164 – شظية السماء وعالم الين واليانغ
لقد كان جميع السحرة مغرورين بالفطرة ومعتزين بأنفسهم كأشخاص فوق البشر العاديين، ولكن عندما ظهر في كلّ المرّات السابقة ساحر دمار، جعل من الكبرياء، والفخر، والغرور، وحتّى العزّ بالنفس أشياء بدون قيمة. كان هو صاحب التجبّر والتبختر، وحُكم باختيال فقوبِل بالامتثال.
لم يعلم أيّ شخص غير القدماء الكبار عن عنصريْ ظلّ الشيطان. ولهذا لم يكن يعلم باسل والآخرون عنه، فكانوا من المصدومين أيضا. وكانت الصدمة شيئا طبيعيّا عندما يُعلَن عن وجود ساحر دمار.
وفجأة، توقّف كلّ شخص عن الحركة فانقطعت كل معركة تماما متوقّفةً الحرب كلّها بذلك. سقطت الأنظار على هدّام الضَّروس وحرصوا على عدم تفويت أيّ لحظة. لم يكن ذلك من أجل المعرفة أم المراقبة، فكل ذلك مُحِي من عقولهم، ولم يتبقَّ سوى الخوف الذي جعل أجسادهم في قمّة أهبة استعدادها... استعدادها للهرب إلى أقصى ما يستطيعون بلوغه !
وعلى حين غرّة، تجمّعت طاقة هائلة على بعد أميال. جعلت هذه الطاقة الحاضرين ينسون مؤقّتا ساحر الدمار، ويلتفّون ليروا مصدرها وكيف لمثل هذه الطاقة أن تتواجد بهذا العالم. فإذا بهم يجدون الرمح الخشبي من السابق يتوهّج بنار زرقاء، وكانت عاصفة قد تكوّنت بالفعل حوله جاعلة النار تهتاج لتصبح أكثر فتكا.
ولكن، لم يكن هذا هو مصدر الطاقة المهولة من السابق. حدّق المشاهدون إلى عنصر تعزيز باسل فعلموا أخيرا السبب. لقد كانت تلك طاقة لا يمكن لأيّ شخص من هذا العالم استحمالها أو النجاة منها حتّى. تجاوزت كلّ المقاييس والمعايير فخلقت قانونا جديدا. جعلت من ميزان القوّة يختلّ بضراوة فأرعبت الجميع.
وفجأة، كان الرمح قد أصبح نصلا عملاقا للغاية. كانت حرارته غير مطاقة فهرب العديد من السحرة إلى مكان آمن. وكلّ من استطاع البقاء قريبا للمشاهدة شغّل كلّ وسائله الدفاعيّة. فلقد استنتجوا أنّه على الأغلب، سيكون هذا هو أقوى هجوم على مرّ تاريخ هذا العالم.
أصبح الرمح الخشبي باهرا في السماء الزرقاء، ولولا الملاحظة بدقّة جيّدة لما لُمِح تشابهه معها في اللون. أصبح هذا الرمح كقطعة من السماء الواسعة، كأنّه شظية منها. يمكنه تطبيق حكمه على كلّ ما يقع تحت السماء. لقد كان رمحا ساميا يستطيع الإجهاز على المخلوقات الجبّارة وقمع الخبائث الشيطانيّة.
عصر باسل نفسه في السماء الزرقاء ثم صرخ فاهتزّت الأرض بهالته وطاقته. صنع ضوضاءً أثقلت كاهل الحاضرين وأفشلت ركاب معظمهم. لم يهم إن كان الشخص حليفا أم عدوّا، كلّ على حدّ سواء، شعر بالهول. وكلّ شخص علم، أنّه لو نجى هذا الفتى من هذه الحرب، فلا شكّ أنّه سيكون قادرا على حكم هذا العالم. وبالطبع، نفس الشيء كان ينطبق على ظلّ الشيطان.
حرفيّا، كانت هذه المعركة بالنسبة لجميع الحاضرين هنا هي ما سيقرّر مصير عالمهم. ولا واحد منهم استطاع تكهّن مآلها. كانت هذه المعركة أكبر منهم بكثير.
