-ما به بلوصن ؟" تقدم جوردان بإستغراب نحو الثلاثة.
نظر باقي الفريق إلى مكانهم كذلك متسائلين عمّا يحدث.
-لا شيء، لا شك أنني ٱصبت في معاركنا السابقة ، سأكون بخير" قال بلوصن بصوت رقيق وهو يمسح الدم عن فمه عندما قابل نظراتِ "وان" المُرتابة.
-هل حقا ؟ عليك أنْ تعتني بجسدك أكثر يا أخي "
أومأ له بلوصن بفهم عندما دلف صوت كريسل لهم فجأة.
-استعدوا للمعركة !"
-ماذا ثانية !؟" تذمّر مولان وهو ينهض من مكانه.
توقّفت الفوضى على هذا الجانب كذلك. عاد "وان" مع جوردان للمقدمة لأجل التحقق من الوضع في حين بقي ثيودور مع بلوصن.
-هل أنت حقا غير مصاب ؟" سأل ثيودور.
-نعم، مجرّد ردِّ فعلٍ من القيد ، لا شك أنّ "وان" شعر بذلك كذلك. لكن يبدو أنه واثق من مهارَتِه لذا لابُدّ أنه اعتقد أنّك لم تسمع مني شيئا "
-فهمت " تحسّر ثيودور عن عجزِه على مُساعدة صديقه حاليا لكنه لم يستطع الإنقلابَ على "وان" فجأة.
أولا هو لا يعرف خُطط الأخير أو ما يُخفيه ، وثانيا كانوا لا يزالون في وسط المسابقة ، أيُّ فوضى تحدُثُ بفريقهم الآن قد تُؤدّي لكارثة.
تَرَك بلوصن وسار نحو كريسل حيثُ سأله
-ماذا رأيت ؟"
أشار الأخير لحُطام نجمٍ بعيدٍ قليلا عنهم.
-هناك تجمّعٌ لعدة أشخاص هناك ! "
-هل علينا العبور عبر ذلك المكان ؟" تساءل مولان.
كان من الجيد في نظره عدم الإجتماع بأيِّ فرقٍ ٱخرى قبل الوصُول للمدينة، لن يكون بصالحهم بدٱ قتالٍ هنا .
-نعم ، إنه الحطام الوحيد القريب من طريق سَيْرِنا ، إنْ أردنا تغييره فعلينا العودة ثم الإلتفاف " أجاب دايان مولان وهو ينظر للخلف.
تناقصت النجوم الكاملة كُلّما اقتربوا من المدينة بينما زاد عددُ الشظايا. لكن للأسف يبدو أنَّ المعركة التي جَرَت هنا كانت شديدة لدرجة تحويل أغْلبها لقطعٍ معدنية بحجم القبضة !
بالكاد وجدوا هذا المسار !
تابع ثيودور
-كذلك، وحوش الظلال تزدادُ قوة وعددا. قريبا ،لن يستطيع فريقنا مواكبة ذلك "
لم يكن مُتشائما ولكن استند تحليله هذا على ما حصل للفريق خلال الساعات الماضية.
لقد حاولوا إدِّخار قُوّتهم قدر الإمكان ولكنهم لا يزالون مُرهقين بعد يوم واحد من القتال.
قد تبدوا هذه مدة طويلة ولكنْ عِند معرِفة أنهم لم يدخلوا مدينة ظلّ السماء بعد، والتي كانت ساحة المعركة الرئيسية قبل آلافِ السنين، فيُمكن فهم كيف أنّ الأمور ستسوء بالنسبة لهم فقط لاحقا.
-دعنى نُلقي نظرة !" قال جوردان نحو الجميع والّذين وافقوا على أمْره.
ساروا عبر الحطام بعد تجميع مُعِدّاتهم ووصلوا نحو النّجم الذي لا يزال سليما نسبيا. وقف هناك عدّةُ أشخاص وكانوا يأخذون استراحة بعد أنْ بدوا مُنهكين من معركة طويلة.
عندما لاحظوا وصول فريق ما نحوهم، وقف البعضُ مِنهم ورفعوا أسلحتهم في وجههم بعداءٍ غيرِ مخفي .
-قف!!"
