جلس ماجد على الكرسي في تلك الليلة من ليالي الربيع الهادئ يتأمل الكون ، وفجأة سمع صوت من خارج القاعدة العسكرية ، مما يجعله ينتفض ، ثم اخرج سلاحه وخرج من غرفة الحراسة بحذر شديد ، وجد ماريا متكئة على الجدار الخلفي للغرفة والدموع تتساقط من عينيها بغزارة ، تنهد ماجد بارتياح ثم أعاد سلاحة إلى مكانه وهو يقول : "هذه انتِ يا ماريا لقد اقلقتيني "

لم تنبس ماريا ببنت شفة مما جعل ماجد يقترب أكثر فرأى دموعها حاولت تمسح دموعها لكي لا يراها ولكن ماجد امسك بمعصمها وسألها والقلق واضح من نبرات صوته : "ماذا بكِ يا ماريا ؟ لماذا كل هذا البكاء ؟ ما الذي حدث ؟ "

أسندت ماريا رأسها على الجدار ثم قالت : "كنت اعتقد اني حبك الأول والأخير ، وتوقعت أني الوحيدة التي بقلبك ولكن..."

صمتت لحظات مسحت خلالها دموعها قبل أن تنبس ببنت شفه سألها ماجد وهو يحثها على مواصلة الحديث : "ولكن ماذا ؟ أنتِ حبي الأول والأخيرة ,, ولا استطيع الاستغناء عنك "

عضت ماريا على شفتيها الجميلتين بحسرة ثم قالت بصوت اقرب إلى البكاء : "أرجوك كفاية ، كفاية "

صمتت لحظة دفعت خلالها ماجد وابتعدت بعيدة عنه وقالت هي تبكي بمرارة وقهر : "كفاية كذب ونفاق ، لا استطيع التحمل أكثر من هذا "

صمتت لحظة مسحت خلالها دموعها وهي تردف : "لا داعي للخداع ، لقد عرفت الحقيقة المرة ، كفاية تمثيل والتظاهر بالحب "

ارتفعتا حاجبا ماجد في دهشة ثم عادتا تلتقيان بتوتر حائر قبل يقول : "أرجوكِ اهدئي ، واشرحي لي الذي حصل "

صمت لحظة اقترب خلالها من ماريا ثم مسح بيديه دموعها ثم استطرد قائلا : "اقسم لكِ بأن دموعك غالية علي ، ما الذي فعلته أنا ؟ اخبريني بالله عليكِ"

أشاحت ماريا بوجهه ثم هتفت : "أرجوك كفاية , أنا ندمانة على كل لحظة جميلة قضيتها معك ، أنا لا استطيع أن أتزوج رجل "

بترت عباراتها فجأة اثر صياح ماجد : "أنا الذي أرجوكِ أن تشرحي لي كل شي ، ليس من حقك أن تكوني القاضي والجلاد في نفس الوقت "

صمت لحظة زفر خلالها بشدة ثم استطرد : "أنا من حقي الدفاع عن نفسي ، أريد أن اعرف كل شي ممكن "

نظرت أليه ماريا بحزن ثم أخرجت من حقيبتها رسالة ورمتها بوجه ماجد وهي تقول: "خذ أقرأ هذه الرسالة وسوف تعرف كل شي "

قالت عبارته وأشاحت بوجهها بعيدا ، التقط ماجد الرسالة وفضها بسرعة ثم قرأ المدون عليها

( احضر حالا لقد حددنا موعد زواجك على ابنة عمك حنان الخميس القادم )

والدك

بحلق ماجد بالرسالة غير مصدق لما يقرأ ثم طواها وهو يقول والدهشة والحيرة واضحتين من نبرات صوته : "ما هذه الرسالة ؟ وكيف جئتِ بها ؟ أو كيف وصلت اليكِ ؟ "

اطلقت ماريا زفرة حارة من اعمق اعماق صدرها ثم قالت بعصبية واضحة : "هذا ليس من شأنك "

اقترب ماجد اكثر من ماريا ونظر إلى عينيها مباشرة جعلها تخفض رأسها بحياه انثوي ثم غمغم : "سوف اذهب للقرية من اجــ...."

