50 - رحلة إلى الآثار -10-

جفل بيني غير مصدق ينظر برهبة نحو الخلف .

-منذ متى وأنت هناك ؟"

-همم إن كان يجب أن ٱجيب فربما منذ بضع ساعات قبل وصولك ، خريطة البارون تظمنت الممر السري للغرفة الٱولى بهذا القصر أيضا لذا كان التسلل سهلا "

ضيق بيني باساري عيناه وسأل

- اذن أنت أخذت الحجر ؟ اعتقدت أن البارون قال أنه يوافق على تسليم الجزيرة ، هل تراجع الآن؟"

-همف لا شك أنك تحلم ، هل تعلم أشهر مقولة بلونا ؟

" يمكنك الوثوق بشجاعة النبيل ، لكن لا تصدق أبدا وعوده "

قال البارون أنه سيعطي كاراس الفرصة عن طريق إعطائهم خريطة المكان وعدم إرسال ابنه للمشاركة ، حتى أنه طالب بإرسال الصف الأول الأضعف بالأكاديمية لهذه المنافسة

لكنه لم يقل أبدا أنه لا يستطيع التدخل فيما بعد ،

نحن بنفس الصف وفرصنا متساوية ، هذا عادل أليس كذلك ؟"

عاد بخطواته للخلف محدقا بالكل يلمس العمود الحجري بضحكة سخرية

- هل تعلم لمن هذه الآثار ؟ "

-أليست لشعبي ؟ ماذا تحاول أن تفعل !"

- شعبك ؟ "

شخر جيفري في سخرية قبل أن يحرك العمود الحجري في حركة دائرية.

فجأة أضاءت البلورات الكريستالية الطافية بالقاعة التي كانو بها ثم تبعتها الأرض الزجاجية أسفلهم .

امتدت عدة نقوش على سطحها مشكلة رسما مثل ذاك الذي كان على باب القصر الخارجي .

نبضت الدروع والسيوف عليها وكأنها حية قبل أن يتشكل حاجز شفاف غلف القاعة بالكامل حابسا الجميع بالداخل .

- انت ؟!! "

رفع بيني يده ملوحا بهجماته الجليدية يستهدف جيفري لكن سرعانما إمتصها الحاجز مانعا وصولها إليه .

استهزأ جيفري بكسل

- لا تُهدر قوتك ، إنها مصفوفة من الدرجة الٱولى ، مالم يكن شخصا بقوة الشمس فلن تتحطم أبدا ! "

عبس بيني غاضبا

- كنت تخطط لهذا منذ البداية ! ألا يخاف سيدك من مواجهة غضب عرق كاراس بالكامل ! "

-هاها ، لا زلت تتحدث عن عرقك وكأنه شيء ما ! همف ، انظر للقاعة حولك هل تعلم ما هذا المكان ..."

رسم جيفري ابتسامة على ثغره عندما تابع

- انها غرفة صقل تنتمي للحضارة القديمة ! واحزر ماذا !..."

أشار بيده لعرق كاراس الذي لم يلبثوا أن تحولوا لأشكالهم الحقيقية فجأة .

-ماذا حدث !! "

-لا أستطيع العودة لشكلي البشري !"

-اصمتوا !!"

هدر بيني متضايقا كذلك بعد أن ما عاد قادرا على المقاومة ليتحول لنصف سلطعون بذيل حورية في حين إمتدت قوقعة حمراء ملتصقة بظهره .

دعم جسده بعنصره بعد أن حول الجليد لمياه مانعا نفسه من السقوط جراء عدم وجود قدمين لدعمه .

- انظر لنفسك هذا ما أنت عليه ! لكن لا تقلق يمكنك أن تسبح قريبا بما يُرضي قلبك "

ضحك جيفري عندما فتح ممرا سريا يقود لباطن الأرض وهو يطل على الجميع بالقاعة الذين بدو مُرتبكين من الوضع الحالي

- جيفري ماذا تفعل ؟ ألست زميلنا ! "

-لما تحاول حبسنا مع كاراس ! "

صرخ بعض الصبيان في جيفري ومعهم كريسل .

