في مكان بعيد ، بعيد جداً و مهجور ، ارض لم ترى الحياة او ضوء الشمس حيث الظلمة في كل جهة منها ، كان هناك جيش عظيم مؤلف من مختلف الأعراق و الأجناس و الطوائف و القوى الكبيرة و الصغيرة حيث بلغ عدد هذا الجيش اكثر من عشرات الملايين من الجنود ، وقف قادة هذا الجيش العشرة أمامه بفخر و شجاعة

و لكن هذه المشاعر كلها لم تستطع إخفاء الخوف في عيونهم رغم أنهم حاولوا عدم إظهاره ليس هم فقط بل أيضا الجيش خلفهم رغم عددهم و قوتهم الجبارة و قوة قادتهم إلا أن هذا لم يمنع شعور الخوف من الإنتشار في الجو

و سبب خوف هذا الجيش العظيم و قادته الأعظم هو القصر الذي أمامهم ، نعم كانوا جميعا خائفين من الدخول إلى هذا القصر رغم عددهم و قوتهم لم يكن أحد منهم يريد أن يكون أول من يدخل هذا القصر ، لأن ساكن هذا القصر يحمل كثيرا من الأسماء التي تقمع شجاعتهم ، كلها القاب منحت له لكن لا تكفي لوصفه مهما كانت شديدة ، لكن اللقب الذي يخشاه الكثير من الناس و الذي يستخدمونه في الإشارة له ، هذا اللقب الذي يوقف هذا الجيش و القادة بمجرد تذكره

' المخطط الدموي! '

هذا اللقب من بين جميع القابه كان الأكثر رعباً للجميع ، السبب في تسميته بهذا اللقب و أيضا السبب في خوف الجميع من هذا اللقب هو لأنه في كل مرة يخطط لخطة لهزيمة احدٍ من اعدائه فسينتج عن هذه الخطة كوارث ليس لأعدائه فقط بل أيضاً لكثير من البشر و القوى و الطوائف حيث لن يهتم كم يقتل و عدد الأبرياء الذين يموتون ما يهمه فقط النتيجة و هي إبادة اعدائه

و هكذا في كل مرة يخطط لخطة يموت عشرات الآلاف و حتى مئات الآلاف من الأبرياء الذين ليس لهم علاقة بأعدائه و اليوم رغم اجتماع هذا الجيش الكبير و مع قيادة أقوى قادة قوى في هذا العالم إلا أنهم مازالوا يترددون في الدخول إلى القصر خوفً من مخطط دموي و مجنون آخر من سيد هذا القصر .

....

داخل القصر الاسود العملاق كان هناك عشرة ظلال راكعة على قدمها امام عرش يجلس عليه شخص بملابس سوداء قاتمة و له شعر اسود طويل كان يغمض عينيه في الوقت الحالي

فجأة!

فتح عينيه و سحب نظره على الظلال العشرة التي أمامه ، عندما نظر بعينيه الشبيهة بالهاوية التي لا نهاية لها ، هاوية عاشت لعصور لا تحصى و رأت مختلف الحروب و القتل و الموت ، لم يتجرأ أيٌ من الظلال العشرة التي أمامه على التنفس بصوتٍ عالي أثناء تحديقهم بالأرض ، لو كان اي احد من الجيش الآن يرى هؤلاء الظلال لتعرف عليهم فوراً حيث كانوا قادة الموت العشرة اتباع المخطط الدموي المشهورين و الأكثر أمانة .

حيث اتبعوه منذ كان غير معروف و مجرد شخص عادي و نفذوا الكثير من المجازر و الخطط تحت أمره و يتمتع كل واحد منهم بقوة هائلة لكن عندما كانوا امام هذا الشخص كانوا مثل الجراء التي اقترفت خطيئة و تطلب السماح من مالكها ، فجأة تحدث الشخص الجالس على العرش بصوتٍ غير مبالي

" قفوا "

وقف قادة الموت العشرة على الفور لكن لم يجرؤ احد منهم على النظر في عيني الشخص الذي أمامهم لذلك ابقوا أعينهم على الأرض ، أستمر الشخص على العرش في الكلام دون إهتمامٍ بموقفهم

" لقد خدمتوني كل هذه السنين بأخلاص ، و نفذتم جميع أوامري على أكمل وجه... الآن و قد وصل الأمر لنهايته أنتهى عقدنا ، لم أعد بحاجةٍ إليكم... "

" تعرفون ما يجب فعله ، أمامكم ثلاث ثواني... "

ارتعدت قلوب الظلال العشرة عندما سمعت الصوت الهادئ للشخص على العرش .