قاطعته ماريا وزادت من عبراتها : "بالطبع من اجل اتمام مراسيم الزواج ، حبيبه القلب بأنتظارك "

زفر ماجد بشدة قبل أن يردف : "لا ، طبعا ، بل من اجل أن اشرح لوالدي كل شي "

صمت لحظة القى خلالها نظرة الم على ماريا ثم استطرد : "قبل أن أذهب اريدك أن تعرفي شيئا هاما ، انك حبي الاول والاخير ، والاستغناء عنك بمثابة حكم الاعدام علي ، إلى اللقاء "

ثم تركها وانصرف ولكن قبل أن يتحرك جفت ماريا دموعها وهي تقول : "ماجد "

استوقف ماجد ونظر اليها ولم ينبس ببنت شفة فأكملت وهي خافضة رأسها : "أنا آسفة على كل كلمه قلتها لك "

صمتت لحظات مسحت دموعها خلالها ثم استطردت : " ولكن صدقني رغما عني ، لا استطيع اتخيلك بعيد عني ارفض مجرد التفكير بذلك ، لاني بصراحة حبيتك ، كيف لا ادري ، نعم حبيتك وكل جزء بجسمي يشهد بذلك ، حبيتك بهذه السرعة ومستعدة ابيع العالم واشتريك لانك حبــ....."

قاطعها ماجد بأشارة من سبابته ثم قال : "لا داعي للاعتذار ، انا فهمت كل شي "

صمت لحظة امسك كفها برفق ثم طبع قبلة حارة عليه قبل أن يقول : "لا استطيع الحياه بدونك ، إلى اللقاء يا عزيزتي "

ثم تركها وانصرف مسرعا إلى غرفة المفتش ، توقف قليلا عند الباب وكان واضحا عليه التردد ثم رتب هندامة وطرق الباب بهدوء وادب وانتظر لحظة حتى سمع المفتش يقول له : "تفضل بالدخول "

دفع ماجد الباب امامه بهدوء ثم ادى التحية العسكرية ، رفع المفتش رأسه من الاوراق الذي كان منهمكا بقرأتها ثم قال بعصبية : "هذا انت ! "

ازدرد ماجد لعابة بصعوبة ثم قال : "سيدي المفتش ، ارجو السماح لي للذهاب إلى قريتي "

عاد المفتش يتطلع على الاوراق مرة واخرى وهو يقول : "ولماذا الاستعجال ؟ غدا صباحا تذهب مع اصدقائك "

التقط ماجد نفسا عميقا ثم زفرة بشدة مما جعل المفتش يتظر اليه قبل أن يقول : "ارجو المعذرة يا سيادة المفتش ، ولكن الامر لا يحتاج اي تأخير ، لدي ظروف خاصة "

هز المفتش كتفية وهو يردف : "كما تشاء ، يمكنك الذهاب الان ، بما أن مهمتك الاساسية قد انتهت "

ادى ماجد التحية العسكرية وهو يقول : "اشكرك يا سيادة المفش ، اشكرك "

ثم انصرف مغادرا المكتب ، والقاعدة بأكملها

وقلبه يخفق بشدة وخوف وقلق

*****************************

لن اسمح لاي شخص مهما كان أن يفرق بيننا

نطق أمجد بهذه العبارة بمزيج من الغضب والقهر والالم ، عضت حنان على شفتيها بأسى وقهر ومرارة ثم قالت : "ليس بوسعي عمل شي ، انا احبك ولكن حبنا حكم عليه من الاعدام قبل أن يرى النور "

لوح أمجد بيدة على وجهها وهو يقول : "هذا ليس شأني تصــ....."

