صباح يوم الأثنين، الساعة قد تجاوزت الخامسة بقليل ، لايزال الجو الضبابي يسيطر على الشاطئ ، يبدو أن اليوم سيكون حاراً نسبياً بالنسبة ليوم من شهر آيار.


في الشارع المقابل للبحر تماماً ، على الرصيف القديم ذو البلاطات المكسرة ، وضعت لوحة كبيرة كتب عليها ( المطبخ العام : الفطور سيتأخر حتى الساعة الثامنة بسبب مجيء والدة الطباخ ، أفطار اليوم: النقانق و البيض مع الخبز الطازج، ملاحظة : الطعام يتم شرائه عن طريق النقود و ليس تبادله عن طريق السمك كما أن الطباخ لن يقدم أي نوع من الحلوى خصوصاً للنجار مهما حاول.)


تم إسناد اللوحة على الحائط القديم قرب الباب الزجاجي الصغير الذي علق خلفه كلمة ( مغلق) ، قرب الباب كان هناك نافذة مثل نافذة أي منزل آخر من المنازل القديمة لهذه القرية البحرية ، إلا أن لون ستائر النافذة كان أزرق يعكس لون البحر و يتناقض مع اللون البني المحمر لمفاصل النافذة المعدنية الصدئة.


شاب في آواخر العشرينيات كان يخرج دراجته النارية ليركنها أمام النافذة ، كان شعره أسود و طوله تجاوز 185 سم و له كفتين عريضين ، رغم أنه يرتدي قميص إلا أن عضلات بطنه تظهر مع كل حركة لتظهر مدى تفاني صاحبها بالأعتناء بجسده، هذا هو طباخ المطبخ العام للقرية البحرية ، فريد .


الشمس بدأت تصبح أكثر سخونة و الجو كذلك ، الدراجة مسرعة و فريد يبدو كمن يشارك في سباق للدراجات النارية ، الهواء يلفح الجزء المكشوف من وجهه بينما أحتلت الخوذة الجزء الأكبر، دقائق و ها هي محطة القطار تلوح في الأفق، اليوم هو موعد وصول والدته ، لقد قررت الانتقال للسكن مع ابنها الوحيد بعد وفات زوجها بحادث سيارة .


حزن فريد على وفات والده ،حيث كان الأمر مفاجئ للجميع ، كل ما تطلب الأمر هو سائق شاحنة متعب غفى على المقود للحظة ، كانت هذه اللحظة كافية لإنحراف الشاحنة و تحطيم سيارة والد فريد و هكذا و بعد رحيل زوجها قررت أم فريد ' سوسن ' أن تنتقل للعيش معه ، لكن المشكلة أنه لا يرغب في إنتقالها معه و لديه أسبابه ، للأسف لا يستطيع إخبارها بأسبابه ، في النهاية وافق مرغماً على أنتقالها.


عودة إلى المطبخ العام.......


قرع الجرص المعلق على السقف إثر فتح الباب ، الكثير من الخطوات أنتشرت على الأرض الخشبية ، يوجد ثلاث طاولات كبيرة وزعت بعناية داخل الحيّز الفارغ من المطبخ ، أصوات الكراسي و هي تجر على الأرضية الخشبية المسترطبة نسبياً ، هناك طاولة خشبية فصلت بين الركن الفارغ من المطبخ و ركن الطبخ ، كما أنه في الجهة اليسرى توجد خزانة كبيرة تحتل المساحة الفارغة لأسفل السلالم التي تأخذ للطابق الثاني ، كانت الخزانة رديئة الصنع كما لو كان النجار الذي صنعها طفل صغير لا خبرة له بأي شكل من الأشكال مع النجارة.


الكثير من الأواني الخاصة بالطبخ علقت في الركن الخاص بالطبخ كما أن موقد ضخم مقسوم في وسطه لوح معدني أحتل الجهة اليمنى من ركن الطبخ ، الثلاجة كانت كبيرة بشكل مبالغ به و كذلك كان حجم المغسلة ، هناك عدد كبير من الأرغفة الطازجة موضوعة داخل سلة على الطاولة الخشبية ، يبدو أن الطباخ قد خبزها في الصباح الباكر قبل ذهابه لإحضار أمه.


