***
انتهى العرض على المسرح.
صفق المشاركون بناءً على تعليمات فريق الإنتاج، بينما اجتمع الحكام وتبادلوا النقاش فيما بينهم.
وفي نهاية الحديث، كان بلو هو من رفع يدها أولاً.
“سيد بي دي، هل يمكننا مشاهدة فيديو الأداء الأصلي مرة أخرى؟”
برامج الاختبارات هي عروض مخططة أكثر بكثير مما يتخيله الجمهور.
العديد من الأجزاء مكتوبة مسبقًا، وحتى ما يبدو عفويًا قد يكون مخططًا له من الألف إلى الياء.
وفي المراحل المتأخرة التي تشتد فيها المنافسة، كان يحدث أحيانًا أن يتم تحديد من سيتأهل أو يُستبعد قبل حتى مشاهدة الأداء.
لكن هذا لم يكن أحد تلك الحالات.
ذلك لأن اختيارات الأغاني لم تُبلغ إلى الحكام مسبقًا.
حتى الحكام لا يتذكرون كل عرض وكل أغنية بكل تفاصيلها.
“إذاً، هل تمانعون أن نشاهد جميعًا على الشاشة؟ مع المشاركين أيضاً؟”
“نعم ، لنفعل ذلك.”
سرعان ما بدأ بث عرض الطريق من الزهرة على الشاشة خلف الكواليس.
“آه، صحيح.”
“هذا هو الإحساس بالفعل.”
تحركت شفاه المشاركين قليلاً لكنهم انتقوا كلماتهم بحذر.
فبينما تكون جماهير فرق الفتيات أخف من جماهير فرق الفتيان، إلا أن النظر إلى الجماهير المخلصة يُظهر عكس ذلك.
كلمة واحدة خاطئة هنا قد تؤدي إلى تمزيق الجسد من قبل جماهير الصف الأول لفرقة الفتيات.
ومع ذلك، كان الجميع يفكر في الشيء ذاته:
“غريب.”
“لماذا رفع اللحن؟”
“لم يرفعه ، بل هان سي أون خفّضه…”
نسخة هان سي أون هي الأصلية، ونسخة الطريق من الزهرة تبدو وكأنها مجرد كوفر.
وليس كوفرًا جيدًا أيضًا.
كان هذا أمراً مدهشًا بحق.
فقد استمعوا إلى نسخة هان سي أون مرة واحدة فقط، في حين سمعوا النسخة الأصلية عشرات، بل مئات المرات.
أي أن تلك المرة الواحدة كانت أقوى تأثيرًا من مئات المرات للنسخة الأصلية.
في هذه الأثناء، تبادل الحكام النظرات وأومأوا برؤوسهم.
وبعد انتهاء عرض الفيديو، كان أول من أمسك الميكروفون هو المرشد بلو.
“المشارك هان سي أون؟”
“نعم.”
“لماذا لم تخبرنا؟ حتى أنا لم أكن أعلم.”
“تقصد الرقص، صحيح؟”
“نعم لقد قمت بتغيير اتجاه الحركة في الرقصة، أليس كذلك؟”
بدقة، هان سي أون لم يعكس الرقصة كلها.
عكس الحركات الأساسية أمر لا يمكن تصوره.
لكن الحركات الجوهرية كانت بلا شك في الاتجاه المعاكس.
فالحركة التي تُفرد فيها اليد بعد الدفع، قام فيها بسحب اليد وهو يقبضها.
والخطوات التي تُمد من الداخل إلى الخارج، أغلقها من الخارج إلى الداخل.
وحركات الجذع التي تُفرد، قام بثنيها وهي ممدودة.
المثير للدهشة أن كل هذا بدا طبيعيًا جدًا، وكان متناسقًا تمامًا مع الإحساس الجديد الذي أعطته الأغنية المعدلة.
لذلك لم يلحظ المشاركون شيئًا، والحكام كانوا في حالة من الشك.
حتى بلو نفسها.
وكان جواب هان سي أون على ذلك بسيطًا:
“ظننت أن المشاهدة ستكون أكثر متعة إن لم تعرفوا مسبقًا.”
كلمات متعجرفة.
فهو لا يرى بلو كحكم أو مرشدة ، بل كمتفرج .
