الفصل 2: العودة

مرت أيام على تلك الليلة التي أنجبت فيها ياسمين طفلها، و كانت تغمرها سعادة لا توصف أما أحمد فكان مهموما و بالكاد يبدي فرحته، فقد همه الوحيد إيجاد تفسير لما حدث في تلك الليلة، و لون عيني طفلهما، فكل من أحمد و ياسمين لا يملكان عينين سوداويين، أحمد كان معتدل القامة لا طويلا و لا قصيرا، و ذو شعر أسود يميل نوعا ما للبني، أما لون عينيه فهو بني، أما ياسمين فقد كانت صهباء ذو عين بنية أيضا و بنية جسمانية رشيقة.

قرر أحمد و ياسمين العودة إلى قريتهما و مباركة طفلهما من طرف كبار القرية و أهاليهما، ثم القيام بمراسم اختيار اسم الفتى، لكن أحمد لم يخفي ارتباكه و قلقه مما سيعتقده أهالي القرية بشأن ابنه و خصوصا كونه ابن فاشل لم يتجاوز المستوى الأول من الطاقة الروحية. تعتبر الطاقة الروحية مصدر الحياة و يمكن استعمالها للقتال فكلما كانت طاقة الشخص أعلى كلما كان أقوى، وتم تقسيم مستويات الطاقة الروحية إلى 5 مستويات و يتم تصنيف الأشخاص من طرف خبراء في الطاقة الروحية يلقبون بالعرافين، أما مستوى الطاقة الروحية فيتيح لك ميزات تختلف من مستوى لأخر، فهناك مهن لا يمكن إلا لدوي المستويات العليا أن يمارسوها.

انطلق أحمد و ياسمين و طفلهما ذو العينين السوداويين نحو قريتهم التي تتواجد بقرب مدينة الفيحاء شمال البلاد، تعتبر مدينة الفيحاء وجهة لجميع تجار الشمال و هي ثاني أكبر مدينة في الشمال و يحيط بها العديد من القرى الصغيرة المزدهرة تجاريا فهناك بعض التجار الذين يبيعون منتوجاتهم في القرى و هم في طريقهم إلى الفيحاء. أما قرية أحمد و ياسمين فتقع جنوب مدينة الفيحاء و تقع في الطريق نحو المدن الجنوبية.

كانت عربة أحمد تسير في الطريق و هو يقودها أما زوجته و ابنه فهما داخل العربة المغطاة بلحاف لا غير، تفاديا للشمس الحارة. بينما كانت ياسمين تداعب طفلها توقفت العربة فجأة فأخرجت رأسها لتعرف ماذا يحدث.

- ياسمين: ماذا هناك يا أحمد..؟

- أحمد: لقد وصلنا يا ياسمين نحن الآن في أراضي القرية، انظري إنها البوابة الصخرية.

توقفت العربة أمام صخرتين عملاقتين على شكل بوابة، مكتوب فيهم قرية الصخرة، تعتبر تلك البوابة الصخرية من معالم القرية الأثرية فقد كانتا هناك منذ الأزل، ليس الأمر و كأنها بوابة فعلية فلم تكن القرية محاطة بالأسوار و يمكن دخول القرية من عدة طرق رئيسية أو من الغابة المحيطة بها، أما البوابة فتبعد بضع كيلومترات عن القرية فما هي إلا رمز على دخولك لمجال القرية.

نزل أحمد من العربة تقدم نحو البوابة فوضع يده على إحدى الصخرتين ثم رفع رأسه نحو أعلى الصغرة ثم قال:

- ها أنا ذا أعود إلى الجحيم، لكن مهما كانت الذكريات مؤلمة فقد عشت فيها لحظات سعيدة..

توجه أحمد بعربته و أسرته الصغيرة نحو القرية، و لما دخل إلى القرية كانت كعادتها حيوية، الأطفال يجرون هنا و هناك و هم يلعبون، تجار أجانب يحاولون بيع بضاعتهم أو مرتحلون توقفوا للتزود بالطعام، ينظر أحمد إلى المباني الجديدة في القرية و يخالجه الشعور بالغربة كما لو أنه أصبح غريبا عن القرية في غضون عامين، ثم ارتسمت على ابتسامة على وجهه و هو يفكر قائلا لنفسه:

- لو بقيت في القرية لربما كان أحد هذه البيوت الجديدة ملكي أنا أيضا هههه

لقد كانت المباني الجديدة للشباب حديثي الزواج في الفترة التي غاب فيها أحمد. استمر أحمد نحو منزله القديم، و لما وصل إلى المنزل رأى طفلين صغيرين توحي هيئتهما بكونهما في الثالثة من عمرهما، نظر إليهما عن كثب فلاحظ ملامح صديقه في واحد منهما لذا فكر أنه ابن صديقه و قد كبر على أخر مرة رآه فيها، أما الطفل الثاني فلم يستطع التعرف عليه بتاتا. هبطت ياسمين و طفلها من العربة و توجهت مع أحمد نحو باب البيت و بمجرد أن وقف كلاهما أمام الباب فتحته فتاة شابة جميلة ذات شعر طويل، بينما كانت تقول:

- سأعود بسرعة يا أمي..

نظر أحمد إلى الفتاة الشابة فتحولت الفتاة من فتاة شابة إلى جثة هامدة أمامه، التفت وراءه و رأى القرية تحترق، فالتفت مجددا نحو باب البيت المفتوح ليرى زوجته ياسمين مرمية في الأرض و دمها يغطي أرضية البيت، و آخر كلماتها كانت:

- نور.. نور.. نور

ثم شعر أحمد بشيء يطعنه من الوراء، نظر نحو بطنه ورأى سيفا ق اخترق جسده، سقط أرضا و بدأ يزحف نحو ياسمين و هو يذرف الدموع و ينادي باسمها..


المؤلف: طارق KinG Of Shin Sekai

2018/04/02 · 367 مشاهدة · 679 كلمة
نادي الروايات - 2024