ورغم كل ذلك، فإن السيد غوليادكين كان شارداً تماماً ذلك الصباح، إلى درجة أنه لم ينتبه إلى تلك الأبتسامات والحركات التي كانت تصدر عن بتروكشا أثناء مساعدته على ارتداء ثيابه.
بعد أن انهى استعداده كما ينبغي، وبعد أن ارتدى كامل ثيابه, وضع السيد غوليادكين محفظته في جيبه، وألقى نظرة تخلو من إعجاب على بتروكشا الذي كان قد اصبح جاهزاً، هو الأخر، بعد أن انتعل حذاءه.
عندما تأكد السيد غوليادكين أن كل شيء قد اصبح جاهزاً تماماً، وأنه لم يعد هناك اي داعٍ للتأخير، هبط السلم مسرعاً منشغل البال، خافق القلب.
تقدمت عربة زرقاء من مدخل العمارة محدثة ضجة كبيرة.
فساعد بتروكشا سيده على الصعود إلى العربة وهو يتبادل غمزات متواطئة مع الحوذي وبعض المتسكعين؛ ثم صاح بصوت مفتعل وهو يحاول جاهداً أن يلجم ضحكة غبية :"انطلق" ووثب إلى الدكّة الخلفية.
انطلقت العربة نحو شارع نفسكي وقد أحدثت عجلاتها وحوافر الأحصنة جلبة كبيرة.
ما أن تحركّت العربة حتى شرع السيد غوليادكين يفرك يديه بحماس ويضحك ضحكة مكتومة، ضحكة رجل ذي مزاج مرح رائق نجح في تدبير أحد شؤونه التي تسّره.
لكن سرعان ما تغيّر ذلك المزاج المرح، وارتسم على محيّا السيد غوليادكين تعبير غريب عن القلق .
يتبع…