مشوشا من تلك الصيحة التي اصدرت طنينا حادا في اذنه، اغلق جورج اذنيه متألما من الطنين المستمر في اذنيه، فاتحا فرصة لذلك المسخ الضخم بان يهجم بسرعة رغم قدمه اليسرى المقطوعة نحوه وهو يستمر بالصراخ.

اعاد جورج جمع شتات نفسه سريعا بعد ان عض على لسانه بقوة ليوقظ نفسه، وما ان نظر للأعلى مرة اخرى حتى قفز بجسده لا شعوريا للجانب خلف الجدار مرة اخرى متفاديً جسد المسخ الضخم الذي اندفع عبر الباب ك كرة البولنج الضخمة متعرجا بين اقدامه والاغراض على الأرض ليتدحرج ويرتطم برفوف الطعام والثلاجة متسبب بضوضاء عالية والمزيد من الفوضى.

التصق ظهر جورج بالجدار خلفه فورا، ليشعر بشيء يحفر في ظهره كل ما عاد للخلف اكثر، ليلتفت بنظرة للجانب، على الأدوات المعلقة على الجدار. ف حبس انفاسه عندما راء سكين قطع الأشجار-بدا اقرب الى ساطور كبيرة اكثر من سكين- معلقه بجانب وجهة مباشرتا. كبيرة، حادة، وسوداء، ذات حافة مائلة كالسيف، وذو مقبض احمر ثخين. كان بلا شك افضل و اقوى من سكين المطبخ التي في يده، فلمعت عينيه الزرقوتين التي انعكست على سفرة السكين، وامسك به بقوة.

حاول المسخ معاودة الوقوف والالتفات للخلف، ولكنه تعثر بقدمه اليسرى مرة اخرى، فسقط على وجهة. تقدم جورج من الخلف نحو المسخ، ولعب بالسكين بمهارة في يده اليمنى الى اليسرى، وقبض على مقبضه بكلة يديه ورفعه نحو الاعلى عندما اصبح عند قدمي المسخ المتعثر والملقي ارضا على بطنه المنتفخة، وبحركة سريعة ولكن قوية وحاسمة. قطع قدم المسخ اليمنى اولا. ل يصرخ المسخ صرخة مدوية وعالية.

خرجت ميريلي من دورة المياه بعد ارتداء بنطال الجينز الاسود بدل التنورة السوداء، وبينما كانت متوهجة نحو السيارة، سمعت صيحتا مرعبة ومدوية غير بشرية قادمة من الخلف، وعندما التفتت مذعورة، شحب وجهة عندما ادركت مصدر الصيحه المخيفة قبل ثواني، لقد كانت قادمة من المتجر الخاص بالمحطة!

قفز قلبة بخوف ولم تفكر سوء ب شخص واحد فورا.

جورج!

. لقد كان جورج في خطر بلا شك! لهذا، فقد رمت التنورة ارضا وركضت بتهور وبلا تفكير نحو المتجر، داعيتا في اعماق قلبها ان يكون جورج بخير.

وقف جورج-بوجه دامي و ملابس مبقعه بالدماء-مستقيما ويديه متدليتا للأسفل بينما كتفيه للخلف قليلا. كان السكين في يده اليمنى التي برزة بها بعض العروق المتضخمة من جرا الجهد المفاجئ في استعمال قوته، وبينما كان يشعر بتخدر في ذراعيه جراء الارتداد من الضربة، ولكنه لم يكن شيئا يذكر حقا، فلقد كان معتاد في السابق على الطعن في اماكن اقوى بكثير من كاحل القدم، ك الطعن في الصدر مباشرتا مثلا.

جمع نفسا طويلا في رئتيه، واطلقه بهدوء مع تخيلات الماضي الذي اقسم على الا يعود له، ولكنه، والان تحديدا-بينما يقوم برفع السكين عاليا مرة اخرى- شعر بان وقت عودة جو الاسود المجنون ليسً بعيدا للغاية كما كان يعتقد- وكما كان يتمنى.

