206 – رفيقة المسار الروحيّ
كان هناك معقل جديد بني في مدينة العصر الجديد في الأشهر الماضية من أجل التشكيل، إذ أرادوا البقاء إلى جانب سيّدهم قدر المستطاع فمُنِحوا رغبتهم تلك من الكبير أكاغي، وكان موقعه في مركز المدينة في الواقع من أجل أن يكونوا دائما قريبين من أيّ خطر يحلّ عليها.
بني المعقل والمدينة نفسها من جديد كما حدث لأكاديميّة الاتّحاد العظمى؛ فكلاهما بني على أساس قويّ للغاية ولا يجب أن يدمّرا إلّا إن حدث شيء مهيب جدّا كما حصل قبل سنة.
وليس هذا فقط، حتّى العديد من المدن في العالم الواهن رمِّمت وزادت من شدّة حراستها وأمنها، ومتانتها عبر تدعيمها بكلّ الوسائل الموجودة من نقوش أثريّة وسحريّة وطاقة سحريّة. كلّ ذلك من أجل زيادة فرص النجاة إلى أقصى قدر ممكن، حتّى أنّه زِيدَ بذلك أكثر في أكاديميّة الاتّحاد العظمى أيضا.
بدأت التدريبات في أكاديميّة الاتحاد العظمى بالفعل كما كان مخطّطا بعد أسابيع منذ تلك الفاجعة قبل سنة واستُقطِب العديد من الطلبة العباقرة من كلّ أنحاء العالم مع حفاظهم على انتماءاتهم بالطبع؛ فتلك الأكاديميّة لم يكن هدفها سوى تنمية أولئك الذين يُعتبرون ذوي فائدة للعالم الواهن بمواهبهم.
كانت الفائدة الوحيدة التي كانت تتلقّاها في المقابل هي الحصول على عهد من كلّ طالب يقسم فيه على أن يستجيب ثلاث مرّات إلى الأكاديميّة في أيّ زمان ومكان من أجل الوقوف في صفّها وحمايتها شرط ألّا يضطرّ إلى معارضة وطنه الأصليّ، وإن حدث ووجد نفسه في موقف حيث يجب عليه مساعدة وطنه على إيذاء الأكاديميّة، فلن يستطيع لأنّه محرَّم عليه مدى حياته في العهد الذي عقده.
كانت الأكاديميّة أصلا في صفّ كلّ الأوطان في العالم الواهن، لذا لم يكن هناك خوف على وقوفها يوما ما في وجه أيّ إمبراطوريّة في العالم الواهن بدءا منها، فالأكاديميّة حاليا يترأّسها ممثّلين للأباطرة الثلاث بعدما كانوا هم أنفسهم في الأوّل ولكن استقالوا من أجل التركيز على أدوارهم الأساسيّة.
كان هؤلاء الممثّلين أشخاص ذوِي مكانة مرموقة أصلا في إمبراطورياتهم، ووجب أن يكون بهم ثقة عالية اكتسبوها بعد العديد من الأعمال المشرّفة التي كانت كلّها تهدف إلى تحسين عالمهم ككلّ وخدمة الجنس البشريّ دون تمييز. كان هذا الاختيار صعبا جدّا لكنّ الكبير أكاغي كان يضع في حسبانه شخصا مسبقا، ولم يكن هذا الشخص سوى الجنرال "كاميناري رعد"
لقد ساهم الجنرال رعد في زيادة أمن إمبراطوريّة الشعلة القرمزيّة كثيرا عبر نشر فرقه في جميع أنحائها وخصوصا فرقة السنبلة الخضراء التي كان مركزها العاصمة وقادها هو بنفسه. قيل أن تلك الفرقة جعلت من العاصمة أأمن مكان في العالم الواهن يمكن للشخص أن يعيش به نظرا إلى عدم وجود أيّ جريمة من أيّ نوع فيها خلال السنة الفارطة.
أمّا عن الإمبراطور أيرونهيد غلاديوس، فقد اختار الجنرال كروز الذي كان عونا له في كلّ الأوقات واشتهر بمساندته لجميع المواطنين دون تفرقة، حتّى أنّه كان معروفا بتحرير العبيد، وأكثر من ذلك، لقد كان قائد الجنرالات الأربع الذين لم يصوّتوا لشهاب جرم سابقا ولم يخونوا وطنهم.
