21 - الصراع بين الحياة والموت

الفصل الحادي والعشرون: "بين الحياة والموت"

الليلة طويلة… والانتظار أصعب من الموت.

كان الكوخ الصغير مظلمًا، سوى من وهج خافت ينبعث من الشمعة الوحيدة في الزاوية. الهواء في الداخل كان ثقيلاً، وكأن المكان كله يستنشق بصعوبة مع الرجل الذي يرقد أمامهم.

هيسوكا كان مستلقيًا بلا حراك، جسده أشبه بجثة لم تُدفن بعد. الثقوب التي أحدثها الرصاص في جسده لم تكن مجرد إصابات… كانت شاهدة على معركة لم يكن من المفترض أن ينجو منها.

لكن… بطريقة ما، فعل.

ملاذ كانت جالسة قربه، عيناها تائهتان على ملامحه الشاحبة، على صدره الذي كان بالكاد يرتفع وينخفض. يدها امتدت دون وعي، وأصابعها لمست يده الوحيدة… كانت باردة.

كيرين جلس على الجانب الآخر، ظهره مستند إلى الجدار، أنفاسه هادئة لكنه لم يكن مرتاحًا. نظر إلى ملاذ، ثم إلى الجسد الملقى بينهما، ثم عاد ليحدق في الأرض.

"إنه مقاتل عنيد…"

قالها بصوت خافت، وكأنه لا يريد أن يزعج السكون الذي خيم على المكان.

ملاذ لم ترد، لكنها أبقت نظرها على هيسوكا.

"لقد ظل بجانبك طوال الوقت عندما كنتِ في غيبوبة."

رفع كيرين عينيه نحوها، وكأنه كان يراقب رد فعلها.

ملاذ أخيرًا تحركت، استدارت لتنظر إليه، حاجباها معقودان.

"ماذا؟"

"عندما كنتِ في غيبوبة، لم يغادر جانبك لحظة."

ابتسم كيرين بسخرية خفيفة، وكأنه لا يصدق الأمر بنفسه.

"حتى عندما كنتُ أطلب منه أن يرتاح، كان يرفض. كان يجلس بقربك، يمسح وجهك بقطعة قماش مبللة، يغير لكِ ملابسك عندما ترتفع حرارتك، بل حتى أنه كان يتحدث إليك أحيانًا، وكأنه كان يحاول إيقاظك بصوته."

ملاذ شعرت بشيء ما يتحرك في صدرها، إحساس لم تفهمه تمامًا، لكنه كان ثقيلًا… ثقيلًا جدًا.

لم تكن تتوقع هذا.

"كنت أعتقد أنه… شخص بلا مشاعر."

قالتها بصوت خافت، وكأنها كانت تتحدث مع نفسها.

كيرين تنهد.

"أعتقد أنه كان يحاول إقناع نفسه بذلك أيضًا."

نظر كلاهما إلى هيسوكا مجددًا.

كان الصمت يملأ الغرفة، لكن فجأة…

اهتزاز طفيف…

ثم…

أنين خافت.

ملاذ اتسعت عيناها، وكيرين اعتدل في جلسته فورًا.

صدر هيسوكا كان يرتجف… وكأن الألم بدأ يعود إليه مجددًا.

الجروح التي ملأت جسده بدأت تنزف من جديد، الدم يتسرب من الضمادات المتهالكة، يلطخ الفراش تحته.

"الضمادات لم تعد كافية!"

قال كيرين بسرعة، وبدأ في البحث عن أي قماش يمكنه استخدامه.

لكنه لم يجد شيئًا.

"اللعنة!"

ضرب الأرض بقبضته.

ملاذ نظرت حولها، عقلها يعمل بسرعة، ثم دون تفكير، أمسكت بحافة قميصها… وبدأت في تمزيقه.

كيرين نظر إليها بذهول.

"ماذا تفعلين؟"

لم ترد.

استمرت في تمزيق ملابسها، قطعة بعد قطعة، حتى أصبح لديها ما يكفي لتغطية جروحه من جديد.

بدأت تضغط بها على الجروح النازفة، يدها ترتجف لكنها لم تتوقف.

"لن أسمح لك بالموت…"

تمتمت، صوتها بالكاد مسموع.

"ليس بعد كل هذا…"

كيرين، رغم اندهاشه، بدأ يساعدها.

بيد واحدة فقط، وبجروح تكاد تفتك به، إلا أن هيسوكا لا يزال يقاوم.

لكن إلى متى؟

بعد أن انتهت ملاذ من تضميده، نظرت إلى وجهه.

كان شاحبًا… أكثر مما يجب.

أمسكت بقطعة القماش الأخيرة، ثم أخذت معطفه القديم… نفس المعطف الذي وضعه عليها عندما كانت في غيبوبة.

بهدوء، وبحذر، غطته به، وكأنها تحاول منحه بعضًا من الدفء الذي يحتاجه.

ثم… جلست بجانبه، وضعت يدها على صدره، شعرت بنبضه البطيء… لكنه كان لا يزال هناك.

لا يزال يقاتل.

"ابقَ حيًا…"

همست، عيناها مغرورقتان بالدموع، لكنها لم تسمح لها بالسقوط.

"ابقَ حيًا من أجلي."

كيرين نظر إليها بصمت.

لم يقل شيئًا.

لأنه، لأول مرة… لم يكن هناك شيء يمكن قوله.

في الخارج، كانت الرياح تعصف بقوة.

لكن في الداخل…

كان هناك رجل يقاتل من أجل البقاء، وفتاة… لم تعد تعرف كيف تشعر حياله.

وفي الظلام… كان القدر لا يزال يكتب قصتهم.

2025/03/26 · 8 مشاهدة · 571 كلمة
ASO
نادي الروايات - 2025