-همف، أصدقائي الأعزاء ما هذا الكلام ؟ بالتأكيد أنا زميلكم الصالح ، لذا وتعبيرا عن صدقي تجاهكم ، سأدعكم تشهدون ولادة أول سلاح من الحضارة القديمة يُصنع بعد هذا الوقت الطويل "

ضحك

- بالطبع ستكونون جزءا من السلاح لذا أتساءل إن كنتم تشعرون بالحماس مثما أفعل الآن "

نزلت خطواته الدرج الخفي نحو الأسفل تاركا كلماته اللاذعة تطعن في بيني

- هل لا زلت لا تفهم دور عرقك في عهد الحضارة القديمة ، أتساءل عن قوة السلاح المصنوع من قواقع كاراس ، للأسف لم أعش بتلك الفترة لأشهد هذا بنفسي !"

فُتحت أعين الجميع على مصرعيها

- أهذا يعني أن الحضارة القديمة استخدمت عرق كاراس كخامات للأسلحة ؟ هل هذه المدينة مجرد مصقلة ! "

تمتم ثيودور يتذكر الكلمات المحفورة على الجدران خارجا

-"كاراس ...اليوم...البحر"

كانت أغلب الكتابات متضررة وكان متأكدا الآن من أن جنود البارون حطموها عمدا لتضليل عرق كاراس .

لم يكن هذا المكان ينتمي لجنسهم ، بل أشبه بمحمية لتربية المواشي التي ستستخدم لاحقا " .

-آيس ، هل تشعر أن الجو يزداد حرارة أم أنها مخيلتي ؟"

سأل كريسل بخطورة وهو يلوح بيده قرب وجهه

كان يشعر ثيودور بالحرارة تحت قدميه من الأرضية الزجاجية عندما اندفع سائل أزرق من بين شقوق ظهرت بالجدران فجأة

-مياه "ليشيد"!!

-ما هو هذا ؟"

سأل كريسل بسرعة عندما شاهد وجه ثيودور الشاحب

- انه سائل يستخدمه الحدادون في تنقية خامات معدن الأثير ، إذا كان من نوعية جيدة ، يمكن عند تسخينه أن يجذب حشرات الأثير التي تبتلع الخامات بدورها مفرزة المادة المنقاة "

ابتلع كريسل في حين سأل بقلق

- وكيف تتعرف على نوعيتها ؟"

- إنه اللون ! كلما كان فاتحا كلما كان السائل أنقى !"

شحب كريسل كذلك وهو يرى اللون الأزرق الفاتح للسائل الذي يتجه صوبهم .

سرعانما ملئ "ليشيد" القاعة وصولا إلى نصف سيقانهم ولا زال يتدفق .

كان الجو يزداد حرارة كل ثانية وبدأ ثيودور يشعر بجفاف فمه .

-علينا الخروج من هنا !"

اتفق الأغلبية بصمت على كلامه في حين بدى اليأس على الباقي .

-أنت تمزح صحيح ! طريق للخروج ، كيف ؟ ألم تسمعه ، حتى لو جاء شخص في رتبة الشمس فلن يستطيع كسره ! "

فقد أحد الصبيان صوابه واتجه نحو الحاجز يهاجمه بكل قوته .

حاول الخروج من مدخل القاعة كذلك لكنه أدرك اختفاء الأخير ، وكأن الباب سابقا قد امتزج مع التشكيلات وصار واحدا مع الجدران.

توقف كاراس عن مهاجمة البشر كذلك ولما صارت الغرفة شبه ممتلئة بالماء سبحوا يهاجمون الحاجز حول القاعة الحجرية السرية بذعر.

- لاشك أن هذا هو المخرج وإلا لما ذهب ذاك الشخص هنا ! "

-هاجموا ! حاولوا كسره !! بشري ! أهذا كل ما تستطيع سحبه من تلك العضلات ! "

تضافرت جهود الجميع متناسين صراعهم السابق لكن ما لبثوا أن غرقت قلوبهم أكثر عندما سمعوا الهدير أسفلهم و الجدران التي ترتجف .

ظهرت أول حشرة متخطية الحاجز بسهولة نحوهم تليها الثانية فالثالثة فالمائة !!

كانت الأعداد تتدفق نحوهم بلا نهاية !

-اغغغ !!! "

هدر أحد الكاراس بألم وهو يمسك مخلبه الذي تم قضمه من قبل الحشرات ،حاول تحرير نفسه وهاجم بشفرة مائية غير أن الحشرة ابتلعت هجومه بسهولة مثل وجبة لذيذة .