لكن عندما تكون الموهبة حاضرة، فإن مثل هذا الغرور يُصبح جذابًا.
تشوي داي هو تابع الحديث:
“كنت تعبر عن سقوط الزهرة، أليس كذلك؟”
“نعم، صحيح.”
“لماذا؟”
“عندما استمعت إلى الأغنية لأول مرة، شعرت أن كلماتها تحتمل تأويلاً مزدوجًا فهي تناسب الزهرة التي تتفتح، لكنها كذلك تناسب الزهرة التي تتساقط.”
“هل يمكنك التوضيح أكثر؟”
كانت إجابة لتكميل الحديث، لكنها لم تكن كذبًا.
“أنهيت الليل الطويل
وأخيرا ألقي التحية للعالم اهلًا ”
الكلمات تصف زهرة تستقبل الربيع بعد شتاء طويل وبارد.
لكن في أذن هان سي أون، بدت كتحية وداع أخيرة قبل الذبول.
“درجة الحرارة الدافئة التي أحاطت بي
ولمسة يدك التي لامست بشرتي
يبدو أن كل ذلك كان لأجل اليوم”
نفس الشعور ينطبق على كلمات درجة الحرارة الدافئة .
فبدلاً من التعبير عن ترقب الدفء القادم، شعر بألم الوداع مع آخر دفء يلمسه.
وكأنه يقول إنه سيتحمل برد الشتاء القادم بفضل هذا الدفء المتبقي في ذاكرته.
بالطبع، قد يتساءل البعض: هل من الضروري تأويل أغنية الربيع بهذه الطريقة؟
لأنه فن.
رغم أنهم مبتدئون، وبأغنية غير مكتملة، وأداء لم يكن مثالياً…
لكنها تظل موسيقى، وتظل فناً.
وتأويل الفن ملك خالص لمن يتلقاه.
حتى ولو كان ذاك المتلقي شخصًا عالقًا في دائرة لا نهائية من التفتح والذبول المُتكرر.
عندما سمع تشوي داي هو هذا التأويل، اتخذ ملامح غريبة ثم أومأ.
“هل قمت بتعديل التوزيع الموسيقي لتتناسب مع هذا التأويل؟”
“لم يكن هناك توزيع جديد فقط غيرت السلم الموسيقي.”
بشكل دقيق، لو غيّر فقط السلم الموسيقي، لكان هناك الكثير من المواضع الغريبة.
لكن هان سي أون بدّل أداءه الصوتي بشكل طفيف لتجاوز تلك المواضع.
ومع ذلك، لم يكن هذا التعديل كافيًا ليُعدّ توزيعًا جديدًا، بل هو مجرد روباتو، أي تحكم حر في الإيقاع لأغراض تعبيرية.
“بالفعل، من الصعب تسميته توزيعًا إن طالبت بأجر توزيع لمجرد تعديل في السلم، سيتلقى المرء اللعنات.”
قال ذلك الملحن لي تشانغ جون ممازحًا.
“لكن، مع هذا، من المدهش أن تغيّر أجواء الأغنية بهذه الدرجة.”
ثم بدأ الاثنان حديثًا عميقًا، لا يُعرض في البث عادة.
وقبل أن يتساءل فريق الإنتاج إن كان عليهما التوقف، وصل الحديث إلى نقطة تصلح للبث.
“لحظة، المشارك هان سي أون هناك أمر غريب.”
“نعم؟”
“يبدو من كلامك أنك لا ترى أنك قمت بأي تعديل؟”
“صحيح أظن أن هذا هو الشكل الأصلي للأغنية.”
“الشكل الأصلي؟”
“تزهر الزهرة كانت في مراحلها الأولى أغنية لفرقة ذكورية، على الأرجح أعتقد أن الإنتاج اختار مغنية لاحقًا، فتم تعديلها لتناسب صوتًا أنثويًا.”
“……”
“لذا أنا لم أغير شيئًا، فقط غنيت النسخة الأولية كما أعتقد.”
من يسمع كلامًا كهذا ولا يتفاعل، فهو لا يفهم كيف يعمل التلفاز.
سواء أعجبه هان سي أون أم لا، فإن البرامج التلفزيونية تحتاج دومًا إلى إثارة الجدل.
