فقدت الوعي في تلك الغرفة قبل أن انظر حولي حتى…

'يا للأحراج…'

فكرت اثناء النظر إلى ساعتي, كنت سأموت في حال وجود خطر..

الساعه تعدت الثامنه ليلًا, لقد نمت لما يزيد قليلًا عن العشر ساعات فوق حجر المعبد القاسي.

زحفت إلى الجدار القريب لأتكئ عليه, فكرت في اللغز قبل قليل.

لقد كان سهلًا للغاية, ولكن الظروف حينها جعلته شبه مستحيل دون استخدام مهارة معززة للعقل.

كان المقبض الاول يشير إلى الفن, الثاني إلى السحر والأخير إلى العلم.

ربما المغزى أنه يجب علينا استخدام جميع هذه الجوانب للوصول إلى النجاح الحقيقي… للأسف أن السحر ليس مجالي…

إما كلمة السر "الوحدة تتشكل في مجموعة التنوع!" فلا اعرف معناها حقًا.

لا يجب أن افكر في هذا حاليًا..

فكرت اثناء النظر إلى الباب المؤدي إلى الغرفه التالية, المحاكمة الرابعة.

نهضت بصعوبه بالغه, تحطمت اغلب العظام في جسدي بالفعل وكان الوقوف مستحيلًا, لكني فعلتها بطريقه ما.

كنت اعرج وظهري مائل مثل مخلوق غير بشري, كما كنت متسخًا بالدماء التعفنه والتراب وبقايا الثلج .

أن واجهت بشري الان, فقد يخطئني بكائن غريب.

اتمنى أن لا اواجه أي مخلوق بعد الان, حتى طفل بشري عادي قد يكون كافيًا لقتلي…

تنهدت عندما عبرت الباب.

دخلت إلى غرفه غريبه, واختفى الباب خلفي.

لا يوجد مهرب بعد الآن…

لم اعرف ما كان نتظرني, لكن من الواضح أنه ليس شيئًا عاديًا بالنظر إلى الغرفة.

كان الجدار الأيسر والأيمن عبارة عن مرايا, وكان السقف مزين بعدد لا يحصى من الأضواء.

كانت الارض مرصعه ببلاط ابيض نقي, وعُلقت لوحة خشبية امامي.

<متاهة العقل>

متاهة مصنوعه من طريق واحد, عظيم…

كلما كان الامر ابسط, كلما كان اكثر رعبًا.

مشيت ببطء وحذر, تسلل شعور غريب إلى قلبي اثناء النظر إلى انعكاسي في المرآه, ولكني عبرت بنجاح في النهاية.

"همم؟!"

اصبحت عاجزًا عن الكلام عندما وجدت نفسي في المكان ذاته, لقد عدت إلى هنا دون أن انتبه.

اعدت المحاولة, مشيت إلى منتصف الطريق ثم عدت ادراجي, نفس النتيجة.

أستخدمت فانوس الشمال, نفس النتيجة.

بعد المحاولة الخامسه تغيرت حتويات اللوحة الخشبية بشكل غريب.

<المتاهة في عقلك, ثبت أفكارك لتثبت الطريق>

"بحق الخالق.."

كنت عاجزًا عن الكلام, هذا طلب مستحيل…

لحسن الحظ, توقعت شيئًا كهذا أيضًا.

أخرجت جهاز أسود من خاتمي الفضائي, لقد كان هاتفي بالطبع.

نظرت إلى المعطيات التي وضعتها فيه مسبقًا, ولم أتردد في النقر على <تأكيد>

أنحفضت نقاط الصانع من 5.001 إلى 2.001, وظهرت حبة بيضاء في يدي.

أبتلعتها دون تردد, ولاحظت جميع افكاري تغادر عقلي بشكل سريع.

في النهاية, كل ما تبقى في عقلي هو هدف واحد, المرور عبر هذه المحاكمات الغبية.

هذه الحبة تجبر جميع الأفكار الغير ضرورية على الخروج من عقلي, وتجعلني هادئًا تمامًا..

*

مشى شكل كاسيان ببطء على الأرضية المصنوعة من البلاط, مشى كما لو أنه لم يكن متحمسًا, ولا محبطًا

.