وعن الإمبراطور أزهر هاكوتشو فقد اختار أخاه الثالث "أزهر زهير" الذي سيكون عونا له دائما بأخذه لهذا المنصب.
تحرّكت أوضاع العالم الواهن بكثرة وانعدمت العبوديّة في الظاهر على الأقلّ حتّى أصبح هناك عدد أكبر من الناس لديهم فرصة في الغدو سحرة، وبذلك ستزداد قوّة العالم أجمع بسرعة كبرى. أصبح الآن أيّ شخص قادر على دخول اختبارات أكاديميّات السحر من أجل تعلّمه، ولم يعد هناك تمييز في ذلك قطعا، بالرغم من بقاء التمييز بين الناس، فالعنصريّة لا تختفي بتلك البساطة.
كان هذا أحد أهداف باسل؛ فحتّى لو لم يكن قادرا على توحيد العالم أجمع، على الأقلّ سيكون قادرا على تحقيق مثل هذه الأمور التي ستجعل من العالم الواهن ينمو بشكل كبير وواضح، وكلّ ذلك من أجل حماية أمّه، بالرغم من أنّ الأمر لم يعد يقتصر على أمّه فقط بعد الآن.
واليوم، اجتمعت العديد من الشخصيّات المؤثّرة في العالم الواهن لرؤية هذا الشخص الذي كان له الأثر الأكبر في تغيير أوضاعهم، وقلب عالمهم رأسا على عقب. أرادوا أن يشاهدوا هذا الشخص العظيم الذي سيكون له مستقبلا أعظم لا محالة، وبالطبع الكثير منهم أرادوا فقط أن يتقرّبوا منه بأيّ طريقة لضمان جزء ولو صغير من ذلك المستقبل القادم.
جلس الأباطرة الثلاثة على طاولة واحدة، وبالطبع أخذ جانبهم باسل، إضافة إلى أنمار التي لم تفارقه مذ استفاق، حتّى أنّها كانت تقبض يده ولم تفارقها كلّ ذلك الوقت. كانت كلّ الأعين هذه المرّة عليه وعلى أميرة إمبراطوريّة الشعلة القرمزيّة التي شاع عنها الكثير بخصوص قوّتها ودهائها الكبير وجرأتها المدهشة التي تجلّت في مواجهة الأعداء وترك نفسها تسجن حتّى تتلاعب بالعدوّ كما تشاء.
كانت الأنظار مركّزة طوال الوقت عليهما وارتعب الناس أكثر عندما أطالوا التحديق إليهما كونهم يدركون عندها أنّ ذانك مجرّد شابّين بالسادس عشرة سنة فقط، إلّا أنّهما بلغا ما لم يقدر أيّ شخص على بلوغه أو حتّى فكّر في فعل ذلك من قبل. لقد كان ذانك الشابّان هما المثال الحيّ لمستقبل هذا العالم.
كانت النقاشات مستعمرة القاعة الكبيرة، وكلّ مجموعة تخلّل حديثها بطل البحر القرمزيّ وحادثة تخصّه، وفجأة أصبحت الأحاديث كلّها عن نفس الشيء، وخصوصا بعدما كانت أنمار تقبض يد باسل كما لو أنّها تخبر العالم الواهن أنّها هي امرأة باسل وهو رجلها.
كانت الأحاديث تدور حول ما إذا كانت هناك فرصة ليتّخذ بطل البحر القرمزيّ خطيبة ثانية، نظرا إلى ما قد شاع عن كون أميرة الشعلة القرمزية خطيبته مسبقا. كانوا قد فقدوا الفرصة في الحصول على المرتبة الأولى، ولكن إن كان شخصا كباسل بمثل هذه المرتبة في العالم الواهن إذ لا يحدّد مكانته لا نبالة ولا أيّ طبقة اجتماعية بل جعل لنفسه مكانة مرموقة خاصّة، فسيكونون سعداء حتّى بالحصول على المرتبة الرابعة.
اقترب شخص ما من الأباطرة الثلاثة فانحنى وقدّم نفسه: "أرجوكم اسمحوا لي أنا نورثرولر كافل أن أقدّم نفسي لكم."
