53 - #خاتمة -رحلة إلى الآثار -13-

شاهد ثيودور ما يحدث بذهول ، كل شيء حدث في ومضة ولم يجد الفرصة حتى للتعليق عما يجري .

سارع نحو بيني وكريسل على ظهره وحاول التحقق من حاله لكنه وجد أن أنفاسه قد توقفت بالفعل.

-لقد انتهى بالفعل !!" قال الصبي بشرود

- انت ماذا فعلت ! لقد ساعدنا !" رفع بصره نحو الفتى الذي صمت ثم صرخ نحوه بغضب.

-لقد قتل شقيقتي !! "

أوقف ثيودور كلماته بحلقه ، لم يستطع الحكم على الموقف بعد الآن .

-كفى أنتما ، علينا أن نخرج من هنا أولا !"

صعد زوروا نحوهم متعثرا يمشي بميل بعد أن خلع كتفه ثانية ، تبعه بلوصن من الخلف ، لم يبدوا صديقه هذا مصابا كثيرا وكان هادئا بشكل غريب كالعادة .

أراد ثيودور الكلام غير أن إحساسه بشيء ما ينزلق على جسده جعله يبتلع .

أنزل بصره واكتشف أن سائلا رقيقا أزرق يتجمع من جسد بيني ثم يتسلل نحوه إلى جروحه ثم دمه.

اكتشف بصدمة ماهيتها في الثوان القليقة القادمة .

-عنصر الجليد ؟!! "

على ما يبدو فإن لبيني بلورة نادرة لجوهر الجليد والتي عكس العادية لن تختفي بموت صاحبها.

استغلت ييغرو الفرصة وإمتصها نحوه قبل أن تتلاشى طاقتها،

ببطئ ، تحول اللون الرمادي إلى أبيض ناصع مثل الثلج ، ثم تكثف بقلبه وكون نجما ثالثا استقر بهدوء بفضائه الفسيح.

-النجم الثالث !"

هتف في داخله ولم يسعه سوى كبت حماسه وأحس بالتعقيد فيما يجب أن يشعر به حيال موت بيني .

كان الأمر تماما كما قال جايدن ، القوة تعتمد على الفرص والحظ لذا سرعانما تقبل ما حصل قائلا بهمس

-شكرا لك وآسف لموتك بهذا الشكل ، كنت بطلا للدفاع عن رفاقك حتى آخر لحظة !"

تلى ثيودور بأسف عندما تقدم مع كريسل يُريد أن يتبع زوروا وبلوصن .

لا يبدوا أن أحدا نجى غيرهم وحتى من إنضم إليهم بعد خروجهم من القصر قد لقوا حتفهم .

كان الجو لا يزال ضبابيا من هجوم بيني السابق ، ولكن أمكنهم الشعور بالتحسن التدريجي لأجسادهم جراء إختفاء شعيرات السم من الهواء حولهم .

-ماذا تظنون أنه هذا الشيء الذي هاجمنا يا رفاق ؟"

سأل زوروا الفتيان خلفه وهو يسير على الأنقاض بحذر

- آثار مختومة " أجاب ثيودور بشكل قاطع بصوت ممتعض

-لا شك أنها الأثر الذي يتحكم بالجزيرة "

لم يكن تشكيل الإتحاد فرقا من سبعة أشخاص لإستعادة الأثر من الجزر بسبب الحيطة خوفا من الوحوش عليها ، بل لأن الآثار نفسها لديها قوى هائلة .

تم تصنيفها برتب الشمس فقط لأنها كانت خطيرة جدا ، حتى أثر من الشمس الٱولى تلزم فريقا كاملا لأجل السيطرة عليه .

حتى أنه قيل من قبل العلماء بالإتحاد ، أنه بدل أن الآثار مختومة للتحكم بالجزر فإن الجزر مصممة خصيصا لختم هذه الآثار وحبسها !

- قد يكون أثرا من الرتبة الثانية "

قال ثيودور بانزعاج في حين ابتلع الجميع حوله برعب

- هل سنستطيع الصمود لنهاية اليوم !؟"

تمتم زوروا بشحوب على كلماته متسائلا عن مصيرهم .

وافق الكلّ بصمت شاردين في أفكارهم في حين تساءل ثيودور عن مدى مقت البارون للأكاديمية ومحكمة التفتيش ليرغب في تدبير مخطط كهذا .