قاطعته حنان قائلا : "انا لا انكر حبي لك ، ولا استطيع الحياه بدونك ولكن ايضا لا استطيع مخالفة اوامر عمي هو الذي رباني بعد وفاة والدي ، ارجوك قدر ذلك "

صمتت لحظه مسحت خلالها دمعة سالت على خدها ثم استطردت : "انا بين نارين ، وامامي خيارين لا ثالث لهم وكل خيار امر من الثاني ، اضحي بحبي وقلبي أو اضحي بعمي الذي اعتبره بمثابة والدي وسمعته امام الناس ، فاخترت أن اضحي بقلبي من أجل أن احافظ على تماسك عائلتنا "

صمتت لحظة زفرت خلالها بشدة ثم قالت وهي تشيح وجهها بعيدا : "وانت اتمنى تجد بنت الحلال التي تسعدك "

ازدرد أمجد لعابة في قلق وهو يردف : "وانتِ يا حنان ! "

ارتسمت ابتسامة شاحبة على شفته حنان وهي تقول : "أنا, سوف اتزوج ماجد! ليس عندي خيار آخر "

نظر اليها أمجد والدهشة تملاء كيانه سائلا : "وماذا عني أنا ؟ وماذا عن حبنا ؟ وماذا عن الايام الجميلة التي قضيناها سويا ؟ لقد كان حبنا يضرب به الامثال و...."

قاطعتها حنان بهدوء وهي تقول : "ها أنت قلتها لقد كان "

ضرب أمجد على جبهته بعصبية وهو يردف : "ماذا عن احلامنا المشتركه ؟ كل هذا تبخر "

ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتي حنان وهي تقول : "كانت مجرد سحابة صيف وزالت "

تراجع أمجد مصعوقا وكأن التماس كهربائي قد اصابه ثم مالبت أن غمغم : "لا يا حنان ، هذا الحديث ليس من قلبك أليس كذلك ؟ "

اطلقت حنان ضحكة ساخرة حاولت أن تجعلها من قلبها ولكنها فشلت بذلك وهي تقول : "استيقظ يا أمجد من سبابك العميق ، والتفت لمستقبلك الذي كان بيننا انتهى "

صمتت لحظة تمالكت اعصابها خلالها ثم قالت : "انا الآن مخطوبة ويوم الخميس القادم مراسيم الزواج "

صرخ أمجد بهستيريا وهو يقول : "أنا ليس دمية بيدك تلعبي بي كيفما تشائي ، وتلعبي بمشاعري وعواطفي كلما شئــ...."

قاطعتها حنان بصرامة مصطنعه قائلا : "هذا الكلام لن يأتي بجدوى "

صمتت لحظه القى خلالها نظره إلى أمجد وهي تقول : "دع الذي بيننا ذكرى حلوة "

اطلق أمجد زفر حارة ثم صرخ بوجهها قائلا : "لن اسمح لاي شخص يأخذك مني "

صمت لحظة ثم اشارة بسبابته نحوها بشكل مخيف ثم استطرد : "اقسم لو تزوجتي بأحد غيري سأقتلك ، نعم سأقتلك سوف اخلع قلبي من بين ضلوعي واقتلك "

ثم غادر المكان تاركا حنان خلفة لوحدها تساقطت الدموع من حنان غزيرة وهي تسأل نفسها : "لماذا فعلته به هكذا ؟ هل الذي فعلته عين الصواب ؟ لماذا قسيت عليه ؟ ارجوك سامحني يا أمجد ولكن ليس بوسعي عمل شيئا "

زفرت حنان بشدة واخذت تمسح دموعها ثم قالت وهي تنظر إلى الشجرة التي كان أمجد واقف بجانبها : "صدقني لن ولم احب احد غيرك ولكن...."

لم تكمل عبارتها وانما ركضت مغادرة الحديقة التي طالما اجتمعوا بها

الحديقة التي شهدت مولد حبهما والآن تشهد وفاة حبهما

---------------

انتهى الفصل.

ولا تحرمونا من تعليقاتكم.


تأليف: عبدالله سعيد

2017/06/25 · 349 مشاهدة · 1381 كلمة
Abdullah_S
نادي الروايات - 2024