بينما كانت إيلا و كايا تتواجهان، وكل واحدة تحاول فرض وجودها أمام الأخرى، لم ينتبها إلى أمر واحد…
يوري لم يعد هناك.
تحرك بهدوء، دون إصدار أي صوت، وانسحب من المكان كما لو أنه كان مجرد ظل.
لم يكن يريد أن يكون جزءًا من هذه المواجهة…
لم يكن يعلم حتى كيف يفهم مشاعره تجاه أي منهما.
كل ما أراده في تلك اللحظة…
هو الهروب إلى مكان هادئ، حيث لا يوجد أحد.
مشَى يوري لمسافة طويلة، حتى وجد كهفًا صغيرًا بين الأشجار الكثيفة.
لم يكن يبدو كأي مكان مألوف، لكنه كان هادئًا…
تمامًا كما أراد.
جلس على الأرض، وأغمض عينيه للحظة، مستمتعًا بصوت الرياح الخفيفة.
لكن…
حين فتح عينيه مجددًا، لم يكن وحده بعد الآن.
وقف أمامه رجل طويل القامة، يرتدي عباءة سوداء ممزقة، ووجهه مغطى بقناع نصفه أبيض ونصفه أسود.
لكن الشيء الأكثر رعبًا…
هو أن طاقة هذا الرجل كانت مألوفة بشكل غريب.
وكأن يوري قد رآه في مكان ما من قبل.
الرجل المقنع (بصوت منخفض لكنه عميق): "كنتُ أراقبك، يا يوري."
لم يتحرك يوري، لكنه شعر بأن الهواء أصبح أثقل، وكأن هذا المكان قد تحول فجأة إلى فخ لا مفر منه.
يوري (في عقله، وهو يراقب الرجل بحذر): "من يكون هذا؟ ولماذا تبدو طاقته… غريبه؟"
ثم، فجأة، تحرك الرجل المقنع خطوة للأمام، والظلام بدأ يلتف حوله وكأنه جزء منه.
الرجل المقنع: "لقد حان الوقت لكي تتذكر… من أنت حقًا."
قبل أن يتمكن يوري من التحرك، شعر بصداع هائل يخترق رأسه!
مشاهد من الماضي بدأت تنهال عليه بسرعة، وكأن عقله قد انفتح على ذكريات لم يكن يعرف بوجودها.
رأى نفسه طفلًا صغيرًا، يقف في قاعة ضخمة، أمام الرجل الغامض ولوكير، وبينهما كان الإمبراطور نفسه.
الإمبراطور (بعينين باردتين): "إنه ليس مثل الآخرين… إنه شيء مختلف تمامًا."
الرجل الغامض (بصوت هادئ لكنه قلق): "لهذا السبب يجب أن نخفيه عنك، قبل أن تدمره كما دمرت الآخرين."
ثم…
رأى دماء، صرخات، ألسنة لهب تلتهم المكان.
ورأى… الرجل المقنع، يقف هناك، يراقب كل شيء بصمت.
الرجل المقنع (في الذاكرة، بصوت مرعب): " لقد بدأ كل شيء… بسببك. "
ثم…
عادت الرؤية إلى الواقع، ويوري سقط على ركبتيه، يتنفس بصعوبة.
رفع رأسه ببطء، نظر إلى الرجل المقنع، والصدمة تملأ عينيه.
يوري (في عقله، رغم أنه لا يستطيع التحدث): "أنت… كنت هناك."
ابتسم الرجل المقنع، ابتسامة خفيفة لكنها مليئة بالمعاني المخفية.
الرجل المقنع: "لقد كنتُ دائمًا هناك، يوري… لكنك لم تكن مستعدًا لرؤيتي بعد."
ثم، فجأة، اختفى في الظلام، كما لو أنه لم يكن موجودًا من الأساس.
ترك يوري وحده، مع عقل مليء بالأسئلة… وحقيقة كان من الأفضل ألا يتذكرها.
لكن الوقت قد حان.
ظل يوري جالسًا على الأرض، أنفاسه ثقيلة، وصداعه يزداد سوءًا.
ذلك الرجل المقنع…
لم يكن مجرد شخص غريب…
لقد كان هناك في ماضيه.
لكن لماذا لم يتذكره حتى الآن؟
ولماذا قال تلك الكلمات الغامضة…؟
"لقد كنتُ دائمًا هناك، لكنك لم تكن مستعدًا لرؤيتي بعد."
رفع يوري رأسه ببطء، نظراته باردة لكنه لم يكن هادئًا من الداخل.
يوري (في عقله، يحاول استيعاب ما حدث): "هذا ليس مجرد هلوسة… إنه شيء حقيقي."
لكنه لم يكن يعرف ما الذي يعنيه ذلك، ولماذا ظهر هذا الرجل الآن؟
بعد مرور بعض الوقت، نهض يوري أخيرًا.
كان جسده قويًا الآن، لكنه شعر بأن روحه مثقلة بشيء جديد.
نظر إلى الغابة من حوله، ثم قرر العودة… لكن في داخله، كان يعلم أنه لن يكون الشخص ذاته بعد هذه الليلة.