11 - الفصل 5 : وعدت أن أتزوج رجلا لا مخنثا

أَسْكَتَ صَوْتُ بَارْكَرْ جَمِيعَ مَنْ باَلْقَاعَةِ . تَلَعْثَمَ صَوْتُهُ . حَيْثُ وَقْفَ مَلِيءً بِالْحُزْنِ وَالْأَسَى . لَمْ يَكُنْ يَتَوَقَّعُ أَنْ تُلْغِيَ لِيدْيَا هَذَا الزَّوَاجَ فَجْأَةً . عَلَى اَلرَّغْمِ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْ أَنْ قَضَى وَقْتًا مَعَهَا أَبَدًا ، إِلَّا أَنَّهُ أَحَبَّهَا أَكْثَرَ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ آخَرَ . مُنْذُ أَنْ كَانَ طِفْلاً صَغِيرًا ، أَخْبَرَتْهُ وَالِدَتُهُ وَعَائِلَتُهُ أَنَّهُ سَيَتَزَوَّجُ لِيدْيَا ذَاتَ يَوْمٍ ، لَقَدْ زَرَعُوا بَذْرَةَ اَلْحُبِّ فِي قَلْبِهِ وَسَقَوْهَا حَتَّى صَارَتْ شَجَرَةً عِمْلَاقَةً .

" لَابُدَّ أَنَّ هُنَاكَ سَبَبًا مَا يَدْفَعُكَ لِإِلْغَاءِ اَلزَّوَاجِ ، يُمْكِنُنِي أَنْ أَنْتَظِرَكِ . سَأَنْتَظِرُكِ مَهْمَا طَالَ اَلزَّمَنْ " .

تَنَهَّدَتْ سَاشَا ، شَعَرَتْ بِالسُّوءِ لِسَذَاجَةِ شَقِيقِهَا اَلصَّغِيرِ . بَيْنَمَا ضَحِكَ اَلْكَثِيرُونَ فِي دَاخِلِهِمْ ، وَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَى اَلدُّمُوعِ اَلَّتِي تَتَدَحْرَجُ مِنْ عَيْنِي بَارْكَرْ ، لَقَدْ اِسْتَمْتَعُوا بِأَلَمِ بَارْكَرْ . لَكِنَّ اَللُّورْدَ أَلْفِيسْ شَعَرَ بِالسُّوءِ تُجَاهَ اَلشَّابِّ . عَلَى عَكْسِ بَقِيَّةِ عَائِلَةِ بُرُونْسُونْ ، لَامَ أَلْفِيسْ نَفْسَهُ عَلَى تَسْمِيمِ قَلْبِ اَلشَّابِّ اَلَّذِي اِمْتَلَأَ بِالْحُبِّ مُنْذُ صِغَرِهِ .

اِسْتَدَارَتْ مَارِي لِتَرَى وَجْهَ بَارْكَرْ اَلْمُحَمَّرَ . فِي تِلْكَ اَللَّحْظَةِ ، شَعَرَتْ وَكَأَنَّ مِئَاتَ اَلْإِبَرِ تَطْعَنُ قَلْبَهَا فِي نَفْسِ اَلْوَقْتِ .

تَوَجُّهَ بَارْكَرْ نَحْوَ لِيدْيَا بِخُطُوَاتٍ ثَقِيلَةٍ مَاسِحًا دُمُوعَهُ ، كُلُّ حَرَكَةٍ قَامَ بِهَا صَدَمَتْ لِيدْيَا ، لَقَدْ سُمِعَتْ عَنْ أُنُوثَةِ خَطِيبِهَا مِنْ قَبْلُ وَلَكِنَّ اَلنَّظَرَ إِلَيْهَا بِأُمِّ عَيْنَيْهَا بَاغَتَهَا .