في الطاولة الأولى التي تقع قرب الباب ، جلس خمسة أشخاص ، أحدهم كان رجلاً في مقتبل العمر يبدو من مظهره أنه لا ينتمي لقرية صغيرة متواضعة ، خصوصاً ساعة يده المرصعة بالجواهر ، هو الزبون الوحيد الذي أخرج عدد كبير من المناديل القماشية من جيبه و بدأ يفرش أحدها على الكرسي قبل أن يجلس ثم جلس و بعد ذلك قام بمسح كل ما تقع عليه عيناه قبل أخذ راحته بالجلوس ، هذا الزبون المهووس بالنظافة هو الثري الوحيد في القرية و يمتلك المطعم و الفندق الوحدين في القرية بأكملها و لكنه يفضّل تناول الطعام هنا لأن المطبخ مكشوف و يمكنه مراقبة الطباخ و هو يطبخ ، هذا الرجل يدعى سليم ، تجلس عن يمينه والدته ختام و هي سيدة عجوز ذات ذوق خاص _لا يعجبها أي شيء على الأطلاق_ ترتدي ثياب مماثلة للملكة إلزبيث و تضع عقداً من اللؤلؤ ، و على يسار سليم تجلس شابة شقراء ذات قوام ممتلئ ترتدي آخر صيحات الموضة و رغم جمالها إلا أنها غبية تماماً ، هذه الشابة هي فيفي زوجة سليم ، قرب السيدة ختام جلست كل من نهى و زهرة و هما شقيقتين كبيرتين في السن يعيشان عن طريق الخياطة و القيل و القال ، يصدف أنهما الصديقتين الصدوقتين لختام.


في الطاولة الثانية قرب النافذة يجلس فريق صغار السن و عددهم ثمانية ، أربعة منهم يكونون الأكثر مراهقين صناعة للمشاكل في تاريخ القرية و يكونون عصابة تدعى ' الأوغاد' و هم فخورون جداً بهذا ألأسم رغم أن الشيء الوحيد المخيف بهم هو أسم عصابتهم ، على يسار العصابة تجلس فتاتان إحداهما بدينة و هي ابنة العمدة و تدعى نور و الثانية رشيقة و شديدة الجمال و التعجرف و تدعى شهد ، على يمين العصابة يجلس فتى يلعب على هاتفه المحمول ، هذا الفتى يرتدي الأسود من رأسه حتى أخمص قدميه و كتبة على صدر ثيابه ' أنا لا أهتم ' بالخط العريض الأحمر ، يضع حلقاً في أذنه اليمنى و يرتدي جزمة عسكرية سوداء طويلة قي قدميه هذا الفتى يدعى سيف و هو ابن النجار جوار سيف يجلس فتى ممتلىء يضع نظارة طبية و يوجد أمامه ما لا يقل عن خمس كتب و في يده كتاب يقراء منه هذا الفتى هو همام و هو ابن عزف المسيقى.


على الطاولة الثالثة قرب السلالم يجلس سبعة أشخاص الأول هو رجل في آواخر العشرينات يشبه صانعي المشاكل الذين نشاهدهم في الأفلام ، يتفحص المطبخ بدقة و يدون الملاحظات ' النافذة الأمامية جيدة للهرب لكنها سيئة للتسلل ' هناك قلم رصاص في يده و قلم رصاص آخر خلف أذنه هذا الرجل هو رامي النجار و هو النجار الوحيد في القرية و العدو اللدود لالطباخ فريد ، تجلس قرب رامي شقيقته وردة و هي مشغولة في حساب مصاريف هذا الشهر ، ترتدي بنطال قطني و قميص مخطط و ترفع شعرها على شكلي كعكة و لا يوجد أي نوع من أنواع المكياج على وجهها حتى أنها لا تضع أحمر شفاه ، جوارها يجلس زوجها توفيق يرتدي كل الألوان التي قد تخطر على بالك بل أنه حتى يضع قبعة مزركشة ملونة على رأسه أمامه دفتر يدون عليه الشعر و يحاول يأساً أن يصبح كاتباً مبدعاً ، قرب رامي من الطرف الأخر يجلس زوجين يتغازلان و يضحكان كما لو أنهما متزوجين حديثاً السيدة البدينة رنا و زوجها عزف المسيقى زين ، ثم هناك أيضاً على الطاولة الرجل العجوز الصامت محسن _لم يسمعه أحد يتكلم من قبل أبداً_ و قربه ابنة أخيه سلمى و هي شابة في الخامس و العشرين تدرس لتصبح صحفية و هي أيضاً الصحفية الوحيدة في القرية.