وقف جوردان عند حُدود النجم قائلا
- لم نأتي بنيّة سيئة "
تمتم وهو يجُول ببصره محاولا عدّ الوجوه المُتعبَة أمامه.
كان هناك 21 شخصا في المجموع، أيْ نحوَ 3 فرق ، 7 منهم كان لهم شارةُ مستكشفي الإتحاد على أجسادهم وكانوا الأقلّ إرهاقاً مُقارنة بالبقيّة.
في حين أنّ الفريقين الآخرين كانوا طلاّب من أكاديمياتٍ ٱخرى.
رفع جوردان بصرَهُ بإهتمام نحو الرجل من مُستكشفي الإتحاد الذي تقدّم نحوه.
- هل تشكلون مجموعة للتقدم نحو المدينة معا ؟" سأل جوردان
اومأ الرجل خشنُ المظهر بإيجاب. كانت العلامات والندوب على جسده توحي بخبرته الطويلة بساحات المعارك. واستنتج جوردان أنه قائد الفريق من لون شارته.
فتح الأخير فمه.
-كمُستكشفين ،لدينا جهازُ اتصال خاص بشاراتنا. يُمكنني التواصل مع المجموعات الٱخرى من الإتحاد.
يبدوا أنّ الفرق الأسرع والتي وَصلت قُرب مدخل المدينة قد واجهت مشكلة ، إنهم يطلبون الدّعم وجَلْبَ أكبرَ عددٍ ممكن من المساعدة "
فهم جوردان، لا شكّ أنّ المدينة كانت مُحاصرة بهاته الظلال!
كان هدفُ الجميع هو ما بداخل المدينة لذا لن يبدأَ الطلاب والجنود قتالا دون جدوى فيما بينهم. سيكون التّعاون للولوجِ أسرع إليها خيارا أكثر حكمة، خاصة أنَّ وقتهم بالآثار محدودٌ جدا.
-هل ترغبون بالإنضمام ؟" سأل الرجل.
-هل لي بدقيقة ؟" لم يوافق جوردان على إقتراحه مباشرةً بل طلب وقتا لمناقشة الأمر مع فريقه.
-لا بأس " هز الرجل كتفيه بلا مبالاة، لو لم تكن قُوّته مقيدة لما احتاج مُساعدة هؤلاء الأطفال.
لكنّه عَلِم أكثر من أيِّ شخصٍ مدى فظاعة ما يتسبّبُ به الغُرور عند كونك بساحة معركة. في رأيه، مهما كانت المساعدة ضئيلة فإنها جيدة بما يكفي بوضعهم الحالي.
شكره جوردان قبل أنْ يعود لفريقه. كانوا يتناقشون فيما بينهم بالفعل عمّا سمعوه توا.
-إذا مارأيكم ؟"
سأل جوردان قبلَ أنْ تحُطّ أبصاره على ثيودور الذي لاحظ ذلك.
لم يفهم ثيودور مابالُ هذا الصبي؟ إذا كان تحديقُ بلوصن لوان مفهوما الآن بعد أنْ شرحَ له ما جرى معهُما بالبلدة ، فإنَّ مُواصلة جوردان التحديق به منذ أنْ شكّلوا الفريق قبل ٱسبوع كانت غريبة تماما !.
-ما باله ؟" تساءل بذهنه عندما أجاب
-أعتقد أنّ الأمر لا بأس به معي، لا أعتقد أنّنا نستطيعُ اقتحام المدينة بمُفردِنا، يمكننا الإنفصال دائما عندما نشعر أنَّ أحد الأطرافِ على وشك خيانتنا "
لم يستطع ثيودور الوثوق بالكامل بالآخرين، خاصة بمُنافسة كهذه.
-لدي نفسُ الرأي " وافق كريسل كذلك ثم دايان ومولان.
لم يكن لوان اعتراض وكذلك بلوصن ، لذا بعد تأكيد الأمر آخر مرّة معهم، عاد جوردان إلى قائد فريق المستكشفين وأعطاهُ إجابة.
-سننضمُّ لكم !"
ابتسم الأخير نحوهُ عندما دعاهم لأخذ قسط من الراحة معهم .
تمت مقاطعة راحة فريق ثيودور سابقا، لذا وافقوا بسرعة وأعادوا ترتيب أماكِنِ نومهم بجانب بقيّة الطلبة.