سمع الظلال العشرة أمره ، و نظر كل واحد منهم إلى الآخر بتحسر رغم معرفتهم ان هذا اليوم سيأتي إلا أنهم لم يعتقدوا ان سيدهم سيكون مباشراً هكذا

" ثلاثة "

عندما سمعوا العد اخذ قائد الموت الأول زمام المبادرة و نظر إلى رفاقه الذين قاتل معهم لسنوات لا تحصى و في حروب لا تعد و في عينيه ألم و حسرة و عدم رغبة ، لكن هذه العواطف اختفت جميعها لأنه شق عنقه بالفعل...

تبعه مباشرة قادة الموت الآخرين مع جميع عواطفهم و عدم الرغبة في عيونهم .

" إثنان "

لكن العد أستمر...

قائد الموت الثامن بقي و لم يشق عنقه بعد ، سجد مباشرة لسيده المخطط الدموي حيث لامست رأسه الأرض و قال بصوت يهتز بسرعة

" يا سيدي العظيم لقد خدمتك لسنوات عديدة أرجوك إرحمني أرجوك ان تبقيني حي ، أقسم ان لا اكشف عن أسرارك شيء ، يمكنك شل قوتي و اخذ صوتي و تمزيق يدي و هكذا لن استطيع البوح بأي معلومة ، اترجاك يا سيدي "

لقد تحدث و في صوته توسل و خوف عميقان ، لم يرد الموت ، لقد عاش لسنين عديدة و مازال يريد العيش لا يريد الموت ، على الأقل ليس كخادم لشخص آخر لكن ما سمعه بعد هذا جعل الخوف في قلبه ينفجر

" واحد "

عند سماعه هذه الكلمة توقف عقله و توقف عالمه لقد يأس ، لقد شعر بأن عالمه كله يتدمر و أمله الصغير في الحياة يختفي ، رفع رأسه ببطأ شديد و اليأس موجود على وجهه و قال و هو يتلعثم

" س-سيدي أرجوك س-س-سامح-- "

صدى صوت ارتطام شيء بالأرض بعد سكوت قائد الموت ، و تلاه صوت وقوع جسد قائد الموت ، تم قطع رأسه قبل أن ينهي كلامه و بقي فقط المخطط الدموي جالسا على عرشه وحيدا أثناء تحديقه بالفراغ و الظلمة الدامسة ، قال لنفسه بصوت خافت

" لقد لاحقت القوة منذ اليوم الذي فتحت فيه عيني على حقيقة هذا العالم ، لم أكن اهتم ماذا سيكلف الوصول إلى هدفي ، كم عدد الناس الذين يموتون او كم سيعذب او يتشرد لم أكن اهتم للناس أو كما يصفونهم بالأبرياء طالما حصلت على هدفي ، و لكن استمرت جميع القوى في الوقوف في طريقي بحجة أن ما أفعله شرير و دموي و أنهم الخير و الصالحون . شرير؟ دموي؟ خير؟ لا تجعلني اضحك ، من الواضح أنكم خائفون على مصالحكم و قواكم ، لا يوجد خير او شر ، الجميع سيبحث عن مصالحه الشخصية ، البعض يريد السلطة ، البعض القوة و البعض الشهرة ، و هناك من يفعل الخير بدون مقابل لكي يرضي نفسه الأنانية فقط ، الفرق الوحيد عني و عنهم أنهم يخفون نواياهم و أفعالهم اما انا فلا أخفي شيء و أفعل كل شيء علانية لكي يكون بمثابة تحذير لأعدائي و القوى الأخرى...

بعد كل هذه السنين من الحروب و القتل و البحث عن القوة ، فتحت عيني على حقيقةِ الزراعة ، في العالم الآخر سيكون هدفي الجديد و النهائي ، سيكون طريقي في الزراعة...

لكن علي الاعتراف بأن البشر حقا كائنات خبيثة و انا افضل مثال على ذلك ، رغم اني لم أعد كائناً بشري منذ زمن طويل هاهاها.......... هوه حسنا يبدوا أنهم دخلوا القصر أخيراً "

رفع المخطط الدموي رأسه لكي يحدق بعينيه القاتمتين على الباب في نهاية غرفة العرش ، فجأة ، انفتح الباب و دخل منه عشرة قادة ، لقد كانوا قادة الجيش العظيم و خلفهم دخل أعظم أتباعهم و محاربيهم ، عندما دخلوا و رأوا المخطط الدموي جالسا على عرشه يحدق بهم بعينيه السوداء التان تشباهن الهاوية قاموا جميعا بتخفيض نظرهم لا إراديا إلى الأرض مع الخوف في عيونهم

نعم كان الخوف ، رغم وجود الكثير منهم و هو وحده و رغم معرفتهم أنهم اذا اجتمعوا جميعا يستطيعون قتله ، إلا أن الوجود أمامه اشعل الخوف المتجذر داخل قلوبهم بواسطة أسم المخطط الدموي ، لكن عندما انزلوا عيونهم على الأرض رأوا عشرة جثث ، و ليس أي جثث ، لقد كانت جثث قادة الموت العشرة؟!

