42 - العيون تراقب بحقاره.

- ماذا قلت؟

- قلت إنها حياتي يا أندريه فيليبوفيتش، وأعتقد أن لا يحق لأحد أن يؤاخذني على شيء يتعلق بعلاقاتي الرسمية.

- ماذا؟ هل قلت علاقاتك الرسمية؟ ماذا دهاك يا سيدي العزيز؟

- لا شيء، لا شيء على الإطلاق يا أندريه فيليبوفيتش، أنها طفلة وقحة، ولا شيء غير ذلك . . .

- ماذا . . . كيف؟ تساءل أندريه فيليبوفيتش مندهش أيّما اندهاش.

——————————

أخذ السيد غوليادكين الذي ظل يتحدث من المكان نفسه ينظر إلى اندريه فيليبوفيتش رئيس القسم الذي يعمل فيه نظرات تعبِّر عن رغبته في الأنقضاض عليه.

لكنه حين رأى اضطراب رئيسه تقدَّم خطوة نحوه حتى دون أن يشعر بما أقدم عليه.

فتراجع أندريه فيليبوفيتش إلى الخلف.

تقدَّم السيد غوليادكين من رئيسه أكثر وهو يصعد درجة تلو الاخرى.

فأخذ أندريه فيليبوفيتش ينظر حوله بقلق.

—————————————

تقدَّم السيد غوليادكين نحوه بسرعة، فتراجع أندريه فيليبوفيتش نحو المنزل وأغلق الباب خلفه.

لبث السيد غوليادكين وحيداً لا يتحرك من مكانه، ويكاد لا يرى ما حوله، ولا يدري أين يوجد.

بدا وكأنه يريد أن يتذكر مغامرة ما غامضة هي الأخرى عاشها في أيام قليلة.

<آه، آه> غمغم السيد غوليادكين وهو يبذل جهداً كي يبتسم.

في تلك اللحظة سُمع وقع أقدام وأصوات في أسفل السلَّم، قد تكون لمدعوين جدد.

___________________________________

استعاد السيد غوليادكين وعيه، فأسرع يرفع ياقة فراء معطفه قدر ما أستطاع كي يتمكن من إخفاء وجهه، وأخذ ينزل السلَّم بخطى حثيثة وهو يثب مضطرباً متعثراً.

كان يحس بالوهن والخدر.

وكان اضطرابه من القوة بحيث أنه حين بلغ المدخل لم ينتظر عربته، واجتاز الفناء الموحل متوجِّهاً نحوها.

حين همَّ أن يصعد إلى العربة تمنّى لو تخسف به الأرض، أو أن يختفي هو وعربته في جُحر من جحور الفئران.

كان يخيل إليه أن جميع من في منزل أولسوفي إيفانوفيتش قد وقفوا يتفرّجون عليه من النوافذ، وأنه إذا التفت الآن إلى الخلف فسيموت حالاً حيث هو.

^^^^^^^^^^^^^

- لماذا تضحك أيها الغبي؟

قال على عجل لبتروكشا الذي كان قد تقدَّم كي يفتح له باب العربة.

- ولماذا أضحك؟ أنا لم أفعل شيئًا، إلى أين ستذهب الآن؟

- إلى المنزل، وبسرعة.

- إلى المنزل، صرخ بتروكشا وهو يصعد درج العربة الخلفي.

«ما أشبه صوته بصوت الحمير»، قال السيد غوليادكين في نفسه.

كانت العربة قد ابتعدت عن جسر أسماعيلوفسكي حين جذب بطلنا الحبل المربوط في كوع الحوذي لطلبه، وبعد دقيقتين دخل مرة أخرى إلى فناء العمارة التي يقع فيها منزل أولسوفي فيليبوفيتش.

«لا، أيها الغبي، لم أقصد هذا، عد من حيث أتيت».

صرخ السيد غوليادكين، وأدار الحوذي العربة في الحال مبتعداً عن العمارة دون احتجاج، وكأنه كان يتوقع أن يصدر إليه السيد غوليادكين مثل هذا الأمر.

————————————

لم يعد السيد غوليادكين إلى منزله، وإنما أمر الحوذي بعد أن تجاوزا جسر سيميونوفسكي، بأن يمضي في شارع صغير، ثم اوقفه أمام فندق متواضع.

نزل من العربة، وأنقد الحوذي أجره، ثم أمره بالانصراف.

وأمر بتروكشا أن يعود إلى المنزل، وأن ينتظره هناك.

يتبع….

2025/07/20 · 5 مشاهدة · 454 كلمة
H.l.a
نادي الروايات - 2025