بعد القرن الواحد والعشرين، وتحديدًا بعد أن أسدل التاريخ الستار عن أعنف حرب وأكثرها دمارًا، نعمَ العالم بفترة راحة امتدت لـ85 سنة. لكن تحت صورة الاستقلال وتحرر الشعوب من براثن هذه الأزمة، ظلت الحالة دون تغيير؛ فقد بقيت الدول القوية مسيطرة على العالم دون أي اعتبار لبقية الدول الأخرى.

وبعد 85 سنة من تمثيل مسرحية الحرية وما إلى ذلك، يكشف القدر عن عودة هذا العصر المظلم والمتهالك، حيث لا توجد أي وسيلة للنجاة دون المقاومة. البشرية في هذا العصر قد تخلّت عن أهم وأعمق مبادئها وكرامتها؛ فبعد ما يسمى بالحرية الشخصية التي روّجت لها الدول الغربية بهدف غسل أدمغة المراهقين والشباب، أصبح العالم مكانًا لا يُطاق.

أصبح الاعتداء على الغير، وإبادة الأعراق، واحتلال الأراضي بغير حق، أعمالًا بطولية في نظر بعض الدول، وأصبح الدفاع عن النفس من الاعتداء والقتل جريمة تُعدّ تعديًا على حقوق الإنسان.

أصبح الوقت الحاضر ملوّثًا بأفكار مخلة ومقززة تذهب بالعقل، حيث أحيانًا تتساءل في نفسك وأنت تشاهد الناس يفعلونها دون أي تفكير: "هل هم بلا عقل؟ هل هم مجانين؟"، وحتى إن تجرأت وحاولت التواصل معهم ونصحهم، تُكافأ إما بالاعتداء عليك وإبرَاحك ضربًا، أو بسجنك بحجة الوقوف في وجه "التحضّر" أو ما يسمى بـ"الحرية".

وما لا يعلمه العالم أو يدركه هو أن كل هذا مخطط خبيث يهدف إلى التغلغل في الأفكار الإنسانية وغزوها، ليصبح الإنسان مُنَوَّمًا مغناطيسيًا يمكن تسييره وفق الحاجة، أيا كانت.

وهذا ما يحدث في وقتنا الحالي، فبعد غسل الغرب لعقول الشباب بأفكاره المقززة، أصبح هذا الجيل من أسوأ الأجيال تاريخيًا، ليس على المستوى العلمي، بل على المستوى الفكري، التربوي، والأخلاقي.

أصبحت أجيال اليوم عديمة الفائدة، تعتمد على أشياء خارجية مثل الهواتف والحواسيب، حيث قد يجلس الشخص على هاتفه لساعات دون أن يدرك ذلك.

هذا الجزء من العصر هو ما كان يهدف إليه العالم الغربي، فقد خطّط لإضعاف الفكر البشري لكل سكان العالم، أو على الأقل لجزء ضخم منهم، وهو ما نجح فيه إلى حد ما.

أصبح تفكير الشباب منصبًّا على اللعب واللهو، دون إدراك أن هذا كله سينعكس يومًا ما... وها قد جاء ذلك اليوم.

لقد أطلق تحالف الناتو ناقوس بداية الحرب العالمية الثالثة تجاه كل الدول المتبقية.

بدأت كل الدول المتحالفة بغزو الدول الضعيفة بهدف السيطرة على مجالاتها واستغلالها في خططها الاستراتيجية، فكما فعل الفرنسيون في الدول الإفريقية من قتل وتعذيب وترهيب، تفعله هذه الدول الآن.

كان مبدأهم واحدًا: "الخضوع أو الموت"، ولا خيار آخر.

منذ اللحظة التي أعلن فيها تحالف الناتو عن الحرب، تمركزت جيوش التحالف على أعتاب أبواب العديد من الدول الصغيرة.