-سائل ليشيد يزيد فتكهم ! إنها حرفيا لا تقهر هنا !"

صرخ ثيودور مذكرا الشاب ، غير أن الأخير ما عاد قادرا على إجابته إذ أنه تم تغطيته بالكامل من قبل الحشرات التي خدرته بأشواكها ثم بدأت إلتهامه.

-حشرات قذرة ، تجرئين !!! "

هاجم بيني بغضب مجمدا سرب الحشرات القريب من جثة كاراس لكن لم يلبث أن امتلئ المكان بسرب آخر .

اصدرت الحشرات غرغرة فيما بينها وكأنها وجدت وجبتها التالية .

زحف المئات منها نحو مجموعة الطلاب محاصرين إياهم .

بدأ الجميع بالشعور بالبرد رغم الحرارة التي ملئت المكان ، قريبا سيتم ملئ القاعة عن آخرها وحتى لو نجحوا بالصمود ضد الهجمات فلن يستطيعوا إمساك أنفاسهم أكثر .

كان لاشييد معدنا سائلا للأثير وحتى كاراس لن يستطيعوا التنفس داخله.

-قاتلوا!!"

خرجوا من أفكارهم إثر صرخة الصبي الطويل من البشر عندما اندفع محاربا أول البق الذي بحجم الكرة عندما وصل نحوه.

سحب الباقي أسلحتهم كذلك مدافعين عن أنفسهم لكن أعدادها كانت كثيرة وبالكاد استطاعوا رؤية المكان حولهم .

كان المكان أشبه بغابة من الأشواك الجليدية التي تنغز ظهورهم كل ثانية وسرعانما بدأت اطرافهم بالخدر .

شعروا أن البذلة على أجسادهم تُكسر وتتآكل ببطئ وقد تحطمت قلائدهم منذ فترة طويلة وبدأ الحاجز الذي شكلته حولهم بالخفوت أكثر فأكثر.

- لِتُجبرني على استخدام هذا ! سأقتلك إن أمسكت بك !! "

زمجر بيني بغضب في حين سحب قلادة على شكل ذيل سمكة صغير من حقيبته بواسطة أثيره .

كانت القوقعة خلف ظهره قد بدأت تُظهر علامات التصدع مثل جميع الكاراس هنا وكأن لدغة الحشرات أثرت عليهم أكثر من غيرهم.

-هل كانت العدو الطبيعي لهم ؟ " سأل ثيودور نفسه مفكرا أن المصقلة صممت خصيصا حقا لكاراس .

شاهد "بيني" يرمي القلادة في إتجاه الطريق نحو الحجرة السرية التي دلف إليها جيفري سابقا .

-انفجر !"

انفجرت القلادة فجأة وخرجت منها عاصفة من الماء، ثم تحول لشلال ضرب الحشرات أمامه وسحقها قبل أن يتجه صوب الحاجز ثم كسره !!"

تدفق سائل ليشيد من القاعة للحجرة حتى إمتلأت كذلك وبدأ القصر يهتز فجأة

-ليس جيدا ستنفجر المصفوفة !"

صرخ ثيودور نحو كريسل والباقي برهبة بعد أن علم أن هجوم بيني الآن كان في ذروة الشمس الٱولى وشعر بالخوف لأن الأخير أخفى بطاقة كهذه في أكمام ه .

لا يزال مدخل القاعة لا يُفتح لذا سارع الجميع قلقين نحو الحجرة يتبعون بيني نحو الممر السري .

كان الدرج ممتئا بالسائل كذلك لذا اضطروا للسباحة حتى وصلوا الأعماق نحو غرفة كبيرة ٱخرى .

-اغلقه !!!"

صرخ بيني في كريسل الذي كان آخر من وصل وأمره بإدارة العمود الحجري قرب نهاية السلالم مثل ذاك بالأعلى.

-همف أنا لست خادمك!"

اسرع كريسل بفعل ما طُلب منه دون مزيد من اللغط ، إذ أن وضعهم كان ملحا

لم يكد يغلق الممر حتى سمعوا انفجارا مهولا فوقهم أدى إلى ارتجاف أمعائهم وبصقهم الدماء من الصدمة .

2022/02/03 · 192 مشاهدة · 1415 كلمة
Kirara
نادي الروايات - 2024