كان الهواء في الغابة باردًا وثقيلًا، وكأن المكان نفسه يراقبهم.

كان يوري مستلقيًا، جروحه لا تزال مفتوحة، والطاقة السوداء تترك أثرًا بطيئًا في جسده.

إيلا كانت بجانبه، تمسك بيده، بينما كانت عيناها مليئتين بالقلق… لكن خلف ذلك القلق، كان هناك شيء آخر… شيء لم تجرؤ على قوله بعد.

أما رين فكان جالسًا على الأرض، ينظر إلى السماء بصمت، بينما كانت كايا تميل على جذع شجرة، عيناها نصف مغلقتين، لكنها لم تكن نائمة.

لم يكن أحد منهم مرتاحًا.

كانوا قد نجوا… لكنهم لم يفوزوا.

رين (بصوت منخفض): "لا أصدق أننا تركناه هناك حيًا."

كايا (بحدة، دون أن تفتح عينيها): "إنه لم يكن قتالًا عادلًا من البداية."

ثم التفتت ببطء نحو إيلا، التي كانت لا تزال ممسكة بيد يوري.

كايا (تراقبها، بنبرة غير مفهومة): "لقد خاطرْتِ بكل شيء لإنقاذه."

إيلا لم ترد على الفور.

لكن بعد لحظة، نظرت إلى كايا مباشرة.

إيلا (بصوت هادئ، لكنه قوي): "ولم يكن لديّ خيار آخر."

كان هناك شيء في تلك الكلمات… شيء جعل كايا تشعر بوخزة صغيرة في قلبها، لكنها لم تُظهر ذلك.

أما رين، فقرر كسر هذا الجو الثقيل، كما يفعل دائمًا.

رين (يمد ذراعيه ويتنهد): "حسنًا، لن يكون هناك جدوى من الشعور بالذنب الآن. علينا أن نفكر فيما سنفعله بعد ذلك."

لكن قبل أن يتمكن أحد من الرد…

تحرك شيء في الظلال.

وقف الجميع فورًا، كايا اختفت في الظلال، و رين سحب سيفه، بينما إيلا رفعت يديها، طاقتها الروحية جاهزة للدفاع.

أما يوري، رغم ضعفه، فقد أجبر جسده على النهوض، عينيه لا تزالان تلمعان بتلك الهالة الزرقاء الداكنة.

ثم، فجأة…

خرج رجل من بين الأشجار.

كان طويلًا، يرتدي عباءة ممزقة، وشعره الأسود الطويل يغطي جزءًا من وجهه، بينما كان يحمل سيفًا قديمًا على ظهره.

لكن الشيء الأكثر غرابة فيه…

كان عينيه.

لأنهما كانتا تشبهان عيني يوري تمامًا.

الرجل الغامض (بصوت هادئ، لكنه ثقيل كالجبال): "أخيرًا وجدتك."

كايا ظهرت من الظلال بسرعة، سلاحها موجّه نحو رقبته.

كايا (بحدة): "من أنت؟!"

لكن الرجل لم يتحرك، فقط حدق في يوري، وكأن البقية لم يكونوا موجودين.

الرجل الغامض: "يوري… لا تتذكرني، أليس كذلك؟"

كانت هناك طاقة مألوفة حوله… طاقة جعلت جسد إيلا يرتجف للحظة، وملأت عقل رين بشعور غريب، كأنه قد رأى هذا الرجل في كابوس من قبل.

أما يوري، فقد شعر بشيء آخر…

شعور يشبه الألم، لكن ليس جسديًا.

ثم، فجأة…

رأى ذكرى أخرى.

في عقله، وجد يوري نفسه واقفًا في قصر قديم، ضوء المشاعل يتراقص على الجدران الحجرية.

أمامه، كان هناك طفل آخر… يشبهه تمامًا.

لكن قبل أن يتمكن من الاقتراب منه، سمع صوتًا خلفه.

صوت مألوف: "يوري… لا يجب أن تكون هنا."

استدار ببطء، ورأى نفس الرجل الغامض، لكن أصغر سنًا.

يوري (في عقله، رغم أنه لا يستطيع الكلام): "…من أنت؟"

لكن الرجل فقط نظر إليه بحزن، ثم همس بشيء قبل أن تتلاشى الذكرى.

الرجل الغامض (بصوت بالكاد يُسمع): " أنت… لست الوحيد. "

وفجأة…

عاد يوري إلى الواقع.

فتح يوري عينيه، أنفاسه متقطعة، وعيناه مليئتان بالدهشة.

أما الرجل الغامض، فقد كان لا يزال يحدق به، وكأنه كان يعلم تمامًا ما رآه.

الرجل الغامض (بهدوء، لكنه حازم): "الآن، فهمتَ، أليس كذلك؟"

لم يستطع يوري التحرك، لكن في داخله…

كان يعلم أن هذا الرجل يعرف كل شيء.

إيلا (تتقدم خطوة، تحمي يوري بجسدها، وعيناها محذرتان): "ماذا تريد منه؟"

الرجل الغامض لم يلتفت إليها، فقط رفع رأسه قليلًا، ونظر مباشرة إلى السماء.

الرجل الغامض: "ما أريده؟"

ثم، في لحظة، التفت إليهم جميعًا، وابتسم ابتسامة غامضة.

الرجل الغامض: " أريد مساعدتكم… في إسقاط الإمبراطور. "

سقط الصمت على المجموعة.

حتى رين، الذي عادة ما يكون أول من يتحدث، لم يجد كلمات مناسبة لهذا الموقف.

كايا (تراقبه بعينين حادتين، نبرتها مشككة): "لماذا قد نثق بك؟"

الرجل الغامض (يرفع حاجبه): "لأنني الشخص الوحيد الذي يمكنه إخباركم بالحقيقة كاملة."

ثم استدار ببطء نحو يوري، وعيناه كانتا مليئتين بشيء أشبه بالندم.

الرجل الغامض (بهمس): " ولأنني… كنت من المفترض أن أحميك. "

توسعت عينا إيلا، بينما حدقت كايا في الرجل، كأنها تحاول تحليل ما قاله.

أما يوري، فقد شعر بشيء جديد لأول مرة…

شيء يشبه… الذكريات العائدة.

لكن لم يكن هناك وقت للمزيد من الأسئلة، لأن الرجل أكمل كلامه بنبرة حاسمة:

الرجل الغامض: "الإمبراطور لن يترككم وشأنكم… والآن، بعد أن أظهر يوري قوته، سيبدأ التحرك بجدية."

ثم التفت نحو إيلا، وعيناه امتلأتا بالاهتمام لأول مرة.

الرجل الغامض (بهدوء): "وأنتِ… أنتِ لستِ مجرد فتاة عادية، أليس كذلك؟"

شعرت إيلا بقشعريرة في جسدها، وكأن هذا الرجل رآها من قبل.

لكن قبل أن تسأله ماذا يقصد…

ظهر ظل ضخم في السماء.

رين (يتراجع، ويضع يده على سيفه): "ما هذا…؟!"

رفع الجميع رؤوسهم، ورأوا سفينة عملاقة تطفو في الهواء، رايات المملكة ترفرف فوقها.

وعلى حافتها…

وقف قائد جديد، عيونه مليئة بالقسوة، وسيفه يُشع بطاقة سوداء قاتمة.

الرجل الغامض (يبتسم بسخرية، وكأنه لم يتفاجأ): "حسنًا… يبدو أن المعركة التالية بدأت بالفعل."**

2025/04/08 · 1 مشاهدة · 754 كلمة
yury
نادي الروايات - 2025