”في النهاية، حصل اسم “داي دريم” على أغلب الأصوات. يا للأسف. كان اسم “نايكيز” جميلًا أيضًا. ما الذي يمكن أن يكون اسمًا جيدًا لمعجبينا؟ “ديز”؟ “دريمرز” كاختصار للكلمة الاخيرة؟ أم “إلمونغ” باستخدام الكلمة الكورية لـ”أحلام اليقظة”؟
“هذا فظيع! فظيع جدًا!” قال جايهي بعينين متسعتين وهو يلتفت ناحيتي.
“واو، هل قلت للتو إن أفكاري سيئة؟ إذًا لماذا لا تأتي أنت بشيء؟ أنا مستعد لقبول اسم مستعار يكون أكثر لطفًا، وأسهل نطقًا، وأكثر عملية من ’ديز‘ أو ’دريمرز‘ أو ’إلمونغ‘.”
“عن ماذا تتحدث بحق الجحيم؟ كنت أتكلم عن المعدات. لكن أظن أن طريقتك مقرفة أيضًا”، قالها بانزعاج.
ما الخطب؟ لماذا لا أستطيع أن أبتكر شيئًا؟ هل كان سيقبل به أصلًا؟
تراجع جايهي حينما حولتُ انتباهي عن الفوتوغرام وحدقت فيه بنظرة حادة.
كنتُ بالفعل في مزاج سيئ لأنني لم أتمكن من العثور على الاستوديو الذي أحببته، رغم أنني بحثت عنه كثيرًا، وكان ذلك يثير أعصابي. قبل تراجعي، كان لدي استوديو رائع. أما الان، فلم يكن لدي شيء، لذا كان الاستئجار هو الحل الوحيد. ولم يكن من الممكن بناء استوديو قريب من الذي كنت أملكه سابقًا نظرًا لوضعي المالي الحالي.
من ناحية أخرى، كانت الاستوديوهات المخصصة لتأليف الموسيقى باهظة الإيجار، وغالبًا ما تكون تحت الأرض، وهو أمر يضر بصحتي النفسية. والأهم من ذلك، أن المعدات التي اضطررنا لاستخدامها الآن كانت سيئة للغاية.
بالطبع، المحترف الحقيقي لا يلوم أدواته، لكنني كنتُ دقيقًا في اختياراتي. إن لم تكن المعدات من الطراز الأحدث، كنت أشعر… لا بأس، دعك من ذلك.
كنت أتناول علاجًا أوصتني به والدتي بعد أن علمت أنني تقيأت دمًا. وفي الوقت نفسه، كنت أراجع قائمة المعارف التي كونتها سابقًا في مشهد الهيب هوب تحت الأرض(underground)*، حينما لفت انتباهي اسم بدا مألوفًا.
يونغتشول: انتهيت أخيرًا من نقل المعدات.
يونغتشول: هل ترغب في الاطلاع على الاستديو الجديد الخاص بي؟
أنا: بالتأكيد. هل عليّ أن أحضر بعض النباتات المحفوظة في أصص احتفالًا بالافتتاح الكبير؟
يونغتشول: أي افتتاح كبير؟ هل انا بدات عملًا جديدًا؟
تصفحت رسائل المحادثة التي تعود إلى سبع سنوات مضت، والتي كنت قد نسيتها تمامًا، وأنا أنقر بأصابعي على الفراش. ثم أدركت أن محادثتنا الأخيرة كانت، في الواقع، حديثة نسبيًا.
هل أتواصل معه أم لا؟
مررتُ أصابعي بين خصلات شعري، محاولًا تهدئة نفسي.
سيكون الأمر على ما يرام. كنا لا نزال على علاقة طيبة…
مع ذلك، كان الأمر يتطلب قدرًا كبيرًا من العزم والقوة العاطفية للتواصل مع شخصٍ انهارت علاقتي به بشكل فظيع قبل تراجعي. ومع ذلك، وبالنظر إلى الظروف اضطرار وكالتي لاستئجار استوديو تسجيل خارجي من أجل ألبوم ترسيمنا، إضافة إلى ضيق مواردي المالية بدا ذلك الخيار الأفضل.
مما أتذكره، فن البومنا الثاني كان قد صدر بعد أربعة أشهر من البوم الترسيم. وبما أن الوقت المتبقي لعقد اجتماع المفهوم، وتصوير فيديو كليب، وبدء الإنتاج الكامل، كان أقل من شهر، كنت مضطرًا للبدء فورًا لأتمكن من إنهاء مزج الأغاني. فعل ذلك سيسمح لي بعرض الأغنية خلال اجتماع الطاقم الذي يتبقى عليه ثلاثة أسابيع فقط.