ربما هان سي أون قال ذلك عن قصد.
“إذًا، برأيك، هذه النسخة أفضل؟”
سأل تشوي داي هو، فأجاب هان سي أون وهو يهز رأسه.
“طبعًا لا ، غنيت هذه النسخة لأنني رجل لو كنت فتاة، لغنيت النسخة الأصلية كنت أريد غناء هذه الأغنية فحسب.”
“لماذا؟”
“لأنني أحبها حقًا كلماتها لامستني.”
“لكن…”
تشوي داي هو توقف فجأة، وقد ظهرت عليه الدهشة.
لقد أدرك فخ هان سي أون.
هذا الشاب تعمد ألا يتطرق إلى مقارنة النسختين من حيث المستوى.
بل إنه يفترض ضمنًا أنه لا يوجد أي فرق بينهما أصلاً.
ولكي يحفر في نوايا هان سي أون، كان عليه أن يقول شيئًا مثل: “لكن أليس هناك فرق كبير بين النسختين؟”
لكن لا يمكن قول ذلك.
إنه فخ لا يمكن الخروج منه دون ضرر.
يا لهذا الفتى ، ما هذا ؟
بل وهناك فخ أقوى.
لا يمكن توجيه سؤال مثل: “لماذا أفرطت في تفسير أغنية عن الربيع وكأنها عن الذبول؟”
وذلك بسبب خلفية هان سي أون وعلاقته بأهله.
بمعنى آخر، هان سي أون لم يترك أي مجال لانتقاد أدائه.
ولا يمكن تقليله من ناحية المهارة أيضًا.
لم يبق للحكام سوى خيار واحد:
“كان عرضًا جذابًا من حيث الرقص، والغناء، وحتى تأويل الأغنية شعرت وكأن هان سي أون فنان مكتمل بالفعل.”
“كنت أعتقد أن لديه نقطة ضعف في الرقص، لكن اتضح أن العكس تمامًا أن تقدم عرضًا منفردًا بهذه القوة أمر صعب.”
“ربما لو كانت الرقصة عن التفتح لكان من الصعب تنفيذها وحدك، لكن رقصة الذبول أظهرت جمالها أكثر لأنك كنت وحيدًا.”
مديح.
هل هذا ذكاء منه ، أم مجرد فطرة ؟
بلا شك، لديه رغبة في استعراض موهبته.
لكنه يدرك تمامًا أن فعل ذلك سيؤدي إلى الحديث عن مستوى النسخة الأصلية.
وما أدهش تشوي داي هو لم يكن مستوى موسيقى هان سي أون، بل وعيه الكامل بذلك.
وبعد انتهاء التقييم، تم الإعلان عن الدرجة: 39 نقطة.
تشوي داي هو، الذي كاد يقع في الفخ، أعطى 9 نقاط فقط بدافع الامتعاض.
***
بعد انتهاء العرض وجلوسي في مكاني، شعرت بنظرات المتسابقين تتسلل نحوي خلسة.
صحيح أنني عشت وقتًا طويلًا، لكن لا أمتلك مهارة قراءة الأفكار من العيون.
ومع ذلك، إن حاولت أن أتظاهر بامتلاك تلك المهارة، فربما كانت أفكارهم كالتالي:
— “آه، اللعنة… ما بال هذا الوغد يبدأ العرض أولًا؟”
— “هل أبدأ الحديث معه؟ يبدو أنه حجز مكانه بالفعل في الفريق B.”
— “تبًا، ما هذا العالم القذر؟ يغني جيدًا ويرقص جيدًا أيضًا!”
أعتقد أن هذا أقرب ما يكون إلى ما يفكرون به.
بالمناسبة، هذه الافتراضات مستندة إلى كم لا يُحصى من الأحاديث الخلفية التي سمعتها خلال حيواتٍ لا تُعد ولا تُحصى.
بينما كنت أفكر بهذه الطريقة، نظر إلي كو تاي هوان نظرة عابرة ثم أومأ برأسه.
أظن أنها تعني أحسنت.
بادلتُه الإيماءة تعبيرًا عن أمنياتي له بالتوفيق، وبدأت بمشاهدة العروض.
