***
تُك تُك.
كان كانغ سوكو يجلس على مكتبه، ينقر القلم كعادته بلا وعي، بينما يسترجع في ذهنه محتوى التصوير الذي تم حتى الآن.
صحيح أنه لم يتدخل مباشرة في زوايا التصوير إلا في تصفيات فريق B، لكن ذلك لا يعني أن هذا هو كل ما تم تصويره حتى الآن.
فقد قامت وحدة التصوير الثانية بالتقاط العديد من مقابلات المشاهد التوضيحية اليومية والتدريب، ومن المقرر غدًا تصوير فيديو ردود الأفعال على أداء فريق B على المسرح.
إضافةً إلى ذلك، تم تصوير المقابلات الفردية والمقاطع اليومية لأعضاء فريق B أيضًا.
صحيح أن أون سيمي رو و لي إي أون حظيا بأكبر عدد من اللقطات، لكن تشوي جاي سونغ وكو تاي هوان لم يكونا بعيدين كثيرًا من حيث الكم.
بعد ذلك، جاء تصوير ذلك المشهد المثير للجدل.
تسجيل هان سي أون لأغنية <تحت ضوء الشارع >.
كان كانغ سوكو يخطط في الأصل لتصوير بعض اللقطات اليومية والمقابلات الفردية لـهان سي أون هناك.
لم يُخطره مسبقًا لأنه رأى أن التفاعل الطبيعي الذي يحدث في المواقف المفاجئة سيكون أفضل.
لكن بعد أن رأى ما حدث في استوديو LB، غيّر رأيه، وشعر أنه لم يعد بحاجة لتصوير أي شيء إضافي لـهان سي أون
لم يكن ليتخيل في حياته أنه سيشعر بهذا تجاه متدربٍ يطمح لأن يصبح آيدول.
ما يحتاجه هان سي أون ليس مقاطع تصويرية، بل هو… عرض موسيقي.
في البرامج التنافسية، أغلب المقاطع الفردية تُصوّر وكأنها تقول: “هل يمكنكم منحي بعض الاهتمام؟”
لكن هان سي أون لا يحتاج إلى ذلك.
فبمجرد أن يستمع الناس إلى موسيقاه، سيهتفون بها، وسيفعلون كل ما بوسعهم ليعرفوا من هو هان سي أون
“لأن مستواه كذلك.”
عندما استمع كانغ سوكو إلى أداء هان سي أون لأغنية <تحت ضوء الشارع > في “سيأتي لاحقًا ”، شعر أنها ستجتاح النصف الأول من العام.
لكن عندما غنّى الأغنية ذاتها في استوديو LB، أدرك أن عمر هذه الأغنية لن ينتهي أبدًا.
هناك أغانٍ من هذا النوع، أليس كذلك؟
تستمع إليها بجنون، ثم تنساها، وفجأةً تتذكرها يومًا وتعود إليها، ثم تعود إليها مجددًا، وتبقى تستمع إليها طوال حياتك.
كانت تلك الأغنية واحدة من هذه.
لذلك، عندما اقترب لي هيون سوك بوجهٍ متوهج بعد انتهاء العزف، وسأله إن كان يجب إصدار تلك الأغنية كأغنية رقمية…
مرّ في ذهنه خاطر:
“هل يُعقل ألا نصدرها؟”
كل شيء يسير وفق الخطة.
كانغ سوكو سيُسلّط الضوء على عبقرية هان سي أون الموسيقية.
ثم، عندما تنضج الأجواء تمامًا، سيكشف للعالم عن قصة والديه.
العبقري الذي بقي وحيدًا بعد أن حُكم على والديه بأنهما في غيبوبة لا رجعة منها.
إنه إطار قصصي يستحيل ألا يتعاطف معه الناس.
ولم يبقَ سوى عقبة واحدة.
الترويج لـهان سي أون يتعارض مع الهدف الأساسي لبرنامج “سيأتي لاحقًا ”.
فمن البداية، كان هذا البرنامج يُفترض أن يكون وسيلة لانطلاق فريق Take:Scen
تُك تُك.
نهض كانغ سوكو من مقعده بعد تفكيرٍ طويل، وتوجه إلى مكتب المدير العام.
– “سيدي… لا، أقصد، سنباي.”
– “ما المناسبة يا سوكو ؟ أول مرة تناديني سنباي في الشركة.”
