52 - رحلة إلى الآثار -12-

-ابتعد !!! "

صرخ ثيودور في كريسل ودفع بجسديهما جانبا عن وسط المجموعة عندما فجأة إمتد شيء أزرق طويله ولطم مكان وقوفهم سابقا ! .

طارت الصخور بكل مكان وملء الغبار المترب الجو بعدها رائحة الحديد المقززة

كانت الصرخات بالكادت خرجت من أفواههم عندما تم إسكاتهم للأبد من قِبل الهجوم قبل قليل .

-ماهذا !؟"

نفث ثيودور الغبار من فمه ووقف مع كريسل ليس بعيدا وهو يشاهد المجس الغريب الذي قتل كاراس وبعض زملائه

-لا اعرف "

كانت أول مرة يقول كريسل فيها أنه لا يدرك شيئا ما حتى بعد رؤيته بعينيه.

انسحب المجس الطويل للخلف تاركا أثرا طويلا للحفر على الأرضية الحجرية ثم اختفي في الظلام مُعيدا كل شيء للهدوء.

-انت ،ماذا فعلت ! ماهذا الشيء !"

إلتفت ثيودور لرؤية "بيني" الذي يجر جيفري من ياقة قميصه الممزقة وهو يصرخ فيه بغضب .

كان فُقدان شعبه تحت ساعته ضربة مؤلمة لفخره !

فتح جيفري عيناه بصعوبة وقد تحولت لحمراء دموية جراء نزيف رأسه ووسعهما في "بيني" ضاحكا بغير وعي.

-اخبرتك أننا سنموت ، كان عليك فقط تركي أذهب "

-انت !!" لكمه بيني بكراهية قبل أن ينهض من مكانه

- إجمع من تبقى ! سنخرج من هنا !"

نفذ كاراس بجانبه أوامره قبل أن يتجه بخوف نحو مكان الحفرة القريبة،

لم يستطع إلا إبعاد عينيه عن المشهد وقد ارتجفت أوصاله قائلا

- ستة موتى يا سيدي إضافة لثلاثة من البشر "

ثم صرخ للأماكن القريبة

-تجمعوا حول القائد !

-حاضر !" ترددت الهمسات منها الخافتة المتألمة ومنها المتعبة والآملة قبل أن تتجه نحو بيني .

اتجهت نظرات الأخير لثيودور ومجموعته قائلا

- ماذا ستختارون ؟"

-سننضم إليك " أمسك الصبي الطويل بكتفه الذي خُلع معيدا إياه مكانه بألم قبل أن يجيب بيني .

أومأ بيني واختلطوا كفرقة واحدة عائدين أدراجهم نحو الدرج من قبل.

أداروا العمود الحجري لكن الدرج أبىَ أن يتحرك أو يفتح

صرخ أحدهم

-انه عالق !"

-ربما من الإنفجار قبلا !"

التفت بيني إليهم سائلا

-هل من أحد مع عنصر أرضي ؟"

نفى الجميع قبل أن يوجهوا نظراتهم لجيفري الذي ٱغمي عليه بوقت ما .

كان الشخص الوحيد بعنصر الأرض الذي رأوه ولكن مهما حاولوا إيقاظه فقد عاد لفقدان وعيه بعد ثوان قليلة .

قد يُعزى ذلك لإصابة رأسه بالإضافة لضربات بيني المتهورة .

-ماذا نفعل الآن ؟"

تساءل الصبي الطويل في حين سأل كريسل ثيودور

-هل ليس لديك عنصر الأرض حقا ؟ رأيت ضربتك قبلا وكانت تبدوا كما لو أنها معززة به ؟"

نفى ثيودور بهدوء كلمات صديقه

- عنصري خاص بعض الشيء ، إنه صحيح إمتلاكي لعنصر الأرض لكني لا أستطيع التحكم بالأرضية حول المكان "

لم يستفسر كريسل أكثر بل همهم بفهم عندما سمعوا أوامر بيني

-فقط حاولوا مهاجمة المدخل !"

فعلوا كما قيل لهم وتعددت الهجمات بين شفرات الرياح والكرات النارية وانفجارات الماء أو الجليد غير أن الأخير لم يتزحزح.

- لاشك أن التشكيل قبلا يمتد إلى الأرضيات كذلك ولم يُزل بالكامل في الانفجار ! إذا لم يكن هجوما من الشمس فلن يخدش !"