وفي الوقت الذي انتهى به صراخ باسل، كانت شظية السماء العملاقة قد اختفت عن الأنظار. عادت لتصبح رمح مرّة أخرى. ولكن، كان واضحا جدّا أنّ هذا الرمح مختلف كلّيّا عن سابق عهده. وللدقّة، كان كما أنّه شظية السماء العملاقة بحجم أصغر.
طار باسل في دائرة بسرعة كبيرة جدّا فولّد قوّة دفع هائلة. فعلى ما يبدو، أصبح بإمكانه استخدام فنّه القتالي في السماء بما أنّ له القدرة على الطيران باستعمال عنصر الرياح، عنصره الثالث.
وفجأة، انبثق الرمح من العاصفة التي كوّنها باسل بدورانه. لم يستغرق هذا الرمح سوى لحظة حتّى كان قد بلغ مراده. وفي هذه اللحظة، كان قد شقّ السماء وعبر الفضاء مخلِّفا الانهيار وراءه فقط.
وبالطبع، كان هدّام الضَّروس في كامل استعداده له. أخرج سيفه القصير والذي شُكِّل كالهلال. ارتفعت طاقة عنصر التعزيز به فجعلته يسطع بشكل كبير. لم تكن طاقة عنصر التعزيز هذه بنفس المستوى التي كان لدى تلك التي أطلقها باسل، ولكنّها كانت أيضا هائلة.
أصبح السيف القصير هلالا ساطعا في يده هو سيّد الليل، وجعل من الظلام مستقَرّه، ومن النور سلاحه. تصاعدت طاقة عنصر الدمار أيضا فمحت بهالتها إرادة الشجعان، وبطاقتها أهدمت ما لامست. دون دفاع قوّي مؤهلّ، سيكون الموت مؤكّدا في مواجهة سحر الدمار.
طنطن الهلال فأصبح منه عشرة فجأة. كان هذا بسبب إحدى إمكانيات عنصر التعزيز الذي كسبها هدّام الضَّروس. كان قادرا على تكوين نسخ معزّزة من طاقة عنصر التعزيز فتكون في نفس مستوى الأصل تقريبا.
كوّنت الأهلّة بتلاحمها بدرا مكتملا يستطيع صدّ كل المصائب. برز هذا البدر في السماء الزرقاء، ونافس شظية السماء القادمة نحوه. ومباشرة بعد ذلك، ظهر بجانبه نجم أرجواني. تكون هذا النجم الأرجواني من عنصر الدمار، وبدا كثقب أسود يستطيع سحق أيّ شيء.
وفجأة، اتحد البدر والنجم فكانا كأصل الين واليانغ. شملا النور والظلام واستطاعا محق أيّ شيء. وباتّحادهما معا، كوّنا عالما جديدا يحمل قوانينه الخاصة. ومن قرّر هذه الأحكام كان هدّام الضّروس.
وكإضافة أخيرة، وقف ظلّ الشيطان أمام عالم الين واليانغ ذاك ثم بسط يديه. أرجع ذراعيه للخلف قليلا ثم صرخ مشغِّلا تعاويذه الذهنية الروحية مطلِقا العنان لفنّه القتاليّ الأثريّ. ضرب الهواء وراء ذلك العالم فكسره كالزجاج، فانبثق صوت مدوٍ صمّ آذان كلّ الحاضرين. وإذا بعالم الين واليانغ ينطلق اتجاه شظية السماء مصطحبا معه قوّة وسرعة الصوت مضاعفة بكثير.
كلّ هذا حدث في تلك اللحظة التي احتجتها شظية السماء لبلوغ هدفها. وعندما فعلت، جابهت عالم الين واليانغ فتكوّن دمار مروع. مُحي جبل مجاور فورا وتكوّنت حفرة واسعة وعميقة جدّا. كما لو أنّ قطعة من السماء سقطت وخلّفت وراءها ذلك.
مات العديد من السحرة الذين ظنّوا أنّهم هربوا بما فيه الكفاية، وكذا فعل بعضُ أولئك من اعتقدوا أنّ بإمكانهم تحمّل البقاء والمشاهدة. مات الآلاف بسرعة كبيرة فاستسلم العديد من الأشخاص عن محاولة النصر في هذه الحرب. لم يعد يهمّهم من الفائز أو الخاسر، فقط غريزتهم التي تحرّضهم على النجاة هي ما تبقّى.
