- كانت تلك امي !؟
غطس ثيودور في أفكاره يتساءل عما سمعه .
- هل تنتمي ٱمي لإمبراطورية ٱخرى غير لونا ؟ "
تذكر الحوار بينهما يحاول استخلاص أي معلومات مهمة ، وشعر بالغرابة للتفكير أن والدته ربما لا تكون بشرية بالكامل .
- لا اظن هذا صحيحا .."
كان متأكدا أنه بشر بسبب الاختبارات التي أجراها قبل اكتساب هويته ،لو كان نصفا لتم الكشف عن ذلك .
- كلما علمت عن ٱمي أكثر كلما ازداد الأمر غرابة ! على الاقل اعلم الآن أن المدعوين بليونيل وكايل يقيمان ب"لونا ".
نفض أفكاره بعد أن سمع "ميلو" يناديه .
- لما تقف هناك دعنا ندخل ! "
سار نحوه وهو يراه يدفع صخرة بيضاء مسطحة تغطي الممر الذي شاهده في الذكرى سابقا .
- هل أنت من أحضر هذا هنا ؟ "
- لا لقد وجدتها هكذا ،دفعني الفضول بعد أن رأيت الوحش الصغير يدخل في تجويف بها أن ٱحركها بعيدا .
- هل هذا من فعل القروي ، هل أراد اخفاء المدخل ؟ "عبس ثيودور
-لنذهب لقد احضرت الخشب !"
حاول "ميلو"جمع الأثير الرقيق نحو العمود ليشتعل مضيئا السلالم الحجرية .
نزل ليتبعه ثيودور في الداخل،
كان المسار طويلا للأسفل وقد استغرقهم عدة دقائق للوصول نحو قاعة فسيحة .
- هل هذه تماثيل ؟"
كانت عدة أشكال لهيكل التنانين تقف بشموخ منتشرة في ترتيب حول القاعة الدائرية .
اتجه ثيودور لأحداها متفحصا ، نقر عليها ليتراجع للخلف في خوف .
- لا إنها عظام حقيقية !"
-عظام تنين ! نحن أغنياء !"
هتف ميلو يصفق يداه في سعادة متخيلا كل الوجبات الخفيفة التي يستطيع شراءها ببيع هذا.
لكن ما لبث أن حطم ثيودور آماله
- هل تستطيع حملها ؟"
صمت ميلو طويلا في حيرة وهو ينظر للجسد الضخم أمامه .
كان أقصر عظم يمكنه ايجاده بحجمه تقريبا !
- انسى الأمر ! هز رأسه بصدمة ،
لو حمل هذا فقد خشي أن بطنه ستذوب في منتصف طريقهم .
- يوجد باب هناك !"
لم تكن الغرفة بها أي شيئ عدا مجموعات العظام هذه ولا شيء آخر ،ولكن علم ثيودور أنه لو وُجد شيئ، لكانت ٱمه أو القروي اخذاه بالفعل .
- انه عملاق "
رفع " ميلو" رأسه عموديا وهو يقارن نفسه مع حجم الباب الأمر الذي بدا تافها في نظر ثيودور .
بدل ذلك تفحص الرسم للتنين الذهبي والأسود على جداره أو ما بقي منه لأن الباب كان متضررا بشدة .
بشكل غريب لم يكن لهذا الأخير جناحان ولم يُرسم إلا ظهره وكأنه ينظر للناحية الٱخرى من الباب، لكن هذا لم يمنعه من ان يبدوا مهيبا لدرجه احساسه بالضغط وهو ينظر اليه .
فجأة أضاءت قلادته ليختفي محيطه مجددا .
تغيرت وجهة نظره وكأنه يرى الذكرى بعقله لا بين عينيه.
-هل هذا "كالساديان" ؟ سأل لوغان محدقا في الباب .