قطع جورج قدم المسخ اليمنى بالكامل مع القطعة الثانية، وصرخ المسخ مرة اخرى بوحشية. بعد ذلك انتقل جورج للقدم الاخرى واستطاع قطعها بضربة واحدة سريعة، بعد ذلك وقف متنهدا بعمق وراحة اكثر من قبل. وكان وجهة ملطخ بدماء داكنة اكثر من قبل، وبينما عينية الداكنتين والضيقتين كالقاتل المجنون بدتا مشعتين ويتوهجان في وسطيهما بشرار متقد ذهبي. احس بنار مشتعلة تجري في عروقه بدلا عن دماءه وتحول الخروج للخارج وتحرق كل شيء من حوله دون استثناء، تريد تحويل كل شيء تلمسه ب ألسنتها الحارقة الى رماد.

تنهد مره اخرى، تنهد هواء حار خرج من رئتيه. وتقدم وهو يمشي الى جانب المسخ الذي لم يعد قادرا على الوقوف حتى وصل الى رأسه. وقف جورج ساكنا بالسكين الدموية في يده اليمنى، على عكس المسخ الذي استمر بالصراخ بصوته الحاد المزعج كعويل الأشباح. وبينما كان يرفع سكينه عاليا بيديه-لتقطر بعض من دماء المسخ الحمراء الداكنة على الأرض وعليه- جاء صوت ميريلي من الباب وهي تصرخ بصوتها المذعور مناديه بينما تدوس على الزجاج "جورج! جورج--!"

لهثة ميريلي على المشهد الذي رأته. ف من ناحية نظرها، فقد بدا جورج

كقاتل مجنون(مرة اخرى شعرت بانها تتوهم، ولكن كان هناك ألسنت نار حمراء تحيط كل من ذراعي جورج وتلتف حول السكين الكبيرة السوداء).يحول قتل رجل سمين اعزل بعد ان قطع قدمية، فصاحت سريعا مرة اخرى محاولتا ايقاف جورج عندما رأته يقوم بأسقاط السكين مستهدفا رقبة الرجل. "لا- جورج توقف!!"

ولكنها كانت متأخرة للغاية، فقد كان جورج في حاله من انعدام الوعي بسبب احساسه بقوة النار تخرج من جسده معطيتهٌ احساسا هائلا بان لا احد يستطيع ايقافه، فقطع رأس المسخ بتلويحه واحده، وهكذا. قام جورج بقتل اول مسخ له في هذا العالم بعد كارثة الانقلاب.

توقفت ميريلي مشدوها في مكانها، بل اكثر بمصدومة، وبينما كان فمها مفتوحا وقامت باغلاقه بيديها المرتجفتين، وكانت هناك تجمع خفيف للدموع على اطراف عينيها المتسعتين. كان جورج يتنهد مره اخرى ويرفع جسده للأعلى، وهذه المرة. وبعد ان قتل هدفه، لم يشعر باي رغبة في القتل فجاءً. تنهد مرة اخره، ونظر على يمينه، فاستند بذراعه عليه ليريح نفسه قليلا من الجهد الهائل الذي شعر به فجاءً بعد اختفاء النار المشتعلة التي احس بها سابقا وكانها تحرق جسمه من الداخل وتذيب رئتيه. بينما بقى يحدق نحو وجه المسخ ذو محجري الاعين المفرغة والرأس المقطوع، وفكر في داخله بشعور غريب من الخوف والابتهاج في ذات الوقت.

انا لم اقتل بشرا..صحيح؟

.

ثواني فقط ليشعر بان هناك شخص خلفه يحدق نحوه، ليشعر بقشعريرة في ظهرة، وذعر من حول من يكون الشخص الذي راقب عمله الوحشي قبل

قليل. وعندما ألتفت، اغلق فمه بضعف و ارتباك عندما راء ميريلي تحدق نحوه كمن تنظر لمجرم سفاح، فشعر بذنب يملئ قلبه بسرعة، بذات السرعة التي حاول بها شرح موقفه لها بوجه وصوت هادئ قدر الامكان. "ميري..رجاءً، لا تسئ الفهم.."

وعندما راءً بان ميريلي لم ترد، بل نيابتا على ذلك عادت خطوة للخلف وعينيها بدأت بالاحمرار من شدة الدموع التي تحول حبسها. حاول شرح موقفه بشكلً اسرع وهو يلتفت بكامل جسده جانبا، ويشير نحو جثة المسخ بيده اليسرى "انظري جيدا، ميري. انه ليس بشرا، وهذا فوق حقيقة انه من هاجمني اولا وحاول اكلي!"

