" أيها الشاب .. أرى أنك تمتلك عروقا روحية ولديك موهبة لا بأس بها.. وهذا أمر نادر في كوكب منخفض المستوى ككوكبكم هذ! "

في ركن معين من حديقة الحامة الوطنية للعاصمة … يجلس شاب أبيض البشرة وقوي البنية يبدو في العشرينات من عمره ويمكن ملاحظته بسهولة من بعيد بسب بذلته الرياضية السوداء وشعره ولحيته شديدا السواد …

أمام الشاب المسترخي يقف رجل في متوسط العمر يرتدي ملابس غريبة عن الناس في الحديقة وكأنه خرج من قصص الطاويين الصينية … يقف ناظرا الى الشاب في الكرسي بإبتسامة لطيفة على وجهه …

" أيها العم … لا أفهم ما تقوله ولا أعرف ما تهذي به ولا أريد الإعتقاد بصحة كلماتك .. لذلك رجاء غير الموضوع وتحدث في شيء طبيعي أو أتركني أنهي إسترخاءي .. فهذا اليوم الوحيد في الأسبوع الذي يمكنني فيه الراحة بعد كل ذلك العمل والدراسة والتدريب "

خفض الشاب عينيه للأسفل ولم يعد ينظر للرجل متجاهلا له لعله يذهب .. لكن

" ههه أسلوب حديثك يجعلني لا أعرف إن كنت متأدبا أم وقحا .. حسنا حسنا لا تتعجل في طردي بعيدا واستمع لكلماتي قليلا … أود سؤالك بضع أسألة وارجو أن تجيب عنها بصراحة "

دون رفع عينيه قال الشاب " يبدو انك لن تتركني حتى تقول ما لديك .. هااه طيب تفضل وأخبرني بماهية أسألتك "

" هاهاها طيب طيب .. الآن صرت أكثر قابلية للتحدث .. حسنا السؤال الأول … هل تشعر بالملل في حياتك وتريد بعض المتعة ؟؟ "

برفع عينيه لمقابلة وجه الرجل المبستم تحدث الشاب " أيها العم أن غير مهتم بأي نوع من المخدرات ولا أريد الحصول على امرأة بعد وانا بهذا الفقر … رجاءا أحسن حديثك "

"لالا لا تقلق ليس ذلك ما أقصده ولست أبيع أي نوع من المهلوسات ولست مختطفا ولا تاجر جنس ولا أي شيء مما يخطر ببالك .. فقط أجبني بصراحة عن اسألتي وستعرف في النهاية ما أريده "

بالنظر لعيون الرجل الجدية تحدث الشاب

" هذا صحيح أشعر بالملل الشديد وأريد القيام بأشياء ممتعة "

" هاهاها جيد جيد وقد توقعت توقعت ذلك … إذن أخبرني هل تحب القتال !؟. "

مرة أخرى يركز الشاب على عيني الرجل ليؤكد صرحاته وبعدها أجاب :

" كشاب يمارس الفنون القتالية ويسعى للقوة فأنا بطبيعة الحال تواق للقتال .. لكن للأسف عالمنا هذا مسالم جدا "

استمر الرجل في النظر للشاب بإبتسامة راضية على وجهه ثم تحدث

" إذن إن أخبرتك أن هناك عوالم أكثر وأكبر من كوكبك الصغير يعيش فيها بشر بقدرات خارقة وطرق تدريب مختلفة ومتنوعة بل وحتى أجناس أخرى … أماكن حيث الأقوى فقط من يمكنه العيش بشكل جيد وتندلع قتالات ومعارك وحتى حروب بشكل يومي فيها .. بل كل لحظة هناك معارك تحدث .. هل ستحب الذهاب والعيش و القتال لأجل فخرك وشرفك ورغباتك !! "

بسماع تلك الكلمات شعر الشاب بشعور قوي بالرغبة في قلبه منتشرا في جسده كله مستشعرا الحماسة من حديث الرجل …

لكنه هدأ بسرعة وتحدث ..

" يبدو انك حقا تنفث الهراء … ما عوالم وما كواكب وقدرات خارقة التي تتحدث عنها هذه .. ايها العم انك تتحدث كثيرا .. رجاءا اذهب ودعني استرخي بهدوء "

بقوله ذلك استرخى جسد الشاب على الكرسي … حتى سمع رد الرجل الذي لم يتأخر رده

" هاهاها حسنا من الطبيعي أن تنظر لكلماتي هكذا ففي النهاية انتم الناس الذين لم ترو بشر خارقين من قبل تعتبر هذه الكلمات مجرد خيال …

مع ذلك لن اجادلك واريدك فقط أن تجيبني عن سؤالي .. هل سترغب بالذهاب والقتال لأجل فخرك و شرفك ورغباتك ؟؟ .. أو بالأحرى … هل تجرؤ على الذهاب ؟؟ "

بمجرد أن أنهى الرجل كلماته تشكلت ابتسامة عريضة على وجهه وهو ينظر أمامه ..