كنا لا نزال في تلك المرحلة التي كان يتوجب فيها على الايدولز الذكور منافسة الآيدولز الإناث من أجل الشعبية الجماهيرية.
لو تم اختيار الأغنية المناسبة وصُنعت باحترافية واستطاعت جذب انتباه الجمهور، لكان بالإمكان توقع تأثير يتجاوز حتى تلك الشعبية التي اكتسبناها من تسجيلات المعجبين السابقة.
لكن المشكلة أن البومنا الثاني لم يكن أفضل من ألبوم الترسيم. قبل التراجع، فشل فريق “ريف” في دخول التصنيفات مرتين، وكانوا في طريق نهاية مهنتهم كايدولز فاشلين. غير أنني الان، وبفضل هذه العودة، أصبحت عازمًا على حصد أكثر من 30 مليون معجب. ولانهاء هذا المسار المحبط من حياتي، كان علي أن اضمن نجاح الألبوم القادم والارتقاء بالفريق إلى صفوف نخبة الايدولز.
ضغطت على الأزرار لإجراء المكالمة. وبعد عدة رنات، أجاب الطرف الآخر:
– "هاي، إدين! مبروك على الترسيم! لكن لا تقل لي أنك كتبت كلمات الراب تلك؟ لقد كانت مبتذلة جدًا!"
جاءني صوت مرِح من الطرف الآخر للمكالمة. حاولت قدر الإمكان ألا أُظهر ارتباكي ودخلت في صلب الموضوع مباشرة.
– “يونغتشول هيونغ، هل أستطيع استعارة الاستوديو الخاص بك؟”
– “طبعًا، أنا هناك الان. هل تود المجيء الان؟ سأرسل لك العنوان.”
من دون أن يسأل حتى عن السبب، منحني الإذن فورًا.
وضعت قبعتي وتوجهت نحو الباب الأمامي، مارا بجانب دو بين الجالس على الأريكة منشغلًا بهاتفه.
“إلى أين تذهب، إدين هيونغ؟” ناداني.
“لأبحث عن وسيلة للبقاء على قيد الحياة”، أجبته.
ردي جعل عيني جايهي ترتعشان للحظة، لكنه بدا كأنه تجاوز غرابة سلوكي بسرعة.
…
أرسلت رسالة لاعلمه بوصولي قبل أن اطرق الباب. وما إن طرقت، حتى فُتح الباب على الفور، ليظهر أمامي رجل في منتصف العشرينات. كان وجهه يبدو أصغر بكثير مما أتذكره.
“هاي، إي. دي!”*قال يونغتشول.
غمرني شعور مفاجئ بالحزن. قبل التراجع، كانت علاقتنا قد تدهورت بسبب سوء فهم غذته الشائعات. وقد أوصلنا ذلك إلى ان نصبح ابعد من مجرد غرباء.
لكننا كنا مقربين جدًا في ما مضى. ولو أنه اعتذر أولًا، لكنت تقبلت ذلك بكل ترحيب.
“يونغتشول هيونغ!” بكيت، وأنا أركض نحوه بذراعين مفتوحتين.
وضع يونغتشول راحة يده على وجهي ودفعني بعيدًا. “آه، يا لك من غريب الأطوار، أيها الشقي. رجل بالغ يطلب عناقًا؟ وقلت لك ألا تناديني بـ‘يونغتشول’.”
اذا لم اكن استطيع ان اناديه “يونغتشول”، فبماذا كنت سأناديه اذا؟
ادخلني الى الاستوديو، نظر الى وجهي، وهز رأسه قائلا
“كيف لم يتغير وجهك مع انك اصبحت ايدول الان؟”
“من دون جراحة تجميل، كيف سيتغير شكلي؟ بصراحة، لا اعتقد انني املك وجها يحتاج الى تجميل كي اترسم، اليس كذلك؟”
“لديك الموهبة. لهذا السبب ترسمت كايدول بدلا من ان تتعفن في الساحة تحت الارض.”
قالها وهو يضحك، ملوحا بيده امام وجهي.
اسمه الحقيقي لي يونغتشول، واسمه الفني D.I اختصار لاسم Iron Dragon. كنت قد ارتبطت به قبل عدة سنوات عندما بدأت خطواتي الاولى في ساحة الهيب هوب تحت الارض تحت اسم E.D. كان هو من اقترب مني في البداية، وقال مزحة سخيفة عن اننا يجب ان نشكل ثنائيا باسم Double Ds.
