هل عُدت ؟"

سأل ناثام عندما شاهد ثيودور يدخُل المبنى .

-نعم ، أنْهيْتُ استكشافي يُمكننا المغادرة "

أومأ ناثام عندما أنزل بصرهُ لملابس ثيودور المُختلفة، رفع حاجبه لكنّه لم يُعقِب عن سبَبِ تغييره لها .

أدار بصره لوينيا في سؤال

- هل جِراحُك بخير "

-نعم سمُوك ، من خصائص سلالتي أنها تسمحُ بتجدُّدِ أنسجتي التالفة بسرعة "

-لننطلق إذا "

رفع ناثام يدهُ لأثرِ ندفةِ الثلج على ردائه والذي أطلق حاجزا غطاهُم جميعا .

كان الفضاء الفرعي رائعًا تماما كما إعتقد ثيودور، عجِزَت أغلبُ الآثار والأشخاص القريبين عن رؤيتهم.

-بهذا قدْ نصلُ النّجم دون الكثير من المتاعب !"

نفى ناثام بصبر

-لا، بالواقع إنه يحتاجُ إمداداً مُستمرا من طاقتي ليبقى مُستقرا ، إنه أمرٌ متعب عكس ما تعتقد"

فتح ثيودور ثغره بصدمة، لم يستطع تخيُّل طاقةِ ناثام لدعم رحلتهم السابقة بعد ذلك.

-هل لي أنْ أسألَ بأيِّ مُستواً أنت ؟" تقدّم ثيودور بحذرٍ مع الجميع وهو يسأل ما شغل بالَه.

نظر له ناثام بطرف عينه قبل أنْ يُجيبه .

-الشمس الثالثة "

-ماذا !!" صُعق ثيودور ، لم يكن ناثام أكبر من 11 عشر سنة ولكنّه تخطَّى عِدَّة مستويات ومراحل بهذه السن ، بالواقع كان أقوى شخصٍ قريبٍ من عُمره تعرَّفَ عليه لحد الآن .

إنْ كان ما قاله ناثام صحيحا، فهذا يعني أنه استخدم أثرًا خاصًا لختم قواه ودخول المدينة.

تساءل إنْ كان شالينريزر الذّي وقف بوجهه دون خوفٍ بمحطة النقل، بمثل هذه القوة أيضا !

رسم ناثام تعبيرًا غريباً على وجهه قائلا.

-بما أنّك مُنفذ قانون مُتدرب ، يجب أنْ تكون موهوبا كذلك، الإتحاد خاصةً يختارُ أفضلَ المواهب مُنذُ نعومة أظافِرهم "

رسم ثيودور إبتسامة محرجة قائلا

-ليس حقا، موهبتي متواضعة"

-ليس عليك مقارنة نفسك بي، للسلالات دورٌ مهم كذلك ، إنها شيءٌ لا نستطيع إختياره "

قال ناثام بحسرة عندما تابع.

-إنْ كان عليَّ أنْ ٱشير لموهبة عبقرية حقا ، فسيكون بالتأكيد ذاك "الشخص" في فِئَتنا العمرية "

-ذاك الشخص ؟" جفل ثيودور ، كان يعلم من يشير إليه ناثام. بالواقع بعد وُصوله المدن العائمة بوقت قصير ، سمِعَ إسمه بكُلِّ مكان .

موهبةٌ حقيقية وأفضل عباقرة لونا لهذا الجيل ، الأمير "لوسيان دي لونا" !

كان شخصيةً مُرعبة اِنتشرت سُمعته منذ اختبار استيقاظه ، لقد أظهر مواهب نادرة حتى بين سلالة القمر .

حتى أنَّ بعض العامة بدؤوا مقارنته بالإمبراطور مُشيرين إلى أنّه قد يكون الخليفة التّالي.

بالطبع كان هذا الفكر بعيدا جدا، لا يزال إمبراطورُ لونا شابا جدا ولم يتجاوز عُمره الثلاثينات.