تابع الجميع مضغهم لطعامهم ببطئ وهم يسمعون شرح قائد المستكشفين الذي كان له اسم "هايزر" وهو يُحدّثُهم عن الوضع بالمُقدمة .
- حسب كلام صديقي، لقد وصل جنود البُلدان الثلاثِ بالفعل لأمام المدينة قبل ساعة، لكنّها كانت مُحاصرة تماما بجنود الظل ! "
-جنود الظل ؟"تساءل الطلاب بصوت عال .
رمقهم هايزر بتنهد ، لقد كان عليه شرح الأمر لهؤلاء المُبتدئين. قد يكونون مواهب لكنهم لا يزالون طلاّب بعد كل شيء .
كانت مُهمة الإتحادِ لهم هذه المرة، تقتضي بأنْ يُسقِطوا أكبرَ عددٍ من جُنود الظلّ في رِحلتهم للمدينة وتسهيل رحلة الطلاب.
ليس لأنهم أرادوا مُساعدة البلدان الثلاث بل لشيء آخر. داخل الإتحاد ، ماتحدث عنْ مرتبتك كمستكشف هو عددُ الموارد التي تعيدها للبرج !!
كان الإتفاق الذي حظي به المستكشفون أنّهم لا يستطيعون المنافسة على الأثر الٱسطوري، ولكن ليسَ بقية الآثار التي يحملها المُقاتلون الموتى داخل المدينة !
يُمكن تبادُلُ الموارد التي إلتقطوها للنقاط التي تسمح لك بشراءِ فُرصٍ لدخول الجزر التي يسيطر عليها الإتحاد.
ويجدر الإشارة إلى أنّ أغلبها أماكن سرّية ذات موارد أو آثارَ وفيرة ونادرة ! هناك حتى مخلوقات غامضة !
اشتعلت عيون هايزر للحظة قبل أنْ يُطفئها قائلا
-حسب معلومات الإتحاد حول سيبياموس ومدينته ، قِيلَ أنّها كانت مُحاطة بالتيارات طيلة العام ، تُسمى هذه التيارات، بتيارات النجوم !"
تيار؟ لم يفهم الجميع ما كان يحاول قوله ؟ما علاقة هذا بالظلال ؟.
-كما يعلم الجميع في حين ورث كالساديان عُنصر الضوء من الحامي الأول، كان لسيبياموس الظلام كعنصره الخاص.
صممّ الأخيرُ تَياراتٍ متحركة خارج مدينته بحيثُ يُمكنها امتصاصُ طاقَةِ الشفق أو الأثير وصُنع الظلال لمالانهاية !
كان تجمُّع الهالات بداخلها شبيها بالنجوم لهذا أخذت هذا الإسم"
-لكن لماذا تصنع تلك الظلال في شكل الأعراق الٱخرى وليس التنانين فقط؟" وجدوا هذا غريبا !
عبس القائد قائلا
- هذا لأنه ومع كون المدينة مختومة تماما، فإنّ أغلَبَ هالة الشفق أو الأثير التّي تمتصها التيارات و المصفوفة تأتي من الموتى بتلك المعركة القديمة.
كان من حسن الحظ أنّ مُحيط الفراغ أجبرَ هذه المدينة على ضغط قُوّة كلِّ ما فيها للشمس الٱولى، أو ما كنا لنستطيع صدّ الخطر هنا حتّى بأعدادِنا "
ارتعش ثيودور وهو يتخيل آلاف جنود الظلّ من الرتب الثانية أو الثالثة ، كانوا محظوظين حقا !
من ناحية ٱخرى شعر بقليل من التعقيد مع عِلمه أنّ الطاقة التي يستخدمونها الآن كانت ما بقي من الموتى قبل آلاف السنين.
-كم كانوا أقوياء!"تمتم بدهشة في نفسه عندما إلتقت عيناه فجأة بشخصٍ ما يجلس بعيدا وسط فريق المُستكشفين.
لم يستطع معرِفةَ جنسه أو شكله جرّاء إرتداءه رداءً أسود تماما يُخفي ملامحه،
ولكنه ظنّ لوهلة أنّ عيني الأخير كانتا تنظرانِ نحوه .
-هل كانت تلك؟ عيونٌ حمراء ؟"
--------------
فصل آخر كالعادة ان انهيت تصحيحه +-+