- لا ، هل سمعت الٱسطورة عن التنين الحامي "
رفع حاجبه نحو آريا قائلا
- دعيني ٱخمن ، هل سرقت ملفا آخر من محكمة التفتيش ! "
- همف، ماذا تعرف هذا يسمى اقتراض "
تابعت بجدية بعد أن عدلت وقفتها
- تقول الٱسطورة أن الحاكم الأول لعش دراكوك ولأجل حماية نسله بعد موته ،قام بالتضحية بجناحيه لصنع سلاحين ،
الرمح " كالساديان" كان أحدهما وقد أخذ اسم ابنه !
من حينها ،تم توارثه بين أجيال عش دراكوك وصار حامله حاميا لعرشهم ويدعى بالتنين بدون أجنحة كتكريم له"
- سلاحان ؟ لكني لم اسمع سوى عن كالساديان هل تقصدين ان عش دراكوك يخفي الآخر !! "
صدم يسأل بخوف .
نفت برأسها
- لا اعلم كذلك لذلك نحن هنا ولا أظن أن السلاح الثاني معهم "
- تقصدين أنه من الممكن قد يكون خلف هذا الباب ؟"
عبست مجيبة
- اخبرتك، نحن هنا للتحقيق فيما اذا كان هذا صحيحا ! أيضا بدا أن هناك ملفات ٱخرى تتعلق بهذه الٱسطورة لكنني لم أتمكن من الحصول عليها "
تذمرت تحمل البلورة ذات الشعار لتطير من يدها مضيئة الرسم على البوابة
خفت الاشعاع وتجمع ببطئ مضيئا أحد المخالب على قدم التنين .
- ها هو! "
اندفعت لتقفز من احدى نتوءات الباب المتداعي إلى اخرى وصولى الى المخلب .
ضغطت عليها ليُفتح فجأة ممر قرب أحد الهياكل العظمية بالقاعة يقود الى وجهة مجهولة .
تساءل لوغان بحيرة
- ألم يكن المدخل هنا ؟"
- على الأغلب كان فخا، لوغان هذه ليست مرتك الٱولى بالآثار هل علي تذكيرك بأن تفحص محيطك في كل وقت !"
شتم معبرا عن غضبه
- ليس الجميع محبا لألعاب التسلل والٱحجيات مثلك ! "
- همف ، لهذا ٱحب الخروج مع آرتي إنها الوحيدة التي تفهمني"
-هه صحيح فأنتما وجهان لعملة واحدة ! "
مجددا انتهت الذكرى هنا وعاد بصر ثيودور للقاعة .
حدق في مخلب التنين طويلا وقرر القفز كما فعلت ٱمه .
وصل اليها وضغطها ليفتح الممر عند هيكل العظم القريب .
- انت ماذا تفعل ؟! " صرخ ميلو في اندهاش ينظر بين الباب والممر
- كيف ؟ هل اتيت هنا من قبل ؟"
نفى ثيودور
- لا ، لكن على الأغلب الباب فخ قرأت أن هذه الاشياء تحدث كثيرا بالآثار "
-نبلاء .."
قلب ميلو عيناه في ثيودور فالعائلات الثرية فقط هي من تتاح لهم الفرصة للحصول على كتب كهذه.
-حسنا لنذهب ! "
تجاهل ميلو أفكاره وسارع متحمسا نحو المدخل المكتشف.
نظر ثيودور الى الباب الكبير وخمن أن القرويين الذين دخلوا هنا قد ماتوا بالفعل .
- لكن لا يزال إذا كان هذا صحيحا فلماذا توجد خريطة تقود هنا ؟ ، كذلك لم اسمع عن هذه الآثار منهم "
دخل الممر يتبع " ميلو" وذهنه في فوضى.
°°
لم يحتاجا لاشعال الوتد الخشبي مجددا فمنذ دخولهم القاعة وهذا الممر ،كان المكان مشرقا كالنهار بسبب البلورات المثبتت في السقف.
- هل حدثت معركة هنا ؟ "
تساءل ميلو بصوت عال يحدق في كوم العظام هنا وهناك ، كان أغلبها مدمرا وانتشرت الفوضى طول طريق سيرهم .