الساعة الثامنة إلا خمسة دقائق ، رِن جرص الباب مجدداً ، هذه المرة كان الطباخ و والدته ، لم يتفاجئ الطباخ من وجود الزبائن رغم اللافتة المعلقة بوضوح على الباب التي كتب عليها ( مغلق) ، كان فريد يتفاجئ من عدم أحترام أهل القرية لكلمة مغلق في أول أيام وجوده في القرية ، لكن الآن و بعد كل هذه المدة بدأ يعتاد على أسلوبهم.


مباشرة بعد دخول الطباخ فريد و والدته، توجهت كل من نهى و زهرة و للترحيب بوالدة الطباخ و دعوتها للجلوس معهم على الطاولة الأولى قرب السيدة ختام ، قلب فريد عينيه لهذا الترحيب الحار و قال بينه و بين نفسه :" بداء التحقيق' تنهد' يالا فضول الناس!" ، بمجرد جلوس والدة الطباخ السيدة سوسن مع السيدات نهى و زهرة و ختام النميمة بدأت ، ألقى الطباخ فريد نظرة سريعة على باقي الزبائن و وقعت عينيه على النجار رامي


كان رامي قد خبئ الدفتر الذي كان يكتب عليه فور دخول الطباخ فريد ، ثم حاول رامي التظاهر بأنه لا يفعل شيء عن طريق النظر نحو السقف و التصفير


ديق فريد عينيه و هو ينظر نحو رامي ' هل هو غبي أم أنه يظن أنني غبي لأنخدع بطريقته الواضحة في التظاهر بأنه لا يفعل شيءً؟!'


ذهب فريد للطابق الثاني و وضع حقائب أمه ثم عاد للمطبخ و في لحظات رئحة البيض المقلي و النقانق أنتشرت في المكان


أنتهى تقديم الإفطار رسمياً في الساعة التاسعة ، تشاجر رامي و فريد لأن فريد لم يقدم الحلوى مع الإفطار و كان رامي يستعين بوالدة فريد و بحجة أنه أرمل و أب لفتى مراهق و الكثير من الدموع الكاذبة مما دفع سوسن لتصديقه و الإشفاق عليه


بعد أن تلقى تأنيباً حاداً من والدته رضخ فريد للأمر الواقع و أعد بعض ألبان كيك لرامي و هكذا أنتهى الفطور رسمياً مع الساعة العاشرة


اليوم كان سريع و بعد تقديم الغداء على الساعة الواحدة ظهراً رِن هاتف الطباخ


كان الإتصال من عمله الليلي


" الميناء ، اليخت الثالث تحت أسم (IVA) ، الساعة الثانية ظهراً ، أسم الهدف : رعد ، المبلغ المقدم ثمناً لرأسه : 1000,00£ "


كانت المعلومات مقتضبة سريعة


نظر الطباخ فريد للساعة و كانت الواحدة تماماً


ذهب فريد لإحضار سكاكينه لخاصة بالقتل و هو يتفقد السكاكين بصمت و يخطط لطريقة للتسلل بعيداً دون أن تراه أمه


بصراخ" ماذا تفعل بني" سألت سوسن و هي تقف تماماً قرب ابنها


" آااااااااااه م ماذا؟!" صرخ فريد مرتعباً


" ههههه هل أخفتك صغيري ؟ لقد كنت أسألك فقط ما الذي تفعله؟!" سوسن تحدثت بإبتسامة على وجهها


