وسط الصمت، وبينما الجميع لا يزالون يحاولون استيعاب ما حدث، بدأ يوري يشعر أن وعيه يختفي مجددًا.

لكن هذه المرة، لم يسقط في الظلام.

بل وجد نفسه... في مكان آخر.

مكان غريب، كأن السماء فيه كانت معكوسة، والأرض لا وجود لها، بل مجرد بحر لا نهاية له من الطاقة النقية.

وهناك، في المنتصف، وقف الرجل الغامض.

كان له شعر أبيض طويل، وعينان زرقاوان، لكنه لم يكن يبدو كبيرًا في العمر، بل بدا وكأنه شخص في الثلاثينات من عمره.

نظر إلى يوري بابتسامة هادئة، ثم تحدث لأول مرة بصوت واضح.

الرجل الغامض: "لقد أحرزت تقدمًا جيدًا، يوري."

لم يتمكن يوري من الرد، لكنه شعر بشيء غريب تجاه هذا الرجل.

شعر أنه... يعرفه.

يوري (في ذهنه): "...من أنت؟"

ابتسم الرجل، ثم أدار ظهره قليلًا، وكأنه يتأمل المكان من حوله.

الرجل الغامض: "أنا شخص كان يجب أن تقابله منذ زمن طويل... لكنك لم تكن مستعدًا بعد."

ثم استدار مجددًا، وحدّق في يوري بعينين مليئتين بالحكمة.

الرجل الغامض: "حان الوقت لتعرف من أنت حقًا... ومن أين أتيت."

اتسعت عينا يوري قليلاً.

ثم...

عاد وعيه إلى العالم الحقيقي.

حين فتح يوري عينيه مجددًا، كان مستلقيًا على الأرض، ورفاقه يحيطون به.

رين (يبتسم وهو يضرب كتفه برفق): "يا رجل، هل كنت تخطط لجعلنا نموت من القلق؟"

كايا (تنظر إليه للحظة، ثم تدير وجهها بسرعة، لكنها تخفي ابتسامة صغيرة): "أحمق."

إيلا (تنحني بجانبه، تضع يدها على صدره، وتهمس): "أنت بخير الآن..."**

لكن يوري لم يكن يفكر في المعركة بعد الآن.

كان يفكر فقط... في كلمات الرجل الغامض.

"حان الوقت لتعرف من أنت حقًا."

أغمض عينيه للحظة، ثم فتحها مجددًا.

كان يعلم أن هذا لم يكن النهاية.

بل كان مجرد بداية الرحلة الحقيقية.

استلقى يوري للحظة، محاولًا استيعاب كل شيء. جسده كان مثقلاً بالإرهاق، وروحه تشعر بأنها قد دخلت في مرحلة جديدة تمامًا.

لكن داخله، لم يكن مرتاحًا.

ذلك الرجل... من كان؟

"أنا شخص كان يجب أن تقابله منذ زمن طويل..."

كلماته كانت تتردد في ذهن يوري كصدى لا يتوقف.

لكن قبل أن يتمكن من التفكير أكثر، شعر بيد دافئة على جبينه.

فتح عينيه، ورأى إيلا تجلس بجانبه، نظرتها مليئة بالهدوء، لكن أيضًا بشيء آخر... قلق خفي.

إيلا (بهمس): "لا ترهق نفسك أكثر، يوري."

لم يكن يستطيع الرد، لكن عينيه تحركتا قليلاً، وكأنه يسألها: "كيف حال الجميع؟"

ابتسمت إيلا بخفة، ثم نظرت حولها.

إيلا: "الجميع بخير، رغم الإصابات... كايا لديها بعض الجروح لكنها تتظاهر بأنها ليست متألمة، رين كان يصرخ طوال الوقت أن المعركة كانت ملحمية، وليو... حسنًا، ليو فقد وعيه من الضربة التي تلقاها من فالكير، لكنه سيكون بخير."

ثم توقفت للحظة، قبل أن تضيف بصوت أكثر هدوءًا:

إيلا: "أما أنت... لقد كنت على وشك الموت."

ساد الصمت بينهما للحظة، ثم همست إيلا بشيء لم يسمعه أحد غيره.

إيلا: "لا تفعل هذا مجددًا، يوري."

في وسط الساحة، كان فالكير لا يزال مستلقيًا على الأرض، عينيه مفتوحتان لكنه لم يتحرك.

بدا وكأنه كان يستوعب ما حدث.

لقد خسر.

هو، أقوى فارس في المملكة... هُزم على يد فتى بلا عشيرة، بلا ماضٍ، بلا صوت.

لكن بدلًا من الغضب... كان يبتسم.

فالكير (بهمس): "هاه... يوري، أنت لست عاديًا أبدًا."

ثم، بصعوبة، حاول الجلوس.

لكن قبل أن يتمكن من النهوض، شعر بشيء...

هالة قوية، مليئة بالقوة الغامضة، تقترب بسرعة.

فجأة، ومن العدم، ظهرت بوابة سوداء في السماء، وخرج منها رجل يرتدي عباءة ملكية داكنة.

كان طويل القامة، عيناه بلون الذهب المنصهر، وشعره الأسود يتطاير مع الرياح.

إنه "إمبراطور المملكة".

الجميع جمدوا في أماكنهم.

حتى أورفين ، الذي كان يراقب القتال من بعيد، تغير تعبيره لأول مرة.

أورفين (بصوت منخفض، لكنه مملوء بالخطر): "...لم أعتقد أنه سيأتي بنفسه."

الإمبراطور لم ينظر حتى إلى أي شخص.

بدلًا من ذلك، ركز نظره على فالكير.

الإمبراطور (بهدوء مرعب): "لقد خيّبت ظني."

حاول فالكير النهوض، لكن قبل أن يتمكن من قول أي شيء...

رفع الإمبراطور يده، وموجة سوداء من الطاقة انفجرت نحوه، محطمة جسده بالكامل!

بوووووووم!!!!

رين (يصرخ بصدمة): "اللعنة!!"

كايا (بفزع): "لقد... لقد دمره تمامًا!"

أما يوري، فقد شعر بشيء غريب... وكأن تلك الهالة مألوفة له.

لم يكن يعرف كيف، لكنه شعر وكأنه رأى تلك القوة من قبل.

الإمبراطور استدار ببطء، وأخيرًا، نظر إلى يوري.

ثم ابتسم.

الإمبراطور: "حسنًا... إذًا، أنت هو الفتى الذي كسر توازن هذه المملكة؟"

يوري لم يتحرك، لكنه كان يعلم...

المعركة الحقيقية لم تبدأ بعد

2025/04/08 · 2 مشاهدة · 674 كلمة
yury
نادي الروايات - 2025