لأنه في تلك اللحظة التي سمع فيها الشاب كلماته … وقف بسرعة مقابل الرجل مع ملامح يعلوها التحدي وعيون تملؤها العزم مع ابتسامة عريضة على وجهه …

" انك تجيد الحديث جيدا ايها العم .. وقد نجحت في إثارتي …

وجوابي هو أنني بالتاكيد سأجرؤ على الذهاب الى هذه الأماكن وسأجرؤ على القتال فيها "

ساد الصمت للحظات ثم بعدها بدأ الرجل يضحك بشدة فاتحا يديه نحو السماء

" هاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاها … جيد جيد أحسنت قولا أيها الشاب … الجرأة هي أم العواطف ومن لا يجرؤ لا حق له في الشعور بالفخر … طيب طيب طيب .. لقد قلت ذلك بالفعل و سأساعدك في تحقيق رغبتك …"

أثناء حديث الرجل بدأت الرياح تزداد قوة والغيوم تتسارع

بمجرد انتهائه من الحديث ظهرت في يد الرجل حقيبة خصر صغيرة من يعرف من أين أو كيف ظهرت هكذا … ثم مد يده نحو يد الشاب الذي كان عاجزا عن الحركة وجرح جرحا صغيرا في يده وقطرها على الحقيبة الصغيرة والتي امتصت بدورها قطرات الدماء دون ترك أثر لهم …

" انا معجب بجرأتك ايها الفتى وسأرسلك في طريقك لتسعى خلف المتع التي ترغب بها …

هذه الحقيبة هي حقيبة بعدية أي أنها تحمل أكثر مما تبدو عليه .. لقد وضعت فيها سيفا وبعض المال وكتيب ارشادات لكي تفهم الوضع عندما تذهب …

ايها الفتى انت محظوظ لأنني وصلت بعيدا حتى هذا المجال واخترت زيارة كوكبكم والآن ستذهب في رحلتك نحو القوة … إن فشلت فهذا مصيرك وإن نجحت واكتسبت القوة فلا تنسى أنك مدين لي بخدمة … هيهيهي "

أثناء حديث الرجل كانت الرياح تزداد قوة شيئا فشيئا وأظلمت السماء بالغيوم وضرب الرعد الذي أضاء الأجواء … وحين يحدث كل هذا كان الشاب مذهولا وعاجزا عن الحركة تماما .. ليس خوفا ولكن يبدو انه مقيد بقوة ما تستمر في سحبه …

تحولت نظرة الرجل الى الجدية وقال للشاب

" ايها الفتى … انت ذاهب لمكان شديد الخطورة وليس فقط ناحية المعارك بل لا يخلو من الغدر والمكر ومشاكل البشر … ابق حارسك مرتفعا ولا تترك الطيبة تتحكم فيك .. فهي نقطة ضعف أن تركتها تحركك ستجرك لهلاكك ..

لا تكن شريرا قاسيا مهما حدث ولا تكن طيبا رؤوفا دائما … تعامل مع الأمور بعناية .. "

بعد صمت قليل تحدث الرجل مرة أخرى

" حان الوقت لذهابك .. لقد وجدت لك مكانا مناسبا في التوقيت المناسب … آخر نصيحة تذكرها جيدا "

بقوله لذلك ابتسم الرجل بشدة في وجه الشاب وقال …

" الموت بكرامة خير من العيش تحت الذل .. كن جريئا وباسلا "

" هاهاهاهاهاهاهاها "

بمجرد قوله لذلك بدأ جسد الشاب المذهول يرتفع ببطء من الأرض وباستمرار ضحكات الرجل اختفى الشاب من المكان الذي كان يطفو فيه تماما وآخر شيء سمع كانت ضحكات الرجل …

بعد دقائق هدأت الأجواء وعادت السماء الصافية للمدينة … وحيث كان الرجل استمر في النظر قليلا في السماء وتمتم

" ارجو أن تكون بذرة قوية … اعتني بنفسك "

ثم استدار ومشى وبعد بضع خطوات اختفى كأنه شبح …

2023/06/01 · 102 مشاهدة · 1056 كلمة
jotiefares
نادي الروايات - 2024