قاطعًا جسده بأكمله إلى آلاف القطع.
وششش!
…لكن، هل كان هذا كافيًا فعلاً للتخلص من نويل؟
في اللحظة التي تمزق فيها جسد نويل إلى آلاف القطع، بدأت تلك الشظايا في التجمّع من جديد، لتُعيد تشكيل جسده بسلاسة حتى وقف أمامهم كاملًا مرة أخرى.
ولم يصيبه خدش واحد.
لكن اطلس لم يكترث.
قتل “مورتم” كان أمرًا مستحيلًا، لكنه كان في تلك اللحظة ضعيفًا بشدة.
وكان اطلس يعلم أن نويل لا يمكنه الاستمرار على هذا النحو طويلًا.
ولم يكن مخطئًا. نويل بالفعل لم يكن قادرًا على الاستمرار في التجدد إلى الأبد.
على الأقل… ليس وهو بلا قلب.
وشش!
لوّح اطلس برمحه من جديد، ضربة واحدة سريعة إلى درجة أنها بدت وكأنها انتقلت مباشرة إليه. لم يستطع نويل أن يتفاعل، ونتج عن ذلك انشطار جسده إلى نصفين.
لكن في اللحظة نفسها التي انشطر فيها جسده، تردد نبض خافت عبر المكان.
با… تومب!
نبضة واحدة فقط… لكنها كانت كافية لتُدخل الجميع في حالة ذهول، حتى اطلس نفسه، حيث توقفت حركته لجزء من الثانية
كانت تلك اللحظة الوجيزة كل ما يحتاجه نويل.
وبينما أعاد جسده الالتئام بسرعة، ثبت نظره نحو النافذة… نحو القبة التي كانت تغلف المكان بأكمله.
ازدادت عيناه غائرتين في تلك اللحظة.
با… تومب! با… تومب!
تردد صوت نبضات القلب بإيقاع واضح، متزايدًا في القوة حتى بدا وكأن العالم نفسه يرتجف بانسجام معه.
بدأ المانا في جسده بتضخم ، وتتراكم بثبات بينما اندلع ضغط مرعب من جسده، كانت عيناه محتقنتين بالدم، وأوردته تنتفخ، وبدأ خيط رفيع من الدم يتسرب من أنفه.
خفض نويل رأسه، ناظرًا إلى يده، ثم مرر إصبعه على راحته، شاقًا إياها بخط قرمزي طويل. ومن دون أي تردد، قذف بالدم نحو القبة.
با… تومب! با… تومب! با… تومب!
بات صوت نبضات القلب يدوي أعلى من أي وقت مضى
حدث كل هذا في أقل من جزء من الثانية، وعندما أعاد اطلس انتباهه إلى نويل، التقت أعينهما.
ثم-
فليك!
نقر نويل بإصبعه، فانطلقت قطرة دم واحدة من فوق اطلس والنافذة قبل أن تحطم القبة التي تحيط بالقصر بأكمله.
كراك كراك-!
كما لو أنها ناجمة عن تفاعل متسلسل، بدأت المزيد من الشقوق في التشابك عبر القبة، وانتشرت بسرعة في جميع الاتجاهات.
تغير وجه اطلس عند رؤيته.
ولكن بعد ذلك-
بدأت قطرة الدم الوحيدة التي انطلقت في المسافة في التحول والالتواء، متحولة إلى شكل مألوف. أظلم تعبير اطلس عندما استدار، ليجد أن جثة نويل قد اختفت دون أثر.
...اللعنة!
شد على أسنانه بإحكام، وبنقرة واحدة من قدمه، ظهر خارج القبة مباشرة، ونظرته تتجه نحو الشكل الهارب.
شد على أسنانه بإحكام، وبنقرة واحدة من قدمه، ظهر خارج القبة مباشرة، ونظرته تتجه نحو الشخص الهارب.
ضاقت عينا اطلس وهو ينظر إلى نويل.
استطاع أن يرى بنظرة واحدة فقط أنه كان يكافح. كان وجهه شاحبًا، وكان تنفسه خشنًا.
في تلك اللحظة، تلاشت أفكار اطلس السابقة، وعاد تعبيره إلى هدوئه المعتاد.
مدّ يده إلى الأمام.
ثم-
ظهرت يد عملاقة فوق نويل، واصطدمت به بسرعات لا تصدق.
تدفقت مئات قطرات الدم في جميع الاتجاهات.
تحولت القطرات إلى أشكال بعد لحظات، وتناثرت في جميع الاتجاهات، وبينما كان اطلس يحدق بها، عبس بإحكام.
...أنت تعرف حقًا كيف تهرب
…
كان عقلي لا يزال في حالة ذهول.
بالتفكير في كل ما حدث للتو، كيف لي ألا أكون في حالة ذهول؟ ولكن أكثر من أي شيء آخر، كنت أشعر بخيبة أمل وغضب في نفس الوقت.