– “أريد أن أطلب منك شيئًا.”
– “وما هو؟”
– “أنت تعرف ما الذي أُخرجه حاليًا، صحيح؟”
– “طبعًا، ذاك المشروع مع “ليون الترفيهية ” سمعت أنه مثير للاهتمام بين المخرجين؟”
– “كم نأخذ نحن من أرباح Take:Scen ؟
قناة “M-Show تحصل على جزء من الأرباح التي سيجنيها فريق Take:Scen بعد ترسيمه لمدة سنتين.
ولولا هذا الشرط، لما كان لدى “M-Show أي دافع لبث برنامج “سيأتي لاحقًا ” لمجرد مصلحة “ليون الترفيهية ”.
ولو دخلنا في التفاصيل، فإن نصف الأموال التي تحصل عليها القناة تأتي من “ليون الترفيهية ”، بينما يتحمل “Take:Sce النصف الآخر.
لكن هذا أمر لا يُقال علنًا.
فحتى عقد التعاون لا يتضمن هذه البنود، بل يُسجل أن “ليون الترفيهية ” يدفعها تحت بند “نفقات تسويق خارجية”.
ابتسم المدير العام بودّ، لكن تعابير وجهه أصبحت أكثر برودًا، وبعد صمت قصير، قال:
– “30% من الأرباح، ما عدا أرباح الحفلات.”
– “أليست أرباح الحفلات هي الأعظم بالنسبة للمغنين؟”
– “في النهاية، هي أموال يُزوَّر فيها الفواتير الضريبية لو حاولنا التشبث بها، سينقلب الأمر إلى خلافات تافهة.”
– “يعني بحسب مقدار ما نُروج لـ Take:Scen ، ستختلف الأرباح كثيرًا.”
– “كل هذا تعرفه، فلماذا تسأل الآن؟ ما الذي تود قوله بالضبط؟”
كما قال المدير، كان كانغ سوكو يعلم كل هذه التفاصيل جيدًا.
أومأ برأسه وتحدث بنبرة هادئة:
– “من بين المتسابقين، هناك شخص أود أن أجعله محور البرنامج لكن إن قمت بذلك، قد لا يتمكن فريق Take:Scen من الترسيم.”
– “حقًا؟ لا بد أنه جيد جدًا، إذًا ؟”
– “بما أن المسابقة قائمة على التحدي بين الفرق، لا أستطيع التأكد، لكن لو كانت فردية،Take:Scen لن يُرسم.”
– “إذًا، نستغلّه في النصف الأول، ثم نبدأ بدفع Take:Scen في النصف الثاني، أليس كذلك؟”
– “لست واثقًا أن بإمكاننا استنزافه بهذا الشكل.”
– “ما هذا الكلام الغريب؟ هو في النهاية مجرد متدرب يحلم بأن يكون آيدول.”
– “لا، بل عبقري.”
ضحك المدير بفتور، وكأنه لا يصدق.
– “سوكو ، هل تعرف كم من العباقرة في هذا المجال؟ هل تعلم أن من يجني المال حقًا ليس العبقري، بل من يُقلد العبقري أولًا؟”
مع أنه وافقه بشكل عام، إلا أن كانغ سوكو كان يؤمن بأن هان سي أون مختلف.
فهو لا يكتفي باستعراض موهبته، بل يمتلك قدرة على تحويلها إلى شيء ملموس، ويملك حظًا يسير بجانبه.
ربما لم يكن كانغ سوكو واعيًا لذلك، لكنه بصفته مخرجًا، فقد أدرك جوهر هان سي أون من خلال حدسه.
جوهر شخصٍ عاش عشرات المرات من العودة في الزمن.
لكن من الصعب شرح هذا بالكلمات.
حتى لو أراه الآن فيديو لـهان سي أون وهو يغني، فلن يكون له وقع كبير.
ربما سيقول فقط: “جيد لنستنزفه قدر ما نستطيع في البداية.”
على كل حال، كانغ سوكو لم يكن ينوي أخذ الإذن الكامل منه أصلًا.
– “فقط… أرجو أن تُخصّصوا حلقتين إضافيتين.”
– “لماذا؟”
– “أريد أن أختبر مدى الربح الذي يمكنني تحقيقه من خلال هان سي أون خلال هاتين الحلقتين.”