طُرقنا افترقت حين غادرت ساحة تحت الارض لأسلك طريق الايدول، لكننا بقينا على تواصل حتى السنة الثالثة من ترسيمي. بعد سوء الفهم، تراجعت علاقتنا واصبحنا ابعد من مجرد غرباء.
حولت نظري عن يونغتشول وتمعنت في الاستوديو الصغير. رغم ان كل المعدات كانت جديدة، الا انه اعطاني شعورا قديما. ذكرني باستوديوي قبل سبع سنوات، الذي كان حينها مزودا باحدث التقنيات. توقع معدات بمعايير من المستقبل بعد سبع سنوات سيكون طماعًا.
يونغتشول وضع ذراعه على كتفي بينما كنت اعزف على مفاتيح السِنث امام شاشة العمل الصوتي الرقمية
“بما انك هنا، ما رايك ان تدعوني على وجبة احتفالا بترسيمك؟”
“بكل سرور. هل تعرف مطعما جيدا قريبا؟”
وبالنظر الى عدد المرات التي كان يدفع فيها ثمن وجباتي قبل تراجعي، وافقت من دون تردد.
كان يونغتشول يهز هاتفه وهو يربت على كتفي
“لماذا نخرج للاكل؟ دعنا نطلب طعاما صينيا. ما رايك بالكومبو رقم اثنين؟”
“هل هذا يكفي؟” سألت.
“أنا أعلم كيف تسير الأمور في هذا المجال. هل تظن أنني سأحاول انتزاع المال من شخص لم يحقق ألبومه الأول نجاحًا يذكر؟”
“نعم، هذا مؤسف. لو أننا حققنا نجاحًا ساحقًا، لكنت أخذتك لتناول شريحة لحم.”
شعر يونغتشول بنبرة الإحباط في صوتي وربت على رأسي، قائلاً إنني يمكن أن ادعوه على وجبة عندما ينجح ألبومي.
وصل طلب الطعام خلال أقل من ثلاثين دقيقة بعد اتصالنا. كان الكومبو رقم اثنين يحتوي على جامبونغ (حساء نودلز حار)، وجاجانغميون (نودلز بصلصة الفاصوليا السوداء الكثيفة)، ولحم حلو وحامض، ودمبلنغز مقلية، وزجاجة كبيرة من الكولا، التي قمنا بفرشها على طاولة غرفة العمل.
تمتمت وأنا أزيح الغلاف عن وعاء الجامبونغ بإحكام: “أراهن أن جميع الشباب يسخرون مني بسبب أدائي الضعيف منذ تركي لساحة الأندرغراوند.”
أكد يونغتشول: “في الآونة الأخيرة، المفضل عند جمهور الأندرغراوند هو أن يشربوا ويبدأوا بمضغك، وبصقك، والسخرية منك.”
”ها، نحن جميعا مجهولين، وهم لا يقلون غموضا عني… هذا سخيف… مضحك.”
“بفتت،هل بدات مبادرة جديدة لتتجنب الشتائم الان بعد انك ترسمت كايدول؟” قال ذلك وهو يضحك ضحكة لا يمكن كتمها.
اكتفيت بحك مؤخرة رأسي. لم استطع ان اشرح له بالتفصيل كيف ان الشتائم كانت تقلل من نقاط الصدق لدي وتقودني الى تراجع زمني.
تحدثنا عن ذكريات قديمة وتبادلنا اطراف الحديث في مواضيع مختلفة بينما كنت التهم وعاء الججامبونغ وبعض اللحم الحلو الحامض. وكنت على وشك ان ابدأ جولة اخرى من الدمبلينغ المقلي، حين…
[تم رصد تناول كمية كبيرة من الطعام العالي السعرات في جلسة واحدة]
[مستوى الاخلاص -1]
شعرت بطعنة مفاجئة من الالم جعلتني ارمي قطعة الدمبلينغ على الطبق
هل تُلمح إلى أنني بحاجة لمراقبة وزني؟ حتى الكلاب يُسمح لها بالأكل من دون مقاطعة.
هل من الضروري فعلاً أن تخصم نقاط الإخلاص الآن؟ أما كان من الممكن أن أتناول طعامي بهدوء؟ هل هذا طلب مبالغ فيه؟
“هل انتهيت من الأكل؟” سأل يونغتشول.
“أجل، خذ الباقي”، ألححت عليه.