- أيضا أين هي نهاية هذا النفق ! نحن نسير منذ ساعة "
تذمر وهو ينكمش ببعض الخوف بسبب صدى صوته في المكان المهجور .
ابتلع ثيودور كذلك في رهبة
- هل هذا من فعل ٱمي ولوغان ، بالكاد كانا في عمر شاتس ولكنهما حاربا كل هذه الاشياء!؟ "
سارا يتفاديان الشظايا هنا وهناك لكنهما توقفا مرتجفين في مكانهما لما سمعا صوتا فجأة .
نظرا نحو بعضهما واستدارا ببطئ يتحريان المصدر .
هناك تحركت مجموعة من العظام وتجمعت مشكلة هيكل تنين.
- انه حي ! " ارتجفت أقدام ميلو واهتزت دهونه يكاد ينهار من الخوف .
-الأثير يتجمع حوله انه دمية ! "
تذكر ثيودور مشاهدة شيئ كهذا من قبل ، كانت الهالة تماما مثل التي في الغرفة السرية بمنزله.
-إنها "إيشن" !! علينا إيجاد الأثر الذي يتحكم فيه وتدميره قبل ان يستعيد قوته بالكامل ! "
صرخ هذا في ميلو الذي أومأ ورأسه يتعرق في دلاء .
كان ثيودور سيهاجم لكنه تذكر فجأة أن امه ولوغان قد مرا من هنا ، لو كان إيجاد الأثر "إيشن" بهذه السهولة لعثرا عليه بدل تضييع وقتهما في تدمير كل الدمى بطريقهم ..
ابلع ليستدير ممسكا بيد ميلو " يحثه على الركض .
- ما الأمر؟ ألم تقل أن علينا تدميره . قد لا يبدو علي هذا ولكني استطيع هزيمة فارس بنجمة واحدة !! "
رفع أنفه بفخر بعد ان استعادة رباطة جأشه عند تأكيده أن التنين لم يكن سوى دمية .
- أخشى أننا لا نستطيع هزيمته "
سخر ميلو مع تأرجح دهون وجنتيه
- إلى أي درجة تعتقد يمكن لهذه العظام القديمة أن تحافظ على قوتها بعد كل هذه المدة الطويلة .."
توقف عن الكلام لما شعر بقوة كبيرة تدفعه للأمام وصوت زئير حاد جعل كلا ٱذنيهما تنزف .
-آآه.."
تدحرجا عدة أمتار للأمام ليسقطا اخيرا على الأرض بين الشظايا التي لم تُبقي مكانا في جسدهما إلا و خدشته.
- انه يطلق الأثير من فمه كموجة صوت"
نهض ثيودور يساعد "ميلو" على الوقوف ليركضا بسرعة
- نحن ميتون ! نحن ميتون ! "
سمعا الصوت العالي خلفهما ليتأكدا أن التنين لم يتخلى عنهما بل ركض خلفهم .
- نحن محظوظون ، من الجيد أن جناحيه ليسا سوى عظام "
ضحك ميلو لكن ما لبث أن صرخ في ثيودور .
- ابتعد !!!"
حاول دفعه لكن لم ينجح إذ أن ذيل التنين قد وصل نحوهما أولا .
طارا عشرات الأمتار مثل القذائف مصطدمين بأحد طرفي الجدار .
شهق "ميلو" يتقيء دما وقد شعر أن عظامه كلها تتصدع .
- أحمق لما وقفت خلفي ! "
صرخ ثيودور بعد أن اكتشف أن جميع الضرر الذي من المفترض ان يصيبه قد تحمله الصبي .
-"سأكون بخير بعد ان آكل، يمكن لجسدي أن يشفى من هذه الإصابة لكنك مختلف ! ايضا لقد كان رد فعل ولم أقصد حمايتك "
تمتم بهذا بشفقة وألم في صوت منخفض ينظر لجسمه . لم يعد قادرا على الحركة و شعر بالدوار يغزو افكاره.