فمثلًا، فرنسا، ومنذ انتهاء الحرب العالمية الثانية وإعلان أغلب الدول الإفريقية استقلالها، لم تهدأ من الغضب. كانت تعتقد اعتقادًا راسخًا أن هذه الدول لم تُخلق إلا لتُعامل كالعبيد وتعمل فقط من أجل سيدها ومالكها. ومنذ أن سمعت بخبر إعادة اندلاع حرب عالمية، أعلنت عن رغبتها في غزو كامل القارة الإفريقية، ورغم معارضة بعض الدول، فقد سُمح لها بالتصرف كما ترى مناسبًا.

أما أمريكا، إنجلترا، ألمانيا، وإيطاليا، فقد وجّهت أنظارها إلى دول الشرق الأوسط، لما تملكه من خيرات وموارد وفيرة.

وفي ظرف يوم واحد فقط، انطلقت الجيوش المتحالفة في حملة احتلال واسعة.

قوبلت بالمقاومة من طرف الدول الأخرى، سواء كانت قوية أو ضعيفة.

واجهت هذه الدول مقاومة باسلة، من جيوشها النظامية أو من شعوبها، حيث شارك الجميع – صغارًا وكبارًا – في الدفاع عن الأرض. غير أن المخطط الغربي لإضعاف الفكر الاستراتيجي والوطني نجح إلى حد بعيد، إذ إن معظم هذه الدول، بعد ما اعتبرته "استقلالًا"، لم تحتفظ إلا بعدد قليل من القوات الدفاعية، ظنًا منها أن عصر الحروب قد انتهى.

لكن من يضحك أخيرًا؟

سواء قاومت هذه القوات أم لا، فإن هذا لم يعد مجديًا.

بدأت التحالفات المعادية بالظهور والتعاون فيما بينها للمقاومة. وقد نجح هذا في البداية، لكن مع استمرار الحرب، بدأت هذه التحالفات تنهار تحت ضغط الأسلحة المتطورة.

رأت بعض الدول أنه لا أمل في النجاة، وأخبرت شعوبها بذلك، الذين أدركوا بدورهم أنه إذا نجح العدو في احتلالهم، فإن حياتهم لن تعود حياة، بل جحيمًا.

لم ترغب حكومات هذه الدول في التخلي عن المقاومة، رغم علمها بعدم جدواها. لذلك اجتمعت دول كبرى – الصين، اليابان، روسيا، كوريا الشمالية والجنوبية – واتخذت قرارًا خطيرًا: استخدام كل أسلحتها، نووية كانت أو هيدروجينية أو كهرومغناطيسية.

وافق الجميع على هذه الفكرة: "إما أن نعيش سواسية أو نموت جميعًا"، وهذا هو المبدأ الذي أجمعوا عليه.

وبعد وقت قصير من انتهاء الاجتماع، أطلقت كل دولة ما لديها من أسلحة، لا يهم إن كانت فعالة أم لا، المهم أنها مدمرة.

أدركت دول تحالف الناتو ما كانت تصبو إليه هذه الدول، فلم تتخلف، وأطلقت بدورها كل ما في جعبتها.

انطلقت الصواريخ من كل اتجاه صوب دولة، جزيرة، أو حتى قارة بأكملها. وعندما رفع بعض المواطنين رؤوسهم ونظروا إلى السماء، رأوا أعدادًا لا تُحصى من الصواريخ تتصادم أو تمر في اتجاهات مختلفة.

هؤلاء المواطنون ومدنهم أصبحوا رمادًا، فقد كان التصادم بين هذه القنابل كافيًا لتوليد حرارة قادرة على تبخير الجسم البشري لحظيًا.

بدأت الصواريخ تصطدم بالأرض وتحدث ثقوبًا هائلة الحجم.

...

وبعد ساعة فقط من هذا الإطلاق، اختفى تقريبًا 70-80% من سكان العالم. مات أكثر من 6 مليارات إنسان، ولم يبقَ سوى ا

لمحظوظين، والذين استنفدوا كل حظوظ حياتهم في اللحظة التالية.

2025/04/25 · 11 مشاهدة · 806 كلمة
Solo
نادي الروايات - 2025