عِنْدَمَا وَقَفَ بَارْكَرْ إِلَى جَانِبِ وَالِدَتِهِ أَمَامَ لِيدْيَا ، أَمْسَكَ بِيَدِهَا ، حَتَّى أَنَّ يَدَيْهِ كَانَتَا نَاعِمَتَانِ وَرَقِيقَتَانِ مِثْلَ يَدَيْ فَتَاةٍ حَسَّاسَةٍ . لِبِضْعِ لَحَظَاتٍ ، تِصَمَّرَتْ لِيدْيَا .

اِنْفَجَرَ بَارْكَرْ فِي نَوْبَةٍ مِنْ اَلضَّحِكِ اَلْبَائِسِ : " هَلْ أَجْبَرَكِ شَخْصٌ مَا عَلَى هَذَا ؟ نَعَمْ ، يَجِبَ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ شَخْصٌ مَا " . حَاوَلَ إِقْنَاعَ عَقْلِهِ أَنَّ قَرَارَ إِلْغَاءِ اَلزَّوَاجِ لَيْسَ بِإِرَادَتِهَا . عِنْدَ رُؤْيَةِ تَصَرُّفِ بَارْكَرْ اَلْمُثِيرِ لِلشَّفَقَةِ ، حَتَّى أُولَئِكَ اَلَّذِينَ ضَحِكُوا عَلَى أَلَمِهِ شَعَرُوا بِالسُّوءِ تُجَاهَهُ . يَا لَهُ مِنْ عَارٍ .

" لَا ، لَقَدْ اِتَّخَذْتُ هَذَا اَلْقَرَارَ بِنَفْسِي . سَتَجِدُ فَتَاةً أُخْرَى تُنَاسِبُكَ فِي اَلْمُسْتَقْبَلِ " ، لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ نَدَمٌ أَوْ حُزْنٌ فِي صَوْتِ لِيدْيَا . كَانَتْ كَلِمَاتُهَا خَالِيَةً مِنْ أَيِّ عَاطِفَةٍ .

" أَنَا . . . أَنَا . . . لَا أُصَدِّقْ . . . " اِنْدَفَعَتْ اَلدُّمُوعُ مِنْ عَيْنِي بَارْكَرْ . كَانَ قَدْ بَنَى حَيَاةً مَعَ لِيدْيَا فِي خَيَالِهِ . وَلَكِنَّ كُلَّ شَيْءِ بِنَاهُ لِسَنَوَاتٍ اِنْهَارَ فِي لَحَظَاتٍ . عَلَى عَكْسِ اَلشَّبَابِ فِي سَنَهِ ، لَمْ يَنْظُرْ بَارْكَرْ إِلَى أَيِّ فَتَاةٍ بِطَرِيقَةٍ خَاطِئَةٍ ، حَتَّى أَنَّهُ لَمُّ يُشْتَهِ أَوْ يُحِبَّ أَيَّ شَخْصٍ آخَرَ سِوَى لِيدْيَا .

" هَذَا يَكْفِي ! " اِرْتَجَفَ جِسْمُ بَارْكَرْ عِنْدَمَا صَدَمَ وَالْتَرْ اَلطَّاوِلَةَ بِقُوَّةٍ ، ثُمَّ اِلْتَفَتَ لِيُخَاطِبَ أَلْفِيسْ . " أَبْعِدَ هَذَا اَلشَّيْءِ مِنْ أَمَامِي ، أَيُّهَا اَللُّورْدْ أَلْفَيْنِ . قَدْ لَا تَكُونُ عَشِيرَةُ فِينِيكْسْ بِحَجْمِ عَائِلَةِ بُرُونْسُونْ أَوْ تَامَارْيَا ، وَلَكِنْ لَدَيْنَا اَلْكَرَامَةُ وَالْقُدْرَةُ عَلَى اَلْوَفَاءِ بِوُعُودِنَا . لَا يُمْكِنُكَ أَنْ تَشْتَرِينَا بِمُجَرَّدَ حَبَّةٍ مَصْقُولَةٍ . اَلرَّجَاءُ مُغَادَرَةَ اَلْقَاعَةِ ! " رَفْعَ وَالْتَرْ صَوْتَهُ ، مُفَجِّرًا صَدْمَةً فِي قُلُوبِ اَلْجَمِيعِ فِي اَلْقَاعَةِ .