توقفت ميريلي قبل ان تخطو خطوة اخرى للخلف، وحدقت مضطربة دون ان تتحدث نحو جورج(الذي عادت عينيه لطبيعتها)، ثم نظرة ببطء نحو الجثة-التي لم ترغب بالنظر اليها لشدة مظهرها المقرف- فانتبهت لشيء غريب، بل اشياء غريبة في تلك الجثة. فقد كانت بشرة الرجل رمادية شاحبة، وكان هناك العديد من العروق الحمراء المنتفخة بارزة كالأنابيب على جسده اسفل طبقة رقيقة من الجلد الرمادي، وعندما حدقة نحو الوجهة، اكتشفت بان عينيه كانتً ذائبتان من محجرهما على وجهة، وتذكرت عندما سمعت تلك الصيحات المرعبة غير البشرية سابقا. حينها بدأت تتسأل وهي تخفض يديها عن فمها،

هل..هل هذا بشري حقا؟

.

تنهد جورج براحة قليلا عندما راء بان ذعر وشحوب وجه ميريلي خف قليلا، وتقدم نحوها ببطء وهدوء تركا السكين في مكانها على الرف، الى ان اصبح امامها، ف امسك بكتفيها، فشعر بارتجاف كتفيها القصير

وارتفاعهم، فربت عليهما واخفضهما ليريحها، بينما تحدث بهدوء وصوت لطيف "أسف لانك رايتي هذا المنظر، ولكن صدقيني، انا لم اقتله الا دفاعا عن نفسي ولحمايتك، وهو ايضا ليس بشريا، تستطيعين رؤية ذلك بنفسك"

استطاع جورج ان يرى بانه استطاع ان يريح ميريلي اكثر، وبينما حدق لها في عينيها الزمردٍتين الجميلة وهي تنظر لعينيه الزرقاء الداكنة. اكمل حديثه بلطف وهدوء اكثر بينما يبتسم لها ابتسامه دافئة "لقد جمعت الاغراض التي رئيت بانها س تفيدنا بالفعل، عودي الى السيارة، وساقوم انا باحضارها وساغسل نفسي بعد ذلك وثم نكمل طريقنا، حسنا؟"

حينها فتحت ميريلي فمها بتردد للحظة، قبل ان تسأل سؤال كان يدور في عقلها منذ ساعتين مضت. "ولكن..الى اين سنذهب تحديدا؟"

حينها ابتسم جورج برضى عندما اختفى خوف ميريلي اكثر، والتفت الى السلة القريبة التي جمع بها اغراض رحلتهم، واخذ منها بوصلة سوداء بحجم راحت اليد وخريطة سياح للولاية، ونظر نحوها وهو يرفع الغرضين في كلتا يديه "لدينا بوصلة و خريطة، وطعام معلب كافي لاسبوعين و وقود احتياطي"

ضحك قليلا على نظرة عدم الفهم على وجه ميريلي، واكمل شرحة في عبارة قصيرة "سنذهب نحو الحدود"

حينها فقط فهمت ميريلي ما يقصده، و أومأت برأسها بدلالتا على فهمها. وبدا جورج اكثر رضى عندما اختفى الخوف اخيرا من ميريلي، واقترب منها وهو يحمل السلة الممتلئة بمختلف الاغراض ليعطيها، وقال بلطف ممسكا بأحد كتفيها "هلا اعدتٍها معك؟ ساغسل نفسي ثم سأتي، حسنا؟"

"..حسنا" أومأت ميريلي مرة اخرى، ونظرة نظرة قصيرة لوجهة جورج الملطخ بالدماء والى ابتسامته اللطيفة الدافئة، وشعرت بقشعريرة عندما نظرت نحو جثة المسخ في الجانب الاخر من المتجر، وسارعت في الخروج نحو السيارة.

بقى حينها جورج وحده في المتجر يتتبع بنظرة ظهر ميريلي وهي تذهب نحو السيارة المركونة بجانب مكينة الوقود القديمة. تنهد، ثم نظر مرة اخرى نحو المسخ، واقترب منه وامسك بالسكين من على الرف. حدق في السكين من عدة جهات متأمل حدتها، ثم جربها على اصبعه، وبذات الحده التي قطع بها قدمي ورأس المسخ، فقد استطاع ان يقطع قطعا خفيفا بسرعة في معصم يده اليسرى لتخرج الدماء منها ببطء، فأومأ راضيا على حدة سلاحه الجديد، والتفت ليخرج دون النظر في جثة المس مرة اخرى.