" أمي أنا أعمل ! لا يمكنك أن تفاجئي الناس بهذه الطريقة خصوصاً أنا إذا كنت ترغبين أن تصبحي جدة يوماً ما عليك أن تتوقفي عن هذا!!" كان فريد في قمة الغضب


حمل فريد حقيبة السكاكين و حاول التوجه خارجاً و هو يحافظ على ملامح الغضب حتى لا تسأله أمه شيءً لكن ذلك لم ينجح


" أممم إلى أين تأخذ هذه السكاكين بني؟" سألت سوسن مع الكثير من الفضول


" أه السكاكين.. أمم... لأنظفها.. أجل أجل لتنظيفها" جاوب فريد مع أكثر أبتسامة مقنعة يمكنه أن يضعها على وجهه


" أ حقاً؟؟"


" أجل أمي إنني أنظف السكاكين التي أستخدمها في الطبخ"


" حسناً بني لكن أنتبه و انت تستعمل الماء حتى لا يحدث ما حدث في عيد ابنة الجيران ساندي "


" أمي انتبهي لكي لا يسمعك أحد،وأيضاً في ذلك الوقت كنت في الخامسة "


لسوء حظ فريد الشخص الوحيد الذي سمع أمه كان رامي


رامي" سيدة نهى سيدة زهرة يبدو أن السيدة سوسن تعرف قصة ظريفة عن طفولة فريد "


" أوه حقاً أنا أريد أن أعرف" نهى و زهرة توجها نحو سوسن و سحبتها نحو وسط المطبخ العام لتحكي قصتها


رغم أن فريد يريد قتل رامي حرفياً إلا أنه يحتاج للذهاب للعمل حالاً


وهكذا ذهب فريد بينما جلست السيدة سوسن على كرسي أما إحدى الطاولات و تحديداً أمام طبق البط المشوي الشبه مأكول


" لطالما أحب فريد صغيري الطبخ و الطعام و في ذلك اليوم كنّا قد تم دعوتنا لمنزل جارتنا لحفل عيد ميلاد ابنتها ساندي و حيث أن فريد يحب مساعدتي في المطبخ منذ الصغر فهو معتاد على غسل طبقه بعد أن ينتهي منه ، و بحكم العادة بعد أن أنتهى من تناول الحلوى رغب بغسل الطبق و لكن حفل الميلاد كان في حديقة المنزل و الماء الوحيد الموجود كان المرش الخاص بسقي الأزهار ، كان المرش منخفض نسبياً حتى بالنسبة لطفل في الخامسة لذلك قام فريد بحمل المرش و رفعه بحضنه و غسل الطبق ثم أعاد كل شيء لمكانه دون أن يلاحظ أحد ، حتى جاء موعد الصورة حيث وقف الأطفال حول ساندي و تم إلتقاط الصورة و حينها فقط لاحظ المصور ثياب فريد فأشارعليه و هكذا قبل أن يدرك أحد ما حدث قام أحد الأطفال بالصراخ بأن فريد قد بلل سرواله ههههههههه كان سوء فهم مضحك و خصوصاً عندما شرح فريد كيف أبتل سرواله هههه ما زلت أحتفظ بالصورة" و أخرجت سوسن الصورة من حقيبة اليد و مررتها على الجميع ليراها


" ههههههههههه" الكثير من الضحك لمنظر الفتى الصغير المبتسم و هو يرتدي سروال مبتل بين قدميه


' و أخيراً شيء لأهدد به هذا الطباخ الفاشل' فكر رامي بسعادة


وصلت الصورة أخيراً لِيَد الرجل الصامت محسن الذي ابتسم بصمت بينما ابنة أخيه سلمى قالت" سيدة سوسن هل يمكن أن أستعير الصورة قليلاً؟ لدينا في صحيفة القرية عامود للقصص الظريفة و سأحب نشر هذه القصة فيه"


سوسن " أجل عزيزتي طبعاً يمكنك، هذا سيكون ممتعاً و أظن بأن فريد سيكون سعيداً بنشر صورته بالجريدة"


في هذه الأثناء

عند فريد


" ها ها تششششششو" فرك فريد رأس أنفه


" من هناك " رجل من حراس اليخت


" تباً" شتم فريد و هو يهرب


عودة إلى المطبخ


كان رامي يفتش كل مكان بينما السيدة سوسن تشارك المزيد من القصص المحرجة عن ابنها و تري الجميع الصور لتلك اللحظات


رامي ' تباً أين يخفي ذلك الطباخ الأحمق وصفة ألبان كيك الخاصة به؟!'