حَتَّى أَلْفِيسْ كَانَ مُنْدَهِشًا . " لُورْدُ وَالْتَرْ ، " أَحَدُ كِبَارِ اَلشُّيُوخِ أَخْذَ اَلْحَبَّةَ مِنْ يَدِ أَلْفِيسْ بِلَا خَجَلٍ قَبْلَ أَنْ يُقَدِّمَهَا لِوَالْتَرْ . نَظَرًا لِأَنَّ وَالْتَرْ كَانَ قَدْ غَضِبَ بِالْفِعْلِ ، اِنْفَجَرَ اَلْغَضَبُ بِدَاخِلِهِ عِنْدَمَا رَأَى اَلْحَبَّةَ وَالنَّظْرَةَ اَلْوَقِحَةَ عَلَى وَجْهِ اَلشَّيْخِ .

تْشَابْ !

صَفَعَ وَالْتَرْ يَدَ اَلشَّيْخِ لِتَطِيرَ اَلْحَبَّةُ فِي اَلْهَوَاءِ . مَا حَدَثَ أَمَامَ عَيْنِي لِيدْيَا جَعْلَهَا تَرْتَعِشُ مِنْ اَلْغَضَبِ ، لَقَدْ كَانَ اَللُّورْدُ أَلْفِيسْ وَهِيَ مُهَذَّبَيْنَ لِلْغَايَةِ وَلَكِنْ فِي اَلْأَخِيرِ تَجَرَّأَ لُورْدٌ صَغِيرٌ فِي مَمْلَكَةٍ نَائِيَةٍ عَلَى اَلتَّقْلِيلِ مِنْ اِحْتِرَامِهِمَا . جَعَّدَتْ لِيدْيَا أَنْفَهَا فِي مُحَاوَلَةٍ لِضَبْطِ غَضَبِهَا .

" لِيدْيَا ، مِنْ فَضْلِكِ - " حَاوَلَ بَارْكَرْ أَنْ يَعْتَذِرَ للِيدِيا ، لَكِنَّهَا سَحَبَتْ يَدَهَا وَصَفَعَتْ يَدَ بَارْكَرْ بِعُنْفٍ إِلَى دَرَجَةِ أَنَّ يَدَهَا اِنْزَلَقَتْ وَضَرَبَتْ مَارِي دُونَ قَصْدٍ .

" أُمِّي ! " صَاحَتْ سَاشَا .

" مَارِي ! " صَوْتُ وَالْتَرْ دَمَّرَ كُلُّ شَيْءِ أَمَامَهُ .

وَلَكِنْ قَبْلَ أَنْ يَتَمَكَّنَ وَالْتَرْ مِنْ اَلِانْدِفَاعِ إِلَى مَارِي بِقَصْدِ مُعَاقَبَةِ لِيدْيَا ، أَلْقَى رُومَانْ بُرُونْسُونْ اَلَّذِي ظَلَّ يُرَاقِبُ بِلَا مُبَالَاةٍ ، تَعْوِيذَةً بَيْنَمَا كَانَ مُتَّكِئًا لِلْخَلْفِ عَلَى كُرْسِيِّهِ . طَارَتْ تَعْوِيذَةُ السِلْسِلَةِ الذَّهَبِيَّةِ مِنْ يَدِهِ ، وَفِي غَمْضَةِ عَيْنٍ ، ضَرَبَتْ اَلتَّعْوِيذَةُ وَالْتَرْ . بِمُجَرَّدَ أَنَّ ضَرَبَتْ وَالْتَرْ ، حَوَّلَتْ اَلتَّعْوِيذَةُ نَفْسَهَا إِلَى سَلَاسِلَ ذَهَبِيَّةٍ . اَلْقُوَّةُ اَلَّتِي أَنْشَأَتْهَا اَلتَّعْوِيذَةُ جَعَلَتْ وَالْتَرْ يَطِيرُ مَنَصَدَمَا بِالْعَمُودِ اَلْمَوْجُودِ خَلَفُهُ ، وَسُرْعَانَ مَا اِلْتَفَّتِ اَلسَّلَاسِلُ حَوْلَ وَالْتَرْ وَالْعَمُودِ، مِمَّا مَنَعَ وَالْتَرْ مِنْ اَلتَّحَرُّكِ .