حتى أنه شك أنه إذا تحرك الأثر فلن يستطيع حتى لوبينا وشيلاد إيقافه !

قطع تفكيره إحساسه بشيء يلمس خده.

دفع ببصره نحوه ليكتشف أنه ييغرو

-هل صرت أكثر ذكاءا ؟ حتى أنك تتصرف بنفسك الآن !"

مازح ثيودور عندما مد يده يداعب الشيء الأبيض اللزج .

وكأنه فهمه بالفعل ، إحتك الأخير بيده قبل أن يلتف حولها ثم سحبها بإتجاه ما .

- ما الأمر ؟ "

بضبابية ، شعر ثيودور أن هناك خطبا ما من خلال علاقته مع ييغرو .

رفع رأسه تجاه المكان الذي يريده عنصره النظر إليه وضيق عينيه بتركيز .

من الركام قربهم ، كان يستطيع بضعف أن يشاهد الأثير ينحني بشكل مشوه للأسفل.

ورد لذاكرته شيء مشابه قرأ عنه من الكتب وكان عنصرا مشهورا ذُكر كثيرا في كتاب "اختراعات العصر"

- اركضوا ! " شعر بالقشعريرة من أسفل قدمه لرأسه عندما صرخ في زملائه الذي نظروا نحوه بإستغراب وعدم فهم.

سرعانما سمعوا انفجارا صغيرا قربهم ثم شيئا شبيها بالسهم انطلق نحو السماء فوقهم.

حتى ، كان بإمكانهم رؤية ثلاثة أشياء ٱخرى مثل هذه تنطلق من أماكن مختلفة بالأطلال.

انفجرت الأشياء الأربعة في خيوط أثيرية و اتصلت راسمة شبكة كبيرة أشبه بنمط مصفوفة .

لم تلبث أن تلاشت في الهواء قبل أن يسمعوا صدى أشبه بتحطم شيء ما !

ساد الصمت الأطلال للحظة . ثم بإهتزاز ، انقطع هذا الهدوء للأبد !

داخل قمم الجبال الأربعة بعيدا كان هناك أربعة تماثيل لدروع برونزية على التوالي لم تلبث لحظة أن تحطمت لقطع وانهارت في رماد .

تحت القصر سابقا وعميقا في الظلام ، داخل المستودع الذي يحوي جثث كاراس المتجمدة ،تحركت عدة مجسات زرقاء في حفيف قبل أن تندفع نحو السطح !

-ما ..ما هذا ؟!"

تمتم زوروا وهو يشاهد مكان القصر سابقا وقد اختفى وحل مكانه جسم عملاق فضي اللون .

كانت الحراشف تمتد على ظهره كاملا وبينها برزت عدة خيوط زرقاء طويلة قُدّر عددها بالمئات .

-هل هذه حشرة آكلة الأثير ؟" ارتجف فم زوروا بسخرية لم تعكس مشاعر عينيه المرتعبتين .

- لا توجد حشرة بهذا الحجم " قال بلوصن قربه وخانه الإرتجاف بصوته رغم محاولته البقاء هادئا.

كان الجسم شبيها حقا بالحشرة الآكلة للأثير لولا حجمه والخيوط المتدفقة من ظهره بدل الأشواك الحادة .

-انها حقا مصفوفة سيليش !"

وسع ثيودور عيناه .

كان المتسبب في كل هذا هو اختراع قرأ عنه يُسمى "مصفوفة سيليش" .

صنف كإختراع ممنوع استخدامه بعد أن أدى لموت عدة فرق فيإاختبارها التجريبي .

ذلك أنها بدل أن تُحاصر الآثار كما صنعت لأجله ، فقد تسببت في كسر التشكيلات التي تختم الأثر سامحة له بالتحرر كاملا .

يجب للمرئ أن يعلم أن الآثار يتم اصطيادها من المستكشفين مع كون التشكيلات بالجزيرة داعما لهم عند ذلك.

لأنه ما إن يتحرر الأثر بالكامل سيصعد برتبته وتظهر قوته كاملة .

إذا قدر ثيودور أن قوة الحشرة كانت برتبتها الثانية قبلا ، فقد فقد ذكاءه محاولا تصنيف قوتها الآن بالكلمات .