فجأة سقط دفتر أما رامي


بعد الأطلاع على محتوى الدفتر قرر رامي أن يريه للجميع


بعد أن رأى الجميع على ما يحويه الدفتر ساد الصمت تماماً في المطبخ العام


---


على الطريق الواصل بين الميناء و القرية كان هناك مطاردة سريعة


عدد كبير من السيارات تلحق بدرجة نارية مسرعة


عودة إلى المطبخ العام


قطعت الصمت السيدة ختام " و ماذا في ذلك؟ لقد كان زوجي الراحل أيضاً قاتلاً مأجور حتى أنه علمني كيف أستخدم السلاح "


أكد سليم كلام والدته " أجل حتى أن والدي أحياناً كان يسمح لي بتنظيف أسلحته ، لكني لم أستطع أن أمارس نفس مهنته فهي مهنة قذرة و ستسبب بتوسيخ ثيابي"


ضحكت فيفي " ههيهي هاهي ههيهي ، سوسي هبيبي لا أستطيع أن أراك متسخ مع سلاح في يدك ، هذا سيكون عديم الذوق فالأسلحة في العادة تأتي بلون غامق و لا تناسب ستايل سوسي هبيبي"


قبل أن يستطيع أي أحد الرد على تعليق فيفي ، حدثت معجزة


تحدث محسن الصامت و قال:" و أنا أيضاً مثل سليم"


سلمى:" عمي هل كان جدي قاتل مأجور ؟"


محسن :"لا لكن جدتك كانت تخبرنا أنا و والدك قصص عن القراصنة القتلة قبل النوم"


لم يفهم أحد ما علاقة هذا بالموضوع لكنهم لم يعلقوا أيضاً


وردة شقيقة رامي قالت :" في الحقيقة أنا وضعي مشابه للسيدة ختام فزوجي توفيق كان يعمل قاتل مأجور لكن بعد أن تزوجنا ترك العمل و هو منذ ذلك الحين يواجه صعوبة بإيجاد عمل آخر"


ضم توفيق يد زوجته :" لا عليك عزيزتي سأصبح أكبر كاتب و شاعر في العالم و لن نقلق حول المال مجدداً"


ضحكة رنا و هتز جسدها و جسد زوجها زين _الذي يحاول يأساً ضمها أو على الأقل التظاهر بذلك _ و هزت الطاولة " هههههه" قاطعها زين " يا لها من ضحكة موسيقيا عزيزتي" خجلة رنا للحظة و تحول لونها للأحمر ثم عاد كل شيء لطبيعته و تابعت:" لقد تعرفنا أنا و زين لبعضنا عندما كنت أقوم بعملية قتل" و نظرت بحب لزوجها


تفاجئ الجميع و لم تستطع شهد كتم فضولها و سألت بغرور و عجرفة : " كيف لسيدة بدينة مثلك أن تكون قاتل مأجور؟"


ضحة رنا و أجابت:" بعد أن زاد وزني أصابني الأكتأب و قررت الانتحار و هكذا صعدت لسطح أحد المباني المهجورة و رميت نفسي عنه فتنهى بي الأمر فوق أحد رجال العصبات المهمين حيث أنني هرسته حرفياً حتى الموت و لحسن الصدف كان هناك قاتل مأجور بمهمة قتل هذا الرجل الشرير و لأَنِّي قتلته بدون أي سلاح يمكن تتبعه فعرض علي القاتل المأجور العمل معهم و هكذا وجدت هدفاً لوزني الكبير ، و في أحد الأيام و بينما كنت أبتعد عن جثة شخص قمت بسحقه للتو رأيت زين ، لقد كان يتدرب بقبوي ذلك المبنى ، ظننت في البداية أن زين سيبلغ الشرطة لكن أتضح في ما بعد أنه وقع في حبي. "