بدا أنه يمشي فقط ليمشي, دون أي افكار غير ضرورية في عقله.

وفي النهاية, عبر الطريق بنجاح, ولكنه لا يزال في نفس تلك الحالة, محبطة المشاعر.

تجاوز الباب, ودخل إلى المحاكمة الأخيره…

كانت الغرفه سوداء بالكامل, كما لو أنها عبارة عن مجرد فضاء او فراغ, مجرد مشهد خالي وبلا هدف.

من وسط الفراغ, ظهرت اشكال بيضاء مألوفة الشكل, ولكن لم يتوقف كاسيان عند أي منها.

في النهاية, تم اجباره على التوقف, على الرغم من أنه كان في حالة دون مشاعر, إلا أنه لم يستطع إلا أن يرتجف على مرأى والديه يقفان امام الباب.

"ه-هذا لا يمكن أن يحدث-"

سقط جسد كاسيان على ركبه واحده, كما لو أنه خالي من الروح, لم يشعر بأي شيء بسبب تأثيرات الحبة, لكنه لم يستطع أن يوقف ارتجافه عند رؤية الشخصين أمامه.

"ك-كيف! لماذا هنا والآن؟!"

نظرت إلى الأمرأة أمامي, التي بدت تمامًا مثل أمي.

"بني.. تجد الذكريات طريقها دائمًا إلى أحبابها"

وضع الرجل يده على كتفها وساندها في الكلام, أرتجف جسد كاسيان أكثر وأكثر بعد كل كلمة.

"نحن انعكاس من قلبك, نحن هنا لأنك تحملنا دائمًا فيه"

كانت أبتسامتهم الحلوه معذبه اكثر وأكثر بالنسبه له, وفي النهاية لم يستطع تأثير كبح المشاعر أن يوقف سيل من الدموع.

كان يخدع نفسه منذ مجيئه إلى هذا العالم, يقول أن سبب حزنه وقلقه ليس إلا نهاية هذا العالم المأساوية, لكنه عرف دائمًا أن ذلك ليس إلا ستارًا وضعه لنفسه للتوقف عن التفكير بهم…

"سوف اعود اليكم مهما حصل, لن اخسركم! ل-لن أفعل.."

أختفت أبتسامه والده, وانحنى امامه واضعًا يده اليمنى على كتفه, "نحن نؤمن بك.."

جائت والدته أيضًا وانحنت لتقابل عيناه, "سوف تنجح, لذا مت رجاءً"

أرتجف جسد كاسيان, يا لها من محاكمة مرعبه عديمة القلب.

بالطبع, لم يخرج هذا الاحتمال من عقله منذ البداية..

اوقف النصل بيده متجاهلًا الألم, وظهرت البندقية بيده الأخرى.

صدى صوت طلقتين ناريتين في الفضاء…

=+=

انتهت تأثيرات الحبه بالقوة منذ أن انتهت مدة تأثيرها, وهاجمني كل من الألم النفسي والجسدي.

طغى الالم النفسي بالتأكيد, عبرت باب المحاكمة الأخيره قبل أن تنتهي تأثيرات الحبة, وكانت مكافأتي تنتظرني.

لم اتحرك, ليس بسبب الألم, ولكني كنت بحاجه إلى التفكير قليلًا.

'ايا كان منشئ هذه المحاكمة, فهو مريض سادي يستحق الموت!'

أردت ضربه بشدة, كيف تجرأ على اللعب بمشاعري هكذا؟ كيف تجرأ على اعادة تركيزي عليهم؟

'كيف سوف اتجاوز أمرهم هكذا؟'

عرفت حقيقة أن عودتي مستحيله منذ البداية, وبذلت قصارى جهدي للأنشغال بأشياء أخرى, ولكن الآن…

تذكرت كلماته. "نحن نؤمن بك.." صحيح أنه وهم, لكنه كان صوته! وكان جسده!

ايا كان صانع المحاكمات, لقد جعلني اتخذ العزم على العودة لهم مهما حدث, وانا اكرهه لهذا.