-البارون سوين مجنون !!!"

°°°°°°°°°°°°

-شيلاد !!"

-أعلم !

هتف لوبينا ليرد عليه شيلاد في عبوس ، كان أهتزاز الأطلال بالأسفل أسوء من أن يقوم به تلميذه .

حتى هو شعر بخطب ما يحدث الآن .

أرادا التصرف عندما سمعا صدعا ثم تحت نظراتهم المصدومة ، بدأت الجبال الأربعة بالتفتت والتهدم ثم سرعانما انكسر الحاجز حول المدينة واندفعت الوحوش للداخل مع آلاف الأطنان من المياه .

-لا !!"

هتف لوبينا في مفاجأة عندما سارع للغوص مع شيلاد للأسفل

°°°°°°°°°°

-كريسل ! تمسك !"

صر ثيودور على أسنانه محاولا عدم ترك صديقه الفاقد للوعي على ظهره وهو ينشر ييغرو مشكلا سجنا رقيقا من الجليد لحمايتهم من المياه .

لم يستطع البقية مساعدته لأنهم كانوا فرسانا في حين أن الصبي متحكم لعنصر النار .

بدأ الجليد يتكسر شيئا فشيئا ولم يستطع ثيودور الحفاظ عليه أكثر خاصة وأن محاولته لتشكيل ييغرو في شيء غير الأسلحة استهلكت جل طاقته ،

شعر بغموض أن رأسه بدأ يصاب بالدوار وبلغم من الدم عالق بحلقه

-ييغرو ! اصمد أرجوك !"

تمتم ثيودور لكن عنصره سرعانما بدأ بالإنكماش وكأنه لا يستطيع الحفاظ على هذه الحالة أكثر.

شاهدوا الماء الذي تخللته الوحوش وهو يحاول الضغط عليهم إلى مسحوق .

-لاااا !! "

-آيس !!"

استسلم جسد ثيودور أخيرا للإرهاق وعاد ييغرو لجسده ، في حين أن الماء اندفع نحوهم ،

لحسن الحظ إمتد بتلك اللحظة حاجز من الرياح وأبقاهم آمنين بالداخل .

-معلم !!"

صرخ زوروا في لوبينا بفرح !

-أين البقية ؟"

عبس الرجل في سؤال عندما أجابه زوروا بدموع كان يكبتها طويلا

-لا أعلم ، لكن كل من كان معنا قد ماتوا بالفعل ، حوالي 17 طالبا "

صدم لوبينا غاضبا في حين اندفع صوت شيلاد الصارخ

-من فعل هذا !!!"

امتدت عيون الجميع للٱفق البعيد عندما سحب لوبينا عنصره وسار بهم تحت الماء نحو المدرب الآخر .

قربه ، طفت جثة بيني باساراي الشاحبة والباردة .

احمر وجهه غضبا حينما استدار للبشر

-من فعل !!!"

-الوحش هناك !"

صرخ الصبي الذي قتل بيني مشيرا نحو المجسات الغريبة في الماء ولم يسع الطلاب قربه إلا العبوس .

اكتشف لوبينا الأمر وأشار بعينه أن يصمتوا جميعا وأن لا يكشفوه ،لذا صمتوا بالنهاية .

كان كاراس أعداءهم لذا كان واضحا أي جانب يجب دعمه !

-سأقتلك !!" صرخ شيلاد اتجاه الأثر الذي لم يبدوا عليه بوادر الحركة .

جمع الأثير مشكلا شلالا من الشفرات المائية عندما أمرها بقطع المجسات .

لسوء الحظ بدا أن هجومه لم يترك إلا خدشا بسيطا على الجلد وسرعانما صدر صوت غريب من أعماق الماء وكأن الأثر غاضب بالفعل .

عبس لوبينا ومد يده لجمع الأثير كذلك .

لمفاجأة الجميع كان متحكم أثير وليس فارسا !

سرعانما شكل الأثير عاصفة قرب يده قبل أن يضغطها أصغر وأصغر

عندما شعر أنها تكثفت بما فيه الكفاية أرسلها نحو المجسات ولم تلبث لحظة حتى انفجرت !