ولكن بسببِ التّاريخ الدمويّ لهذه الٱسرة ، أحبَّ الجميع الإشارة إلى من قد يكون الوريثَ قبل حُدوث أزمة.

كانت فوضى الخلافة التي حدثت قبل 9 سنوات بعد إغتيال الإمبراطور "آرثر" دليلا على ذلك.

لم يعرف ثيودور الكثير عن هذا الحدث. وحتّى الشائعاتُ عمَّا جرى بتلك الفترة ، كانت كثيرة ومتضاربة. وبوقت ما ، صارتِ الحقيقةُ مُبهمة وقاتلُ الإمبراطور السابق لم يتمَّ توضيحُ هويّته بعد.

يقول العديد من النّاس أنَّ الإمبراطور الحالي كان وراء تلك المجزرة. لم يكن هناك دخان بلا نار ، بالتّأكيد هذه الشائعات لم تنشأْ من فراغ . ظن ثيودور ذلك أيضا.

-أتساءل ما ضغينتُه ؟"

تمتم ثيودور بهدوءٍ وهو ينظر لظهر ناثام أمامه، كان الشّخص الذي أرادَ صُعود العرش وأخذ انتقامه كما زعمت وينيا .

قاطع أفكارهم إهتزاز الفضاء الفرعي فجأة.

-هل هذا هجوم ؟"

سألت وينيا وهي تستدعي دوّاماتها المائية، في حين اِستدعى ثيودور ييغرو في شكلِ شفرات.

-لا !" همس ناثام وهو ينظر للخرابِ الهادئ حولهم ثم للنّجم بعيدا .

-إنها موجاتُ صدمةٍ جرّاء معركة "

لفَتَ انتباههُما لشيء

-ألم تُلاحظا أنَّ حركة الآثار من هذا الجانب قلَّت كثيرا ؟"

-نعم، المكان هادئٌ نوعا ما مُقارنة بالمرة الأخيرة" أجاب ثيودور بعبوس

-لنسرع ! لا شك أنَّ هناك شيئا ما يجري في الأمام !"

تخلىَّ الثّلاثة عن حذرهم المُفرط وبدؤا الركض نحو النجم ، كانوا يلتقون أحيانا بآثارَ مُتجولة، لكن بشكلٍ غريب، اتجهت كُلُّها لنفس المكان الذي يقصدونه.

-ما الذي يجري هناك ؟" تمتم ثيودور كانَ ذلك عندما لمحَ شخصاً يركضُ ناحيتهم من الٱفق.

كانوا سيجاهلونه ويمضُون بطريقهم لكن ثيودور أوقف خطواته فجأة .

ما الأمر ؟" سأل ناثام.

-ميلو ؟" قال ثيودور بصدمة قبل أنْ يرسم اِبتسامة سعيدة.

-إنه صديقي !" قال لناثام مُشيرا أنّه سيتّجهُ صوبه، لكن الأخير عبس بحذر.

-هناك شيءٌ يطارده !"

رمى الإثنان بأبصارهما لخلفِ ميلو عندما شاهدوا تاجًا أبيض يطيرُ خلفه.

كان للأخير جوهرةٌ وحيدة وسطه، يجمع فيها الأثير أحيانا و يُطلقه بشكل متفَجِّر في الصبي.

تهرَّب الأخيرُ بسرعة كالرياح وتدحرج مُتجنبا هجماته.

كانت دهون بطنه المُترهلة مثل وسادة سمحت له بالتدحرج دون أنْ يُصاب بكثيرٍ من الأذى . ورغمَ الموقف المتوتّر، كان ميلو بشكلٍ غريب لا يزال يأكُل الخبز بيده بنَهَم قبل ينهض ويُعيد الرّكض.

-صديقك غريب " ضحكت وينيا بسُخرية لكنها ما لبثت أنْ أشارت لِمَا وجدته مُريبا.

-بشكل ما ؟أليس هذا الأثرُ يُجبر الفتى على الرّكض نحونا ؟"

-يُجبرهُ تقولين ؟"

ضيّق ناثام عيناه وتمتم عندما قال بصدمة.

