مقتطفات من مذكرات «ديل مكرين»
أكتب، ها أنا هنا لأكتب معاناتي وأفرغ من همومي يا مذكراتي العزيزة…
عشر سنوات من العمل الشاق…عشر سنوات من النضال الذي لا ينتهي...عشر سنوات من القتال المستمر من أجل حياتي وكرامتي...عشر سنوات لأصل لما أنا عليه حالياً؛ أفضل مدرس معترف به في العاصمة ٫ نبيل(1) تقارن قوته بذروة الوحوش في التحول الثالث و بمكانة رفيعة لدى الإمبراطور لدرجة استشارته لي حتى في بعض المواضيع الحساسة، رغم ذلك ها أنا قد ركعتُ عند قدمي طفلٍ لم يتعدَ العاشرة من عمره وهو يجلس على مقعدٍه العالي بينما يضع قدماً على قدم وهو ينظرُ لي بتسلية وابتسامة تشبه الفتاة عندما تجد لعبتها الضائعة بعد سنينٍ عديدة...
لماذا!؟ كل ذلك للاشيء سوى مغازلة امرأة جميلة في أثناء الحفلة التي أقامها الإمبراطور الليلة؟
كيفَ فعل ذلك!؟ ضل هذا سؤال يراودني طيلة الحدث بأكمله لكنني لا يمكنني التفكيرُ في ايَّ أيامي السابقة لكتابتي هذا،إذ يمكن أن يجعل جسدي يتبع أوامره دون أن أستطيع فعل ايِّ شيءٍ من جانبي ولا يمكنني التذمر حتى!
إذ حتى مع معرفتي بكل طرق استخدام طاقة المانا لا يمكنها تفسر هذه الظاهرة العجيبة إذ لولا أنه لا يمتلك جناحينِ على ظهره لكنت ظننته من معشر تلك الشياطين مع ابتسامته هذه التي يبدو أنها تخفي جحيماً لا يضاها في أعماقها.
"ديل مكرين، أليس كذلك؟" هذا الشقي الصغير تلفظ باسمي في بداية حديثه لكن لم يكن بالشيء الكثير نظراً لشهرتي الكبيرة بالفعل فمن المستحيل على إبن نبيل كالنبيل إيڤان من عائلة ماكلين أن لا يعرف إسماً كاسمي، لكن…
" كيفَ حال طفلكَ الذي ولد حديثاً؟ ما كان اسمه مجدداً؟ اهاه! لقد تذكرت! إنه نيتان أليس كذلك؟" لا يمكن ولا يجب أن يكون ممكناً أن يعرف أحدهم بهذا الأمر الذي حافظت عليه سراً، لكن ها هو هذا الفتى يثبت خطئي ويحرض بكلماته شيئاً في داخلي والذي لا يمكنني حتى البدء في التفكير في ماهيته بالفعل.
" ماذا هل أكلت القطةُ لسانك ديل الصغير؟ لا تنظر إليّ بهذه النظرة أعلم ما أنتَ قلقٌ بشأنه لذلك لا تقلق فلو أرتَ إيذائك لما شفيتُك عندما ضربك الشقية الثلاثة آنذاك وتركتكَ لتَتَعفنَ في ذلك الزقاق فقط ، أليس كذلك؟"
لم أعرف ماذا أقول والذهول يملأ منطقي بأكمله، ففي البداية أظهر قدرته على السيطرة عليَّ ثم كيف يعلم بأشياء لا يجب أن يعلمها أحدٌ غيري ولآن هو يذكر حادثاً غريباً حصل لي منذُ وقتٍ طويل إذ كان منذُ أكثر من عشر سنوات والذي ولحد هذه الحظة وأنا لم أستطع جمع الرئوس أو الذيول حوله.
" إذن يا ديل الصغير ما رئيُكَ أن تكون خادماً لديَّ؟ لا تقلق بشأن العمل مجاناً فسأحرص على مكافأتك بأفضل من المرة السابقة وبطرق لن تبدأ في تخيلها حتى~"
لقد أردت سؤاله؛ ما الذي فعله لي وكيف٫ ما الذي يعنيه بمكافئتي السابقة وكيف يجرؤ على التفكير بي كخادم! ، وكما لو يقرأ افكاري تكلم مرة أخرى وهو يطقطق بأصابعه.
" أعتقد أن بإمكانك الإجابة لآن، أليس كذلك ديل الصغير؟"
"اححح، ما الذي فعلته بي حينها بالضبط!؟"
"لا شيء كثير، مجرد زرع بعض الأشياء فيكَ والعبث ببعض مشاعركَ وكيف يجب أن تكون ردود فعلك لبعض المواقف كاللآنِ مثلاً، فضلاً عن زيادة تقاربكَ مع طاقة المانا وإلا كيفَ تعتقد أنكَ وصلت لما أنتَ عليه اليوم؟ بالحظ!؟"
"…" لم يكن لدي جواب إذ أن كل ما قاله منطقي ومع ذلك لا يزال...
" بأيةِ حال لا تفكر في الأمر كثيراً إذ أن هذه الحياة لا ينقصها ما هو غير طبيعي أو غير منطقي ولنعد إلى موضوعِنا السابق، هل تقبل أن تكون خادمي~؟"
"آه، وهل لديَّ حتى الخيارُ في ذلك؟" تهندت بانكسار فحتى لو عادة سيطرتي على جسدي فإن مثل هذا الكائن الذي لا يُفهَم لا أعتقد أن بإمكاني البدأ بتخيل هزيمته حتى.
"بالطبع لكَ كل الخيار في ذلك، فبإمكانك مثلاً عدم الانصياع لأوامري، فقط لأحولكَ لدمية طائشة أو محاولة الهروب لاحقاً لأرسل أحد رجالي من بعد حياتك وطفلك ذلك، ما رأيك بهذه الخيارات، رائعة أليس كذلك؟"
"أنتَ... ماذا فعلتُ لك حتى تفعل لي هذا!؟"
"ماذا فعلت؟ ممم، دعنا نرى...يمكنك تسميته القدر أو الثمن الذي يجب عليكَ دفعة لفعلك ما لا يفترض بكَ حتى التفكير به، وهذا وهو كل ما في الأمر لا أكثر~"
" إذن في النهاية كانت تلك الشائعات صحيحة أليس كذلك؟"
"هاه؟، تقصد تلك التي تتحدث عن مصير من يجرؤ على مغازلة أمي أو إيذائها حتى؟، بطبع هي صحيحة ولقد عَمِلتُ بجد حتى على المساعدة في نشرها ولكن ومع الأسف الشديد فالذباب أمثالك ومهما فعلت لهم ما زالوا كما هم دون ما تغيرٍ~"
"..."
لم أستطع إلا أن أندب دموع الأسف من ذلك اليوم وإلى يوم كتابتي لهذا؛ لعدم تصديقي للشائعات التي سمعتها بخصوص السيدة ماكلين و لرؤيتي لهذا العالم من وجهة نظر خادم الشخص الملقب بمُحَرِكِ العَرائس الذي لا وجهَ له والذي يعرف في العاصمة بأكثر شخص لا تود لقائه في حياتك أبداً ولايِّ سببٍ كان…
________________________
ملاحظة (ملاحظات) الكاتب:
' النبيل' في هذا البلد هو لقب عام يستخدم للأفراد ذوي القوة والمكانة الرفيعة إذ ودون قوة كافية لا يمكن إستحقاق هذا اللقب.