كادت التيارات الفوضوية من الماء أن تجرف الطلاب لولا أن أمسك بهم درع لوبينا

-استاذ لوبينا وشيلاد كلاهما برتبة الشمس الثانية ! "

هتف الأطفال بفرح غير أن ثيودور قطب حاجبه

كان يعلم أن الإثنين لم يكونا ندا للأثر حتى عندما كان تشكيل الجزيرة يحاصره فما بالك الآن وقد تحرر .

يبدو أن الإثنين قد أدركا هذا ، سرعانما سحب شيلاد جثة بيني وخزنها داخل صدفة قبل أن يسرع مع لوبينا ساحبا الأطفال نحو السطح.

-ٱوووووووغرر°°°

كان صوتا أشبه بغرغرة المياه إمتد من الأثر ، ومن بعيد شاهدوا سربا من الحشرات يتجه صوبهم .

كان هناك الآلاف ! لا ! عشرات الآلاف !

-انه يتحكم بالحشرات !"

لم يستطع لوبينا إلا الهجوم ثانية وثالثة محاولا فتح ممر لهم بين جثث الحشرات المتساقطة .

كانت المجسات خلفهم تمتد من حين لآخر لتجلد نحوهم غير أن شيلاد بالكاد تصدى لها .

حاول ثيودور بما تبقى من طاقته المساعدة وأمر ييغرو بالتحول لكتل جليدية غير متناسقة قبل رميها على الحشرات القريبة.

تحرك زوروا وبلوصن والفتى كذلك ، كل من جهته محاولين تخفيف العبئ عن معلمهم ، لكن مهما تم قتل الحشرات سرعانما تملئ ٱخرى مكانها .

لم يكن هدفها أكثر من تأخير لوبينا عن الهروب حتى تصل الخيوط الزرقاء نحوهم .

بدأ ثيودور يشعر بالثقل في جفنيه والخدر بجسده الذي إزرق لونه قليلا وعلم أنه تسمم .

-انه يطلق سمه ثانية إحذروا !"

شكل لوبينا درعا آخر حولهم محاولا عزلهم قدر الإمكان

لم تكن سموم الرتب الثالثة مزحة ! لحسن الحظ كان هذا الأثر غير قتالي وإلا كان قد اندفع نحوهم وسحقهم منذ وقت طويل .

-لوبينا !!"

سمع صوت الصرخة من فوق عندما ارتسمت ابتسامة سعيدة على شفتيه .

-هيوستن !! "

نظر ثيودور لفوقهم ومن بين تيار الماء الفوضوي ، شاهد ضوءا ساطعا ينزل مخترقا المياه كالبرق ثم إمتد قاطعا طريقا طويلا حتى العمق وصولا للقاع .

-اووووغر °°

سمعوا الصووت ثانية عندما صرخ شيلاد

-أصابه !؟ هل هو شخص بالرتبة الثالثة !"

-انسحبوا الآن !!"

سمعوا صوت هيوستن ثانية ودلف لوبينا يسبح أعلى ساحبا الأطفال معه .

سرعانما خرجوا من الماء وبالكاد أمسك الطلاب الأربعة دموعهم بعد رؤية سماء الأثير الضبابية ثانية .

-خرجنا ! أخيرا !! "

-اتجهوا للطائر ، لا يزال الأثر لم ينتهي بعد !"

نبههم لوبينا ليركبوا طائر بيرڨوس الذي لا يزال يحلق بالجو فوقهم .

أمكنهم مشاهدة الطلاب القلائل الذين تم إنقاذهم بالأيام الٱولى بالمعسكر وهم ينظرون نحوهم بشحوب وقليل من الإرتياح لأنهم لم يكونوا ضمن الموتى بالأطلال .

- لنعد !!"

هبط هيوستن على الطائر معيدا مطرده لظهره محدقا بالحشرة التي طفت على الماء وإلتهمت الأثير بشراهة .

امتد جرح طويل على صدفتها وقطع عشرات من الخيوط بظهرها لكنها سرعانما بدأت بالشفاء

-ٱوووووغرر°°

أطلقت صوتا كئيبا تجاه الطائر قبل أن تتجه نحو ضباب الأثير المضطرب المحيط بالجزيرة ثم تختفي فيه تماما.

2022/02/05 · 200 مشاهدة · 1841 كلمة
Kirara
نادي الروايات - 2024