" نَذْلْ ! " زَمْجَرَ وَالْتَرْ .

" أَيُّهَا السَيِّدْ رُومَانْ ، مِنْ فَضْلِكْ ، " قَالَ اَللُّورْدْ أَلْفِيسْ ، اَلَّذِي كَانَ يَعْرِفُ رُومَانْ جَيِّدًا ، لَقَدْ شَعَرَ بِالذُّعْرِ . لَمْ يَكُنْ يُرِيدُ أَنْ يَتَحَوَّلَ اَلْمَشْهَدُ إِلَى مَجْزَرَةٍ لِأَنَّ رُومَانْ قَادِرٌ عَلَى ذَبْحِهِمْ جَمِيعًا . فَحَسْبَ مَعْرِفَتِهُِ بِرُومَانْ ، فَإِنَّهُ لَنْ يَتَرَدَّدَ فِي ذَبْحِ عَشِيرَةِ فِينِيكْسْ .

وَالْتَرْ كَانَ اَلْأَقْوَى بَيْنَ أَفْرَادِ عَشِيرَةِ فِينِيكْسْ ، وَمَعَ ذَلِكَ ، اِسْتَطَاعَ اَلشَّابُّ تَجْمِيدَهُ بِوَاسِطَةِ تَعْوِيذَةٍ وَاحِدَةٍ . لِذَا ، لَمْ يُحَرِّكْ اَلشُّيُوخُ اَلْآخَرُونَ حَتَّى عَضَلَةً وَاحِدَةً . بَيْنَمَا أُولَئِكَ اَلَّذِينَ كَانُوا يَشْتَهُونَ مَقْعَدَ اَلرَّئِيسِ كَانُوا يُشَاهِدُونَ اَلْمَشْهَدُ يَتَكَشَّفُ أَمَامَهُمْ ، وَهُمْ يَبْتَسِمُونَ دَاخِلُهُمْ .

" لِمَاذَا لَا تَسْتَطِيعُونَ ، يَا مَجَانِينَ اَلرِّيفِ ، أَنْ تَفْعَلُوا مَا يَطْلُبُ مِنْكُمْ بِطَاعَةٍ فَحَسْب ، مِثْلَ اَلْكِلَابِ اَلْجَيِّدَةِ ؟ " سَخِرَ رُومَانْ بُرُونْسُونْ مِنْهُمْ .

" هذا يكفي يَا أَخِي " ، قَالَتْ لِيدْيَا بِبُرُودَةٍ .

لَمْ تَعْتَذِرْ حَتَّى لِمَارِي اَلَّتِي كَانَتْ تُحْدِقُ فِيهَا بِدُونِ أَنْ يَرِفَّ لَهَا جَفْنٌ ، حَيْثُ وَقَفَتْ هُنَاكَ كَالتِّمْثَالِ . " هَذَا اَلزَّوَاجِ لَنْ يَحْدُثَ ، وَلَا فِي مِلْيُونِ سَنَةٍ . عَشِيرَةُ فِينِيكْسْ لَيْسَتْ حَتَّى مُؤَهَّلَةًلِتَكَونَ:خَدَمَنَا ، فَكَيْفَ بِعَلَاقَةِ زَوَاجٍ مَعَنَا ؟ " ، تَمَّ تَضْخِيمُ كَلِمَاتِ لِيدْيَا اَلسَّامَّةِ بِوَاسِطَةِ طَاقَةِ اَسْتِرَالْ لِتَصْدَحَ بِصَوْتٍ مُرْتَفِعٍ وَوَاضِحٍ لِلْجَمِيعِ فِي اَلْقَاعَةِ .

