كسر!
سُمع صوت تكسّر عالٍ في آذان كل مخلوق على وجه الأرض. لو كان أي شخص في وقت ما قبل هذا الدمار، لكان يظنه صوت تحطم زجاج عادي، لكن للأسف لم يكن كذلك في هذه اللحظة.
رفع كل مخلوق ما زال على قيد الحياة على هذه الأرض رأسه ليرى شيئًا لا يُصدق. السماء تحمل شقوقًا مرعبة.
لم يفهم أحد ما يحدث، هل هذا هو الواقع؟ أم أنه مجرد خيال؟ لكن، لو كان خيالًا، لماذا يظهر أمام أعين الجميع؟ ولماذا يبدو بهذه الواقعية؟
بدأت الحيوانات بالزئير والنحيب في كل بقاع العالم، وكأنها تعرف ما سيحدث، وكأنها تنبّه البشر من شيء ما. أصيب الناس بالذعر، خاصة بعد ردة الفعل الغريبة هذه من الحيوانات.
لا بد أنكم عرفتموني الآن، أنا أحد السكان المحظوظين الذين تمكنوا من النجاة في هذه الكارثة، وأنا الذي ظننت نفسي جيد الحظ وسيئه في الوقت نفسه. إن سوء حظي يكمن في فقدان كل أفراد عائلتي أثناء القصف النووي.
لا بد أنكم تتساءلون عن كيفية موتهم وأنا ما زلت حيًا. في الواقع، هذا هو الحظ الذي سأتحدث عنه. كنت كما اعتدت دائمًا أدرس في غرفتي، حين اتصل بي أحد أصدقائي وأخبرني أنه يريدني أن أذهب معه لاستكشاف الدهاليز القديمة تحت الأرض. قد تستغربون سبب دعوته لي لفعل هذا الشيء في ذلك الوقت، لكن هذا في الحقيقة أمر عادي. نحن دائمًا نستكشف هذه الأنفاق، لكننا لم نتعمق فيها كثيرًا خوفًا من أن نضيع داخلها.
كانت هذه الدهاليز موجودة منذ الحرب العالمية الأولى، حيث بُنيت بهدف الاختباء عن أعين العدو، وبعد انتهاء فترة الحرب، تم هجرها ولم يعد أحد يهتم بها، إلا أنا وهذا الصديق.
لقد تحداني هذا الصديق هذه المرة أن أدخل بمفردي وأتعمق حيث وصلنا آخر مرة، وقال إنه سيضع مؤقتًا لحساب الزمن الذي سأستغرقه للدخول والعودة.
وافقت على الفكرة، وقام بالضغط على الزر وبدأ العد:
1، 2، 3... 3697.
لقد استغرقني الأمر أكثر من ساعة حتى تمكنت من الدخول والخروج، والذي يمكن اعتباره رقمًا قياسيًا بالنسبة لمحاولة أولى. كنت أظن أنني سأطلب المحاولة مرة أخرى بعد الانتهاء، فالظلام الدامس في الداخل جعلني أتخبط في الاتجاهات، لكن من كان يظن أنني لن أتمكن من إعادة المحاولة؟ بل إنني لن أتمكن حتى من رؤية أي أحد في المدينة التي أعيش فيها.
عندما خرجت من النفق المظلم، رأيت مشهدًا مرعبًا.
بقع من الدماء، مبانٍ محطمة، الأرض مدمّرة حرفيًا. لا أعرف حتى كيف لم أشعر بأي شيء أثناء حدوث كل هذا وأنا تحت الأرض. يبدو أنني تعمّقت لدرجة لا تسمح بوصول أي نوع من الهزات الناتجة عن انفجارات القنابل النووية.
في صدمتي، لم أستطع سوى التفكير في عائلتي: أمي، أبي، وشقيقتي. توجهت بسرعة نحو منزلي، نسيت حتى أمر صديقي. على طول طريقي، لم ألمح أي إشارة على الحياة، لم يكن هناك سوى الغبار وبعض الدماء التي تكسو الأرض. لم تكن كمية كبيرة، بل قطرات موزعة في كل مكان.
كنت أركض وأنا ألتفت يمينًا ويسارًا وأدعو ألا يحدث أي مكروه لعائلتي ومنزلي. بدا الأمر غير منطقي، لكنني لم أرد المنطق في تلك اللحظة، كنت فقط أريد أن يكونوا بخير.
قطعت طريقي وصولاً إلى وسط المدينة، كان منزلي هناك. عندما وصلت، وجدت كل شيء محطمًا. الحي الذي أعيش فيه كله سُوِّي بالأرض، إلا مكانًا واحدًا، ولا بد أنكم عرفتم من أقصد: "منزلي". نعم، منزلي. لكن ما بدا غريبًا هو أن منزلي قد اختفى، ليس بمعنى أنه تحطم أو تبخّر نتيجة القنابل، بل اختفى حرفيًا، كما لو أنه لم يكن موجودًا. كان المكان الذي يتواجد به منزلي مجرد أرض فارغة.