*باام* *باام* *باام*
سقطت ثلاث هجمات على مجموعة الكبير أكاغي وباقي الرؤساء الذين كانوا بالقرب منه. ومباشرة بعد هذه الهجمات الثلاث ظهر ثلاثة أشخاص. لقد كانوا ثلاث قدماء، فضيلة كرم، وزئير، إضافة للكبير ديميور.
كان الأقدم الكبير زئير قد تعافى بسبب إكسير وسحرة العلاج، وعاد الآن بكامل قوّته الجسديّة. غمرت هالته أميالا وجعلت السحرة الذين حملوا لوهلة فكرة الهجوم عليه يتراجعون بدل ذلك، وتقدّمَ إلى الأمام متكلما بصوته الأجشّ: "لأقتُلَنَّكم شرّ قتل ! "
رفع سيفيه الأثريين بالدرجة الرابعة ثم لوّح بهما بأقوى ما يملك. تشكّل نصلان يستمدّان قوّتهما من التعاويذ الذهنية الروحية، وكانا يستطيعان المرور عبر كلّ شيء. كانا خفيّان بسبب كونهما أتيا من فن قتاليّ أثريّ، ولكنّ هالة السيف بهما ونيّة مطلقهما جعلتهما يبدوان كنصلين ساميان استُخدِما من طرف أحد العمالقة الأسطوريّون.
لقد كان هذا فنّا قتاليّا يستخدم الجسد والسيف كركيزة، لذا كانت قوّته مدهشة بالرغم من أنّه ليس مستمدّا من فنّ قتاليّ سامٍ. ولهذا عندما سقط النصلين العملاقين على مجموعة الكبير أكاغي، شتّتهم تماما. ولم يتوقّف الأمر عند ذلك الحدّ فقط، أضاف الأقدمان الكبيران الآخران هجومهما أيضا.
كان رمح فضيلة كرم ثلاثيّ الشعب يأتي من حيث لا يدي أحد. كان يظهر من الظلال مرّة ويختفي بها في المرّة الأخرى باستمرار. أما الكبير ديميور، فقد رمى بجسده المشتعل والمعزّز ماحيا المئات من السحرة في لحظات فقط.
نهض الكبير أكاغي بشقّ الأنفس بعدما تعرّض للهجوم الآخر، ثم نظر إلى حلفائه، فوجد الجنرال منصف بجرح بليغ. شحُب وجهه حينذاك وتذكّر ما حدث قبل قليل. لقد رمى الجنرال منصف بنفسه لحمايته من الخطر المحدّق. جعل من نفسه درعا بشريّا له.
صرخ الكبير أكاغي: "ما الذي تفعله؟ هل تريد ترك ابنتي أرملة مبكّرا أيها الأحمق؟" حمله من قذاله ثم حدّق إلى عينيه مباشرة بينما ينتظر الجنرال منصف الجريح أن يفتح عينيه.
فتح الجنرال منصف عينيه ببطء وبدا على شفا الموت، ولم تكن حالته أفضل من الأقدم الكبير طايكوتسو. اجتهد ليقول أخيرا: "عائلة كريمزون ستبلغ مقاما لم يصل إليه أحد من قبل في عالمنا. ويجب أن تبقى حيّا لوقت أطول يا حماي. ليس قبل أن يكبر كارماين، على الأقل..."
سقطت يده التي رفعها أثناء قوله الجملة الأخيرة، وسقطت قبل أن يكملها. فصرخ الكبير أكاغي بدون أن يشعر. ولكن، وجد الجنرال منصف قد غاب عن الوعي فقط ولا يزال حيّا فعاد لرشده.
بحث عن السحرة المعالجين بنظراته فرأى أخيرا هيل الذي كان يرافق الإمبراطور شيرو. لقد كان أولهما يعالج ثانيهما، إضافة للرئيس تشارلي والجنرال براون. لقد تعرّض هؤلاء الثلاثة لإصابة خطيرة بعد هجومهم المشترك الأخير.
وفي هذا الوقت، انتهت عملية شفائهم أخيرا فعادوا للقتال من جديد. ولهذا سارع الكبير أكاغي إلى هيل من أجل معالجة الجنرال منصف. هلع إلى ذلك بأقصى ما يملك من سرعة.