أماء الإمبراطوران هاكوتشو وغلاديوس رأسيهما له فقط، أمّا الكبير أكاغي فبدا يعرفه، فأجاب: "أوه، خليفة عائلة نورثرولر، لقد قدّمت خدمة جيّدة لتشكيل بطل البحر القرمزيّ عندما أرادوا الذهاب إلى الرياح العاتية، لقد وعدتك بمقابلة مع سيّد التشكيل كمكافأة، لذا ها هو ذا مستعدّ لذلك."
كان الكبير أكاغي قد أحكى لباسل طبعا عن هذا الأمر سابقا، ولم يمانع مقابلة الأشخاص في هذه الوليمة التي أقيمت من أجله بعد عودته المنتظرة.
اقترب نورثرولر كافل من باسل وأنمار، ثم انحنى قليلا ورفع رأسه قائلا: "حقّا جمال الأميرة الذهبيّة لا يقارعه جمال في عالمنا الواسع، ولا رجل يستحقّه غير بطل البحر القرمزيّ العظيم. إنّكما لزوج متكامل!"
حدّق إليه باسل وأنمار دون أيّ تغيّر في ملامحهما، فجعله ذلك يتململ في مكانه مبتسما بتصنّع ولا يعلم ماذا يفعل كونه لم يتوقّع تلك الاستجابة. وبالطبع كانت هذه الاستجابة طبيعيّة من باسل وأنمار؛ فباسل لم يكن يهتمّ لآراء الآخرين بشأن هذه الأمور، ولا أنمار كونها كانت تعتقد ذلك من زمن طويل ولا حاجة لشخص آخر أن يقول ذلك حتّى تقتنع أو يكون حقيقة.
كان تعبير باسل جامدا، بينما يحدّق إلى كافل الذي توقّف أخيرا عن صنع تلك الابتسامة وفهم مقصده؛ "لو كان هناك شيء بعقلك يجب عليك قوله، فتقيّأه بسرعة ولا تضع وقتي." فكّر كافل بذلك بعدما فهم أنّ نظرات باسل تقول ذلك.
انحنى من جديد وتكلّم: "اليوم، جئت ألتمس قلبك الواسع أن يقبل أختي الصغرى." حدّق إلى ركن ما فأماء لأخته التي ظهرت بين الناس، وتركّزت عليها الأنظار فجأة.
غرمت الهمساتُ المكان، وحتّى لو اختلفت أساليبها فـفحواها كان واحدا: "ذلك الشقيّ، لقد سبقنا." لقد أرادوا أن يستغلّوا هذه الفرصة النادرة للتكلّم مع باسل، لكنّ ذلك الشابّ قد سبقهم إلى ذلك ممّا جعل نسبة نجاحهم تقلّ.
كانت النظرات تقيّم فتاة النورثرولر وظهرت العديد من التعبيرات الحسودة نظرا إلى جمالها الخلّاب والشرس، وأسلوبها النبيل في التحرّك، فكانت بارزة وسط الناس كلبؤة بين القطط، وكانت نظراتها الحادّة من عينيها الذهبيتين ملكيّتين بالفطرة، وكان لون بشرتها قريبا للسمرة أكثر من البياض، فكان جمالها متميّزا كما كان أسلوبها الراقي ولم يكن ليلائمها شخص غير أسد يحكم بهيمنة كبيرة.
انتشرت الهمسات من جديد: "فلنرَ إن كانت اللبؤة الذهبيّة ستكون قادرة على الوقوف في وجه الجنيّة الذهبيّة ومقارعتها."
كانت أنمار كمثال عن المستوى الذي يجب أن تكون عليه المرأة قبل أن تعرض نفسها على باسل، لذا وجب على أيّ واحدة العبور من ذلك الاختبار أوّلا قبل أن تصل إلى باسل.
انحنت اللبؤة الذهبيّة قليلا كتحيّة ثمّ رفعت رأسها وقدّمت نفسها ولم تخشَ شيئا، كانت فخورة ولم يكن ليخرج كلامها من فمها لشخص ما إلّا وهي تنظر إليه بعينيها المتألّقتين: "أنا نورثرولر زهاء، أعرض نفسي عليك يا السيد باسل."
حدّقت بعد كلامها إلى أنمار كما لو أنّها تخبرها أنّها أتت، وستأخذ هذه المكانة لا محالة.