في هذا المجتمع، لا تُمنح الموافقة مُسبقًا، بل بعد أن تُثبت أنك تستحقها.
– “همم… اسمه هان سي أون ؟”
– “نعم.”
ظل المدير ينقر بأظافره على المكتب لفترة، ثم أومأ برأسه.
– “حسنًا سأمنحك حلقتين إضافيتين لكن بشرط.”
– “تفضل.”
– “انتبه لعدد مشاهدات يوتيوب وعدد الاشتراكات.”
في الماضي، كانت قوة القنوات الثابتة عظيمة.
لذلك، كانت محطات البث الثلاث الكبرى تمتلك تلك الهيمنة المطلقة.
لكن الزمن تغيّر.
الناس لم يعودوا يتابعون البرامج من خلال القنوات الثابتة.
بل أصبح يستمتعون بها عبر منصات OTT، ملخصات يوتيوب، ومقاطع السوشيال ميديا.
في بعض الأحيان، تحقق ملخصات المسلسلات الرسمية على اليوتيوب أرباحًا تفوق بكثير أرباح إعادة البث.
وهذا من بين الأسباب التي دفعت “M-Show لإنتاج “سيأتي لاحقًا ”.
جمهور الآيدولز هو أكثر جمهور يُبادر ويتفاعل.
فبرامج البقاء المخصصة للآيدولز في قنوات الكيبل لا يشاهدها إلا من يهتم فعلًا.
وإذا كانت المسابقة داخل شركة، فعدد المشاهدين المحتملين ينخفض أكثر.
لكن إن تمكنوا من جذب هؤلاء المتابعين إلى قناة اليوتيوب الرسمية لـ M-Show، فستكون صفقة رابحة جدًا.
فهم سيحصلون على جزء من أرباح Take:Scene على أي حال.
– “لو تحققت نتائج حقيقية فعلًا، قد أتمكن من التفاوض مع الرئيس تشوي تي هو بنفسي.”
– “مفهوم.”
أومأ كانغ سوكو واثقًا.
من المستحيل التنبؤ بأرباح الأغنية الرقمية لأنها تعتمد على الحظ، وعلى من سيتنافس ضدها.
لكن عندما يتعلق الأمر بإحداث ضجة على الإنترنت… فهو واثق تمامًا.
في اليوم التالي.
نُشر إعلان على موقع “M-Show يُفيد بتقديم موعد نهاية برنامج “يوم حظك" الذي يُعرض في الرابعة مساء السبت أسبوعين إلى الأمام.
ومع الإعلان، طُلب من الجمهور منح الكثير من الحب والدعم للبرنامج الذي سيُعرض بعده: “سيأتي لاحقًا ”.
بمعنى آخر، حصل “سيأتي لاحقًا ” على حلقتين إضافيتين، وسيُعرض قبل موعده بأسبوعين.
وبذلك، لم يتبقَ على الحلقة الأولى من “سيأتي لاحقًا ” سوى ثلاثة أسابيع فقط.
***
استيقظتُ في الصباح الباكر، وكررتُ تدريبات التمدد الخاصة بضبط نغمة الصوت.
“آه- آه- آه-”
أبدأ من أخفض نغمة، ثم أرفعها بنصف نغمة تلو الأخرى وصولًا إلى أعلى نغمة، محافظًا على نفس كمية النفس ونفس مستوى الصوت، ثم أعود بالنغمات نزولًا بنفس الطريقة، وأكرر ذلك مرارًا.
المهم هنا هو ألا أُجبر الصوت على الخروج بشكل مصطنع.
يجب أن تصدر جميع الأصوات بشكل طبيعي تمامًا، وإن لم يكن الصوت الصادر يطابق النغمة التي أريدها ولو لمرة واحدة، فعليّ أن أعود إلى البداية.
إنها طريقة بسيطة نوعًا ما، لكنها فعالة.
في الواقع، الطريقة التي أغير بها نغمة الصوت كانت نتاج عدد لا يحصى من التجارب والأخطاء التي مررتُ بها بنفسي.
لقد استعنتُ بأساليب أساتذة “بانسوري” الكوريين الذين يرهقون حبالهم الصوتية تحت شعار “الوصول إلى الصوت المثالي”، وكذلك بأساليب مطربي الغجر الأوروبيين، وعائلات المغنين الأوبراليين الألمان، ومدربي الصوت في “بيلبورد”.