كان باقي الرؤساء الذي كانوا بجانب الكبير أكاغي بخير كونهم لم يتعرّضوا لهجوم القدماء الكبار مباشرة، فانضموا أيضا للقتال بجانب مجموعة الإمبراطور شيرو ضدّ القدماء الكبار. انضمّ لهم الإمبراطور غلاديوس كذلك.
الرئيس تشارلي، الرئيس براون، الرئيس كورو، الرئيس كيِرو، الرئيس لان، الرئيسة فايوليت، الإمبراطور شيرو وجنرالاته الثمانية، الإمبراطور غلاديوس وجنرالاته الأربعة. كلّ هؤلاء اجتمعوا في مكان واحد من أجل مواجهة القدماء الثلاثة الكبار.
التفت الكبير أكاغي فوجد هذه المجموعة الضخمة تسانده ريثما يعالج الجنرال منصف، ففرح وشكرهم من قلبه. لقد رأى اتحادا لم يسبق له أن حدث في هذا العالم أبدا. كلّ قوات العالم التي تنافست على القمّة لأجيال عديدة تقف اليوم من أجل القضاء على عدوّ أكبر.
بدأ علاج الجنرال منصف من طرف هيل. وفجأة، اقتربت شي يو أيضا لتعاونه على ذلك. فحدّق إليها الكبير أكاغي ثم سألها: "ألا يجب أن تكوني تساندين تشكيلكم؟"
ابتسمت شي يو ثم قالت: "لا بأس، فلا أظنهم يحتاجونني الآن على أيّ حال."
حدّق الكبير أكاغي إلى البعيد من أجل إلقاء نظرة على التشكيل، فوجده قد أباد جلّ الأعداء وكانت له اليد العليا كلّيّا. ابتسم بعد ذلك ثم همس لنفسه: "حقّا، لقد كوّن جيشا عظيما في هذه المدّة القصيرة ! "
غيّر اتجاه نظره مرّة أخرى إلى حيث آخر مكان ظهر به باسل، فرآه يطفو إلى السماء من جديد بعد أن أثر عليه ارتداد صدمة الهجوم السابق. كان يحمل الرمح الخشبي في يده ويركّز نظره جيّدا على ظلّ الشيطان الذي لم يتزعزع من المكان الذي كسر فيه الهواء كالزجاج.
لقد كان بدون أيّ خدش عليه بالرغم من أنّ الانفجار الهائل الذي حدث سابقا كان قريبا منه كثيرا. شحن طاقة السحريّة إلى أوجها فبلغت المستوى الرابع عشر. صدِم الكثير من السحرة من مستواه الحقيقيّ وارتعدوا.
ساحر بالمستوى الرابع عشر. لم يسبق لأحد أن بلغ هذا المستوى في هذا العالم قبله. كان مرعبا للغاية لاسيما امتلاكه عنصر الدمار أيضا.
ارتعد الجنرال رعد حقّا من هذا الشابّ أمامه ثم تمتم: "أفهم لمَ ينادى بظلّ الشيطان. كما لو أنّني أرى ذلك الوحش الذي صادفته قبل خمس عشرة سنة."
أدار الجنرال رعد رأسه إلى جهة باسل ثم حدّق إلى الرمح الخشبيّ الذي يحمله باهتمام قبل أن يسأل: "أيتها الفتاة الشقراء، ما ذلك الرمح الخشبي؟ كيف لشيء مثله أن يكون سلاحا بهذه القوّة؟"
حدّقت أنمار إلى الرمح الخشبيّ أيضا لمدّة من الوقت ثم تذكّرت سلاح معلّمها لوهلة، فأعادت نظرها إلى الجنرال رعد قائلة: "ستعرف مستقبلا إن أتيحت لك الفرصة. فلا أظنّك ستفهم ماهيته الآن حتّى لو أخبرتك عنها. لأنّني أنا أيضا أعرف ما أصله، ولكن ليس كأنّني أعلم أيّ شيء عنه غير أنّه نادر جدا في كلّ العوالم."
استمرّ الجنرال رعد في التحديق إلى الاثنين اللذين كانا في بعد آخر عنه حاليا. شدّ قبضته بقوّة وضرب على الأرض.
من تأليف Yukio HTM
أتمنّى أن يعجبكم الفصل. أرجو الإشارة لأيّ أخطاء إملائية أو نحوية.
إلى اللّقاء في الفصل القادم.