المشارك التالي كان مغني راب يُدعى بارك سونغ جو
كان هو وكو تاي هوان في المركز الأخير في المهمة السابقة، لكن بعد خسارته في لعبة حجر ورقة مقص، أصبح ترتيبه بعدي مباشرة.
— “هذا سيتعرض للإقصاء.”
ثم جاء بعده تشوي جاي سونغ ، وهو مغنٍ.
غناؤه لم يكن سيئًا.
أعطى انطباعًا بأنه مغنٍ سداسي الجوانب — ليس بارعًا بشدة في جانبٍ معيّن، لكنه لا يملك نقاط ضعف واضحة أيضًا.
صحيح أن أداءه حاليًا يفتقر إلى شيء ما، لكن من الممكن أن يتحسن كثيرًا بعد التدريب.
لكن بينما كنت أشاهد تشوي جاي سونغ، شعرت بإحساس غريب من التكرار، كأنني رأيته من قبل، لكن لا أستطيع تذكّر أين بالضبط.
اعتقدت أنني قد أتذكره إذا تابعت مشاهدة العرض، فأنا عادةً أنسى الوجوه والأسماء، لكنني لا أنسى خامة الصوت.
ومع ذلك، لا أتذكّر.
أنا متأكد أن الأمر ليس مجرد وهم.
أشعر أنني رأيت أداءً مذهلًا بصوته هذا في وقت ما.
— “همم… لكن لا يبدو أنه يملك قدرات كامنة كبيرة، مقارنةً بذلك الشعور.”
ربما هو شخص نجح كممثل مسرحي، ولهذا لا أتذكره؟
كنت أحدق فيه بإحباط، وبينما كنت أفعل ذلك، نظر نحوي تشوي جاي سونغ فجأة أثناء غنائه، ثم ارتكب خطأ.
“…”.
— “أنت تنظر إليّ؟! عليك أن تراقب تعابير لجنة التحكيم لا تعابيري!”
شعرت فجأة بشيء من الذنب، فأدرت نظري عنه.
عندها فقط، استعاد بعض الارتياح في ملامحه وأكمل الغناء.
يبدو أنه شاب خجول.
والخجل صعب تغييره.
آمل فقط أن يتم إقصاؤه فلا أضطر لمقابلته في فريقي.
المشارك التالي كان كو تاي هوان، الذي ساعدته شخصيًا.
اختار أغنية مثيرة للاهتمام.
أغنية " تمهل " للمغني الأمريكي الشهير لايزي بوي في عالم الـR&B .
“لايزي بوي” هو فنان معروف حتى في كوريا.
ربما لا يعرفه الناس شكليًا، لكنهم بالتأكيد سيهزون رؤوسهم بمجرد أن يسمعوا صوته، فهو يُستخدم كثيرًا في البرامج الترفيهية عند الانتقال إلى مشهد يضبط الأجواء.
أغنية " تمهل " من أكثر أغاني لايزي بوي إثارةً للجدل، إذ إنها بطيئة جدًا وتعتمد بالكامل على مهارات الغناء.
تركيبتها بأكملها صُممت لتستعرض قدرات المغني الصوتية، وإن لم يكن يمتلكها فلن يكون للأغنية أي طعم.
لهذا انتشرت ميمات تسميها كاشف القدرة الصوتية، وهو ما جعلها مشهورة.
شخصيًا، لا أرى أنها أغنية جيدة.
أتذكر من إحدى الحيوات الماضية أنني تحدثت مع لايزي بوي عنها، وقد قال إنه ألفها ظنًا أن الناس سيضحكون عند سماعها، لكن بدلًا من ذلك انتشرت تحديات على اليوتيوب تؤدى فيها بجدية، ما جعله يشعر بالارتباك.
على أية حال، فهذه الأغنية ليست مناسبة لأداء في برنامج تنافسي خاص بآيدولز.
ولا تناسب كو تاي هوان أيضًا.
وبالفعل، بدأت الوجوه من حولي تميل برؤوسهم استغرابًا.
كلهم تقريبًا يرتسم على وجوههم سؤال:
— “حقًا؟ سيغني تلك الأغنية؟”
وبينما هم كذلك، رمقني كو تاي هوان بنظرة خاطفة ثم أمسك الميكروفون بإحكام.
• نهـاية الفصل •
حسـابي انستـا [ i.n.w.4@ ]