أكمل زين :" السبب الرئيسي الذي جعلني أحب المسيقى هو أفلام توم و جيري ، خصوصاً الحلقة التي تسقط فيها آلات البيانو من السماء ، في البداية ظننت أن أظرف بيانو قد سقط أمام نافذة القبو ، لكن عندما وقعت عيني على عينيها شعرت بأن قلبي قد سحق و وقعت بالحب"


تحدثت نهى:" حسناً أنا و أختي زهرة يجب أن نخبركم بشيء ، في الواقع في شبابنا كنّا أنا و أختي أكثر القتلة المأجورين شهرة و أغلاهم أجراً ، لكننا كبر في العمر و صرفنا معظم أموالنا على الثياب و الأحذية و السيارات و الرحل و لم يبقى الكثير فقررنا أن نتقاعد و نفتح مشغل بسيط للخياطة في هذه القرية المسالمة"


شعر رامي بالغضب لأن الجميع يعلمون شيء عن القتلى المأجورين و يملكون قصة إلا هو:" و أنا أيضاً أستخدم الفرد في عملي ، في الواقع فرد المسامير الذي أستخدمه يمكن أن يكون خطيراً مثل الفرد الناري "


في هذه الأثناء دخل فريد و هو مسرع للمطبخ و بدأ فوراً بإغلاق الباب خلفه بإحكام


سوسن :" ما بك بني ؟ هل حصل شيء؟"


تفاجئ فريد بوجود كل الزبائن ثم صفع جبهته و هو يذكر نفسه بأنه مع وجود أمه يستحيل أن يغادر أي أحد نظراً لفضولهم، ثم علامات الورطة رسمت على وجهه و هو يفكر بالمصيبة المتجهة نحو المطبخ العام ، خلال لحظات أتخذ فريد قراره و قرر الأعتراف بأسراره أمام الجميع


أخذ نفساً و هيئ نفسه لرد فعل الجميع ثم قال :" أنا قاتل مأجور"

صمت

صمت

صوت صرصار

نظر فريد بصدمة على وجوه المحيطين به ، لا أحد مصدوم و لو قليلاً

رفع له رامي الدفتر


فهم فريد ما يحصل


فريد:" إذا ماذا تظنون؟ أمي ماذا تظنين بي؟ هل خاب ظنك؟؟"


سوسن :" لا ، في الواقع الأسرار التي أخفيها عنك أكثر خطورة من هذا السر بل كونك قاتل مأجور يعتبر تافهاً مقارنةً بما أخفيه أنا"


فريد :" حقاً ؟ أمي بما أنني أخبرتك بسري ما رأيك أن تخبريني ببعض هذه الأسرار"


سوسن :" محاولة جيدة عزيزي ، لكن الأن عليك أن تخبرنا لماذا قررت فضح سرك؟"


فريد :" آوه أجل كدت أن أنسي.... هناك مجموعة من المرتزقة الذين يعملون تحت أمر رجل عصابات خطير يدعى رعد"


سأل سيف ابن رامي:" هل قتلت زعيمهم؟"


فريد :" لا بل أسوء من ذلك"


تحدثت نور ابنة العمدة:" هل حاولت قتله لكنك لم تصبه؟"


فريد :" لا الأمر أسوء من ذلك"


همام ابن زين و ربا :" هل هاجمته ثم اتضح انهم من الجواسيس و ليس فقط المرتزقة؟ أذكر أنني قرأت قصة بوليسية ذات حبكة مشابهة"


فريد :" لا لا لم يحدث"


ضرب رامي الطاولة بغضب و صرخ في وجه فريد:" توقف عن لعب لعبة {إحزر ما حدث}و تكلم يا رجل , لقد أتعبت أعصابنا"


فريد:" حسناً في الواقع.....