" لَمْ نَكُنْ مُلْزَمِينَ بِالْحُضُورِ هُنَا ، بَلْ جِئْنَا هُنَا اِحْتِرَامًا لَكُمْ . لَكِنْ نَظَرًا لِعَدَمِ قُدْرَتِكُمْ عَلَى إِدْرَاكِ ذَلِكَ ، فَلَا أَظُنُّ أَنَّهُ يُوجَدُ أَيُّ فَائِدَةٍ مِنْ اَلْحَدِيثِ ، "

" لَا تَتَحَدَّثِ عَنْ اَلِاحْتِرَامِ ! " رَفَعَتْ سَاشَا صَوْتَهَا . لَمْ تَسْتَطِعْ اَلْبَقَاءَ صَامِتَةً فِي اَلْخَلْفِ وَالِاسْتِمَاعَ إِلَى لِيدْيَا . بَدَلاً مِنْ ذَلِكَ ، سَارَعَتْ سَاشَا إِلَى وَالِدَتِهَا وَلَفَتَ ذِرَاعَهَا حَوْل مَارِي .

عِنْدَمَا حَوَّلَتْ نَظَرَهَا مَرَّةً أُخْرَى إِلَى لِيدْيَا ، تَحَوَّلَتْ عَيْنَيْهَا إِلَى نَظْرَةٍ شَرِسَةٍ . " كَيْفَ يُمْكِنُكِ أَنْ تُحَدِّثِينَا عَنْ اَلِاحْتِرَامِ بَعْدَ أَنْ ضَرَبَتِ شَخْصًا كَبِيرًا فِي اَلسِّنِّ وَكَسَرَتِ وَعْدَ جَدِّكَ ؟ "

" مَاذَا قُلْتِ ؟ " رَفَعَتْ لِيدْيَا يَدَهَا ، مُقَاطَعَةُ كَلَامِ رُومَانْ بِشَكْلٍ مُفَاجِئٍ .

" لَمْ أَكْسِرْ وَعْدَ:جِدِّي . فَجَدَّي قَدْ وَعَدَ أَنْ يُزَوِّجَ حَفِيدَتَهُ مِنْ رَجُلٍ ، وَلَيْسَ مِنْ مِثْلٍ هَذَا اَلْمُخَنَّثِ هُنَا ، " بِجُمْلَةٍ وَاحِدَةٍ ، قَطَعَتْ لِيدْيَا قَلْبَ بَارْكَرْ إِلَى مَلَايِينِ اَلْقِطَعِ . أَصْبَحَ عَقْلُهُ فَارِغًا بَيْنَمَا تَجَمَّدَ جَسَدُهُ فِي مَكَانِهِ .

وَبَيْنَمَا كَانَ اَلْجَمِيعُ مَصْدُومِينَ مِنْ كَلِمَاتِهَا ، اِنْقَلَبَتْ عَيْنِي مَارِي لِلْخَلْفِ وَانْهَارَتْ عَلَى اَلْأَرْضِ .

" أُمِّي ! "

" أَخِي ، جِدِّي أَلْفِيسْ ، لِنَذْهَبْ ، " دُونُ أَنْ تَلْتَفِتَ إِلَى مَارِي ، اِسْتَدَارَتْ لِيدْيَا وَمَضَتْ لِمُغَادَرَةِ اَلْقَاعَةِ .

تَرَدَّدَ اَللُّورْدْ أَلْفِيسْ لِلَحْظَةٍ ، لكنه أراد أن يغادر العشيرة قبل أن يقرر رومان ذبح الجميع.