لقد صدم الجميع ، لم يتوقع احد أن بمجرد دخولهم لغرفة العرش سيرون قادة الموت العشرة الذين نشروا الرعب في العالم ميتين هكذا ببساطة ، صحيح أن قوتهم لم تكن شيء أمام تحالفهم حيث كان لديهم عدد جيد من الأشخاص الأقوى منهم ، إلا أن موتهم المفاجئ صدم الجميع ، رفع أحد القادة رأسه المغطى بالعرق و نظر في عيني المخطط الدموي و صاح

" أيها المخطط الدموي اللعين لقد دمرت أراضٍ كثيرة ، و قتلت أرواح لا تعد و لا تصحى ، لقد قدمنا اليوم لكي نبيد شيطاناً مثلك من العالم "

لقد عاد انتباه الجميع بعد هذه الكلمات ، ففي النهاية كان الجميع هنا ذروة القوة و الوجود الأعلى في عالمهم حيث أعطوا كامل تركيزهم للشخص الذي أمامهم مستعدين لأي حركت أو خطة قد يفعلها ، لكن على عكس ما توقعوه لم يتحرك او يجهز فخ او اي شيء ، لقد بقي جالساً يحدق بهم ثم ارتسمت إبتسامة على وجهه ، هذه الابتسامة الشيطانية بثت الرعب في قلوب الجميع داخل غرفة العرش

أثناء نظرهم لهذه الابتسامة لم يجرؤوا على الحركة لشدة الخوف نعم كان الخوف الحقيقي كما لو أن حاصد الأرواح يبتسم لك ، ثم سمعوا فجأة ضحك شديدا

" هاهاهاهاها لماذا لا نتوقف عن التمثيل ، لقد مللت من تمثيلكم ، حسناً لكن علي الاعتراف بأنكم هذه المرة حاصرتموني حقا... لكن لا تعتقدوا أن هذه النهاية "

توسعت الابتسامة على وجه المخطط الدموي بينما بردت قلوب جميع الأشخاص داخل الغرفة لأنهم شعروا بشعورٍ سيء جداً ، بعدها فجأة اهتز القصر العملاق و كشف عن دائرة سحرية عملاقة تحيط به ، تقلصت هذه الدائرة إلى أن شملت العرش فقط ، في هذه اللحظة لم يعد أي من القادة واقفاً في مكانه ، انطلقوا جميعا للعرش

لم يعرفوا ما هذه الدائرة السحرية لكنهم عرفوا شيء واحداً ، وهو أن خطط المخطط الدموي يجب إيقافها مهما كان الثمن ، و عندما كانوا على بعد إصبع واحد من العرش الجالس عليه ، ارتفع عامود اسود من الضوء حول العرش ليدفع جميع القادة لكي يرتطموا بالجدران مع تعابير من الخوف و العجز المختلطة معاً ، بينما المخطط الدموي الذي كان داخل دائرة الضوء كان يخسر قوته .

نعم كان يخسر قوته التي جمعها بعد العديد من السنين كلها تختفي الآن ، لكن لم يظهر تعابير خوف أو ارتباك في عيني المخطط المجنون كانت فقط سوداء من دون مشاعر ، اغلق عينيه لتستمر قوته في الاختفاء...

و بعد مرور دقيقة اختفت كل قوته و لم يعد يملك أي قوة ، حيث يمكن مقارنته بأي انسان عادي من حيث القوة ، بعدها توسع العامود المضيء بسرعةٍ كبيرة حيث لم يجد أي من الحاضرين داخل غرفة العرش وقتً للهروب ، توسع عامود الضوء الأسود ليشمل القصر كله ، و بعدها انفجر إنفجاراً هز السماء و الارض...

و في وسط هذه الكارثة شعر المخطط الدموي أن كل شيء انتهى و مخططه نجح ، فتح عينيه ليستيقظ على أرض باردة و مليئة بالتراب ، نظر حوله ليرى أكوام من القمامة تحيط به من اليمين و اليسار ، راقب حوله ليلاحظ انه في ممر ضيق بين جدارين من الطين من الواضح أنها كانت بنايتين مبنية من الطين على الطريقة القديمة رفع يديه و حدق بهما ليرى يدين صغيرتين متسختين و ضعيفتين كما لو انهما لم يتغذيا منذ دهر ، في هذه الثانية صرخ في داخله

' لقد نجحت!!! ' .

2021/11/30 · 2,434 مشاهدة · 1735 كلمة
Szx
نادي الروايات - 2025