أنا بالتأكيد لا أحسب ذلك. بالتأكيد لا.
...تلك المرأة اللعينة.
فقط أريد قبلة.
انتظري فقط حتى-
"هل أنت بخير؟ تبدو غريب الأطوار نوعًا ما؟"
"يبدو أنه تعرض للعض من قبل المستشارة ، أليس كذلك؟ ماذا فعلت هذيه المرة؟" ( تقريباً عض من غير نوع )
أخرجني صوتان مألوفان من أفكاري. عندما رفعت رأسي، رأيت كلاً من كيرا وإيفلين تنظران إليّ بغرابة.
"وجهه على وجه الخصوص يبدو شاحبًا بعض الشيء." أشارت إيفلين بينما قرّبت كيرا وجهها قليلاً.
"الآن بعد أن ذكرتِ ذلك..."
"ماذا تفعلان؟"
تراجعتُ إلى الوراء وأنا أنظر إليهما بغرابة. لكن رد فعلي هو ما جعلهما ينظران إليّ بغرابة أكبر
"لماذا هو متوتر هكذا؟"
لا بد أن المستشارة قد لمسته.
تمتمت كييرا، وتصلب جسدي بالكامل. لم تكن مخطئة. لكن كيف عرفت؟!
لا، انتظر. انها كييرا التي نتحدث عنها "
هل تعتقدي أن المستشارة ستلمسه؟"
سألت إيفلين وهي تنظر إليّ. حدقت عينا كييرا الحمراوان العميقتان بي لبضع ثوانٍ أخرى قبل أن تنظر بعيدًا.
"لا. إنها خارج مستوه . كنت أمزح فقط"
كما توقعت…
لا، انتظر . لقد لمستني بل فعل ...
كانت خطيبتي أيضًا!
"على أي حال، ماذا كنت تحاول قوله قبل مغادرتك؟"
*...قبل ذلك؟"
رمشت مرتين، مرتبكًا بعض الشيء من التغيير المفاجئ في المحادثة. لكن بعد ذلك تذكرت فجأة.
آه، صحيح.”
ثم بدأت أشرح لهما ما حدث، وكيف أنني بحاجة إلى ثمانية ممثلين من أجل الطقس القادم.
“إذًا، تريد منا أن نكون ضمن ممثليك؟”
كلاهما نظر إليّ بنظرة غريبة.
“…أنت تعلم أن لدينا فرسانًا موهوبين في أراضينا. إن كنت بحاجة إليهم، فيمكنك استعارتهم، إذن—”
“أنتما الاثنتان أكثر من كافيتين.”
كنت بالفعل على دراية بقوة كلتيهما.
صحيح أن لا واحدة منهما كانت بمستوى ليون، لكنهما لا تزالان قويتين للغاية.
لو كانتا في أي أكاديمية أخرى، لكانتا في المرتبة الأولى بلا منازع.
كانتا من نوادر هذا الجيل.
…كما أنني كنت أعرف قدراتهما جيدًا.
وهذا ما جعل الأمر أسهل بكثير بالنسبة لي.
“همم…”
نظرت كيرا وإيفلين إلى بعضهما البعض.
كان عليهما بعض الحيرة، لكن بعد لحظات، أومأتا برأسيهما.
“حسنًا. أنا مدينة لك.
“…عائلتي متحالفة بالفعل مع عائلتك، لذا حتى لو لم تطلب، فوالدي على الأرجح كان سيدفعني للمساعدة.”
“جميل.”
عندما سمعتُ موافقتهما، وجدت نفسي أبتسم.
“هذا يعني اثنتين من أصل ثمانية. وإذا حسبتُ نفسي، فهذا يعني أنني بحاجة إلى خمسة أعضاء آخرين. لن يكون الأمر صعبًا جدًا.”
كان من الممكن أن يكون الأمر أسهل بكثير لو سُمح لي بضم “أول-مايتي” والبقية.
لكن على الأرجح، هذا لم يكن مسموحًا. وحتى إن كان، فلست واثقًا من مدى فائدتهم، بما أن المواجهة هذه المرة ستكون مباشرة.
“حسنًا، في هذه الحالة سأـ—”
كلااانك!
قاطعني صوتٌ مفاجئ، إذ انفتحت أبواب القاعة فجأة بعنف، واقتحم أحدهم المكان راكضًا. كان شاحب الوجه، وشعره فوضوي ومبعثر.
“ما الذي يحدث؟”
“…من هذا؟”
توجهت أنظار جميع الضيوف نحو الرجل، وقبل أن يتمكن الحراس من إخراجه، صرخ قائلًا
“الإمبراطور قد مات!”
ترددت كلماته بصوت عالٍ داخل القاعة.
وتوقف كل شيء. ساد الصمت التام.
“…أكرر! الإمبراطور قد مات!