اندفع الشيوخ الذين كانوا يخدمون والتر بإخلاص نحو ماري، بينما بقي وقف باركر هناك بدون حراك، وهو يتابع ظهر ليديا وهي تختفي. تكررت كلمات ليديا الأخيرة في عقله. إذا كانت تلك الكلمات قد قيلت له من قبل شخص آخر، فمن المممكن أن يتحملها. لكن سماع تلك الكلمات من ليديا قتله. شعر وكأن قلبه تم تمزيقه. "أمي!" صرخت ساشا بجنون وهي تهز كتفي والدتها، محاولة إيقاظها. ومع ذلك، بغض النظر عن كم صرخت أو انتحبت، لم تفتح ماري عينيها بل و أصبح جسدها باردًا تمامًا.

"ماري!" في الوقت الذي غادر فيه رومان العشيرة، اختفت السلاسل الذهبية التي ربطت والتر بالعمود. فجاء يجرى نحو زوجته، بينما طار أولئك الذين وقفوا في طريقه بعيدًا عندما اخترق الحشود.

عندما دنى من ماري، رأى زوجته مستلقية على حجرة ساشا، فاقدة الوعي. سقط على ركبتيه، ووضع رأس ماري على حجره .

"ماري"، تلاشى الغضب من عيني والتر وحل القلق بدلاً منه. صفع وجنتها بلطف ليشعر بالبرودة.

ارتجف جسده بأكمله، وضع أصابعه على حنجرتها ليجس نبضها .

"أبي"، لم تستطع ساشا التحدث بسبب الغصة في حلقها. حتى الكلمات هربت من فمها.

ضغط والتر بأصابعه على شريانها بشدة ولكنه لم يشعر بأي نبض . تدفقت الدموع من عيني والتر. حتى أولئك الذين يكرهون والتر لم يستطيعوا أن يمنعوا أنفسهم من الشفقة على الرجل. من الواضح ، أن إلغاء الزواج ولا الصفعة على وجه ماري أثر فيها بقدر تأثير كلمات ليديا الأخيرة. لم تستطع ماري تحمل أن تسمي ليديا ابنها بأنه مخنث. ومع ذلك، أثرت بضع كلمات نطقتها ليديا على ماري أكثر من يدها. خلال لحظاتها الأخيرة في أبالون،لامت ماري نفسها على تدمير حياة ابنها. لأنها هي من وضعت باركر على طريق رقص نازل. إنها هي من ربت باركر وقالت له أنه سيتزوج يومًا ما ليديا، أجمل فتاة في العوالم التسع.

لكن قلبها توقف فقط عندما أدركت أنها دمرت حياة باركر بيديها . رحلت روحها عن أبالون وهي تحمل الندم والحزن.

"ماري!" هز والتر ماري بعنف.

"ايها اللورد والتر، من فضلك،" قام أحد الشيوخ بالضغط على كتف والتر.

"لقد رحلت،"

تجمع الجميع حول والتر وماري. كانوا يعرفون والتر منذ عقود، لكن هذه كانت المرة الأولى التي يرون فيها والتر يبكي. عانق زوجته وهو يبكي مثل طفل صغير. هكذا غادرت ماري، أم لستة أطفال وزوجة محبة، العالم .

هذه كانت بداية دمار برونسون وتماريا.

عندما اختفت الشمس في الأفق، وترك الظلام يسود العالم، زخرفت نجوم لا تعد ولا تحصى السماء السوداء. النجوم الجميلة التي تألقت في السماء، لم تكن مشرقة مثل الشمس ولا واضحة مثل الأقمار الثلاث لأبالون، لكنها رشت الضوء الحالم في العالم، محولة إياه إلى عالم غريب، تحفز الناس على استكشاف السماء المليئة بالنجوم ، تتلألأ كما لو كانت تدعو البشر إلى السماء الشاسعة ، بينما أقمار أبالون الثلاثة تبحر كقارب فضي في البحر الأزرق العميق.

2024/07/16 · 60 مشاهدة · 1536 كلمة
RamoStory
نادي الروايات - 2025