ما حدث في اليخت :


تسلل فريد على سطح اليخت و تمكن من التملص من الحراس و توجه للبحث عن هدفه ، في هذه الأثناء كانت المعلومات عن الهدف قد وصلت لهاتف فريد ، و كانت المعلومات كالتالي:( رعد ٤٥ سنة ، زعيم عصابة لتهريب الأثار عن طريق البحر ، طول : ٢١٠سم ، ذو بنية جسدية صلبة ، كان مصارعاً قبل إلتحاقه بعالم الإجرام، ذو بشرة سمراء، لديه بعض الندوب على وجهه)

أطلع فريد على المعلومات و هو يتسلل حتى أصبح أمام غرفة نوم رعد، أصوات أغاني الأطفال سمعت بوضوح أمام الغرفة ، فتح فريد الباب بهدوء و لكن المشهد صدمه مما جعله يسقط على مؤخرته من الصدمة..كان رعد يرتدي ثياب نوم زرقاء ذات رسوم أرانب ظريفة و يضع قبعة نوم زرقاء ذات أذني أرنب و كان على البنطال من الخلف ذيل أرنب ظريف و كان رعد يحتضن دمية أرنب محشو و يقفز على السرير و يغني مع أغاني الأطفال..... سقوط فريد جعل رعد يوقف ما يفعله ...... أحمر رعد من الخجل ... ثم تحولت ملامحه للغضب و صرخ بصوت يشبه صوت الرعد نفسه " حراس حراس أقتلوه" و أشار نحو فريد. ... لحظات حتى وجد نفسه فريد يهرب و خلفه عدد كبير من رجال رعد.


أنتهى فريد من إخبار الجميع ما حصل معه."


" ههههههههههه " علت الضحكات من الجميع لتخيل شكل رعد عدا سوسن التي ابتلعت ريقها و العرق ظهر على جبينها


زهرة:" لا تقلق يا فريد فنحن لدينا خبرة في قتل الناس و سنساعدك "


بعد نصف ساعة كان المطبخ قد تحول لساحة حرب حقيقية


الدماء في كل مكان


الجميع كان يقاتل


عدا البعض ممن كانوا يصرخون بشكل هستيري


و فجأة ظهر رعد و هو يرتدي بدلة رسمية ، تقدم نحو فريد و وجه سلاحه صوب رأس فريد و إذ بصوت طغى على الجميع


" توقفوا" سوسن صرخت


" سوسن؟" رعد قال بتفاجئ


" أنت تعرف أمي؟" سأل فريد


" أمك؟؟"رعد


" سوسن ما الذي يحصل هنا ؟ " رعد سأل بشكل جاد


" هههه إنها قصة طويلة أخي " سوسن


" أخوكي؟؟!!" الجميع عدا فريد


" خالي؟!!!" تفاجئ فريد لأبعد الحدود


في هذه الأثناء وصلت فرقة الدعم التي طلبها فريد من منظمة القتلة المأجورين و كانت الفرقة بقيادة رئيس المنظمة حازم


دخل حازم


حازم:" رعد ؟.... سوسن؟ ..... فريد ما الذي يجري هنا؟!"


نظر فريد نحو حازم :" رئيس أنت تعرف أمي؟"


سوسن :" في الواقع يا فريد إن حازم هو والدك البيولوجي "


بعد عام...


رائحة البيض المقلي تملاء المكان ...


أصوات الصحون و الملاعق ...


الكثير من الأحاديث و القصص..


هناك على الحائط بين النافذة و الباب عدد من صور علقت ..


صورة زفاف سوسن و حازم


صورة رحلة الصيد مع الخال رعد


إطار صورة وضعت داخله الجريدة التي تحوي الصور المحرجة من طفولة فريد


صورة توفيق و هو يتلقى جائزة عن قصته البوليسية


ثم الكثير من الصور المتنوعة عن لحظات لزبائن المطبخ العام


في الوسط صورة فريد و سلمى في أول موعد غرامي لهما


'بوم' مفرك عجين خشبي ضرب الجدار أسفل الصورة


" أيها النجار الفاشل الغبي " صراخ فريد ملاء المكان


" أيها الطباخ البخيل النتن" شتائم رامي


المشاجرة اليومية حول الحلوى بعد الفطور قد بدأت مجدداً.


النهاية

2018/02/10 · 664 مشاهدة · 3385 كلمة
M.G.D1
نادي الروايات - 2024