سوف اعاني في المستقبل أكثر بكثير مما عانيت اليوم, فقط لكي احقق هذا الهدف..

"ألن تقول أي شيء؟ عن كيف كان مظهري مثير للشفقة هناك؟"

نظرت إلى الراهب الأصلع الذي كان ينتظرني منذ جئت.

كان يرتدي رداء طائفة صينيه ما ونظر الي بعيون ودوده.

"مثير للشفقة؟ لا بل العكس تمامًا!"

تحدث الراهب بصوت شاب, وساعدني على الوقوف بعجل.

"انت تمامًا كما اردتك أن تكون!"

قد يبدو هذا الرجل صغيرًا بالعمر, ولكني عرفت الحقيقة.

أنه من القرن الواحد والعشرين…

***

=+=

أخذني الراهب إلى مكان غريب, بدا مثل الغابة بعض الشيء, وتجولت القرود في كل مكان.

مشيت بصعوبة شديدة حتى مساعدته لي, وصلنا في النهاية إلى منزل خشبي كبير.

"تفضل بالجلوس"

اشار الراهب إلى كرسي ولم أتردد في قبول عرضه, بدأت قدمي تهتز بشكل غريب منذ مدة.

جلست ووضعت يداي على الطاولة الخشبية, وأركيت رأسي أيضًا.

قد يبدو الامر غير مهذبًا, ولكني ارسلت جميع تصرفاتي النبيلة إلى الجحيم منذ فتره, ولم اهتم كثيرًا.

صب الراهب نوعًا غريبًا من الشاي الذي كان يبدو مثل الماء, بمعرفة كاسيان السابق عن الجرعات تعرفت عليه فورًا.

انها جرعة علاج من الرتبه الآثيرية, يبدو أنه لاحظ حالة قدمي…

تحدث الراهب عندما شربت 'الشاي'.

"هل يمكنني أن اسألك سؤالًا؟"

"تفضل رجاءً"

تحسن مزاجي قليلًا عندما عاد اتصالي مع قدمي, افتقدت هذا الشعور بالفعل.

"أن احضرنا منزل على سبيل المثال, وبدلنا الحجارة التي صنع منها تدريجيًا, بمعدل حجر يوميًا"

"بعد فتره طويله, عندما يكون كل شيء في المنزل قد تغير, فهل هو نفس المنزل؟"

أملت رأسي قليلًا, فكرت لبضع ثواني قبل أن اجاوب.

"لا"

توسعت الأبتسامه على وجه الراهب.

"اذن, اذا ارتكب شخص ما جريمه كبيره بالعمد, وتغير بعد بضع سنوات, هل لا يزال يحمل هذه التهمه؟"

السؤال فلسفي نوعًا ما, وربما فكرت فيه في السابق.

لا يوجد جواب ثابت حقًا, يمكن أن يتغير الشخص بعد السرقه او الأعتداء, ولكني اشك أنه سيفعل بعد ارتكاب مجزرة او شيء من هذا القبيل.

ومع ذلك, كونه يحمل التهمه او لا واضح بعض الشيء, انا اؤمن بأن كل فعل من الضروري أن يكون له عواقب, والا فسوف يكون العالم في فوضى كبيرة.

"نعم, قد يكون تغير ولكن روحه نفسها, الأساس نفسه. وسوف يعيد نفس الفعل أن لم يتلقى عقوبه مناسبة,

ويمكن التفكير في أن كان تغير حقًا ام لا بعد اجراء العقوبة"

وقف اراهب فجأة مما ادى إلى سقوط الطاولة وانسكاب 'الشاي', من حسن الحظ اني شربت كوبي بالفعل…

نظرت إلى الاعلى حيث وقف, شعرت بتغير طفيف في البيئة المجاورة.

توسعت الأبتسامه على وجه الراهب بشكل مبالغ فيه, اختفى مظهره المسالم في ريح وبدا أنه أصبح مجنونًا تمامًا.

"كما توقعت, انت مناسب!"

تغير صوته أيضًا..

--------------

رابط الديسكورد في خانة الدعم

2023/12/29 · 854 مشاهدة · 1262 كلمة
DOS
نادي الروايات - 2024