ابتسم باسل بعدما رأى هذا الأمر يحدث، جاعلا شابّيْ النورثرولر يظنّان أنّهما أحسنا الفعل، إلّا أنّهما لم يعلما أنّ باسل ابتسم في الواقع بسبب ما سيحدث، ولهذا لم يزد عن تلك الابتسامة شيئا.
وقفت أنمار في مكانها ثم حدّقت إلى نورثرولر زهاء التي كانت تبادلها تلك النظرات، فأطالت إحداهما النظر إلى الأخرى حتّى بدأت فتاة النورثرولر فجأة تُغمر بزرقة عينيْ أنمار إلى أن وجدت نفسها مغمورة بعالم أزرق، وعندما حاولت التنفّس لم تستطع.
بقيت تختنق في ذلك العالم حتّى فقدت جميع أنفاسها وفقدت وعيها، وعندئذ وجدت نفسها على الأرض بشكل خاضع، بينما تقطر عرقا وتتنفّس بصعوبة بالغة غير قادرة على رفع رأسها لتنظر إلى أنمار بشكل مباشر.
تفاجأ الناس جميعا ولم يعلموا ما حدث حقّا. لم يكن هناك استخدام للسحر أو أيّ مواجهة بالهالات أو ما شابه على الإطلاق، ومع ذلك أصبحت اللبؤة الذهبيّة في ذلك الوضع المزري حيث لا تستطيع استجماع أنفاسها حتّى.
نظر كافل إلى أخته التي سقطت بعدما كان حالها يتغيّر دون أن يعلم السبب؛ فكانت ترتجف وتسارع تنفّسها حتّى اختنقت وبسبب ذلك زاد ضغط دمها وارتفعت ضربات قلبها حتّى هلعت وسقطت على الأرض مصدومة. كل ذلك حدث بعدما رأت نظرات أنمار فقط.
ارتعب الناس ممّا حدث ونظروا إلى أنمار بأعين يتملّكها الخوف، ومن كان لديه بعض الأفكار الجرّيئة خبّأها في أعماق قلبه حتّى دفنها وجعلها تختفي بلا ظهور لها لمرّة ثانية؛ كلّهم تخلّوا عن محاولاتهم التي كان مصيرها واضحا.
اندهش كافل كثيرا وساعد أخته على الوقوف، حتّى نجحت بعد عدّة محاولات، وعادت لرشدها أخيرا، وعندئذ سألها: "ما بك؟ ما الذي حدث لك؟"
لم ترفع نورثرولر رأسها هذه المرّة إطلاقا وتحدّثت: "لقد رأيت... رأيت العالم الذي أحاول دخوله عبر عينيها. لا... بل جزء منه فقط، فأنا لم أشهد بذلك العالم شيئا حتّى."
لم تفعل أنمار شيئا سوى التحديق إليها بعزيمتها، ونيّتها، وإرادتها، فجعلتها ترى العالم الذي تعيش فيه مع باسل؛ جعلتها تدرك اختلاف عالميهما الكبير.
تمتمت زهاء لأخيها كافل: "لنعد يا أخي، فذلك العالم أبعد ممّا نستطيع بلوغه."
فهم نورثرولر كافل لمَ ابتسم باسل أخيرا، وعلم أنّ جرأتهما تلك لم تكن سوى شيء مسلّ له إذْ كان يعلم مآلها بالفعل، وعلم أيضا أنّه لم يستهزئ بابتسامته تلك، وإنّما ابتسم كوْن بعض الأشخاص في هذا العالم لا يعلمون أنّ تكبّرهم ذاك أكبر منهم بكثير ولا يستحقّونه، وبسبب ذلك لا يرون حقيقة كونهم غير جديرين بالوقوف بجانب الكبار الحقيقيّين.
جلست أنمار بعد ذلك وقبضت يد باسل من جديد، ثمّ حدّقت إلى الجمع الذي نظر إليها باحترام لهيبتها، وخيبة أمل تقبّلوها بسرعة. لقد كانت حقّا امرأة تستحقّ الكون بجانب بطل البحر القرمزيّ، ولا واحدة يمكنها التدخّل بينهما بتلك السهولة.
قالت بعد ذلك بكلّ برودة: "أجر الإقامة في عالمنا غالٍ."