توجهت أبصار الجميع لبيني وقد علموا أنه يمتلك بطاقة كهذه من قبل .

صر بيني على أسنانه قائلا

-ما تزال لدي واحدة فقط ! إذا استخدمتها الآن فسأبقى دون دفاع "

-أليس هذا أفضل من العودة ومواجه أيا ما كان مختبئا بالظلام هناك !!"

سحب الطفل الطويل حجرا لامعا بلون أزرق من جيوب جيفري قبل أن يرميها في بيني ، كان ذلك حجر القمر المتوسط !

- يمكنك اعتبار هذا كثمن مساعدتنا ! بأي حال ، كان البارون هو من وضعنا بهذا الموقف أولا !"

لم يعقب باقي البشر على كلام الصبي في حين شخر بيني

-من الجيد أنك تعلم معنى الإمتنان ، همف سأتأكد من جعل والدي يُعلم سوين هذا عندما نخرج.... "

سحب قطعة في شكل ذيل السمكة ورماها في مدخل الدرج في حين عاد الطلاب للخلف

-أن لا تعبث مع كاراس !!!"

انفجر المدخل بعد أن قطعته موجة مد من المياه تاركة شقا كبيرا يمتد لأعلى وقد تطايرت الحجارة بكل مكان .

كان ثيودور مرتاحا في قلبه أن هذه كانت آخر بطاقة يمتلكها بيني معه وإلا لم يكونوا ليمتلكوا فرصة ضده .

سرعانما مروا عبر الشق وصولا للدرج المتهالك الذي احتوى عشرات من جثث الحشرات عليه .

منه ، عادوا للقاعة القصر أو ما تبقى منها إذ أن المكان صار ركاما وأنقاضا فقط !

-لنخرج من هنا ! "

قدر ثيودور من مشاهدة السماء المائية المغلفة بالحاجز أن نصف يوم قد مر بالفعل .

لا يزال هناك نصف يوم آخر قبل أن ينحسر الماء عن الأطلال .

كادوا يبتعدون عن حدود القصر عندما ارتجفت الأرض تحت أقدامهم فجأة !

-هل عاد هذا الشيء للتحرك ؟ "

فزعوا في خوف عندما تمتم كريسل

-ٱوه لا !"

لم يكن القصر وحسب هذه المرة بل الأطلال بالكامل !

صدى صوت صدع تحت أقدامهم عندما شاهد ثيودور الأرض تتشقق حولهم .

امتد الصدع من أطراف القصر ثم انتشر لباقي المدينة كشبكة عنكبوت.

سرعانما بدأت الأرض غير المستوية بالصعود والتحطم ثم تبعها انفجار عندما امتدت عدة مجسات زرقاء من كل مكان .

-اركضوا !!"

صرخ الصبي الطويل في الجميع وهم الكلّ بالجري عندما سمعوا صراخ عدة اشخاص نحوهم

-"زوروا !"

-قائد !!"

التفت الصبي الطويل زوروا الى الجانب وشاهد عدة بشر يتجهون صوبه من ناحية ٱخرى تقدم القليل من كاراس نحو بيني .

-اين كنتم !"

سأل زوروا بلهاث صديقه الذي اقترب مع من تبقى من زملائهم

-كنا مختبئين حول الأطلال وعند سماعنا الانفجار اتجهنا هنا، زوروا ما الذي يحدث فجأة ! ما هذا الشيء " قال بقلق وهو ينظر حوله

-لا وقت للحديث تابع الركض فقط "

-اين وينيا ؟" عبس بيني مستفسرا في رفاقه

-لا نعلم، لم نرها بالأطلال "

استغرب بيني لكنه لم يتابع الأمر أكثر وأمر كاراس

-الحق بهم !"

جرى في حين تجه مع البقية نحو مدخل الأاطلال .

°°

احتاجوا عدة ساعات للوصول للسور الذي يحيط المدينة لكن للأسف لم يمنحهم الشيء القابع تحت الأرض الفرصة .

حاصرتهم المجسات من كل جهة مهاجمة قبل أن تقضي على نصف أعدادهم مجددا

- كريسل ! !"

هتف ثيودور باسم صديقه برعب عندما شاهد مجسا يصيبه

-اغغغ" تدحرج كريسل صارخا يتلوى ممسكا يده بألم

-كريسل !"

وصل ثيودور نحوه وحاول تحريكة غير أن نحيب الأخير أوقفه .