-إنّه أثرٌ مختومٌ ذو مرتبة عالية !"

-ماذا يعني هذا ؟" سأل ثيودور

-إنّه لا يقودُ الصّبي هنا بشكل عشوائي، لا شكّ أنّه شعر بوجودنا هنا كذلك "

سمِعَ ثيودور أنَّ الآثار عالية المستوى حسّاسة للطاقة بشكلٍ خاص ، حتّى مع ختمِ قُواها بالمدينة، لا تزال تستطيعُ تمييز مُحيطها جيدا.

مع إقترابِ التّاج ، برز اللّون الأبيض المعدني بشكل أكبر. قدّر ثيودور أنَّ سُرعة ميلو كانت قريبةً مِن خاصّته ، لكن التّاج لا يزالُ يلحق به مع ذلك.

-هذا خطير !" تمتم عندما تقدّم وخرج من الحاجز غيرِ المرئيّ الذي يُحيطهم.

-ماذا تفعل ؟" سألت وينيا

-لقد عثر علينا الأثرُ بأيِّ حال ! ٱفضِّل إنقاذ صديقي "

استدارت وينيا نحو ناثام لتستشير رأيه ، والذي هزّ رأسهُ بموافقة.

-علينا سماعُ ما حدث في المقدمة. الصبي أتى من هناك "

-فهمت .." همست وهي تستدعي دوَّاماتها وسارت خلف ثيودور.

تبِعهم ناثام بعد أنْ سَحَب الفضاء الذي يُحيطهم للأثرِ الخاصّ به مجددا.

-آاااايس!!!!!"

ميلو الذي كان يركض ، ملئتِ الدّموع عيناه واتّجه لثيودور عندما رآه .

-بوهوو!! كانَ عليكَ عدمُ تركي وحيداً بتلك المعركة. لقد تمَّت مُطاردتي طوال الوقت بعد أنْ قُدت تلك الآثار كما أخبرتني !"

بكى بحزن وهو يشكو لصديقه.

ثيودور الذي وصلَ نحوه توّقف دماغه للحظة وشعر بشيء سيءٍ عندما أغلق فَمَ ميلو بسرعة.

-دعنا نهزم هذا الأثرَ أوّلا ثم يِمكنك إخباري بما حصل " ابتسم ثيودور بإشراقٍ لميلو المُرتجف والذي أومأ بسرعة عندما لمح وينيا خلفه.

نزع يد ثيودور من فمه ثم همس .

-هل هي ليست بفريقنا !"

-أيّ فريق ؟" كان لدى ثيودور فجأة شعورٌ أنّه خاض هذه المحادثة قبلا .

-أخبرتني أنّك ستُشكل فريقًا لجعلِ المدينة في فوضى، قُلت أنّنا من سيتحقُّ الأثر الٱسطوري أكثر لأنّنا سنكون أبطال لونا بالمستقبل. حتى أنك قلت أنّ بطني سيكون لها أكبرُ دورٍ بالمحنة القادمة"

-أنا ؟" هزّ ثيودور رأسه في استسلام، كان يشعُر بالتّعاسة لميلو لأنَّ دِماغه تم غسلهُ من قبل زاريل .

بالواقع لم يكن الوحيد ، بالأيّام السابقة إلتقى قليلا من الأشخاص والذين حدّثوه بقصصٍ مُختلفة عن طريقة تجنيدهم بما يُسمّى "فريق الفوضى " من قبل زاريل .

-دافع أيها الغبي ! إنه ليس الوقت للحديث!"

صرخت وينيا فجأةً وهي تُرسل دوّاماتها لمُلاقات هجوم التّاج صوبهم !!

---------------

آسفة على الإنقطاع الطويل بسبب ٱمور شخصية :< 💔

سأعود للتنزيل شبه اليومي ابتداءا مع بداية رمضان ربما ،بسبب أنني أخذت إجازة D:

فصل آخر اليوم إن أنهيت كتابته ✨

2022/03/31 · 127 مشاهدة · 1152 كلمة
Kirara
نادي الروايات - 2024