ربما لا يوجد في هذا العالم من أجرى أبحاثًا عن نغمة الصوت أكثر مني.
صحيح أن هناك الكثير من الدراسات حول الصوت، وهناك الكثير من برامج التدريب على الحصول على صوت جيد.
لكن إذا أردنا الدقة، فهي ليست طريقة للحصول على “صوت جميل”، بل على “نطق جميل”.
لأنه حتى لو لم يكن المرء مغنيًا محترفًا، فإن تعلّم طريقة النطق الصحيحة وحده يجعل الصوت أفضل بكثير.
لكن ما أريده ليس مجرد إيصال صوت جميل، بل أن أمتلك صوتًا أجمل من الأساس.
بعد أن أنهيتُ روتين الصباح الذي دام لأكثر من ساعتين، توجهتُ مباشرة إلى ميونغ دونغ.
فاليوم موعد تصوير حلقة من برنامج “سيأتي لاحقًا ”.
موضوع التصوير هو “التقارب”.
بصراحة، لا أعلم كم من الممكن أن نتقارب أمام الكاميرا، لكن يمكننا على الأقل التظاهر بأننا تقاربنا.
وبينما كنت أفكر بذلك، وصلت إلى موقع التصوير، فأخذني أحد أعضاء الطاقم، وقد تعرف عليّ، ودفعني مباشرة إلى داخل غرفة المكياج.
ويبدو أن الجميع قد وصل في وقتٍ مشابه، إذ كان لي إي أون، وأون سيمي رو، وكو تاي هوان، وتشوي جاي سونغ يتلقون المكياج بالفعل.
رغم أنني وصلت قبل الموعد بعشرين دقيقة، كنت آخر من يصل.
“مرحبًا.”
“مرحبًا.”
ألقيت التحية على الموجودين الذين كانوا منشغلين في وضع المكياج، وجلست في أقصى الجهة اليمنى.
وكان تشوي جاي سونغ في المقعد المجاور، لا يستطيع تحريك رأسه بسبب تصفيف الشعر، لكنه ابتسم بعينيه وسألني:
“هل وصلتَ للتو، هيونغ؟”
يبدو أن شيئًا من الألفة قد نشأ بيننا بعد المهمة الثانية، فأصبح يتعامل معي براحة أكثر مما كان عليه في السابق.
وكان قد أرسل لي رسالة كاكاوتوك في وقتٍ ما أيضًا.
[ كاكاوتوك : تطبيق مراسلة زي واتساب ]
آه، والآن تذكرت أنني نسيت الرد على بطاقة الهدايا التي أرسلها لي كو تاي هوان
“وصلت للتو وأنت، متى أتيت؟”
“أظن قبل الساعة العاشرة بقليل.”
“ألم يكن من المفترض أن نبدأ التصوير في الثانية عشرة؟”
“صحيح، لكنني كنت متوترًا منذ الصباح، فجئت مبكرًا وباقي الإخوة أيضًا وصلوا في وقتٍ مقارب لي.”
حسنًا، بما أن هذه أول مرة يظهرون فيها في برنامج تلفزيوني، فمن الطبيعي أن يشعروا ببعض التوتر والحماس.
آمل فقط ألا يصابوا جميعًا بالجمود فلا يستطيعون الحديث بشكل طبيعي.
بينما كنت أفكر بذلك، بدأت أراقب أعضاء الفريق الذين أصبحوا الآن زملائي، ولحسن الحظ، لا يبدو أنهم وصلوا لتلك الدرجة.
حتى داخل غرفه المكياج، كانت هناك كاميرات مثبّتة ورغم أن الجميع كانوا منتبهين لوجود الكاميرات، إلا أنه لم يبدو على أحد أنهم يحاولون تجنّبها أو التصرف بشكل غير طبيعي
“أوه… بالتوفيق للجميع.”
قال كو تاي هوان هذه العبارة وغادر أولًا بعد أن أنهى مكياجه أولًا.
ثم تبعه تشوي جاي سونغ ولي إي أون، ولم يبقَ سوى “أون سيمي رو وأنا.
وعلى الرغم من حركة أيدي فنانات المكياج المنشغلة، بدا وكأن هناك جوًا غريبًا من التوتر يسود المكان بوجودنا فقط، لكنني لم أُعر ذلك أي اهتمام.
• نهـاية الفصل •
حسـابي انستـا [ i.n.w.4@ ]