كانت يده محطمة تماما وحين نظر بتمعن، اكتشف وجوه عدة أشياء شبيهة بالشعيرات الزرقاء ملتصقة بها .

-اعتقد أنها مسممة " قال كريسل بشفاهه الزرقاء المرتجفة ممسكا بيد صديقه برجاء.

-فقط اذهب ! "

-من المستحيل ! " لم يدخر ثيودور ثانية بالتفكير بهذا الاحتمال عندما حاول حمل صديقه

نظر حوله يبحث عن الصبي الآخر الذي كان يحمله كريسل لكنه لم يجد أي أثر له بأي مكان .

-ربما مات ؟" شحب في هذا الفكر وشعر بالأسف ،لكنه لم يستطع ترك كريسل للبحث عنه .

أحس ثيودور بالثقل على كتفه وعلم أن كريسل قد ٱغمي عليه ، كان لونه يتحول للأزرق الجليدي ببطء .

-علي الخروج من هنا ! بسرعة" همس في قلبه بيأس مشاهدا جثث زملائه التي ملأت المكان .

كانت المجسات تحيط بهم أكثر فأكثر وبدأ يشعر بالغرابة بوقت ما وكأن جسده مخدر

-هل هذا سم ؟"

رفع يده لفمه محاولا كبت تنفسه

-وغد !!!!"

شاهد بيني الذي يصرخ بألم على فقد رفاقه .

لقد فهم حينها أنه لا يهم مهما تنوع عرقك ، كانت المشاعر لفقد الأحبة والأصدقاء هي دائما نفسها.

لا يهم قدر الهجمات التي وجها نحو المجسات ، لم تخدش حتى بل وكأنها تم إزعاجها ضربت بقوة أكبر وأكبر .

كانت الشعيرات الغريبة تملئ الهواء وببطئ بدأت أجسام من بقي حيا في التدهور وما عادت قادرة على المقاومة.

-انت تدفعني !!" هتف بيني بالدموع المتحجرة التي يحبسها مشاهدا آخر رفيق سقط بجانبه .

ٱصيب بالجنون وتحول لشكله الأصلي

-"سٱريك معنى أن يكون لك سلالة للعائلة الحاكمة أكوا !! "

هتف بهذا بغضب عندما لمعت المقاييس على ذيله وسرعانما تحول لونها وشعره للأزرق وصارا أكثر إشراقا .

نفث الدم من فمه لكن تمسك على أسنانه ومد يده وجمع الأثير حوله في عاصفة قبل تحويلها إلى آلاف الشفرات الجليدية.

لدهشة ثيودور صعد رتبة بيني حتى وصلت الشمس الثانية !

-هل هذه قوة السلالة !!؟" تفاجأ وقدر أن بيني سيدفع الكثير لأجل قيامه بهذه الحركة .

لم يفهم كيف للصبي المتعجرف قبلا أن يكون مقدرا جدا لحياة رفاقه حتى أنه سيصل لهذا الحد .

-انزل !"

أمطرت مئات الكتل الثلجية من السماء على المجسات محطمة إياها .

سرعانما تحول مشهد المدينة لضباب أبيض من الصدام بين الإثنين حتى كادت تتعذر رؤية ما يحدث .

لهث بيني وسخر بصوت مبحوح بالكاد يمسك نفسه المرتجفة من السقوط

-هذا ما تستحقه !"

-نعم هذا ما تستحقه !!"

اتسعت حدقتا بيني بصدمة منزلا رأسه لصدره .

كان هناك بوقت ما، سيف مكسور قد اخترقه سامحا للدم الأزرق الذي صار لونه باهتا بالتدفق بحرية .

رفع بصره نحو الخلف بتشويش ليلتقي بعينين مليئتين بالكراهية وراحة الإنتقام محدقتين نحوه .

كان الصبي الذي قتل شقيقته والذي أحضره ثيودور ، لم يمت بعد بل إختبئ يتحين الفرصة لتحقيق إنتقامه .

ضحك ، ضحك على وجه بيني غير المصدق قبل أن يبتسم

-صحيح ، هذا ما تستحقه "

أشار لرفاق بيني الراقدين على الأرض قبل أن يصرخ ببهجة

-هذا ما تستحقونه !!!!"

تعثر للوراء قبل أن يسقط على الأرض وقد خارت قواه ولا تزال بسمة الراحة على ثغره.

2022/02/05 · 207 مشاهدة · 1462 كلمة
Kirara
نادي الروايات - 2024