رفع ثيودور جسده في وضع دفاعي وهو يرى جسد التنين المقترب نحوهم ،
رغم أن الأخير لم يكن كبيرا جدا في الحجم مثل تلك الهياكل بالقاعة عند دخولهم ولكنه لا يزال بطول عدة امتار .
كان حجمه مقارنة به صغيرا جدا !
تنفس الهواء إلى رئتيه محاولا تنظيم انفاسه .
قرر الجري للناحية الاخرى فقط لتشتيت التنين عن ميلو الذي لم يعد يستطيع الحركة .
تذكر أنه يحمل بسترته بعض الضمادات وأشياء اخرى وقرر علاج ميلو لاحقا ،كانت هذه عادة أخذها عن شاتس ولم يتركها أبدا .
لكن أهم ما جعله يفرح هو انه أحضر هذا الشيء معه .
مد يده يخرج شظية ٱخرى من قطع الزجاج الذي وجده بمنزله ، لا تزالا ثقيلة كما كانت قبلا لكنه اعتاد أخذ واحدة أو اثنتين كنوع من التديب .
سحب الأثير نحوها ورمى بها في رأس التنين محطمة إياه !!
زفر براحة لما شاهد هذا، لكن ما لبثت ملاحه أن شحبت لما شاهد جسده لا يزال يركض نحوه .
- مستحيل !"
هرب في سخط شاتما حظه . لم تحتج دمى الأثير لرؤوسها لتعمل ، ما لم يحطم الجسد تماما فلن تتوقف !!
تجنب بالكاد ضربة ٱخرى من الذيل وشعر بالسعادة كون عظام قدمي الأخير كانت تفتقد بعض الأجزاء وهذا ما جعله بطيئا .
لفت انتباهه شيء من بعيد وكاد أن يفقد ذكاءه جراء خوفه .
كانت عظام اخرى تلمع بضبابية وتجمع الأثير ببطئ . هذا يعني أنه لو لم يهرب قريبا مع "ميلو" فسيمتلئ هذا المكان بدمى الأثير قريبا .
دارت تروس عقله بسرعة
- ماذا بإمكاني أن افعل ! "
لمعت فكرة في ذهنه وحمل احدى شظايا العظام بحجمه تقريبا مسرعا نحو كومة كبيرة ٱخرى وتسلقها بجهد وصولا للقمة.
وصل التنين إليه يضرب بذيله ومخالب يده المتضررة نحوه.
قفز وقد تم تسطيح مكان وقوفه السابق ليصل فوق عظم ذَنبه.
تسلق ظهره محاولا الوصول نحو مكان رأسه سابقا .
كان الأمر صعبا إذ أن هالة الأثير حول الوحش كانت تهاجمه وتثقل كيانه .
فجأة ظهر ضوء فضي حوله حاميا اياه منها .
- اخيرا ! "
تمتم وقد تأكد الآن بمخاطرته أن الهالة حوله تظهر عندما تكون حياته مهددة .
- هل هي بسبب القلادة ؟"
نفى هذه الفكرة عندما شاهد قلادته في حالتها المعتادة.
سار بخفة لمراده بعدها متجنبا مخالب الوحش الذي لم يهتم مائن كان يهاجمه أم نفسه !
رمى بشظية العظام بكل قوة استطاع جمعها تساعده هالة الشفق التي تعلم التواصل معها في الأشهر الثلاث.
قفز من رأس التنين للخلف يشاهد البلورات التي بالسقف تتحطم إثر رميته هاوية نحو الاسفل .
صدى صوت الاصطدام مثيرا ضجة في المكان الساكن من قبل .
تدحرج ثيودور على جبل عظام قريب مصابا بجروح كثيرة ، لم يلبث أن نهض وزحف لمكان " ميلو" الذي اغمي عليه بالفعل في وقت ما .
- لنذهب ! ...اكك انت ثقيل جدا !! "
شهق وهو يحاول حمله يمشي بخطوات متصدعة متابعا طريقهم في الممر.