لقد كان ذلك شيئا طبيعيّا بالنسبة لها فكانت هادئة في قولها ذلك.
نظر كافل إليها وإلى باسل، فبدا كما لو أنّه ينتظر منه شيئا، إلّا أنّ باسل لم يفعل شيئا سوى رفع حاجبه كما لو كان يقول له: "لقد سمعت ما قيل وكفى."
تقبّل كافل ذلك وتراجع مع أخته خائبيْ الأمل، وحمد العديد من الأشخاص ربّهم لأنّهم لم يجرّبوا حظّهم بعد رؤيتهم الأخوين على ذلك الحال.
استكملت الوليمة كما كان مقرّرا، وغادر باسل وأنمار بعدما قابلا الكثير من الأشخاص للعديد من الأسباب إلّا أنّ غالبها كانت محاولات للتقرّب منهما كمحاولة ضيافتهما مثلا وعرض الخدمات عليهما أيضا وما إلى ذلك...
جلس باسل وأنمار بغرفة لوحدهما، بنفس الغرفة التي ظلّت فيها تنتظره لمدّة سنة كاملة، فابتسم عندما فكرّ في ذلك ونظر إليها، ثمّ ومض في عقله صورة معلّمه يقول: "حبّها له حقّا يستطيع تجاوز آلاف السنين واختراق العوالم بالرغم من أنّها صغيرة."
تمتم باسل لنفسه بعد ذلك: "شكرا لك أيّها المعلّم"
كان يشكره عن جعل أنمار بجانبه عندما لم يكن يريد.
حدّق إلى عينيْ أنمار بعدما اقترب منها، ووضع يده على وجنتها فتحسّسها وقبّلها بعد ذلك على شفتيها مباشرة. كانت تلك القبلة مليئة بالشغف تجاهها، فأحسّت أنمار بالدفء كثيرا، ووصلها شغفه ذاك فنزلت دمعة من عينها، ولامست يده التي تحمل وجهها، فـبادلته القبلة.
بقيا على ذلك الحال لثوان قبل أن يتوقّف باسل جاعلا الزمن يتحرّك أخيرا بعدما بدا كما لو توقّف لعصور، فنظر إليها بعينين جدّيّتين وقال: "لقد حزنت على معلّمنا لسنة كاملة، والسبب الذي جعلني أتأخّر كثيرا هو عدم تقبّلي ذلك حتّى أنّني لم أرد قبول ما أراد وهبي، لكنّني تجاوزت كلّ ذلك الآن."
"أنا أعلم حزنك، لذا دعينا نحزن هذه الليلة، وننهي هذا مرّة واحدة."
أومأت رأسها له، فأكمل: "يا أنمار، لقد علِمتُ الكثير، أصبحت أعرف الكثير، بقدر ما لا يمكنني تجاهله إطلاقا. هناك العديد من الأشياء التي يجب عليّ إنجازها أثناء عبوري المسار الروحيّ، هناك عدّة أهداف لابدّ لي من تحقيقها، وهناك ستائر يجب إماطتها."
"لقد قطع معلّمنا طريقا، وأراني إيّاه جيّدا، وهذه المرّة على طريقتي، سأصنع طريقي، وأبلغ ما ناشده يوما، وما لم يكن يضع له حسبانا."
"أعلم أنّني اختِرت، لكن يبدو أنّ ذلك طريقة لبقة لوصفها فقط، فهناك العديد من الأمور الخفيّة والتي علمت عن الكثير منها، لكن الشيء الأساسيّ ما زال مفقودا، ولهذا سأجده يوما ما."
صنع باسل بسمة مغمضة العينين: "لقد تغيّرت نظرتي إلى العالم كثيرا، وقليل ما بقي على حاله، لكن أنت يا أنمار ما زلت أنت."
عانق أنمار عندها وقال: "هل ترافقينني في مساري الروحيّ يا أنمار؟"
ابتسمت أنمار وبادلته العناق مجيبة بعد ذلك: "حتّى يفرقنا الموت."
***
من تأليف Yukio HTM
أتمنّى أن يعجبكم الفصل. أرجو الإشارة إلى أيّ أخطاء إملائية أو نحوية.
إلى اللّقاء في الفصل القادم.