وعندما خرج. لم يعلم، بل لم يراء يد المسخ ترتعش، وتغرز باصبعها الأرض وتسحب نفسها لتحول الزحف نحو الخارج، الزحف ببطء شديد..

****

غرز جيرمايا بقوة عمود حديدي في منتصف رأس مسخ رجل نحيل ليثبته في الأرض بين حطام البنايات ليصيح بحده، وابتعد عنه ببضع خطوات وهو يتنفس بأجهاد وارهاق شديدا. فلقد كان جيرمايا يقاتل هذه المسوخ منذ ثلاث ساعات حاول بها البحث عن مكان أمن لكي يحلل الوضع جيدا بعد الكارثة المفاجئة التي حدثت منذ ثلاث ساعات تقريبا.

وهاهو الأن. واقفا متصببً عرقا وملطخ بالدماء الداكنة للمسوخ وبدماء الشق على جانب وجهة الايسر-الذي لم يملك الوقت الكافي سوى لتمسيحه وليس لتخييطه واغلاقه- وبعض الجروح الاخرى على ذراعيه العضليين العاريين(سبق وان خلع معطفه الخاص بعملة في قسم الاطفاء وبقى بستره سوداء قطنيه ذات ياقة مرتفعة وبلا اكمام وسروال بني شبه واسع وممزق قليلا) وراحتي يديه جراء استعمال عمود حديدا ب اجزاء بارزة حادة قطعة يديه، وجرح عميق في قدمة اليسرى ايضا جراء سقوطه اثناء هروبه على عمود بناء سقط بصخرته على الارض من بنايته المدمرة.

رغم ذلك، استمر جيرمايا في القتال والهرب، وكان شاكرا لنفسه كونه لم يتخلى يوما عن تدريباته وعلى نظامه الصحي الذي اعطاه نتائج انقذت حياته في هذه الساعات الاربع الاخيرة.

وكما توقع جيرمايا على مضض، فقد بدأت يدي المسخ بالارتفاع والتوجه نحو جيرمايا، ترغب في غرز اظافرها في جسده و تمزيقه لاشلاء ليلتهمه المسخ بسهولة. فحدق جيرمايا بيعنيه العسليتين الحادتين و الباردتين ومشى نحو المسخ، توقف قربه ورفع قدمه ذات الحذاء الثقيل الأسود الملطخة بالدماء الداكنة وبعض اللحم عاليا وانزلها بقوة نحو صدره

ليحطم القفص الصدري وقلب المسخ بضربة واحده بعد ان قام بصنع فتحه بالعمود الحديدي مسبقا، وتوقف المسخ اخيرا عن الحركة واسقط ذراعيه ارضا.

وقف جيرمايا وتنفس الصعداء،

..اخيرا..

. ولكن لم تدم راحته كثيرا.

فعندما ألتفت نحو الأصوات القادمة من الخلف من الجهة الأخرى من الشارع، قادمة من مسخين ظهرا من خلف جانب بناية نصفها مدمر، وعندما راءٌ جيرمايا باعينهم المفرغة، صاحو صيحاتهم المزعجة التي لم تكف عن الطنين في أذني جيرمايا منذ بداية كل هذه الفوضى.

"..اللعنة.." تنهد جيرمايا للمرة التي لم يعلم كم في هذه الساعات الاربع السابقة وليست الاخيرة كما بدأ يعتقد. ألتفت نحو المسخ الميت خلفه والى العمود المغروز في رأسه، وكان العمود معوج وقد استعمل بما يكفي ولم يعد قويا وثخينا كالسابق، فألتفت جيرمايا حوله، واقترب اخيرا من عمود اشارة مرور كسر من قاعدته ليصبح في نصف طوله-متر واطول بقليل- فالتقطه واحس بثخانته وهو يمسكه بكامل يده الدامية، مدد اصابعه عليه ليعتاده واحس برضى.

جيد..والان

. قابل جيرمايا المسخين الذين بدأ الركض نحوه ركضا معرجا وسريعا، فتنهد مرة اخرى. و وضع عمود الاشارة المكسور على كتفه وهو يتقدم نحوهما بهدوء، وتمتم بصوته العميق القوي "سيكون هذا فجرا طويلا حقا.."

امسك بالعمود بيديه، ولوح به بشراسة نحو المسخين، ولمعت عينيه بقوة.

2019/01/04 · 385 مشاهدة · 1824 كلمة
NO.zero
نادي الروايات - 2025