لنفترض أن المنزل قد اقتُلِع من مكانه ونُقل إلى مكان آخر، إذن، لماذا الأرض ما زالت مستوية ولا تحمل أي علامة من علامات الاقتلاع؟
هذا الأمر جعلني أشك. هل أنا حقًا أعيش في هذا المكان؟ هل كل ما مررت به مجرد خيال؟ هل لدي عائلة أصلًا؟ هل ذلك الصديق حقيقي أم أنه مجرد خيال؟ هل أنا مجنون؟
وأنا في حالة اليأس والارتباك، سمعت صوتًا مألوفًا:
تكسير!
صوت اعتدت سماعه عند تحطيم الزجاج أو أواني المطبخ، لكن هذه المرة لم تكن كذلك. نظرت يمينًا ويسارًا، ولم ألمح شيئًا. رفعت رأسي ونظرت إلى السماء، فرأيت مشهدًا مرعبًا.
السماء تشققت. لم أصدق في البداية، لكن ما جعلني أصدق هو أن طائرًا مرّ من خلال الشق ولم يعد.
لم أشعر بالاطمئنان لهذا الموقف وحاولت التراجع، لكن إلى أين؟ هذا المشهد في السماء، وأنا على الأرض. مهما ركضت أو احتميت، فلن ينفع. لذلك، تشجعت وبقيت أراقب هذا المنظر المرعب.
---
تشقق!
انفجار!
حدث انفجار حاد داخل الشق، ووقع مشهد مرعب. عين عملاقة بحجم السماء والأرض فتحت من الجانب الآخر، وبدأت تلتفت يمينًا ويسارًا كأنها تراقب أحوال العالم كله. ظهرت على العين علامات الغضب، حيث برزت الكثير من العروق الحمراء والمرعبة.
ثم سُمع صوت أجش ومرعب جدًا، وصل هذا الصوت إلى مسامع كل كائن حي على الأرض:
"عديمو فائدة."
خرجت هاتان الكلمتان، وأُغلقت العين المرعبة ورحلت.
لكن بعد ذلك، حدث شيء أكثر رعبًا. بدأت السماء تتحطم أكثر وأكثر، في شكل ثقوب متنوعة: منها الصغير، ومنها الكبير، ومنها المتوسط وهكذا.
لم يتمكن الناس من التعرف على هذه الثقوب الغريبة، لكن ما اتفقوا عليه هو أنها تشبه الثقوب الدودية، أو ما يُعرف بالبوابات الزمانية-المكانية، حيث إنها قد تنقل من يدخلها إلى زمان ومكان مختلفين تمامًا.
---
لم أكن أتوقع أن شيئًا خياليًا كهذا قد يحدث، لقد أكد العلم الحديث على استحالة وجود كائنات حية خارج كوكب الأرض، ولكن ما هذا الذي رأيته للتو؟
نعم! لقد رأيت عينًا، وعينًا ضخمة بشكل مثير للسخرية، شعرت كما لو أن الأرض ذرة من الغبار أمامها، لكن... ليس هناك لكن. كنت أصف نفسي بالمجنون قبل لحظات قليلة وما نفى هذه الفكرة هي هذه العين وما حدث بعد ذلك.
"عديمو فائدة!"
لقد تحدثت العين أو بالأحرى صاحب العين، لقد تحدث بصوت وكلمات قاسية ومخيفة.
لقد شعرت بضغط شديد يكاد يسحقني في تلك اللحظة، كان صوت هذا الشيء فقط مرعبًا لأقصى الحدود، لقد تجمدت في مكاني كما أنني شعرت ببعض الذهول كما لو أنني نائم للحظة. عندما استعدت إدراكي وجدت العين قد غادرت ولكن ما حدث بعد ذلك هو الأسوأ.
انفتحت ثقوب غريبة في السماء والأرض، كانت ثقوبًا تشع بألوان متغيرة منها الغامق القاتم ومنها الفاتح الذي يكاد ألا يُرى.
لقد شعرت بأنني رأيت مثل هذه الثقوب من قبل، لكن ذلك كان في القصص الخيالية، لا يمكن أن يصبح الخيال واقعًا، صحيح؟ أو هذا ما ظننت، ولكنني تذكرت بعد ذلك تشقق السماء وتلك العين المخيفة والآن هذا، لذلك ليس هناك ما يمنع من أن تكون هذه الثقوب هي بوابات مرتبط
ة بكواكب وحضارات أخرى، والتي قد تقوم بالعبور وغزو الأرض التي هي في حالة يُرثى لها.