هذا النظام اللعين لم يعد يريدني أن آكل. تباً، كم هو مزعج. أولاً جعلني أتقيأ دماً، والآن لا يسمح لي حتى أن آكل بسلام.
[القيود تنطبق فقط على “الأطعمة عالية السعرات” التي تفتقر إلى التغذية السليمة]
لا فرق.
هل تدرك أن “الأطعمة عالية السعرات” غالباً ما تكون ألذ؟
لوح يونغتشول بيده قرب نافذة الحالة كما لو كان يطرد ذبابة.
“الرقم السري هو 9125. تقدر تجي وتشتغل هنا وقت ما تبغى. ما راح أكون موجود لفترة. إذا احتجت الاستوديو لاحقاً، بلغني”، عرض الأمر ببساطة.
“كم أدفع لك أجار؟” سألت.
بدل الرد، نقر يونغتشول على وعاء الجاجانغميون بأعواد الطعام الخشبية.
“انتظر، لكن هذا الأكل هذا للاحتفال بانطلاقي”، اعترضت.
“يغطي الأجار بعد. إذا اصبحت مشهورًا، تستطيع ان تسدد لي حينها يا صاح. مؤلم ان ارى شاب يتصرف كأن حياته كلها تدمرت بسبب فشل ألبوم واحد.”
أسلوبه الفريد في تقديم المواساة منحني شيئاً من الراحة، مما دفعني إلى تقديم نصيحة قد تكون ذات فائدة له في المستقبل. “شكراً لك، يونغتشول. إذا قررت يومًا التقدّم لاختبار في برنامج واقعي لمغنيي الهيب هوب، فعليك حقًا أن تقص شعرك. إلا إن كنت تود أن يُعرف هذا المظهر الكثيف الذي يشبه الممسحة باسم ’قصة يونغتشول‘.”
“ماهذا الهراء يا رجل؟” تمتم يونغتشول وهو يحك مؤخرة رأسه. ثم غادر الاستوديو حاملاً أوعية الطعام الفارغة.
ما إن أُغلق الباب، حتى شغلت الحاسوب، وجلست أمام جهاز التوليف، وبدأت أضغط على المفاتيح بأطراف أصابعي. كان من المجازفة الكبيرة أن أبتكر أغنية جديدة تماماً. ورغم أن الوكالة كانت لا تزال مستعدة للاستثمار فينا خلال هذه المرحلة الأولية من مسيرتنا، إلا أنني كنت بحاجة إلى التحرك بسرعة لأثبت جدارتنا.
وهذا يعني أن علي أن أزيد من احتمالات النجاح عبر خطوة محفوفة بالمخاطر. أغنية سبق وأن أثبتت قدرتها على الانتشار ستكون أكثر حظاً في النجاح. لحن جذاب مصحوب بحركات رقص بسيطة. أغنية تنسجم تماماً مع المفهوم ولا تتطلب ميزانية كبيرة.
“هل كان هذا هو الوتر لمقطع الهوك؟” تمتمت.
ضغطتُ على المفاتيح، أستخرج اللحن بسلاسة بينما كنت أدندن كلمات الأغنية وأسترجع الذكريات. لقد كان لحناً ألفتُه من قبل.
ونظرًا للتحديات المستمرة والنقد اللاذع الذي كانت وكالتي توجهه لأعمالي، كنت قد بعتُ تلك الأغنية ذات يوم لفرقة فتيان ناشئة تابعة لشركة ترفيهية صغيرة. وبفضل نجاحها الساحق وتصدرها للترتيبات، لفتت الفرقة أنظار الجمهور. ثم، وبدعم أقوى من وكالتهم، حققوا شهرة وثروة معًا.
كانت أيضًا أول أغنية أذوقتني طعم تلك العائدات اللذيذة من حقوق النشر.
كان سيُعتبر سرقةً لو أنني استخدمتُ عملاً من تأليف شخصٍ آخر. لكن بما أنّ هذه كانت من تأليفي، فقد كان لي الحق الكامل في استخدامها.
قدّمتُ اعتذارًا ذهنيًا نابعًا من القلب لتلك الفرقة التي كنتُ أسترجع منها أغنية ترسيمها المستقبلي.
اسف. سأكتب لكم لاحقًا أغنية جيدة، هذا عادل، أليس كذلك؟
*************************
*underground مجموعه رابر غير رسميين يحبون الهيب هوب و يتكلمون عن الأمور المجتمع و السياسية
*اي دي ED الاسم الفني الغير رسمي لإيدن يوم كان بال underground